فرض "البوانتاج" الرقمي على الأساتذة!    ارتفاع العجز في الميزانية إلى 55 مليار درهم عند متم يوليوز 2025        المغرب ضيف شرف الدورة ال 19 للمعرض الوطني للصناعة التقليدية ببنين    الريسوني: الأمة الإسلامية تواجه زحفا استئصاليا احتلاليا من قبل الكيان الصهيوني    الصين تكتشف احتياطيات الغاز الصخري    قصف إسرائيلي يقتل 39 فلسطينيا    الركراكي يستعد لكشف "قائمة الأسود"    صوت الرصاص يلعلع بمدينة الريصاني    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    حريق في السوق الأسبوعي للريصاني    الحسيمة.. الدرك يحبط محاولة للهجرة السرية عبر قارب صيد تقليدي    النيران تلتهم 80 هكتارا من بوهاشم‬        مقاربة فلسفية للتنوير والتراصف والمقاومة في السياق الحضاري    تغيير المنزل واغتراب الكتب    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب غزة    المغرب ينجح في اختبار صاروخ موجه من طراز EXTRA ويعزز قدراته الدفاعية    الاتحاد الأوروبي يفتح باب المشاورات حول استراتيجية جديدة لسياسة التأشيرات    نادي باريس سان جرمان يودع حارسه الايطالي دوناروما بتكريم مؤثر    المغرب يبرم اتفاقية استشارية لفضح البوليساريو وتعزيز علاقاته بواشنطن    سائق يفقد عمله بعد رفضه الفحص الطبي والمحكمة تنصف الشركة    جدل واسع بعد الإعلان عن عودة شيرين عبد الوهاب لحسام حبيب    برلمانية: الخلاف بين أخنوش ووزير النقل حول الدراجات النارية كشف هشاشة الانسجام الحكومي    جمعية حقوقية تدق ناقوس الخطر من توالي الاعتداءات الجنسية بحق الأطفال في المغرب        كلفته 14.7 مليار سنتيم... 'البيجيدي" يسائل الحكومة عن جدوى برنامج "الزبون السري"    متجاوزا فرنسا..المغرب أول مستورد للغاز الإسباني    الذهب في المغرب .. أسعار تنخفض والمبيعات في ركود    وزير خارجية باكستان يصل إلى بنغلاديش في أول زيارة من هذا المستوى منذ 13 عاما    الأنشوجة المغربية .. سمكة صغيرة تصنع ريادة كبرى في القارة الأفريقية    المغرب يتصدر قائمة مستوردي التمور التونسية    كونتي: نعلم المخاطر التي تواجه نابولي للاحتفاظ بلقب الدوري الإيطالي    السكتيوي: مواجهة تنزانيا كانت صعبة لكن اللاعبون أثبتوا جدارتهم    المغرب بين الحقيقة والدعاية: استخبارات منسجمة وتجربة أمنية رائدة تعزز الاستقرار    "يويفا" يمنح برشلونة الإسباني دفعة قوية قبل انطلاق دوري أبطال أوروبا    كيوسك السبت | قادة إفريقيا واليابان يشيدون بالمبادرات الملكية بشأن المناخ والهجرة    أجواء حارة نسبيا في توقعات طقس السبت    ثلث الألمان يخشون فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين.. "أسود الأطلس" يقتربون من اللقب بتغلبهم على تنزانيا    بطولة انجلترا: تشلسي يهزم وست هام (5-1)    الإعدام للرئيس السابق للكونغو الديمقراطية مطلب النيابة العامة    للمرة الثالثة: عودة الفنانة شيرين عبد الوهاب لطليقها حسام حبيب يشعل أزمة جديدة    احتفاء خاص بالباحث اليزيد الدريوش في حفل ثقافي بالناظور    مهرجان الشواطئ يحتفي بعيد الشباب وثورة الملك والشعب بمشاركة نجوم مغاربة وعرب            إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد        ابتكار جهاز من الماس يرصد انتشار السرطان دون مواد مشعة        "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



#ملحوظات_لغزيوي: الخضراء ودرس الإرث الجميل

لسنا فقهاء، ولا أدعياء فتوى ولا أدعياء علم ومتجاسرين عليه، لكن يجب القول بكل افتخار أن مافعلته تونس بخصوص قضية المساواة في الإرث بين الرجال والنساء شجاع للغاية
دعونا نقول أيضا دونما تطاول على ميدان هو ليس اختصاصنا نهائيا، أن الحكاية أضحت مقنعة للجميع بمن فيهم الأكثر تشددا منا، لأن الكل استوعب أن الذكر والأنثى لهما نفس الحقوق، وأن سياق الآية الكريمة قد وقعت عليه تطورات عديدة، تجعل من الصعب اليوم إقناع سيدة أو فتاة أنه من الضروري لها أن تأخذ نصف ماسيأخذه أخوها الذكر، وإن كان هذا الأخير غنيا ومكتفيا وعائلا ومعيلا، ويملك ما يكفيه شر تقلبات الحياة، وإن كانت هي في الوقت ذاته تحتاج للقليل أو الكثير مما تركه الوالدان
المسألة في نهاية المطاف ليست تجرؤا على نص ديني قطعي، وليست محاولة انتقاص من ديننا الكريم، ولا هي رغبة جامحة فقط في تقليد الغربيين وكفى
المسألة لها علاقة بواقعنا المعيش الذي لم يعد الرجال فيه قوامين على النساء.
الحكاي لها علاقة بذلك المشهد الذي أراه وتراه ويراه الكثيرون غيرنا لنساء عاملات مشتغلات، موظفات، أو منخرطات في مهن صغيرة يخرجن في الصباح الباكر ويعدن ليلا إلى المنازل، وفي الوقت ذاته لها علاقة بعدد عديد من الرجال أو من هم في حكم الرجال الذين يمضون اليوم بطوله في المقاهي، أو ممسكين الجدران وحيطان الأحياء في محاولة لمنعها من السقوط وأيضا قي طريقة مبتكرة لجعلها مراكز مراقبتهم المفضلة لليوم الذي يمضي وللعمر الذي يمضي معه في نفس الآن
كيف يمكن أن تقنع صغيرة تذهب للاشتغال في مصنع لإعالة أمها الفقيرة - رغم أنهما معا لا تملكان إرثا - أن المنطق يفرض إعطاء أخيها الجالس في المنزل دونما عمل ضعف ماستأخذه هي لأن أخاها هو القوام عليها رغم أنها هي القوامة عليه وعلى عدد آخر كثير غيره في ذلك المنزل؟
المسألة - نكررها ونعيدها - ليست تجاسرا على ديننا - بل هي رسالة موجهة إلى علمائنا المتنورين، إلى أهل الدين حقا (لا أهل الخلط المعيب بين الدين والسياسة المقتاتيت بشريعتنا، المتاجرين بعقيدتنا الراغبين من خلال اعتقالها في أمور أخرى لاعلاقة لها بالدين) أن يفكروا في مصلحة الناس قليلا، أن يفتحوا بوابة الاجتهاد الكبرى على مصراعيها أن يتذكروا نبي الرحمة عليه أزكى الصلاة والسلام وهو يتركها لنا خالدة للمأثور الديني المتفتح "أنتم أعلم بشؤون دنياكم"، وأن يشرعوا في تطهير ديننا من عديد الأشياء التي علقت به من أيام الدعوة الأولى والتي كانت نتاج أقلمة فقط وتدرج مع شؤون الجاهلية الأولى
لامفر من ذلك، وسواء عشنا نحن هاته اللحظات أم عاشتها أجيال أخرى بعدنا، هذا الدين لن يموت أبدا وسيجد من يجدده ومن يفهم عمقه الحقيق، ومن يدرك كنهه الأصلي ومن يعرف أنه موجه لخدمة الناس ولكي يكون نعمة لهم ورحمة عليهم لا نقمة تعسر عليهم كل مناحي الحياة، وتعارض كل الأشياء المنطقية السليمة التي يتقبلها العقل السوي بسهولة والتي يرفض العقل الغبي أو المريض أن يناقشها حتى المناقشة
تونس التي كانت سباقة في زمن آخر إلى تكريم المرأة وإعطائها كل الحقوق (لامفر من الترحم على المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة فقد كان سباقا بالفعل إلى عديد المكتسبات) هي تونس التي أقرت قانون المساواة في الإرث يوم الجمعة، وهي الخضراء التي تعرف أن أي تقدم سيأتي إلى المكان سيأتي عن طريق الأمهات والجدات والأخوات والبنات والعمات والخالات وبقية القريبات أي سيأتي عن طريق المرأة، وسيأتي عن طريق تلقين المجتمع الذكوري المريض دروسا نسوية كثيرة تعالجه من آفاته العديدة، تزيل عنه غبش الجاهلية التي لازال يحيا فيها والتي تعطي الوهم للذكر - وليس للرجل - أنه أفضل من أخته المرأة فقط لأن عضوه التناسلي مغاير عن عضوها
هذه عقلية جاهلية تنتمي للعصور الحجرية التي لم نعد نحيا فيها، وعلى من يجد صعوبة في فهم هذا الكلام أو من يجد مشقة في استيعابه أو من يرى فيه تطاولا على الدين أو شيئا من هذا الهراء ومن هذا القبيل أن يفكر مليا في زيارة أقرب طبيب نفساني لكي يشرح له أن أيام أبي لهب وأبي سفيان وبقية الشلة إياها التي تخرج لنا بين الفينة والأخرى من فيلم "الرسالة" هي أيام مضت وانقضت.
إفتحوا الأعين مليا، طالعوا دينكم بعين العصر، إنسوا عنكم ما فعلته أيام الظلام في العقول، وافتحوا نوافذ الحرية والمساواة لكي تلامس المجتمع كله ذكورا وإناثا ، فلن نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام في أي مجال من المجالات، وفينا ومنا ومعنا وبيننا من يعتقد أنه أفضل من النساء فقط لأن لديه ذيلا صغيرا أو كبيرا في مكان ما من الجسم، قد لايكون المكان الذي تتصورونه، لكن قد يكون العقل، وتلك هي المعضلة الكبرى أيها السادة
رعى الله تونس الخضراء، فقد لقنت القوم مرة أخرى درسا كبيرا في العطاء وفي الذكاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.