ما هي القيمة المضافة لنشر لائحة المستفيدين من رخص النقل الطرقي؟ وهل تترتب عنها آثار قانونية؟ وهل بمقدور الوزارة سحبها من أصحابها؟، بداية لابد من الإشارة إلى أن اللائحة مثيرا حقا وهناك أشخاص استفادوا من هذه الرخص ما كان ينبغي لهم ذلك. لكن لما نتحدث عن "لكريمات" نتحدث عن تاريخ مضى. وهل عزيز رباح، وزير التجهيز والنقل، يوجد في الموقع المناسب للحكم على التاريخ؟ يوم كانت تسلم هذه الرخص لم يكن رباح ولا إخوانه يفتحون أفواههم بكلمة واحدة. لقد كان هناك سياق مختلف وهي تدخل في حكم الماضي غير القابل للاسترداد، وبالتالي، فإن الوقوف عنده يعني العجز عن التوجه إلى المستقبل والعجز عن إنجاز مشاريع مهمة. فإذا كان نشر لائحة المستفيدين من رخص النقل على الطرق لا يترتب عنها أي آثار فإن العملية برمتها لا تعدو أن تكون استعراضية تهدف التغطية على إفلاس وزراء العدالة والتنمية. في الواقع هي قنبلة خطيرة رماها رباح لكن لا نعرف أين ستنفجر؟، قد تثير الغضب دون أن تحل المشكل. والشعب انتخب حزب العدالة والتنمية ليحل مشاكله لا أن ينقله من ملهاة إلى أخرى، والملهاة إذا ما تكررت سوف تتحول إلى مأساة ليس في مقدور أحد تحمل تبعاتها. لو أردنا أن نحاسب الماضي جملة وتفصيلا لما بقي أحد دون أن يناله سوط العقاب، هل يتذكر وزراء العدالة والتنمية نوع الكتب والأشرطة التي كانوا يروجون في الماضي والتي كان لها وقع كبير على كثير من الشباب الذي تحول نحو التطرف والإرهاب؟، هل نسي رباح أن رئيسه في الحكومة هو من كان يجند الشباب للجهاد في أفغانستان، والذين تحولوا إلى مقاتلين محترفين يبحثون عن المعارك حتى لو كانت وهمية وضد أهلهم وذويهم؟، وبعيدا عن الحركة السلفية وفي مسار الوزير المهني. كيف تمكن من الحصول على مكلف بمهمة في وزارتين لولا تدخلات معارفه وأصدقائه؟، ولا ينسى الوزير رباح أن العديد من أصدقائه وإخوانه استفادوا من ريع الدولة والدعوة، وستكشف الأيام عن كل ذلك دون الحديث عن تورط أبناء الحركة في لهف الملايين التي جمعوها باسم البوسنة والهرسك ويريدون جمعها اليوم لدعم المعارضة السورية المسلحة. أثرنا كل ذلك فقط لنقول لرباح إذا كنت خارج التاريخ لا يمكنك أن تقرأ التاريخ، ولقد عودنا حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح على الدوس على التاريخ وإعادة كتابته وفق هواهم، لأجل كل ذلك لا يمكن أن تدخل عملية نشر لائحة المستفيدين التي لن تستفيد منها الوزارة ولا الدولة ولا الشعب في إطار سياقين يعمل العدالة والتنمية على تحقيقهما، أولا، نشر البلبلة وصناعة الملهاة كي ينسى المواطن الأهداف التي من أجلها انتخبهم، فالشعب لم ينتخبهم لينشروا لائحة رخص لن يستطيع رباح سحب ولو واحدة منها لأنها دخلت في ذمة التاريخ وأصبحت حقا مكتسبا بالقانون مهما كانت الطريقة التي حصل بها أصحابها عليها. وثانيا، ليظهروا بمظهر الحريص على المصلحة العامة ومحاربة الفساد كي يعيد المواطن انتخابهم من جديد. إن المشروع الحقيقي لمحاربة الفساد يبدأ الآن وهنا وليس في الماضي الذي كان فيه وزير الخارجية الآن يتحدث عن السلوك الجنسي في الإسلام، مبتعدا، عن الشأن العام وعن الصراع الذي كانت تعرفه البلاد والذي توج بالمصالحة التاريخية ودخول المغرب مرحلة جديدة من مساره الديمقراطي. إن المشروع الحقيقي للوزير رباح، هو أن يبدأ إصلاح منظومة النقل الطرقي ليقطع دابر اقتصاد الريع أما ما قام به الآن فهو ملهاة حقيقية اعتبرها سذج القوم وعدا صادقا وأنى له بالوعد الصادق.