أخنوش في حوار مع "لاراثون": المغرب اعتمد موقفا حازما وعادلا بشأن قضية الصحراء    زعفران تالوين .. الذهب الأحمر ذو المنافع المتعددة    بنعلي: قطاع المعادن بالمغرب يوفر أكثر من 40 ألف فرصة شغل مباشرة    "الكاف" ولجنة التنظيم المحلية يكشفان عن "أسد" التميمة الرسمية لكأس أمم إفريقيا (المغرب 2025)    التجربة المغربية في كرة القدم نموذج يكرس الدور الاستراتيجي للمنظومة الرياضية في التنمية السوسيو-اقتصادية (لقجع)    مسن يُنهي حياة شقيقه بسبب قطعة أرض بضواحي تطوان    ناصر الزفزافي يعلن دخوله في إضراب عن الطعام داخل سجن طنجة    بإذن من أمير المؤمنين.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته الخريفية العادية    مجلس المنافسة يداهم مقرات خمس شركات للأعلاف والمرصد المغربي لحماية المستهلك يثمّن الخطوة        مطالب بالتحقيق العاجل حول أجهزة "FreeStyle Libre 3" بعد تقارير دولية عن عيوب مصنعية    مندوبية التخطيط : ارتفاع ملحوظ للناتج الداخلي الإجمالي وتوزيع الدخل في المملكة    سليلة تارجيست سهام حبان تنال الدكتوراه في القانون بميزة "مشرف جدا" مع توصية بالنشر    الاتحاد الأوروبي يصادق على إجراءات تهدف إلى تشديد سياسة الهجرة    عروض دولية ووطنية متنوعة بمهرجان النون الدولي للمسرح بالفقيه بن صالح    كان 2025 .. الموزمبيق تكشف عن قائمة لاعبيها ال 25    الدار البيضاء… افتتاح معرض الفنون التشكيلية ضمن فعاليات مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير    رسميًا.. الشروع في اعتماد البطاقة الوطنية لتبليغ المتقاضين بالإجراءات القضائية    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر        قانون المسطرة الجنائية الجديد رقم 03/23 ورهان صون الحقوق والحريات    أسطول جديد لكسر حصار غزة يبدأ الإبحار في أبريل 2026    المنتخب الوطني الرديف على المحك أمام السعودية في الجولة الأخيرة لكأس العرب    مخالفة "أغنية فيروز" بتازة تشعل الجدل... مرصد المستهلك يندد والمكتب المغربي لحقوق المؤلف يوضح    منظمة التعاون الإسلامي تراهن على "الوعي الثقافي" لتحقيق التنمية البشرية    الفائض التجاري للصين تجاوز تريليون دولار في العام 2025    المغرب لن يكون كما نحب    أولمبياد لوس انجلوس.. لقجع يكشف اسم مدرب المنتخب الأولمبي    غضب وانقسام داخل ريال مدريد بعد الهزيمة... وتصريح يكشف تفاصيل صادمة من غرفة الملابس    مغربيان ضمن المتوجين في النسخة العاشرة من مسابقة (أقرأ)    ضمنها المغرب.. تقرير يكشف تعرض شمال إفريقيا لاحترار غير مسبوق    مولودية وجدة يحسم الديربي لصالحه ويعزز موقعه في الصدارة    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    عزوف الشباب عن العمل يدفع لندن لإلغاء إعانات البطالة    فرنسا.. تسرب مياه بمتحف اللوفر يتسبب في إتلاف مئات الكتب بقسم الآثار المصرية    علاج تجريبي يزفّ بشرى لمرضى سرطان الدم        اغتيال "شاهد" بجنوب إفريقيا يحيي السجال حول مسألة حماية المبلغين    "إيكواس" تشر قوات احتياطية في بنين    الاتحاد المغربي للشغل يخلّد الذكرى ال73 لانتفاضة 8 دجنبر 1952    الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان يدعو إلى وقفة رمزية أمام البرلمان للمطالبة بإطلاق سراح "المعتقلين السياسيين"    لفتيت يستبق انتخابات 2026 بحركة تنقيلات واسعة لضبط الإدارة الترابية    النفط يصل إلى أعلى مستوى في أسبوعين مدعوما بتوقعات خفض الفائدة الأمريكية    كاتبة إيطالية تعرّض لحادثٍ مروّع أثناء زيارتها إلى مراكش تنشر شهادتها عن تجربة إنسانية غير متوقعة    كيوسك الاثنين | الاجتماع المغربي – الإسباني يؤكد انتعاشا اقتصاديا    ساركوزي يكشف: الملك محمد السادس أول من اتصل بي بعد الحكم علي بالسجن.. كان متأثّراً وصوته يرتجف من الصدمة            اجتماع ثلاثي بين الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر في نيويورك    المغرب ضد السعودية.. نهائي قبل الأوان في سباق الصدارة    ثورة في عالم الطب .. علاج جديد يقضي على سرطان الدم تمامًا    التكنولوجيا وتحولات الفعل السياسي في المغرب: نحو إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع    إعلان الحرب ضد التفاهة لتصحيح صورتنا الاجتماعية    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الردع و الوعي : كيف نواجه التفاهة و التنمر في الفضاء الرقمي
نشر في أكادير 24 يوم 18 - 00 - 2024

بقلم : أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
يشهد العالم الرقمي اليوم انزياحًا خطيرًا في منظومة القيم والمعايير. فالتفاهة التي كانت تُعامَل سابقًا كشذوذ فردي أصبحت ظاهرة منتظمة، بل صناعة قائمة على خوارزميات تقيس القيمة بالانتشار لا بالمضمون. وفي الوقت ذاته، بات التنمر الإلكتروني جزءًا من "عادات التواصل"، يمارسه البعض بلا وعي، ويتلقاه آخرون بكل الألم الذي تحمله الكلمات عندما تُلقى خلف شاشة باردة لكنها جارحة.
هذه الظواهر ليست مجرد تحولات في أسلوب الترفيه، بل هي مؤشرات على تحوّل اجتماعي عميق يتجاوز الشاشات إلى تشكيل الذوق العام، وتوجيه سلوك الأجيال، وإعادة تعريف معنى الحرية وحدودها في المجال الرقمي.
* التفاهة... حين يصبح اللاشيء معيارًا للنجاح
لقد أصبح المحتوى السطحي معيارًا للترند، وصار "المؤثر" يُقاس بعدد المشاهدات لا بعمق الرسالة. وهذا التحول ليس بريئًا؛ إنه نتيجة منظومة اقتصادية تعتمد على جذب الانتباه بأي ثمن، ولو كان الثمن هو انحطاط الذائقة الجماعية.
إن انتشار التفاهة ليس عفويًا، بل هو نتيجة تفضيل الخوارزميات للمحتوى السريع والسهل والمشوّق، على حساب المعرفة والوعي.
* التنمر الرقمي... الوجه العنيف للسطحية
في ظل هذا المناخ، يجد التنمر الإلكتروني تربة خصبة لينتشر:
سخرية، تجريح، تشهير، وإهانة تصل أحيانًا إلى التهديد.
واللافت أن ثقافة التفاهة تُسهِم في تطبيع التنمر؛ فحين تسود السطحية، يتراجع التعاطف، ويُصبح الاستهزاء من الآخر "محتوى" مقبولاً يدرّ المتابعة والمال.
التنمر الرقمي ليس مجرد كلمات؛ إنه عنف ناعم، لكنه يخلّف آثارًا حقيقية: فقدان الثقة، انسحاب اجتماعي، اضطرابات نفسية، وربما انهيارات مدمرة.
* الردع... ضرورة لحماية المجتمع
لا يمكن لمجتمع يريد الحفاظ على توازنه أن يترك المجال الرقمي بلا قوانين.
الردع هنا لا يعني قمع الحرية، بل حماية الحرية من الانزلاق إلى الفوضى.
وتشمل أدوات الردع:
-تشريعات واضحة تجرّم التنمر وتحد من المحتوى الهابط حين يشكل ضررًا عامًا
-التزام المنصات بتصفية المحتوى العنيف والمهين
-محاسبة صُنّاع المحتوى الذين يحوّلون التفاهة أو التنمر إلى تجارة مربحة
لكن الردع وحده لا يصنع مجتمعًا راشدًا؛ إنه فقط يضع الحدود.
* الوعي... الجبهة الحقيقية للمعركة
التحصين الثقافي والتربوي هو الجبهة الأكثر أهمية وعمقًا.
فالأجيال اليوم تعيش في بيئة رقميّة تُعيد تشكيل عقولها بطرق غير مرئية:
خوارزميات تُكافئ التفاهة، ومحتوى يُطبّع العنف، ومؤثرون بلا مسؤولية يوجّهون السلوك.
لذلك يصبح تعليم الأجيال:
-كيف تعمل المنصات؟
-كيف نميّز التضليل من الحقيقة؟
-كيف نرتقي بالذوق العام؟
-وكيف نحمي أنفسنا من التنمر ونعزز ثقافة الاحترام؟
أمرًا ملحًا لا يقل أهمية عن التعليم الأكاديمي نفسه.
* خلاصة الرأي: معركة لا يخوضها القانون وحده
التفاهة ليست ترفيهًا، والتنمر ليس مزاحًا... كلاهما تهديدان لقيم المجتمع ولمناعته المعرفية والأخلاقية.
ومواجهتهما تتطلب توازنًا دقيقًا بين الردع الذي يضع الحدود، والوعي الذي يرفع السقف.
فالقوانين تنظّم السلوك، لكن الثقافة هي التي تُعيد تشكيله.
إن المعركة الحقيقية ليست بين الإنسان والتكنولوجيا، بل بين الإنسان ونسخته الرقمية التي يُعاد تشكيلها دون وعي.
والمجتمع الذي يريد مستقبلًا أكثر صحة ورقيًّا يحتاج إلى أن يدرك أن حماية الفضاء الرقمي ليست مسؤولية الدولة وحدها، بل مسؤولية كل فرد يحمل هاتفًا... أو يضغط "إعجابًا".
شارك هذا المحتوى
فيسبوك X واتساب تلغرام لينكدإن نسخ الرابط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.