تعيين 24 مسؤولا جديدا في مناصب المسؤولية بالأمن الوطني    عاصفة رعدية مفاجئة تضرب منطقة "أسَاكَن" بإقليم الحسيمة وتساقط كثيف لحبات البَرَد    أشرف حكيمي ضمن قائمة المرشحين للكرة الذهبية 2025    زيلينسكي يدعو بوتين مجددا إلى لقاء لإنهاء الحرب في أوكرانيا والرئيس الروسي يعتبر "الظروف غير متوفرة"    فرنسا تلغي إقامة مغربي أشعل سيجارة من "شعلة الجندي المجهول" في باريس (فيديو)    حماة المال العام يناشدون الملك لإحالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية    ماكرون يلوّح بالحزم في وجه الجزائر: بداية تحوّل فرنسي في التعاطي مع الاستفزازات الجزائرية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية كوت ديفوار بمناسبة العيد الوطني لبلاده    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الخميس إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة        "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 197 بينهم 96 طفلا    ارتفاع أسعار الذهب بفضل تراجع الدولار وسط آمال بخفض الفائدة الأمريكية    "اللبؤات" يتراجعن في تصنيف "فيفا"    سون هيونغ مين ينضم للوس أنجليس الأمريكي    الوداد الرياضي يحدد تاريخ عقد جمعه العام العادي    تمديد "إعفاءات استيراد الأبقار" ينتظر انعقاد مجلس الحكومة بعد العطلة    تركمنستان: عمر هلال يبرز دور المبادرة الملكية الأطلسية المغربية في تنمية دول الساحل    "أيميا باور" الإماراتية تستثمر 2.6 مليار درهم في محطة تحلية المياه بأكادير    وكالة: وضعية مخزون الدم بالمغرب "مطمئنة"    أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 عاما لا يزال خارج السيطرة رغم تباطؤ انتشاره    البنية التحتية للرباط تتعزز بمرآب تحت أرضي جديد    يوليوز 2025 ثالث أكثر الشهور حرارة فى تاريخ كوكب الأرض    صيف شفشاون 2025.. المدينة الزرقاء تحتفي بزوارها ببرنامج ثقافي وفني متنوع    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟    شاطئ "أم لبوير" بالداخلة.. جوهرة طبيعية تغري المصطافين من داخل المغرب وخارجه        الفتح الناظوري يضم أحمد جحوح إلى تشكيلته            رخص مزورة وتلاعب بنتائج المباريات.. عقوبات تأديبية تطال أندية ومسؤولين بسبب خروقات جسيمة    منخرطو الوداد يرفضون الاتهامات ويجددون مطلبهم بعقد الجمع العام    المغرب... البلد الوحيد الذي يقدّم مساعدات إنسانية مباشرة للفلسطينيين دون وسطاء وبكرامة ميدانية    ما يناهز 40 ألف نسمة من سكان تافيلالت غاضبون..    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    الداخلة.. ‬‮«‬جريمة ‬صيد‮»‬ ‬تكشف ‬ضغط ‬المراقبة ‬واختلال ‬الوعي ‬المهني ‬    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغرب ‬يرسّخ ‬جاذبيته ‬السياحية ‬ويستقطب ‬‮«‬أونا‮»‬ ‬الإسبانية ‬في ‬توسع ‬يشمل ‬1561 ‬غرفة ‬فندقية ‬    الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي فرضها ترامب تدخل حيز التنفيذ    تتويجا ‬لمسار ‬ناضج ‬وجاد ‬من ‬الجهود ‬الدبلوماسية : ‬    في ‬دلالات ‬المضمون : ‬ توطيد ‬المسار ‬الديمقراطي ‬و ‬تطوير ‬الممارسة ‬السياسية ‬لتعزيز ‬الثقة ‬في ‬المؤسسات    كيوسك الخميس | المغرب الأول مغاربيا والثالث إفريقيا في الالتزام بأهداف المناخ    منشق شمالي يدخل كوريا عبر الحدود البحرية    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    وقف حرب الإبادة على غزة والمسؤولية الوطنية    حين يتحدث الانتماء.. رضا سليم يختار "الزعيم" ويرفض عروضا مغرية    دعم السينما يركز على 4 مهرجانات    تكريم كفاءات مغربية في سهرة الجالية يوم 10 غشت بمسرح محمد الخامس    أكلو : إلغاء مهرجان "التبوريدة أوكلو" هذا الصيف.. "شوقي"يكشف معطيات حول هذه التظاهرة    الموثقون بالمغرب يلجأون للقضاء بعد تسريب معطيات رقمية حساسة    بين يَدَيْ سيرتي .. علائم ذكريات ونوافذ على الذات نابضة بالحياة    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"صناجة" الأمازيغ الشاعر أحماد أوهاشم.. راعي الغنم الذي يتغنى بالحياة بمزامير الحرية والجمال
نشر في أكادير 24 يوم 20 - 01 - 2015

في قرية ملاعب الصغيرة (100 كلم عن الرشيدية) في حجمها، الكبيرة بحكايات أهلها البسطاء، يرتل ترانيم الحرية والجمال، مرتع صباه شأنه شأن سائر أبناء القرى والكثبان والأودية التي ترقد باطمئنان بواحات تافيلالت، ولد "صناجة" الامازيغ الشاعر العصامي احماد أوهاشم راعي الغنم الذي فاض وجدانه حكما وقولا منظوما.
على آلة لوتار وهو من أشهر العازفين عليها يحاكي الإيقاعات وألوان الكلمات التي تتوحد فيها جمالية الابداع وبساطته.. في خريف العمر لم تمح آثار الزمان ولا أوجاع الأيام ما تبقى من ذاكرته المتقدة التي تسترجع صدى احتفالية الذات الشاعرة وتسهر مع القصائد الحبلى بالرغبات والاماني والاحلام الكبيرة.. وهبته شمس الصحراء صلابة وعزيمة الرجال الذين عشقوا التغني بآهات البسطاء في كبرياء وعزة نفس.
"أحتاج فقط لمن يتذوق فني" هي أغلى أماني أوهاشم الذي لا تفارق الابتسامة محياه، والذي يعيش بفنه في انسجام تام مع أسرته، إذ تفتخر زوجته و أبناؤه بوضعه الفني في وسط لا يتيح ذلك بسهولة. هذه التجربة الفنية سلط عليها الضوء المخرج والناقد السينمائي عامر الشرقي في شريطه الوثائقي (همسات الأعالي) الذي يعتبر مساهمة فعالة في التعريف بثروات الجنوب الشرقي الشعرية، واعترافا بعطاء هذا الفنان الذي تم تكريمه مؤخرا بالمهرجان الوطني للوتار في دورته الثانية إلى جانب مجموعة من الوجوه البارزة في الفن الشعبي من قبيل قشبال وزروال والشيخ عويسة…
البيئة الصحراوية التي نشأ فيها كان لها تأثير كبير على حياته و اختياراته، كما يقول عنه الشرقي، فمنطقة الجنوب الشرقي ارتبطت على الدوام بثقافته المتنوعة التي تختلط فيها الإيقاعات والألوان وتتوحد في جمالياتها و بساطتها. في هذه البيئة نشأ و ترعرع أوهاشم حيث شارك الأطفال منذ الصغر في رقصات احيدوس حرصا من قبائل آيت عطا وآيت مرغاد على تأصيل هذا الشكل الاحتفالي في منطقة عرفت بالعديد من الشعراء (إمديازن) الذين كانوا يؤثثون الجلسات بإبداعاتهم الشعرية.
بعينين شبه مغمضتين وعمامته الصفراء وصدره المفعم بالحكايات والصور وبساطته يكشف أوهاشم، في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن الرحلة الطويلة التي صقلت تجربته في الحياة .." منذ السابعة من عمري بدأت بالعزف ككل أبناء المنطقة البسطاء على آلة الوتار وهي من صنع يدوي ثم عزفت على الناي و بدأت بقرض الشعر تأثرا بمحيطي وببعض أفراد عائلتي".
وبنمطه الفريد في العزف والغناء كما في أسلوبه المتميز في الحكي تبرز شخصية أوهاشم الانسان الذي رغم عمر يناهز السبعين ربيعا إلا أنه ما يزال يغرد مثل الكروان. غنى أوهاشم أو الشيخ كما يحلو للبعض من بلدته أن يسميه بتموجات الروح مواضيع اجتماعية مختلفة فاحتفى بالطفولة والمرأة والقبيلة والحب والوطن.. فكانت أبرز إبداعاته التي وشمت بماء من ذهب مسيرته الفنية الطويلة، التي اختبر فيها قدرة آلة لوتار على احتضان تلوينات موسيقية مغايرة وجديدة بالنسبة للموسيقى الأمازيغية.
لم يكن يدرك أن خطاه منذ الطفولة التي أمضاها في الرعي لأزيد من ثلاثة عقود لجني قوت يومه بين جنبات قريته الصغيرة ستقوده يوما إلى حمل رسالة القول المنظوم في رحلة طويلةo إلى أن صار من طينة الشعراء المغنين القلائل الذين التزموا بالقضايا الجوهرية التي تمس وجود الإنسان بالواحات.
وفي هذا الإطار، قال الباحث في التراث والثقافة الشعبية عمر حمداوي، إن "النشاط الرعوي شكل مدرسة تربوية تخرج منها العديد من الحكماء والشعراء كما هو الحال بالنسبة للشاعر والفنان والعازف الأمازيغي أوهاشم الذي أسرته المراعي منذ الطفولة ومنحته نبوغا فكريا كبديل عن حرمانه من ولوج الكتاب والمدرسة لمحاربة الامية الابجدية على غرار الأقران"، مضيفا ان هذا الشاعر عبر عن ذلك بما معناه: "رغم كوني شاعرا لم أتعلم قط، إلا أنني أملك معاني لا يجيدها إلا العقلاء".
وأبرز أن هذا النبوغ تجلى في حنكته المبكرة في نظم الشعر الأمازيغي بمختلف أجناسه وأغراضه مما جعله يحظى بلقب "إتري ن انشادن" (نجم المنشدين) وبتقدير من لدن محيطه الذي يجد في شعره متنفسا للتعبير عما يخالجه من آلام وآمال، فضلا عن براعته في العزف على آلة الناي رفيقة الرعاة وآلة "لوتار" التي صنعها بنفسه، ثم آلة البندير سيدة الآلات في احتفالات جميع المكونات الإثنية بالمنطقة.
وإلى جانب مدرسة الرعي شكل الاحتكاك اليومي لمختلف شرائح المجتمع ومعانقة الأسفار بحثا عن لقمة العيش والحرص على الحضور والمشاركة في المناسبات الاجتماعية التي لا تخلو من مساجلات شعرية ورقصات فلكلورية مصحوبة بمرددات وأهازيج شعبية، يضيف حمداوي، أهم الروافد التي غذت الملكة الشعرية لأوهاشم الذي أثث الساحة الفنية الأمازيغية بكم هائل من الأشعار والأغاني التي يستقي موضوعاتها من وحي الواقع المعيش.
وعن البلاغة الشعرية في ابداع أوهاشم يقول الباحث الحو ختار، إن هذا الشاعر يوظف عناصر الذاكرة الثقافية توظيفا رمزيا، خاصة الحكايات والأمثال والرموز والألغاز وغيرها، ليكون الشعر خزان متخيل الجماعة البشرية التي ينتمي إليها الشاعر، وضامن انسجام هذا المتخيل واستمراره عبر الزمان والمكان، مضيفا أن شعر الشيخ أحمد أوهاشم لا يشذ عن هذه الخاصيات الابداعية، بل هي من السمات المميزة له، والتي تجعل منه خطابا جماليا بامتياز.
جمالية الشعر وبلاغته عند أوهاشم تعود إلى كون هذا الشاعر يؤسس في شعره عالما متخيلا تتحاور فيه عوالم متعددة تتبادل عناصرها الأفعال والأدوار والصفات، وتمتد هذه العوالم إلى الذاكرة الثقافية، وإلى الطبيعة الصامتة والصائتة، كما تمتد إلى عالم الاقتصاد المحلي وأدواته إنتاجه. وقد تفاعل الشاعر مع هذه العوالم وأدركها وتمثلها وأعاد ترتيب عناصرها ثم حدد لها وظائف جديدة انطلاقا مما توفره له اللغة من إمكانات كثيرة كالتشبيه والاستعارة والمجاز بصفة عامة.
وتستمر قصة الشيخ أوهاشم الشخصية المرحة والنشطة التي تنتزع البسمة من الشفاه والضحكة من الأعماق وتروي مغامرات تثير العجب وتبعث على الإعجاب، فهو يتمتع بحس فكاهي لطيف حتى داخل بيته المتواضع على سفح جبل حيث يعيش مع رفيقة عمره التي عشقت حياته الفنية.
ومن بين طرائفه، يحكي أوهاشم، أن رجلا ذو مكانة اجتماعية مهمة تملكه (بوتابر) أو العشق الجنوني وكاد يهلكه ولم ينفع معه علاج حتى أشرت عليه بالاستماع الى (تامديازت الحب) التي ألفتها وغنيتها فكانت له بلسما شافيا مما حل به. زاهد في الدنيا لا يبغي منها الا القليل..مؤمن أشد الإيمان بمالك الملك ورازق الخلق وهو ما يردده دوما في دعاء على شكل بيت شعري صوفي معناه "باسمك أبدأ يا من لا يفنى، كلامك عزيز ومقامه عال، أنت الذي ترزق وبيدك المفاتيح، وأنت وحدك القادر على كل شيء".
شارك هذا الموضوع:
* * * * المزيد
* * * * * Pocket
* * * مشاركة على Tumblr


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.