كرّس تصنيف اقتصادي جديد مكانة جهة طنجة-تطوان-الحسيمة كأحد أركان المثلث الإنتاجي الأول في المغرب، الذي بات يشكل العمود الفقري للقيمة الاقتصادية الوطنية، إلى جانب جهتي الدارالبيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة. وتواصل الجهة الشمالية تسجيل مؤشرات تصاعدية، مدعومة ببنية تحتية لوجستية وصناعية مكنتها من تثبيت موقعها ضمن مراكز الثقل الاقتصادي في البلاد. وبحسب تقرير أنجزته صحيفة "ليزيكو" ضمن إصدارها السنوي "ال500 العالمية 2025″، ساهمت الجهات الثلاث مجتمعة بما يقارب 95 بالمئة من رقم معاملات أكبر 500 مقاولة مغربية. وفي هذا السياق، واصلت جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تأكيد دورها كمحور استراتيجي في التصدير والتصنيع والربط الطاقي والبحري، حيث تستند ديناميتها الاقتصادية إلى منظومة متعددة الأقطاب تتصدرها منطقة طنجة الصناعية والميناء المتوسطي الذي تجاوز عتبة 8,6 ملايين حاوية عام 2024، ما جعله أول منصة بحرية في أفريقيا وأحد أبرز مراكز العبور المتوسطية. وبموازاة هذا المركب المينائي الاستراتيجي، احتضنت الجهة استثمارات صناعية كبرى في قطاعات السيارات والطيران والإلكترونيات، بفضل تمركز علامات دولية مثل "رينو" و"ستيلانتيس" و"تي إي كونيكتيفيتي"، ما عزز تموقعها كمنصة تصدير موجهة للأسواق الأوروبية والأفريقية. ولا تقتصر مساهمة الجهة على دورها الإنتاجي فحسب، إذ تشهد أيضا صعودا ملحوظا في أنشطة الخدمات والسياحة والأعمال، لا سيما بمدينة طنجة التي باتت تجتذب استثمارات فندقية وتجارية وثقافية، وتتحول تدريجيا إلى قطب خدماتي موازٍ يعزز من تنوعها الاقتصادي، بحسب تحليل مرفق بالتقرير ذاته. ويمتد هذا الزخم التنموي ليشمل مدن تطوان وشفشاون والحسيمة التي تساهم في تعزيز التوازن الاقتصادي من خلال وظائف ثقافية وسياحية وترفيهية، تشكل امتدادا تنمويا لمركز الثقل الصناعي، وتمنح الجهة مرونة ترابية وقدرة على امتصاص التقلبات القطاعية. وتشير مؤشرات محدثة إلى أن جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تعد اليوم من بين الجهات الأسرع نموا من حيث استقطاب الاستثمار الخاص، مدعومة بشبكة نقل فعالة وأطر بشرية مؤهلة وبيئة قانونية منسجمة مع توجهات المغرب في الجهوية المتقدمة والانفتاح الاقتصادي.