نقابة مخاريق تطالب أخنوش بالطي النهائي لملف الأساتذة الموقوفين    حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على عزة ترتفع إلى 34454 شهيدا    توقيف مرشحة الرئاسة الأمريكية بسبب فلسطين    الدورة 27 من البطولة الاحترافية الأولى :الحسنية تشعل الصراع على اللقب والجيش الملكي يحتج على التحكيم    نهضة بركان يضع آخر اللمسات قبل مواجهة اتحاد العاصمة الجزائري    نصف ماراطون جاكرتا للإناث.. المغرب يسيطر على منصة التتويج    الأرصاد الجوية تتوقع أمطارا وثلوجا بهذه المناطق من المغرب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    انطلاق فعاليات مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    الجيش الجزائري يستبيح مجدداً دماء الصحراويين المحتجزين بتندوف    مطالب بإحداث خط جوي دائم بين مطار العروي وفرانكفورت    قادمة من بروكسيل.. إفشال محاولة لإدخال هواتف غير مصرح بها    "خائف ومتوتر".. نتنياهو يخشى احتمال صدور مذكرة اعتقال بحقه من الجنائية الدولية    التاريخ الجهوي وأسئلة المنهج    البطولة الوطنية الاحترافية.. ترتيب الأندية    هل يهدد حراك الجامعات الأمريكية علاقات إسرائيل مع واشنطن في المستقبل؟    انتخاب نزار بركة بالإجماع أمينا عاما لحزب علال الفاسي    طنجة "واحة حرية" جذبت كبار موسيقيي الجاز    الفكُّوس وبوستحمّي وأزيزا .. تمور المغرب تحظى بالإقبال في معرض الفلاحة    نهضة بركان يستعد لمواجهة ضيفه الجزائري وهؤلاء أبرز الغائبين    رغم ارتفاع الأسعار .. منتوجات شجرة أركان تجذب زاور المعرض الدولي للفلاحة    شبح حظر "تيك توك" في أمريكا يطارد صناع المحتوى وملايين الشركات الصغرى    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    المعرض الدولي للفلاحة 2024.. توزيع الجوائز على المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    مؤتمر الاستقلال.. اختلاف على اللائحة أجل انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية    مور انتخابو.. بركة: المسؤولية دبا هي نغيرو أسلوب العمل وحزبنا يتسع للجميع ومخصناش الحسابات الضيقة    خبراء "ديكريبطاج" يناقشون التضخم والحوار الاجتماعي ومشكل المحروقات مع الوزير بايتاس    ميسي كيحطم الرقم القياسي ديال الدوري الأميركي بعد سحق نيو إنغلاند برباعية    نظام المطعمة بالمدارس العمومية، أية آفاق للدعم الاجتماعي بمنظومة التربية؟ -الجزء الأول-    تعيين حكم مثير للجدل لقيادة مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    الحبس النافذ للمعتدين على "فتيات القرآن" بشيشاوة    الحرب في غزة محور مناقشات قمة اقتصادية عالمية في المملكة السعودية    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    محمد صلاح عن أزمته مع كلوب: إذا تحدثت سوف تشتعل النيران!    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    توقيف سارق ظهر في شريط فيديو يعتدي على شخص بالسلاح الأبيض في طنجة    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    بمشاركة خطيب الأقصى.. باحثون يناقشون تحولات القضية الفلسطينية    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    ما هو صوت "الزنّانة" الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بالحرب النفسية؟    رسميا.. نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية    قيادة الاستقلال تتوافق على لائحة الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    بدء أشغال المجلس الوطني لحزب "الميزان"    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نساء يمارسن التجارة المتواضعة بسوق بئر ابراهيم بالجديدة
نشر في الأحداث المغربية يوم 27 - 11 - 2011

هن نسوة اختلفت أعمارهن وظروف عيشهن التي زجت بهن إلى عالم التجارة المتواضعة لمواجهة مصاريف الحياة الصعبة، أولئك مجموعة من البائعات اللواتي يحججن إلى سوق بئر إبراهيم بالجديدة لتحصيل رزقهن اليومي، إلا أنهن يواجهن معاناة من نوع آخر...
تحول أحد فضاءات سوق بئر إبراهيم بالجديدة إلى رواق تجاري كل تجاره عبارة عن نسوة دفعتهن صروف الزمن القاسي إلى الخروج للعمل قصد الحصول على قوت يومي بعيدا عن ذل السؤال و مد اليد، إذ يعمدن إلى بسط قطع بلاستيكية أو كرطونية ك «فراشات» لملابس بالية أو أدوات متلاشية، هؤلاء النسوة و إن اختلفت أعمارهن وحالاتهن الاجتماعية – إذ من بينهن شابات في مقتبل العمر ومسنات أتى البياض على شعيرات كثيرة من رؤوسهن – فقد ألفت بينهن قواسم عديدة جعلتهن يصارعن الزمن الذي أدار لهن ظهره فلم يعد يختزن لهن سوى الوحدة والفقر والمعاناة...
من بين هؤلاء من دفعهن الترمل إلى سوق الشغل بعدما زحفت بهن السنون نحو خريف العمر، فصرن يقضين معظم الساعات خلف هذه «الفراشات»، ومنهن مطلقات جار عليهن الزمن فشمرن على سواعدهن بعدما تعبن من خدمة المقاهي و البيوت، وأخريات زج بهن إلى هذا السوق وقد قررن مساعدة ذويهن على مواجهة ظروف العيش القاسية بعيدا عن كل ما من شأنه أن يسيء إلى سمعتهن وكرامتهن، فضلا عن زوجات فضلن تقديم يد العون لأزواجهن الذين قست عليهم الحياة بما أصبحت تشهد من غلاء في المعيشة، فتراهن يصطحبن معهن أطفالهن من الصبية و الرضع إلى هذا السوق الذي بات فضاء لترويج السلع المستعملة بامتياز...
قناعة نسوة
تتوافد بعض هؤلاء النسوة على سوق بئر ابراهيم منذ ساعات الصباح الأولى، فيما تلتحق بهن الأخريات خلال الفترة الزوالية بعد أن تعملن على تحضير وجبة الغذاء لأفراد أسرهن، فينصبن «الفراشات» ويشرعن في تأثيثها بالبالي والرث من الملابس، و المستعمل من الأواني المنزلية، بالإضافة إلى أشياء أخرى كالولاعات والأدوات المدرسية ومكونات الهاتف النقال، فضلا عن أجهزة ميكانيكية وكهربائية معطلة غالبا ما يجهلن اسمها أو حتى الغاية من استعمالها...
لا تبرح هؤلاء البائعات فضاء السوق إلا بعد أن تدنو الشمس من مغيبها، حيث تحصل فئة منهن على دراهم معدودة نظير يوم كامل من التعب والشقاء والترقب لزبون قد يأتي أو لا يأتي، شعارهن في ذلك «القناعة بداك الشي اللي جاب الله»، فيما تروح أخريات خاويات الوفاض فيمر من عمرهن يوم لا طائل منه، بل وغالبا ما تتوالى الأيام «العجاف» إذ ترحن هؤلاء النسوة كما غدون دون أن ينال ذلك من عزمهن على مواصلة المشوار شيئا...
ويبقى مدخول هؤلاء البائعات غير كاف لمواجهة مصاريف الحياة المتزايدة باستمرار، سيما و أن أغلبهن يتحملن مسؤولية الإنفاق على أسر متعددة الأفراد، فمنهن من تعيل أيتاما تركهم الزوج المتوفى أمانة على عاتقها، ومنهن من تساعد والدها الفقير على تربية إخوانها، ومنهن من تحاول توفير المزيد من النقود لتغطية الخصاص الذي يخلفه ضعف قيمة نفقة الطلاق، و كلهن يتوحدن في أنهن اخترن هذه الطريق لأداء مهمة الإعالة من مصدر حلال بعيدا عن مستنقعات الدعارة...
و لعل ما يجعل مداخيل هؤلاء النسوة زهيدة لدرجة لا تساعد على توفير ضروريات العيش، هو المنافسة الشرسة التي أضحى يشنها عليهن تجار «البال» الذين اكتسحوا في غفلة من الجهات المسؤولة عن تسيير الشأن المحلي، أرصفة الأزقة المتاخمة لهذا السوق، حيث ينصبون بدورهم «فراشات» تضاعف مساحتها تلك الخاصة بهؤلاء البائعات وهي تحفل بشتى أنواع الثياب والأحذية والحقائب اليدوية بل وحتى الملابس الداخلية، ما يجعل الإقبال عليهم متزايدا بحكم وفرة العرض التي تفتح باب الاختيار على مصراعيه أمام الزبناء ورواد السوق...
إكراهات التجارة
معاناة كثيرة تلك التي تقاسيها هذه الفئة من تجار سوق بئر ابراهيم، فبالإضافة إلى المنافسة التي أضحت تضيق عليهن في أرزاقهن من قبل «أباطرة» تجارة الملابس المستعملة، فإنهن يعانين من حملات تحرير الملك العمومي التي تشملهن دون غيرهن، إذ تراهن يتأبطن سلعهن البسيطة و يطلقن سيقانهن للريح عبر أزقة ضيقة هربا من عناصر القوات المساعدة التي تعمل على مطاردتهن –بشكل موسمي- من أجل مصادرة ما يعرضنه من سلع بسيطة دون أن تلين قلوبها لحالاتهن المزرية...
وفي غياب مواقع خاصة تساعد هؤلاء البائعات على تصريف معروضاتهن، فإنهن غالبا ما يجدن أنفسهن في صراع يومي مع أصحاب المساكن التي يحتلون عتباتها وأرباب الدكاكين والمحلات التجارية التي يجلسن أمام بواباتها، فضلا عن الخلافات التي تنشب بينهن حول الأماكن الاستراتيجية التي تساعد على تصريف سلعهن والتي قد تتجاوز دائرة الملاسنات لتصل حد التشابك بالأيدي...
إن الرصيف العمومي يضيق بهؤلاء البائعات خلال المناسبات و يومي السبت و الأحد من كل أسبوع، حيث يتزايد عددهن بظهور وجوه موسمية لا تقبل على سوق بئر ابراهيم إلا عندما تكتظ فضاءاته بالرواد و المتبضعين، أملا منهن في ترويج سلعهن، مما يضطرهن إلى احتلال الطريق العمومية أيضا، ولعل ذلك ما يشكل عرقلة حقيقية لحركة السير والجولان... كما تعاني هذه الشريحة البسيطة من التجار من مضايقات بعض المنحرفين الذين يغزون السوق وقت الذروة، فيشرعون في ابتزازهن دون أن تجرؤ إحداهن على مواجهتهن خشية بطشهم وجبروتهم، خاصة و أنهن نسوة مكسورات الجناح...
تجارة متواضعة
إن هؤلاء النسوة يواجهن قساوة الزمن بتجارة بسيطة لا تحتاج إلى رأسمال، إذ منهن من تلجأ إلى ملابس أسرتها التي لم تعد صالحة للاستعمال، ومنهن من تعتمد أسلوب «الميخالة» للحصول على سلعتها، ومنهن من تقوم بشراء ما تعرضه بأثمان بخسة قد تساعدها على توفير هامش معقول من الربح، وذلك لحماية أسر عديدة من التشرد والضياع، وهو ما أضحى يستوجب توفير فضاء آمن لعرض سلعهن بعيدا عن مضايقات عناصر القوات المساعدة وبعض المنحرفين الذين يساهمون في تضييق الخناق عليهن في تجارة لا يسمن ربحها و لا يغني من جوع...
الجديدة : عبدالفتاح زغادي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.