تعكس الحركة الاحتجاجية التي خاضها تجار شارع المكسيك بمدينة طنجة الإشكال المتكرر المرتبط بطريقة تنزيل مشاريع التهيئة الحضرية في المجالات الحيوية للأنشطة التجارية. ففي الوقت الذي يُدرج فيه المشروع ضمن تدخلات مبرمجة لإعادة تنظيم التنقل وتقليص ضغط المركبات، اختارت فئة من المهنيين إغلاق محلاتها والتعبير عن انشغالها بآثار الأشغال على وتيرة التزود وحركية البيع خلال ذروة الموسم الصيفي، معتبرة أن غياب التدابير الانتقالية والتدرج في التنفيذ يُفقد المشروع توازنه الواقعي، ولو بدا مبررا من الناحية التقنية. الشارع، الذي يتفرع شمالا عن شارع إنجلترا ويربط ساحة بئر أنزران بحي إيبيريا، لا يشكل مجرد ممر ثانوي في النسيج العمراني للمدينة، بل يشغل وظيفة مركبة تجمع بين الحركة التجارية الكثيفة، ومرور عربات التوريد، ومسالك الراجلين، وسط تراكمات مجالية لم تعُد تستوعب التدفق المتزايد. وقد جعل هذا الواقع من هذا الشارع محورا مستهدفا بإعادة التهيئة، غير أن تنفيذ الأشغال دون إشراك ميداني للفاعلين أو توفير بدائل مرحلية جعل التدخل يبدو، في نظر عدد من المستعملين، خطوة تقنية تتجاهل الأبعاد الاجتماعية للمجال، وتفرض منطق المشروع على حساب إيقاع الاستعمال. وتُدرج السلطات المحلية هذا التدخل ضمن رؤية شاملة لإعادة تأهيل المحاور المتوترة داخل المدار الحضري، وفق تصور يراهن على إعادة توزيع استعمال الفضاء العام، وتحسين شروط التنقل، وتأمين السلامة في الممرات التي تعرف تداخلا عشوائيا بين المركبات والمشاة. وفي سياق التفاعل مع هذا التوجه، اعتبرت شبيبة الحزب الاشتراكي الموحد أن المشروع يُمثل فرصة لإعادة الاعتبار للراجلين وتنظيم المجال المشترك، لكنها شددت في الآن ذاته على أهمية التدرج في التنفيذ وفتح قنوات تواصل واضحة مع المهنيين لضمان الانخراط لا الرفض. ودعت الشبيبة الحزبية، في بلاغ لها، إلى مقاربة تشاركية تراعي طبيعة الأنشطة القائمة داخل الشارع، وتُعيد صياغة العلاقة بين الفاعل العمومي والمستعمل المباشر، مؤكدة أن تحسين الأرصفة لا يكفي ما لم يُقترن بحلول تراعي الحاجة اليومية إلى الاستقرار الاقتصادي. وفي هذا التعارض الظاهري بين منطق التنظيم ومنطق النشاط، لا يبدو المشروع في حد ذاته موضع اعتراض، بل تظل المسألة مرتبطة بكيفية تفعيله، وسرعة إيقاعه، وقدرة الجهة المفوضة على استيعاب أثره المرحلي. وفي انتظار استكمال الأشغال، يبقى شارع المكسيك نموذجا دالا على هشاشة التوازن بين ما يُخطط له باسم المصلحة العامة، وما يُطالب به من طرف من يرون في المجال امتدادا يوميا لحياتهم المهنية والمعيشية.