بعد قرار المحكمة الأوربية، جاء دور البرلمان الأوربي الذي صادق على تعديل معادٍ للمغرب في تقريره حول حقوق الإنسان، وذلك بمبادرة من نواب برلمانيين ينتمون لدول شمال أوروبا. ويعتبر هذا الموقف مناهضا لمبدإ سيادة المغرب على صحرائه. وقد تمكن الفريق الكونفدرالي لليسار الأوربي الموحد، في ستراسبورغ، من تمرير هذا التعديل الذي يرمي إلى توسيع مهام البعثة الأممية (المينورسو) لتشمل قضايا حقوق الإنسان في الصحراء. ونص التعديل، الذي حاز على 258 صوتا مقابل 257، على أن يطلب البرلمان الأوربي بضرورة احترام الحقوق الأساسية للصحراويين، وخاصة ما يتعلق منها بحرية التجمع والتعبير. كما يطالب بإطلاق من وصفهم بالمعتقلين السياسيين، والسماح للبرلمانيين، والملاحظين، والجمعيات غير الحكومية، والصحافة بالدخول إلى الأقاليم الجنوبية بالصحراء المغربية، مطالبا الأممالمتحدة بمنح "المينورسو" صلاحيات الإشراف ومراقبة حقوق الإنسان. يظهر من هذا التعديل عودة البرلمان إلى عادته القديمة المتمثلة في التحدث باسم جماعة من الانفصاليين لا تمثل إلا نفسها فبالأحرى أن تكون لها الشرعية لتمثيل الأغلبية الساحقة من الصحراويين الذين يوجدون في الأقاليم الجنوبية بالصحراء المغربية، يمارسون حياتهم العادية ويشاركون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، علما أن المغرب سبق له أن رفض رفضا مطلقا توسيع صلاحيات "المينورسو" سنة 2013، ونفس الشيء قامت به الأممالمتحدة. ولا شيء يفسر هذا العناد غير العداء للسيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة المغربية، وعلى الخصوص كلما اقترب موعد مناقشة موضوع النزاع المفتعل بالصحراء المغربية في مجلس الأمن الدولي، وهو ما يعني أن خصوم المغرب يستعدون لمزيد من الإساءة والعداء تجاه الرباط. في هذا الصدد، دأبت مجموعة اليسار الموحد واليسار الأخضر الشمالي، الذي يضم في صفوفه أحزابا يسارية وما تبقى من فلول الشيوعيين، على قيادة الجوقة المعادية للمملكة المغربية والتلويح، في كل مناسبة، بالأطروحات الانفصالية التي لا تجد صدى لها حتى داخل "الغِيتُوهات" التي أقامتها جبهة الانفصال، بإيحاء ودعم من طرف النظام الجزائري، لتجميع المحتجزين داخل خيام البؤس والمتاجرة بمعاناتهم، وهو ما أصبح العالم كله يعرف تفاصيله. ويتضح من خلال هذا أن نفس الجوقة تريد أن تجعل من البرلمان الأوربي أداة لخدمة أجندتها المعادية للمغرب. الغريب في كل هذا، أن هذه المجموعة من الأحزاب التي تدافع عن حقوق الإنسان تسمع وتدافع عن تصورات ومزاعم جهة واحدة، ولم تكلف نفسها يوما الاستماع والإنصات للصحراويين الذين ينعمون بالأمن والاستقرار، ويشاركون بجد وحيوية في مختلف الاستحقاقات الوطنية داخل الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، والذين يشكلون الأغلبية. فهل من حقوق الإنسان الأخذ بمزاعم جهة لا شرعية ولا حق لها في ادّعاء تمثيل الصحراويين، وعدم الاهتمام بالجهود التي يبذلها المغرب لفائدة مواطنيه في أقاليمه الجنوبية منذ استرجاعها إلى حضن الوطن الأب قبل أربعين سنة؟