أداء إيجابي يفتتح بورصة الدار البيضاء    أوروبا تجيز دواء جديداً ضد "الإيدز"    بوريطة: المغرب يشدد على خيار الحوار مع إسبانيا في ترسيم الحدود البحرية ويرفض فرض الأمر الواقع    حزب الاستقلال يدين محاولات خصوم المملكة التشويش على النجاحات التي تحققها بلادنا    بطولة أمريكا المفتوحة لكرة المضرب.. الأمريكية كوكو جوف تتأهل إلى الدور الثاني    اختتام فعاليات المهرجان الثقافي والفني والرياضي الأول بالقنيطرة باستقطاب 750 ألف متفرج خلال أربعة أيام    مدرب مانشستر يونايتد يكشف عن تطورات حالة نصير مزراوي    ترامب يرأس اجتماعا في البيت الأبيض بشأن الأوضاع في "غزة ما بعد الحرب"    عائلة وأصدقاء أسيدون أسيدون يعلنون صعوبة وضعه الصحي ويطالبون بتكثيف الجهود للكشف عن حقيقة ما حدث له    مقتل 13 مسلحا في جنوب شرق إيران    الدنمارك تستدعي دبلوماسيا أمريكيا    إحصاء رسمي يكشف ارتفاع القطيع الوطني إلى أزيد من 32 مليون رأس    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء        خطوبة كريستيانو وجورجينا تثير تعليقات متناقضة في السعودية    1720 قرصا مخدرا وشواهد طبية مزورة تقود لتوقيف شاب وشقيقته    المحكمة الابتدائية بالحسيمة تصدر حكمًا جديدًا في قضية الاتجار بالمخدرات    كيوسك الأربعاء | المغرب يتصدر دول شمال إفريقيا في حرية التجارة        ماذا تريد بعض الأصوات المبحوحة في فرنسا؟        "رابطة حقوق النساء" تعتبر اعتقال لشكر انتهاكا لحرية التعبير وتطالب بضمان سلامتها الجسدية والنفسية        الصين تنظم النسخة ال25 من معرضها الدولي للاستثمار في شتنبر المقبل    تقرير: النساء يتقاضين أجورا أقل من الرجال ب42% في القطاع الخاص        توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء            صحيفة إسبانية: المغرب ضمن أكبر 15 مصنعاً للسيارات في العالم بطاقة إنتاجية مليون سيارة سنة 2025    عبد السلام حكار يتولى رئاسة جمعية ''اتحاد مقاولات المنابر الملائمة بالجديدة    اختتام الدورة الثانية لمهرجان الموروث الثقافي بجماعة الحوزية بايقاعات روحانية و عروض للتبوريدة    عامل الجديدة يدشن مجموعة من المشاريع التنموية والاجتماعية باقليم الجديدة    سكتة قلبية تنهي حياة سائق سيارة أجرة أمام مستشفى القرب بالسعادة الثالثة بالجديدة    عثر عليه بحاوية أزبال.. مسدس "غير حقيقي" يستنفر أمن طنجة        مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد يصدر تقريره السنوي لسنة 2025 حول الجغرافيا السياسية لإفريقيا    هؤلاء يبيعون لك الوهم ..    جلالة الملك يعزي أسرة الإعلامي الراحل محمد حسن الوالي    بلعامري الأفضل في مواجهة السنغال        مباراة المنتخب.. 2 مليون سنتيم للتذكرة الواحدة وبيع 62 منها    شاطئ طرفاية يتحول الى لوحة فنية من إبداع علي سالم يارا    المغرب ‬‮:‬ ‬حملات ‬تقتضي ‬رفع ‬درجات ‬الحذر    غزة.. الحصار يرفع حصيلة المجاعة إلى 303 شهداء    تقرير أممي: ربع سكان العالم يفتقرون إلى مياه شرب آمنة    الصين تحقق سابقة عالمية.. زرع رئة خنزير معدل وراثيا في جسد بشري    ينقل فيروسات حمى الضنك وشيكونغونيا وزيكا.. انتشار بعوض النمر في بلجيكا    بعد غياب طويل .. 320 ألف متفرج يستقبلون سعد لمجرد        بولتون ‬رأس ‬حربة ‬اللوبي ‬الانفصالي ‬بواشنطن ‬في ‬ورطة ‬جنائية ‬جديدة ‬تبدد ‬ما ‬تبقى ‬له ‬من ‬تأثير ‬و ‬مصداقية ‬    الصحافي والإعلامي علي حسن في ذمة الله    دراسة: النظام الغذائي النباتي يقلل خطر الإصابة بالسرطان    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منصف السلاوي و سؤال مغرب ما بعد كورونا
نشر في أخبارنا يوم 19 - 05 - 2020

في عز الحرب العالمية ضد وباء "كورونا المستجد"، وفي ظل ما نعيشه من حالة طوارئ صحية ومن تعبئة جماعية، في أفق الخروج التدريجي من تأثيرات وتداعيات الجائحة "الكورونية"، تناقلت الكثير من وسائل الإعلام العالمية والعربية والوطنية، خبر تعيين البروفيسور المغربي "منصف السلاوي" من قبل الرئيس الأمريكي "ترامب'' على رأس فريق عمل سيكلف بمهمة تطوير لقاح خاص بالفيروس التاجي "كوفيد 19"، وهو حدث بارز، لا يمكن حصره في حدود الكفاءة العلمية والمهنية للرجل (منصف السلاوي) الذي حضي بثقة رئيس القوة العظمى الأولى في العالم، ولا يمكن قطعا، اختزاله في زاوية "الأصول المغربية" للرجل، الذي سطع نجمه في سماء وباء "كورونا المستجد" الذي أربك العالم وبعثر أوراقه.

حدث من هذا القبيل، يفرض علينا الاعتزاز بعبقرية ونبوغ العقل المغربي، والإشادة بما يحتضنه التاريخ الوطني من علماء ومفكرين ورجالات، بصموا تاريخ الفكر والحضارة الإنسانية، لتميزهم في عدد من المجالات والحقول المعرفية في الدين والفلسفة والتاريخ والجغرافيا والطب والصيدلة والرياضيات والفلك وغيرها، وتفرض في ذات الآن، توجيه البوصلة نحو الطاقات المغربية من مغاربة العالم، التي ترسم لوحات التميز والإبداع والإشعاع في عدد من بلدان المهجر في السياسة والاقتصاد والقانون والتعليم والثقافة والرياضة والفنون، بعيدا عن أحضان الوطن، ولا نسمع بوجودها، ولا تستوقفنا قيمتها العلمية والفكرية، إلا عبر وسائل الإعلام، لما يتم تكريمهما والاعتراف بكفاءاتها، أو لما تظفر بمناصب بارزة أو يتم الاستنجاد بخدماتهما ومؤهلاتها، كما حدث مع البروفيسور "منصف السلاوي".

ومن المخجل أن نترك كفاءاتنا في الخارج عرضة للنسيان والإهمال والتهميش والإقصاء والحرمان من فرص الإسهام في بناء الوطن، ونتفرج بسذاجة على دول تحتضنهم وتكرمهم وتعترف بكفاءاتهم وتستعين بخبراتهم وكفاءاتهم لحظات النكبات والأزمات، من المخجل جدا، أن نروج لثقافة التفاهة التي تجد إعلاما يأويها ويرعاها، وأن نحتضن السخافة ونوجه البوصلات بأكملها نحو النجوم التافهة والأصوات العابثة، ومن المؤسف أن نصنع من التافهين نجوما ومن العابثين أبطالا مزيفين تتهافت عليهم القنوات والبرامج، ويجري وراءهم "أشباه صحفيين" شغلهم الشاغل إنتاج مضامين لا قيمة ولا تأثير لها، إلا الحكم القاسي على الأذواق، في أن تبقى حبيسة الرداءة وتظل رهينة العبث والانحطاط، في وقت سحبنا فيه البساط كاملا، من تحت أقدام كفاءاتنا وخبراتنا الحقيقية في الداخل كما في الخارج، بعضها يروي حكايات التميز والإبداع والجمال في الخارج، وبعضها يتفرج في الداخل أو يعاني قساوة التهميش وحرارة الإقصاء، في مشهد سياسي يحضر فيه، من عودنا على العبث وإنتاج الفشل، وحقل إعلامي (مع الاستثناء طبعا) يفرض علينا على مضض، التكيف مع طقوس صناع "الحموضة" وأخواتها.

"منصف السلاوي" ما هو إلا مرآة عاكسة للكفاءة الحقيقية المغربية التي انسحبت أو تراجعت في صمت، هروبا من ورم الإقصاء والتهميش، تاركة "الكرة" حرة وطليقة، بين أقدام من يجيد العبث ويتقن لعبة الوصولية واقتناص الفرص وتسلق الدرجات، في "ملعب سياسي" مرتبك، في ظل "أحزاب سياسية" باتت في حاجة ماسة إلى "زحزحة القارات" و"رجالات سياسة"، معظمهم لم يتخلص بعد، من عقد "الصراع" و"العناد" و"المكاسب" و"الريع" و"الكراسي" و"الانتخابات"، بعيدا عن قضايا الوطن وانتظارات المواطنين، والنتيجة التي لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، "مشهد اجتماعي" أبانت "جائحة كورونا" عن مدى ارتباكه واضطرابه وعبثه وانعدام مسؤوليته، فمن تبادل ثلة من المواطنين للكمامات أمام أحد الأبناك في انتظار تلقي الدعم، مرورا بخرق حالة الطوارئ الصحية في واضحة النهار بإقامة صلاة الجنازة، وانتهاء بالاستحمام بالشارع العام وارتياد الشواطئ وإجراء مباريات في كرة قدم والخروج بدون سبب ودون كمامات أو استعمالها "نص..نص" (تحت الفم أو على مستوى العنق)، وهي

مشاهد من ضمن أخرى، لا يمكن فصلها أو عزلها عن "ممارسات تنموية" امتدت لسنوات، لم تكرس إلا الضعف والفقر والهوان وانعدام المساواة والعدالة الاجتماعية، مما فرض استعجال التفكير في صياغة "نموذج تنموي جديد"، يخلص البلاد والعباد، من فيروسات العبث والتسيب والتهور والارتباك...

ونحن نستعد للخروج التدريجي من طقوس "كورونا"، لا يمكن قطعا استرجاع "الحياة الطبيعية" التي كانت سائدة "قبل كورونا"، لأن "الجائحة الكورونية" أبانت بما لا يدع مجالا للشك، عما كان يسيطر علينا من مشاهد الارتباك والإبهام وغموض الرؤية وانعدام المسؤولية، ومن مظاهر العبث والتفاهة والانحطاط، وليس لنا من خيار أو بديل، إلا التطلع لمغرب "ما بعد زمن كورونا"، وهو "مغرب" لا يمكن بناؤه، إلا بإعادة الاعتبار للكفاءات المغربية في الداخل كما في الخارج، التي آن الأوان لإشراكها في رسم ملامح صورتنا "بعد كورنا"، فما هو مؤكد أن "الوطن" سيخرج من الجائحة منهوك القوى، وسيكون في أمس الحاجة إلى جيل جديد من الكفاءات والطاقات والقدرات "الحقيقية"، لأن المستقبل لن يبنى إلا بالرهان على الطب والعلوم والاقتصاد والتعليم الناجع والفعال والبحث العلمي والصحافة المهنية والأخلاقية، وإطلاق العنان لثقافة التميز والخلق والإبداع والاختراع والجمال، بعيدا كل البعد عن فيروسات "العبث" و"التهور" و"التفاهة" و"السخافة"..


من حسنات "جائحة كوفيد 19"، أنها جادت علينا بالكثير من الدروس والعبر، ومكنتنا من التعرف على كفاءة مغربية من قيمة "منصف السلاوي" الذي يقود فريق عمل أسندت له مهمة تطوير لقاح خاص بالكوفيد العنيد، ولابد اليوم من توفر إرادة رسمية لاستقطاب الكفاءات المغربية في عدد من بلدان المهجر، وتمكينها من كل الظروف المادية والتحفيزية واللوجستية، لتبحث عن الحلول والبدائل التي من شأنها الإسهام في إنجاح "النموذج التنموي المرتقب"، ولا بد أيضا من فتح المجال أمام كل الطاقات والقدرات "الحقيقية" المتواجدة بالداخل، والتي تعيش على وقع الإهمال والإقصاء غير المبرر، وتحميلها مسؤولية صناعة "مغرب ما بعد كورونا"، وقبل الختم، نؤكد أن "الوطن للجميع"، فنحن لا نملك سلطة الإبعاد أو الإقصاء أو الاختيار أو حتى الاقتراح، ولكن لا أحد يمكنه أن يجردنا من سلطة إبداء الرأي والتعبير، لأننا نكتب باسم الوطن ومن أجل الوطن، فقد نختلف في الرؤى وقد نختلف في التصورات، لكن ليس من حقنا أن نعيد إنتاج ما كان سائدا "قبل كورونا" من مظاهر العبث والتهور والارتباك والعناد وانعدام المسؤولية والأنانية المفرطة، في زمن "ما بعد كوروني" لا مكان فيه للمرتبكين أو المترددين أو العابثين أو الكسالى أو المتهاونين، ونختم بالقول، أن "الفيروس التاجي" هو "امتحان" النجاح فيه، يقتضي سلك "طريق المواطنة" بمسؤولية وجدية وانضباط وتبصر، بعيدا عن لغة الحسابات والنعرات والأهواء والمرجعيات، وهي فرصة، لتثمين كل ما بذل و يبذل من مجهودات متعددة المستويات، والتنويه بكل جنود "كورونا" الذين أبلوا البلاء الحسن في عدد من القطاعات (الصحة، التعليم، الجيش، الأمن، الإدارة الترابية، الإعلام المهني، الإسعاف، النظافة والتعقيم والحراسة ...إلخ) في حرب شرسة، أبانت لنا "كيف نحن" و"كيف ينبغي أن نكون"... عسى أن نكون في مستوى الامتحان ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.