نظمت كلية العلوم القانونية والسياسية بالقنيطرة، بتعاون مع مختبر الدراسات والأبحاث في القانون والعلوم السياسية، وفريق البحث في الدراسات السياسية والدستورية، وفريق البحث في السياسات العمومية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، يوما دراسيا خُصص لتناول المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، بموضوع ""المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب ورهان تعزيز الممارسة الديمقراطية بالمغرب". ويأتي هذا اللقاء في سياق علمي يروم تحليل الإطار القانوني والتنظيمي للانتخابات، واستجلاء أهم التحولات التي تعرفها الممارسة الانتخابية بالمغرب، بما يساهم في فهم أعمق لآليات اشتغال هذه المنظومة وتعقيداتها. فتيحة بشتاوي : "سؤال الثقة في المنظومة الانتخابية المرتقبة" أبرزت الأستاذة الباحثة فتيحة بشتاوي أن انتخابات 2026 تكتسي طابعا تاريخيا، لأنها لا تنحصر في الرهانات السياسية فقط، بل تمتد إلى أبعاد اقتصادية واجتماعية مرتبطة بتنظيم كأس العالم مع البرتغال وإسبانيا، مشددة على أن المغرب مقبل على احتضان تظاهرات عالمية كبرى، ما يجعل أنظار الملاحظين الدوليين متجهة نحوه خلال هذه المحطة الانتخابية. وأوضحت أن الدولة تراهن بشكل واضح على الرفع من نسبة المشاركة في الاستحقاقات المقبلة، مع السعي إلى استرجاع الثقة الانتخابية واستقطاب كفاءات سياسية قادرة على تجديد النخب وتعزيز الممارسة الديمقراطية. وربطت هذا التوجه بمضامين مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 المعدل للقانون 27.11 المتعلق بمجلس النواب، والذي يقر إغلاق باب الترشيح في وجه الأشخاص الذين صدرت في حقهم أحكام قضائية بالعزل من مناصب انتدابية، مع إسقاط أهليتهم للترشح في انتخابات 2026. وبيّنت بشتاوي أن المشروع ينص كذلك على منع الترشح على كل من صدر في حقه حكم نهائي بالعزل، أو حكم سالب للحرية، أو عقوبة حبسية موقوفة التنفيذ، إضافة إلى إدراج حالات التلبس بجناية أو جنحة ضمن أسباب فقدان الأهلية، استنادا إلى المادة 7 من القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الإعلام العمومية خلال الحملات الانتخابية. وواصلت شرحها، مؤكدة أن النص التشريعي يشدد المقتضيات على هذه الفئة بمنحها حق استرجاع الأهلية الانتخابية فقط بعد مرور دورتين انتخابيتين كاملتين على صدور الحكم النهائي، مع استثناء المدانين في قضايا جنائية بالعقوبات الموقوفة التنفيذ. وأضافت أن المشروع ينص على تجريد كل نائب من عضويته إذا وُضع رهن الاعتقال لأكثر من ستة أشهر بناء على قرار من النيابة العامة المختصة. وتطرقت بشتاوي أيضا لموضوع التنافي، إذ أشار المشروع إلى إمكانية الجمع بين عضوية البرلمان ورئاسة جماعة يفوق عدد سكانها 300 ألف نسمة، خلافا لما جاء في المادة 13 في صيغتها السابقة. وقالت إن هذا التوجه أثار نقاشا حادا بين من يرى فيه دعما للترافع المركزي على قضايا الساكنة، وبين من يعتبر أن تدبير الجماعات الكبرى يتطلب تفرغا كاملا، ما يستدعي توسيع حالات التنافي بدل تضييقها. وختمت بالتأكيد على أن الحاجة اليوم ملحّة لإصلاحات سياسية عميقة داخل المنظومة الانتخابية، وليس فقط إدخال تعديلات تقنية على النصوص القانونية. وشددت على أن الأحزاب مطالبة بالقيام بدورها في محاربة الفساد، ودعم الكفاءات، والابتعاد عن تزكية الأسماء التي تحوم حولها شبهات، حفاظا على نزاهة العملية الانتخابية وثقة المواطنين في المؤسسات. وائل أوشن : "معايير تخليق العملية الانتخابية في ظل مشاريع القوانين الانتخابية" من جانبه قال الأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والسياسية جامعة ابن طفيل، وائل أوشن، إن تخليق العملية الانتخابية يشكّل جوهر الرهان الديمقراطي المرتبط بالاستحقاقات المقبلة، مستحضرا مشروع القانون رقم 53.25 الذي يقترح تعديلات جوهرية على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب. وأضاف أوشن، أن النص الجديد يتجه نحو التشديد في مسألة فقدان الأهلية، بحيث يشمل المتابعين في حالة اعتقال والمدانين ابتدائيا في الجنايات المرتبطة بالاختلالات الانتخابية، في حين كان القانون السابق يشترط حكما نهائيا مكتسبا لقوة الشيء المقضي به. وتابع متسائلا عن مدى انسجام هذا التوجه مع مبدأ دستوري راسخ يتعلق بقرينة البراءة كما تنص عليها الفقرة الثالثة من الفصل 23 من الدستور، معتبرا أن هذا النقاش يظل مفتوحا بين مقتضيات الردع وضمانات العدالة. وتابع رئيس شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية، موضحا، خلال اليوم الدراسي المنظم بكلية العلوم القانونية والسياسية بالقنيطرة حول موضوع "المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب ورهان تعزيز الممارسة الديمقراطية بالمغرب"، من طرف مختبر الدراسات والأبحاث في القانون والعلوم السياسية، وفريق البحث في الدراسات السياسية والدستورية، وفريق البحث في السياسات العمومية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، أن مشروع القانون حاول أيضا تعزيز حياد السلطة عبر التنصيص على منع موظفي وزارة الداخلية من الترشح، تفاديا لأي شبهة استغلال للنفوذ خلال العملية الانتخابية. وقال إن هذا الإجراء يندرج ضمن رغبة واضحة في إعادة الثقة في تدبير الانتخابات وتحقيق مسافة أمان بين الإدارة والتنافس السياسي. وأشار أوشن في جانب آخر إلى أن المشروع اتجه لتضمين مقتضيات جديدة تتعلق باستخدامات الذكاء الاصطناعي في الحملات الانتخابية، من خلال تقنين نشر الإعلانات والمنشورات الرقمية، مضيفا أن هذا التوجه يعكس وعيا رسميا متزايدا بالتحديات الجديدة التي تفرضها التقنيات الحديثة، سواء على مستوى التأثير أو التضليل. وانتقل المتحدث إلى الحديث عن مظاهر الفساد الانتخابي، قائلا إن المشروع يشدد الرقابة داخل مكاتب التصويت، بعدما أصبح معزل التصويت مكشوفا بشكل يسمح لرئيس المكتب بمراقبة أي محاولة لتصوير ورقة التصويت مقابل المال خارج المكتب. وتابع أن هذه الخطوة تأتي في سياق مواجهة ظواهر شراء الذمم التي لطالما أضرت بنزاهة الاستحقاقات في مراحل سابقة. وفي ما يتعلق بالدعم المادي المخصص للشباب، أوضح أوشن أنه يمثل فرصة لتشجيع المشاركة السياسية وفتح المجال أمام الوجوه الشابة. لكنه عاد ليطرح تساؤلا محوريا: من أوصل الشباب إلى فقدان الثقة في الأحزاب السياسية؟ وتساءل أيضا عما إذا كانت هذه الأحزاب قادرة فعلا على تبني الشباب المدعومين وتمكينهم من ولوج العملية الانتخابية، مؤكدا أن إعادة الثقة لا يمكن أن تتحقق فقط من خلال الدعم المالي، بل تتطلب أيضا تجديدا عميقا في الممارسات الحزبية. أمين السعيد : "تحولات المنظومة الانتخابية بين المسار الإصلاحي والتحديات البنيوية" أما أستاذ القانون الدستوري، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة سيدي محمد بنغبد الله بفاس، أمين السعيد قال في مداخلته، إن النقاش الدائر حول إصلاح المنظومة الانتخابية يتجه نحو إقرار التعديلات قبل نهاية سنة 2025، انسجاما مع التوجيهات الملكية الداعية إلى تهييء جيد للاستحقاقات المقبلة. وأوضح أن هذا المسار يختلف عن التجارب السابقة التي اتسمت بضيق الزمن التشريعي، حيث تمت مناقشة مشاريع القوانين الانتخابية في دورة استثنائية لم تتجاوز 29 ساعة و45 دقيقة، إضافة إلى توقف المشاورات آنذاك بسبب جائحة كورونا، بخلاف محطات سابقة كانت تشهد مفاوضات أوسع بين الفاعلين السياسيين. وأشار السعيد إلى أن العرف السياسي كان يرتكز دائما على مبدأ التوافق أو على الأقل الحرص على الحد الأدنى منه، غير أن النقاش الحالي يعيد طرح أسئلة جوهرية حول فعالية الآليات المقترحة، خصوصا تلك المرتبطة بتشجيع مشاركة الشباب. وتابع السعيد حول مشروع قانون تنظيمي رقم 53.25 يقضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، والإشارة للدعم المخصص للشباب أقل من 35 سنة".