أكدت المديرية الجهوية للثقافة في طنجة أن الأشغال الجارية في المقر التاريخي للقنصلية البريطانية السابقة تهدف حصرا إلى "الحفاظ على سلامة البناية وترميم عناصرها"، وذلك ردا على مخاوف أثارتها هيئات مدنية ونشطاء عقب تداول صور تظهر عمليات هدم جزئي داخل المبنى المصنف تراثاً وطنياً. وأوضحت المديرية في بيان توضيحي أن المشروع يندرج في إطار صيانة دورية تراعي خصوصيات الموقع المصنف منذ سنة 2007، مشيرة إلى أن التدخلات تتم بتنسيق مع المصالح المختصة وبالاعتماد على مكتب دراسات، مع "الاحترام التام للطابع المعماري الأصلي". وجاء تحرك المؤسسة الرسمية بعد جدل واسع شهدته شبكات التواصل الاجتماعي في المدينة، إثر انتشار صور توثق إزالة جدران داخلية وأشغال طلاء، ما دفع هيئات مدنية إلى التساؤل عن طبيعة الأشغال ومدى مطابقتها للضوابط القانونية، لا سيما في ظل غياب لوحات المعلومات التقنية عند انطلاق الورش. وبشأن طبيعة التدخلات، أفادت المديرية بأنها تشمل معالجة تسربات مائية قديمة، وإعادة تأهيل مواد "غير أصلية" أضيفت في فترات سابقة، إضافة إلى تقوية البنية الداخلية. وأقرت بأن بعض الإجراءات الإدارية المتعلقة بالتشوير والرخص "كانت في طور الاستكمال"، مبدية استعدادها لتقديم التوضيحات للرأي العام. وفي سياق ردود الفعل، صرح عبد العزيز جناتي، رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، بأن المرصد رصد في البداية "إزالة بعض المكونات المعمارية وغياب اللوحات التقنية"، مما استدعى طلب توضيحات. وأكد جناتي أن التواصل المباشر مع المديرية كان "إيجابياً"، مشدداً على ضرورة استمرار المراقبة لضمان مطابقة الأشغال للمعايير. من جهته، اعتبر الباحث في التراث والعمارة أحمد الطلحي أن النقاش الذي أثير يعكس "حساسية المدينة تجاه تراثها"، داعيا إلى نشر المعطيات الدقيقة حول أي تدخل في المعالم المصنفة كخطوة ضرورية لطمأنة الرأي العام وضمان الشفافية. وتعد البناية، التي شيدت عام 1892 على أرض تم اقتناؤها من إيون بيرديكاريس وصممها المهندس روبرت بويس، جزءاً أساسياً من الذاكرة الدبلوماسية الدولية لطنجة. وسبق للمبنى أن احتضن أول متحف للفن المعاصر في المغرب عام 1990، قبل أن يتحول إلى مقر للمديرية الجهوية للثقافة. ويعيد هذا الملف طرح النقاش حول آليات حماية التراث العمراني في طنجة، حيث يرى فاعلون ثقافيون ضرورة إشراك الأكاديميين والمجتمع المدني في تتبع ورشات الترميم، لتفادي سوء الفهم وضمان صون الهوية المعمارية للمدينة التي تشهد توسعاً عمرانيا متسارعاً.