بعد خوصصتها.. وزارة الصحة تدعو لتسهيل ولوج أصحاب المستشفيات الجدد إلى عقاراتهم وممتلكاتهم    وفاة الأمين بوخبزة.. أحد أبرز مؤسسي ورموز الحركة الإسلامية بالمغرب    بيدرو سانشيز: "كأس العالم 2030 ستحقق نجاحا كبيرا"    هجوم إيران على إسرائيل: من الرابح ومن الخاسر؟    مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يدعو إلى انهاء الحرب في السودان    بعد إيقافه بأزمور.. وقفات تضامنية مع الناشط الحقوقي مصطفى دكار    ما الذي قاله هشام الدكيك بعد الفوز الساحق ل"أسود القاعة" أمام زامبيا؟    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    أشرف حكيمي يثير قلق برشلونة قبل القمة الأوروبية    سليم أملاح في مهمة صعبة لاستعادة مكانته قبل تصفيات كأس العالم 2026    العنصرية ضد المسلمين بألمانيا تتزايد.. 1464 جريمة خلال عام وجهاز الأمن تحت المجهر    وفاة "الأمين بوخبزة" أحد رواد الحركة الإسلامية بتطوان    المغرب وبلجيكا يدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    استعدادا لعيد الأضحى .. وزير الفلاحة يعقد اجتماعا مع مهنيي اللحوم الحمراء    انتقادات لاذعة تطال فيصل عزيزي بسبب "الملابس الداخلية"    المغرب التطواني يصدر بلاغا ناريا بشأن اللاعب الجزائري بنشريفة    أكبر توأم ملتصق ف العالم مات.. تزادو وراسهم لاصق وحيرو كاع العلماء والأطباء    بعدما علنات القطيعة مع اللغة الفرنسية.. مالي غادي تقري ولادها اللغات المحلية وغادي تخدم الذكاء الاصطناعي    لامارين روايال عتقات 53 حراگ من دول أفريقيا جنوب الصحرا شمال طانطان    شاعلة وسط الاستقلال.. مور رسالة سيدنا للطالبي العلمي: تحدي كبير فالمقترحات لي غايقدمو لمناصب مجلس النواب والأعيان وصحاب الشكارة مزاحمين مع الكفاءات والأبناء ديال النافدين باغين حقهم من الوزيعة    توقيف موظف شرطة متلبسا بحيازة 151 غراما من مخدر الكوكايين ومجموعة من علب اللصاق المستعمل في التخدير    احذر من تناول هذه الأطعمة بغير وقتها!    "أسود الفوتسال" يستعرضون قوتهم أمام زامبيا وينهون مجموعات "الكان" في الصدارة    الملك يهنئ الطالبي العلمي بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا ل"النواب"    الملك يقيم مأدبة غداء على شرف الوزير الأول البلجيكي والوفد المرافق له    مندوبية التخطيط تطلق عملية تحديث البحث الوطني للتشغيل    صندوق محمد السادس للاستثمار يستعد لإطلاق طلب إبداء الاهتمام لانتقاء شركات التدبير لتمويل الشركات الناشئة    المغرب التطواني يدين "التصريحات المستفزة" للاعب من اتحاد طنجة    الرصاص يلعلع بمراكش    الحكومة تؤكد ضرورة الاتفاق حول أجرأة اتفاق 30 أبريل قبل عيد الشغل    الثابت والمتغير في القضية الفلسطينية    كرة القدم .. وفاة اللاعب الدولي المغربي السابق منصف الحداوي    فلقاء دام 35 دقيقة.. ها شنو دار بين گوتيريش ودي ميستورا حول نزاع الصحرا    اتفاقية شراكة لتعزيز الحماية الفكرية للتراث الثقافي المغربي    بدء محاكمة ترامب التاريخية.. إليكم السبب..    جدول أعمال مجلس الحكومة الخميس المقبل    المغرب يعزز الإجراءات القانونية لحماية التراث الثقافي والصناعات الوطنية    نسبة ملء سدود حوض سبو 51,15 في المائة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    على متن طائرة لارام.. احتفال خطير بذكرى زواج يخرق قوانين السلامة    الجمارك تعلن عن تحصيل أزيد من 20 مليار درهم في ثلاثة أشهر    سعر النفط يتراجع في الأسواق الآسيوية    عمل ثنائي يجمع لمجرد وعمور في مصر    تكريم الممثلة الإيفوارية ناكي سي سافاني بمهرجان خريبكة    السينما المغربية بمهرجان "نظرات افريقية للسينما الإفريقيةوالكريول" بمونتريال الكندية.    برنامج مهرجان مراكش العالمي للشعر    بايرن ميونخ طامعين فزين الدين زيدان: دواو معه وباغيين يرجعوه للتدريب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    دوزي يصدر جديده الفني "الباشا" بفيديو كليب استثنائي    العلوم قد تكون في خدمة ما هو غير معلن    دراسة: ممارسة التمارين الرياضية في المساء تقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 61 بالمائة    العالم الفرنسي الكندي سادلان ربح جائزة "أوسكار العلوم" على أبحاثو ف محاربة السرطان    هذه طرق بسيطة للاستيقاظ مبكرا وبدء اليوم بنشاط    الأمثال العامية بتطوان... (572)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    هل قبل الله عملنا في رمضان؟ موضوع خطبة الجمعة للاستاذ إلياس علي التسولي بالناظور    مدونة الأسرة.. الإرث بين دعوات "الحفاظ على شرع الله" و"إعادة النظر في تفاصيل التعصيب"    "الأسرة ومراعاة حقوق الطفل الروحية عند الزواج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحداث.أنفو في قلب «الموروكان تاون» ببروكسيل: أهلا بكم في ستالينغراد !

في كل حكايات الهجرة حنين للوطن. في الهجرة الإيطالية الثانية إلى أمريكا سنة 1920 بنيت ‘‘ ليتل إيطالي ‘‘ في نيويورك، وقبلهم بقليل استعاد الصينيون الصين البعيدة في نيويورك المختلطة بالشعوب والقوميات وأسموها ‘‘ تشاينا تاون‘‘. في عاصمة بلجيكا، وسط أوروبا القديمة، لم يكن بوسع المغاربة الشذ عن القاعدة. قاعدة الحنين الدائم لبلد المنشأ، جعلهم يصطنعون مغربا آخرا، بأماله وأحلامه، نجاحاته وفشله.
عندما تتجول في شوارع بروكسيل في كل الاتجاهات من «طوبيز» إلى « لاگار سنترال» ومن «مالبيك» إلى «ميدي» تنفذ إلى مسامعك ثلاثة لغات محلية منتشرة في كل هواء العاصمة وأحيائها : الفلامانية والفرنسية والدارجة المغربية. هنا لا مجال لفوضى هوياتية، بل تمازج متسامح يتخذ فيه الجزء حيزه الخاص في كل متجانس. مغاربة بروكسيل، في محيط محطة القطار والمترو «ميدي» ينتشرون على المساحة الجغرافية الممتدة من اتينبيك إلى مالبيك مرورا بدو بروكير. شارعهم الأول «ستالينغراد» الذي يتحول في كل يوم أحد إلى سوق مفتوح، يحمل الكثير من ملامح الأسواق الشعبية البيضاوية وباقي المدن.
الاتجاه : ميدي
‘‘ لازون ميدي ‘‘ وجهة مهمة وسط العاصمة البلجيكية بروكسيل، ليس فقط من مغاربة العاصمة ولكن أيضا من طرف المواطنين البجيكيين أكانوا من أصول فلامانية أو فرانكفونية، أو من باقي الجنسيات كالهنود والمغاربيين وباقي الجنسيات الأوروبية. ‘‘ محطة ميدي‘‘ مدخل رئيسي لعالم المغاربة في بروكسيل. مع أولى الخطوات خارج المحطة، يستأنس الزائر القادم من المغرب، بأسماء مألوفة تعتلي مداخل الفنادق والماهي والمطاعم والفنادق ومحلات التغذية العامة. أسماء من قبيل ‘‘ مراكش ‘‘ و ‘‘الناضور ‘‘ أو أيضا ‘‘ الكسكس المغربي ‘‘ و ‘‘ حلاقة عبد العزيز‘‘.
‘‘ التليبوتيك‘‘ المغربي يغزو المكان. في محيط ‘‘ ستالينغراد‘‘ تنتشر عدة محلات تجارية معدة للاتصال الهاتفي مع المغرب بالخصوص. ‘‘ التيلوبيتك‘‘ المغربي أجهز على تجارة ‘‘ البوس‘‘ أو بطاقة الهاتف الذكية. مقابل عشرة أوروهات، يعرض شباب عاطل عن العمل من أصول مغربية، بطاقات هواتف دولية لفاعل وطني في الهاتف. ما إن تقترب منهم حتى تشتعل في ألسنتهم عبارات السخط ضد ‘‘ التيليبوتيك‘‘ الذين يتعبرونه عدوهم اللدود. والحق أن المسألة مثيرة للجدل، ففي الوقت الذي يجد فيه هؤلاء الشباب صعوبة في ترويج بطاقاتهم من فئة عشرة أوروهات للزبناء، الثابتين منهم والزائرين، لا يدفع المتحدث نحو المغرب من ‘‘ التليبوتيك‘‘ سوى أورو واحد على أكثر تقدير مقابل ثماني دقائق كاملة من المحادثة.
‘‘ الموروكان تاون‘‘
خطوط المترو في بروكسيل تلتقي في محطة ميدي. الصعود من الممرات الأرضية، عبر الدرج الثابت أو الآلي، تنتهي بالزائر أمام ساحة شارع ‘‘ ستالينغراد‘‘ الواسعة والعامرة بالقادمين من كل مكان من العالم، للتمتع بمعالم بروكسيل في طقس شتنبر اللطيف. خطوات أخرى إلى الأمام، يصادف الزائر زحفا لوجوه بمعالم مغربية واضحة. لا تتأخر اللغة الدارجة المغربية في الدخول إلى المشهد، بأصوات رجال ونساء منهم من مازال مصرا على الظهور بملابس تقليدية مغربية.
وسواء رغبت في ذلك أم لا، البراد المغربي صار مشهدا ثابتا في كل مطاعم بروكسيل، ويعرض على الزبون مباشرة بعد حضور النادل إلى طاولته، كواحد من مقبلات الأكل الرئيسي. البراد صار عنوان انفتاح واندماج تام بين شعوب بروكسيل المتنوعة. حتى في مناطق بروكسيل البعيدة عن التواجد المغاربي، كوسط المدينة أو مالبيك أو شيربيك لا تخلو قائمات المواد المعروضة في المطاعم والفنادق من البراد المغربي ذو النكهة النعناعية الشهيرة.
في حقيقة الأمر، ليس البراد سوى جزء بسيط من تغلغل الأكل المغربي في المطبخ البجيكي عموما. ‘‘ طاجين الدجاج بالزيتون والعطرية البلدية ‘‘ يعتبر واحدا من أهم مطالب الباحثين عن الأكل أو التذوق، يتبجح عبد الرزاق، أحد المنحدرين من مدينة بركان ومالك مطعم في شارع ستالينغراد. يوم الأحد، يحجز جزء من الشارع للباعة الجائلين وفق اتفاق مسبق مع مسؤولي الجماعة الحضرية، وتتحول رائحة الشواء على الطريقة المغربية إلى هواء المكان. حسن نفس الاتفاق يمكن للباعة الجائلين افتراش الأرض لبيع السلع المستعملة المختلف. اتفاق يسمح بهذه ‘‘ الفوضى المنظمة ‘‘ ساعات فقط لتعود الأمور إلى نصابها قبيل مغرب شمس نفس اليوم، باختفاء الباعة نهائيا في سلاسة ويسر.
وربما قد لا يتملك زائر شارع ستالينغراد كثير حنين للوطن وطقوس و أشكال الأكل فيه. كل تنويعات المطبخ المغربي ومعجناته وحلوياته موجودة هنا. المسمن والبغرير متوفران على امتداد اليوم في مخابز عصرية تحمل تسميات مغربية مغرقة في الحنين إلى البلد البعيد. ستالينغراد شارع مؤثث بعدد كبير من المقاهي المغربية الشعبية، حيث عصير الليمون أو ‘‘ لتشين‘‘ كما يستدل عليه باللهجة الشمالية، وكؤوس الشاي الكبيرة المحشوة بقطع النعناع معروضة في كل ساعات اليوم. مقاهي لا تختلف عن قاعات الشاي في درب السلطان أو الحي المحمدي، حيث يمكن للزبون احتساء فنجان قهوة ‘‘ نص نص‘‘ في ساعات متواصلة.
نجاحات … وأحلام مؤجلة
المغاربة هم ثاني جالية أجنبية في بلجيكا بعد الإيطاليين. فيهم صيادلة، أطباء، أساتذة جامعات، مهندسو البرمجيات، صحفيون، أطر عليا، نواب برلمان بل ووزراء أيضا … يعيشون في اندماج تام داخل النسيج المجتمعي في العاصمة بروكسيل وباقي المدن. الباقي ينشطون في قطاعات الخدمات والعقار والفندقة والحراسة وغيرها. قصص نجاحات كثيرة جدا تطالعك في وجوه من تتحدث إليهم كحكايا فخر مغربي مجيد. بالمقابل ما تزال خطوات آلاف آخرين متعثرة، وتستعيد قصص فشل آني أو أحلام مؤجلة.
غير أن محادثات بسيطة مع ناس المكان، تكشف عن وجه البطالة البشع المتربص بمغاربة بلجيكا وبروكسيل تحديدا. امحمد، مهاجر في الثلاثينيات من العمر، منحدر من بركان يكشف للأحداث المغربية «الوضع السياسي المعقد وتعثر الأداء الحكومي يدفع وزير داخلية بلجيكا إلى انتهاج المزيد من الإجراءات الاحترازية ضد المهاجرين : توقيفات بالجملة ودوريات أمنية مستمرة، اعتقالات وترحيلات لمهاجرين لا يطلبون سوى مهنة بسيطة للعيش والمساهمة في اقتصاد هذه البلاد». وجب التنبيه إلى أن البطالة مشكل يمس شرائح اجتماعية واسعة من الأشخاص ذوي أصول غير بلجيكية، والمغاربة والأتراك يشكلون لوحدهم 34 في المائة من مجموع العاطلين الأجانب في بلجيكا.
في أحد مقاهي ستالينغراد، استراح عبد الله والحسين على «سداري» مغربي تقليدي، بعد يوم عمل شاق. بين رشفتين في كأس شاي منعنع معد على الطريقة المغربية ، شرع عبد الله في سرد قصته الطويلة مع الهجرة. في البداية، وعند وصوله إلى بروكسيل قبل 35 سنة، وجد عبد الله صعوبة كبيرة في الاندماج، وفكر بجد في عودة سريعة إلى تاونات، مسقط رأسه. لكن لقائه بقريب عائلي سهلت تحوله إلى عامل مناجم في المنطقة الفلامانية من بلجيكا. بعد أشهر استقر الحال، يؤكد عبدالله، الذي عاد إلى أرض الوطن، تزوج ثم عاد مع زوجته للاستقرار النهائي في العاصمة بروكسيل. أنجب عبدالله ثلاثة أبناء ذكور وبنتا واحدة. اليوم، يتابع عبد الله أخبار أحفاده الثلاثة في شوق كبير، على خلفية نجاح أبنائه ( والديهم ) الاجتماعية. الحسين، صاحب محل تجارة في منطقة شيربيك البعيدة نسبيا عن شارع ستالينغراد، ورث وجوده هناك عن والديه الذين غادرا وجدة في منتصف ستينيات القرن الماضي. الحسين وبعد تجارب متنوعة مع العمل والاندماج اكتشف أن التجارة أهم بكثير واستقر على الاختصاص فيها.
جيل آخر … مشاكل أخرى. في بقالة نعيم، الشاب الذي ورث التجارة عن والده الراحل عن هذا العالم قبل أزيد من عقد، التقت الأحداث المغربية و أحداث.أنفو بالمهدي وبراء المزدادان فوق التراب البلجيكي. شابان في مطلع العشرينيات، حارت بهم السبل في حيازة مكان تحت الشمس، ويعانيان من بطالة مستديمة. بعد مغادرتهما للدراسة، حاولا معا تجربة الاحتراف الفني، عبر مزج مبتكر بين موسيقى الراي والراب. يصف المهدي التجربة «لا يمكن أن تستمر في الإنتاج الفني دون دعم قار من جهة ما أو مؤسسة. حاولنا في البداية أنا وبراء دق أبواب المحطات الإذاعية المحلية والتلفزيونية فلقينا ولوجا محدودا جدا». براء يسعى للبحث عن عمل بأوقات غير كاملة، هنا وهناك، للكف عن مد اليد للوالدة، التي قال أنها بدأت تضيق ذرعا بثقل أعبائي المالية عليها. المهدي أكد بأن تشغيل المغاربة أخذ في التقلص، مقارنة بباقي الجاليات الأوروبية المتخصصة في الخدمات، كالإيطاليين والإسبان. هجرة أخرى، فرضتها الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها دول الجنوب الأوربي جراء انكماش اقتصادياتها، وترخي بظلالها الآن على مغاربة بلجيكا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.