ارتفاع الدرهم بنسبة 0,4 في المائة مقابل الدولار    ارتفاع مؤشر أسعار العقار ب1,2 في المائة في الفصل الثالث من سنة 2025    القاهرة تستعجل تشكيل "قوة غزة"    مونديال قطر لأقل من 17 سنة.. صحيفة "أس" الرياضية الإسبانية تشيد بالجيل الجديد من المواهب المغربية    الأمم المتحدة: الإمدادات الغذائية لغزة تتحسن منذ وقف إطلاق النار    أرسنال يفقد مدافعه غابرييل لأسابيع    مونديال أقل من 17 سنة..نبيل باها: "أداء اللاعبين في المنافسة كان استثنائيا"    طقس مستقر في توقعات اليوم السبت بالمغرب    وفاة ثلاثيني وإصابة شاب آخر في حادثَيْ دراجة نارية متتاليَيْن داخل نفق "مركز الحليب" بطنجة    بوعرعار "كبير المترجمين".. سفير لغوي متجول بارع ودبلوماسي "فوق العادة"    الداخلية تلزم الجماعات بتحديد تسعيرة الضريبة على الأراضي غير المبنية لتشمل الدواوير... تغازوت نموذجا (فيديو)    فاتح شهر جمادى الآخرة لعام 1447 هجرية يوم غد السبت    انعقاد الجمعية العامة للإنتربول بمراكش.. اعتراف دولي بمساهمة المغرب في الأمن العالمي (رئيس المنظمة)    العيون.. انتخاب عبد الإله حفظي رئيسا لشبكة البرلمانيين الأفارقة لتقييم التنمية    النقابة الوطنية للصحافة المغربية تدين تجاوزات لجنة أخلاقيات المهنة وتطالب بتحقيق عاجل    ماركا الإسبانية: لمسة خادعة من لاعب البرازيل أقصت المغرب في الدقيقة 95 وحرمت المغرب من نصف نهائي المونديال    الدريوش تترأس حفل تخرّج بأكادير    انتخاب الأستاذ كريم الشمانتي رئيسا للمكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بالدائرة الاستئنافية بالحسيمة    نفاذ تذاكر حفل «بودشارت» بتطوان بعد طرحها بنصف ساعة فقط    "المعدن الأصفر" يلهب الأسواق.. المغرب يتبوأ المركز 63 في احتياطيات الذهب    أكادير.. الدريوش تزور عددا من الوحدات الصناعية البحرية وورشين لبناء السفن بجهة سوس–ماسة    الجيش الملكي يتوج بلقب دوري أبطال إفريقيا للسيدات    بيلد: "يويفا" يوقف دياز 3 مباريات    انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان خلال شهر أكتوبر    لفتيت يحذر المشبوهين بالابتعاد عن الانتخابات وإلا سيتم إبعادهم    توقيف التيكتوكر مولينيكس بمطار مراكش ونقله إلى طنجة للتحقيق    بن هنية: "صوت هند رجب" يتخلّد حين يصل نفس الشعور إلى كافة الناس    قائمة المنتخب المشاركة في كأس العرب    "العدالة والتنمية" يرفع مقترحاته لتحديث مبادرة الحكم الذاتي للصحراء    بورصة البيضاء تنهي التداولات بارتفاع    الداخلة: المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال يوقع أربع مذكرات تفاهم مع مؤسسات إفريقية لمكافحة تجنيد الأطفال    يونيسف تحصي مقتل طفلين فلسطينيين على الأقل يوميا في غزة منذ وقف إطلاق النار    الاتحاد الأوروبي يصفع دعاة الانفصال ويجدد عدم الاعتراف بالكيان الوهمي    صاحبة الجلالة أم "صاحبة جلال"    الحسيمة.. الغموض يلف حادثة إطلاق نار ببني بوعياش    وفاة رضيع في الطرامواي تولد في العراء الطبي بسلا تهز الرأي العام    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    المنتخب المغربي للسيدات داخل القاعة ينهزم أمام نظيره الأرجنتيني    المطر يُعرّي أخطاء البشر !    بعد الهدنة في لبنان.. حصيلة دموية ثقيلة إثر استهدافات الإسرائيلية    لوحة بورتريه لفريدا كاهلو تصبح أغلى عمل فني من إنجاز امرأة    اختتام مهرجان سينما الذاكرة المشتركة بالناظور وتتويج أبرز الأعمال    القوة الجوية المغربية تقتني 10 مروحيات "إتش 225 إم" من إيرباص    "الأول يكشف تفاصيل استنطاق "بوز فلو".. الرابور أمام القضاء بسبب اتهامات مرتبطة بمضامين أغانيه    تتويج سفير المغرب لدى الأرجنتين ضمن "قادة التحول في أمريكا اللاتينية"    المغرب يرتقي إلى المرتبة السادسة عالميا في مؤشر الأداء المناخي 2026    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    زلزال بقوة 5,5 درجات يضرب بنغلادش    المكسيكية فاطمة بوش تتوَّج ملكة جمال الكون بعد جدل واسع    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الكامل لكلمة الأمين العام لحزب الاستقلال بالدورة الاستثنائية للمجلس الوطني
نشر في العلم يوم 31 - 12 - 2016

عقد حزب الاستقلال يوم السبت 31 دجنبر 2016 بالمركز العام للحزب بالرباط دورة استثنائية لمجلسه الوطني، والتي شهدت حضورا وازنا لأعضاء اللجنة التنفيذية للحزب، وأعضاء وعضوات "برلمان حزب الاستقلال"، حيث امتلأت قاعة الاجتماعات عن آخرها بأعضاء المجلس الوطني للحزب الذين حجوا من مختلف ربوع المملكة.وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذه الدورة بالكلمة التي ألقاها الأخ حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، في ما يلي نصها الكامل .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
"إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ، لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ، وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ، هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ، وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ، لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمً."
صدق الله العظيم
جانب من الحضور
الأخوات و الإخوة أعضاء المجلس الوطني للحزب
السيدات والسادة ممثلي وسائل الإعلام الوطنية
تنعقد هذه الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني في إطار الفصل 81 من النظام الأساسي للحزب و طبقا للمادة 117 من النظام الداخلي.
إن مؤسسة المجلس الوطني للحزب و هي أعلى سلطة بعد المؤتمر الوطني، تجتمع اليوم في دورة إستثنائية لكي يبحث أعضائها تفاصيل ما يجري في الشهور الأخيرة، و ما يراد لحزبنا، بعدما قرر المشاركة في الحكومة المقبلة و احترام الدستور و دعم التجربة الديمقراطية ببلادنا و احترام إرادة الناخبين، وبلا شك فإنكم تابعتم الهجمات المتوالية التي يتعرض لها الحزب، بمبرر و بدونه، لكننا هنا صامدون، دفاعا عن القيم و المبادئ التي تربينا عليها في كنف المجاهدين و الوطنيين الذين رسموا بدمائهم و أرواحهم عزة الوطن والحزب، ونؤكد اليوم أننا نسير على نهجهم و لا نلتفت كثيرا لحوادث الطريق، لأننا نعرف مسبقا أن طريق الكرامة و العزة و الديمقراطية، ليس طريقا مفروشا بالورود.
أيتها الأخوات و الإخوة
لقد ظل حزب الاستقلال متشبثا بثوابت البلاد، مدافعا عنها عن قناعة أصيلة دون مساومات أو ابتزاز، وجعل من ذلك عقيدة يتوارثها الاستقلاليون و الاستقلاليات في مدرسة الوطنية الحق .. جيلا بعد جيل، ونحن سعداء اليوم أن أصبح الاختيار الديمقراطي ببلادنا، دستوريا، واحدا من تلك الثوابت التي طالما ناضلنا من أجلها بغض النظر عن موقعنا، سواء في المعارضة أو الحكومة، ونحن معتزون اعتزازا كبيرا، أن كثيرا من تلك الثوابت أصبحت موضوع إجماع، وهذا ما كان حزب الاستقلال يطمح إليه دائما.
إن التنصيص على الاختيار الديمقراطي كثابت من ثوابت بلادنا، ليس ترفا دستوريا أو وجاهة سياسية، بل هو اختيار واع بحجم التحولات التي عرفتها بلادنا على مدى سنوات، وحجم التضحيات التي قدمها الشعب المغربي وقواه الحية، وهي تحولات وتضحيات سيسجلها التاريخ بالوضوح و الصرامة اللازمتين.
لقد وضع الحزب منذ نهاية 2015 نقطة نظام سياسية حول مجمل التحولات والتطورات التي تعرفها بلادنا، وسجل بكل شفافية ووضوح وصدق و إخلاص، أن المس بالمسار الديمقراطي وإعادة إنتاج أساليب الضبط في المشهد السياسي وصناعة الخرائط السياسية، إنما يحمل مخاطر جدية على بلادنا، ويؤسس للشك عوض اليقين، الذي ناضلنا من أجله إلى جانب القوى الوطنية الديمقراطية، وقدم في سبيله الشعب المغربي تضحيات جسيمة، ونبه الحزب إلى أن ما كان يجري وما كان مخططا له لا يفيد الاستثناء المغربي الذي هو نتيجة لتفاعل المغرب مع ما يجري في العالم، حصل ذلك منذ انهيار جدار برلين و انطلاق مسار المصالحة بداية التسعينات من القرن الماضي، وتجدد ذات الوعي مع ما سمي بالربيع العربي وهو ما مكن بلادنا مرة أخرى أن تنفلت من حالة الفوضى التي تعرفها بلدان أخرى في المنطقة ولازالت مستمرة، تعبث بشعوب وحضارات وترهن مستقبل أجيال كاملة.
لقد آمن حزب الاستقلال باستمرار بأهمية تراكم الإصلاحات السياسية والدستورية و بناء مؤسسات قوية، تستند إلى الاختيار الحر للشعب المغربي عبر انتخابات نزيهة وشفافة وتنافسية، حيث كان مطلب نزاهة الانتخابات عنصرا أساسيا في مرافعات و أدبيات الحزب، لا يقل أهمية عن مطالب الإصلاح السياسي والدستوري، التي رغم تحقق جزء منها، فإنها قد تبقى بدون فعالية عندما تصادف مؤسسات تمثيلية تعاني من عجز في منسوب المصداقية، ولا تعكس التوجهات والاختيارات الحقيقية للشعب المغربي، هذه الوضعية طبعت المسار السياسي لبلادنا منذ أول انتخابات عرفتها بداية الستينات من القرن الماضي، وما رافقها و ما تلاها من محاولات وجهود للمس بالتطور الطبيعي للحياة السياسية والحزبية، وكما قلنا و نقول اليوم، أن كل محاولات تدوير التجارب السابقة لا يعتبر سوى هدرا للزمن السياسي وبالنتيجة هدرا للزمن التنموي، وقيام المجتمع المبني على العدالة والإنصاف، وسرقة لأحلام أجيال من المغاربة.
إن إيماننا ودفاعنا عن ثوابت البلاد هي قناعة راسخة، ولازالت لدينا وستظل، وسنستمر في الدفاع عنها و عن ومبادئنا، بما يقتضيه الأمر من الجدية والصراحة والصدق، وذلك تجسيدا للقيم الوطنية النبيلة، كما سنظل أوفياء لتحليلنا لحاجات البلاد وبصفة خاصة للديمقراطية على أصولها و كما تبلورت في مجتمعات أخرى، و لازال التوافق لمصلحة بلادنا يعتبر منهجا واختيارا راسخا بالنسبة إلينا.
كلمة الأخ الأمين العام بالدورة الاستثنائية للمجلس الوطني
أيتها الأخوات والإخوة
لقد قاوم حزب الاستقلال منذ سنة كاملة جملة من الضغوط، وقاوم محاولات تشتيته وخرج سالما موحد الصفوف والكلمة، وكانت له القدرة رغم كل الصعوبات الظاهرة والخفية، على ان يحفظ مكانته في المشهد السياسي والحزبي، ورغم أننا غير راضين عن النتائج التي تحققت في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لأنها كانت أقل من طموحنا وتوقعاتنا، فإننا مدركين لجسامة ما واجهناه من تحديات وصعوبات واستهداف مباشر، وهذا الأمر ليس حدثا من الماضي الذي قد يسقط من الذاكرة و من الاعتبار اللازم..و لكن لنا إرادة صادقة في أن نتجاوز المنعطفات الحادة بكثير من الهدوء و الرزانة والثبات.
إننا نقدر عاليا العمل الكبير الذي يقوم به جلالة الملك، في دعم مسار التنمية و الإصلاح الاقتصادي والسياسي، ونحن في حزب الاستقلال كنا و لا نزال وسنظل، متفاعلين دائما مع مبادرات جلالة الملك وفاعلين في تنزيل خططه وإستراتيجياته على أرض الواقع، ومعتزين بالنموذج الذي يبسطه أمام العالم، في لحظة غابت فيها الحكمة والرؤية منذ ما سمي بالربيع العربي.
إن تعاقدنا المبدئي مع المؤسسة الملكية، ليس وليد اليوم، بل هو جزء من تاريخ بلادنا لا يمكن لأي محلل موضوعي أن يتجاهله، وهو تعاقد فيه ما هو عاطفي و ما هو عقلاني، وهو أمر يتوارثه الاستقلاليون بكثير من الوطنية و الافتخار.
إن الإصلاحات الديمقراطية التي عرفتها بلادنا منذ نهاية التسعينات من القرن الماضي، وما تلاها من أجيال جديدة من الإصلاحات السياسية و الدستورية والاقتصادية في عهد جلالة الملك محمد السادس، لم يكن لها أن تتحقق لولا توافق الإرادة الملكية مع إرادات القوى الوطنية الحية المجسدة لانتظارات الشعب المغربي، هذا الشعب الذي جسد في كل المراحل و المحطات، حالة خاصة و استثنائية لما يمكن أن يكون عليه تقدير الوطن و استقراره.
أيتها الأخوات والإخوة
لقد ذكر بيان المجلس الوطني للحزب المنعقد يوم 21 نونبر 2015 ،"أن التنسيق على المستوى السياسي يجب أن يكون محصورا على الأحزاب الوطنية الديمقراطية و هو التنسيق الذي يجد مشروعيته فيما راكمته هذه القوى المناضلة و الحية من مكاسب وازنة جدا حققت للشعب المغربي إنجازات تاريخية"، لقد عملت قيادة الحزب على التقيد بهذا التوجه الواضح، الذي يجعل الاصطفاف اليوم هو بين الصف الوطني الديمقراطي من خلال الأحزاب التي تعبر عن إرادة المجتمع، بغض النظر عن بعض الاختلافات الطبيعية التي يمكن أن تحكم علاقاتها، وبين تعبيرات حزبية أخرى يعرف الجميع الظروف التي صنعت فيها، والأولوية اليوم بالنسبة للحزب مشتركة بين الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية وتحصين بلادنا من الانزلاق في متاهات غير محسوبة العواقب، و نجاعة السياسات العمومية التي تحفظ كرامة المغاربة.
و جاء المجلس الوطني في دورته الأخيرة ليقرر بالإجماع المشاركة في الحكومة المقبلة، وثمنا عاليا احترام جلالة الملك للمنهجية الديمقراطية، واعتبرنا أن ذلك انتصار جديد للديمقراطية، وتأكيد متجدد على أن جلالة الملك هو في طليعة المدافعين عن الدستور وعن تطبيقه، وأكدنا بروح وطنية، أنه بالنظر للظرفية التي عاشتها بلادنا قبل و أثناء الانتخابات التشريعية، أننا لا نتعامل مع المشاركة في الحكومة بمنطق الاشتراطات وقلنا بان قرارنا هو قرار سياسي، وأن ظروف بلادنا تقتضي الإنكباب على عدد من الملفات و القضايا الاقتصادية و الاجتماعية، وهي تشكل انتظارات حقيقة ومصيرية لدى الشعب المغربي وفي صلبه النسيج الاقتصادي.
جانب من الحضور
أيتها الأخوات، أيها الإخوة
لقد استهدف قرار مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة بشكل غريب، و كان موضوع متابعة من الرأي العام الوطني و الدولي، و إننا إذ نسجل بارتياح كبير تفاعل السيد عبد الإله بنكيران الإيجابي مع قرارنا بالمشاركة رفقة إخواننا في حزب العدالة والتنمية، فإننا نستغرب حجم التحامل على حزبنا و الرغبة في جعله في موقع لم تقرره مؤسساته التقريرية.
لقد كنا ننتظر رغم طول مدة المشاورات ودخولها حالة من الجمود، وكنا مع الرأي العام نتوقع تقديم مبررات جدية ومعقولة للاعتراض المرفوع ضد الحزب، لكن لا شيء من ذلك حصل، فجأة أصبحوا يقولون أن الأمين العام لحزب الاستقلال هو الذي يقف حاجزا أمام مشاركة الحزب في الحكومة، وأن من يعترض أو يعترضون لا مشكلة لهم مع حزب الاستقلال إنما مشكلتهم مع أمينه العام.
وبغض النظر عن سلامة هذه الأقوال وعن سلامتها من الناحية السياسية والديمقراطية، وبغض النظر عن ظروفها وسياقها مما لا يصعب أن يدركها كل عقل حكيم، فإنني أود التأكيد اليوم، أن حزب الاستقلال عندما قرر المشاركة في الحكومة، فإنه قام بذلك بروح وطنية عالية بعيدا عن منطق المحاصصة أو منطق الغنيمة كما أسماه جلالة الملك في خطاب دكار، وعندما لم يقدم حزب الاستقلال اشتراطات قبلية على رئيس الحكومة المعين، فذلك كان وعيا منا بأهمية الإسراع بتشكيل الحكومة للنهوض بمهامها و للانكباب على قضايا الشعب المغرب كما أكد على ذلك جلالة الملك، كما أود التذكير بأننا حتى عندما كنا في المعارضة اقترحنا على إخواننا في العدالة و التنمية وإن بشكل غير رسمي التعاطي مع الحكومة بمنطق "الأغلبية الوظيفية"، فلا يهم حزب الاستقلال مقاعد الحكومة، لكن ما يهمه هو أن يكون في موقع صناعة القرار و أن يساهم فيه، فليست لنا مطامع أو مطالب شخصية، إنما لنا رؤية و منهج والتزامات مع الشعب المغربي، نريد لها بعدا إجرائيا، و موقعا ضمن السياسات العمومية للحكومة المقبلة، لهذا فإن الحزب و بإرادته الحرة، اختار أن يكون داخل الحكومة، وإن اقتضت الظروف التي سيسجلها التاريخ بدون شك على الجميع، فإنه يلتزم بمساندة الحكومة و على رئيس الحكومة المعين، أن يعرف أن الفريق الاستقلالي بالبرلمان سيكون إلى جانبه عند طلب الثقة وعرض البرنامج الحكومي.
جانب من الحضور
أيتها الأخوات و الإخوة
لقد آلمني بشكل شخصي أن يتم تقديمي كمعرقل لتشكيل حكومتي بلادي، أنا الذي قضيت كل هذه السنوات مدافعا عن بلدي و عن ملكي و عن قناعاتي السياسية الوطنية الصادقة، إن التاريخ سيسجل بالعار، كل من تآمر على الحزب وخان مبادئه و افترى عليه، فنحن في نهاية الأمر عابرون، لكننا في كل عبور نحفر عميقا القيم و المثل التي شكلت منهجا و اختيارا للحرية و الانعتاق، لست في حاجة لدروس من أحد في الوطنية، فأنا أعرف أن الوطن أكبر من شباط و أكبر من الجميع، و أن الحزب أكبر من شباط و أكبر من الجميع، لكنني أعرف أنني مطوق بأمانة الاستقلاليات و الاستقلاليين، مطوق بالمبادئ و القيم الديمقراطية، مؤتمن على استقلالية القرار الحزبي، و ملزم بالمساهمة في تقدم التجربة الديمقراطية لبلادنا، لهذا وبكل وضوح و بكل نزاهة سياسية وفكرية، و بكامل الحب للوطن و للحزب، أقول لكم، و أنا معتز أيما اعتزاز، أنني عندما إنتخبت لم يكن ذلك بالإجماع، وإذا كان الأمر يحتاج إلى تذكير، فإن الفرق في النتيجة بيني وبين أخي الدكتور عبد الواحد الفاسي، لم يكن يتعدى 20 صوتا، و ها نحن اليوم معا في ذات المكان و في ذات الزمان لأننا أبناء الحزب المخلصون و المؤمنون بمؤسساته وبقيمه ، و نجسد اليوم استقلالية قرارنا و نعرف أن مصيرنا واحد، و معتز أن الاستقلاليات و الاستقلاليين ممن لم يصوتوا لفائدتي، عبروا طيلة أربع سنوات عن حس ديمقراطي عالي، عندما آمنوا بأن عهد الإجماع قد ولى و أن الكلمة اليوم لمؤسسات الحزب و لقوانينه ومساطره، و أن الأشخاص لا تأثير لهم عندما يتعلق الأمر بقضايا مصيرية تهم الوطن و الحزب.
إنني اليوم و بكل مسؤولية أقول لمن يهمهم الأمر، أن الأمين العام لحزب الاستقلال تهمه مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة و ليس مشاركته الشخصية فيها، علما أنني لم أسأل أصلا عن مشاركتي من عدمها في الحكومة المقبلة، وحتى عندما دخلنا الحكومة السابقة لم أقدم طلبا للدخول فيها، و عندما كنا نطالب بتعديل حكومي فإنني أيضا لم تكن لدي أية رغبة في الدخول إلى الحكومة، وكما قلت دائما، أنني أجد نفسي أكثر في المؤسسات المنتخبة وفي الصفات التي أكتسبها بالتصويت...لهذا أعلن اليوم وبصفة رسمية أنني كشخص لن أدخل الحكومة المقبلة، و أن من يتحججون بشخصي وبإسمي، عليهم أن يسرعوا اليوم إلى تيسير مهمة تشكيل الحكومة فالشعب المغربي لن يرحم احدا اليوم وغدا.
أيتها الأخوات أيها الإخوة
لقد سبق و أن شكلنا لجنة لمتابعة المشاورات مع السيد رئيس الحكومة المكلف وهي كما تعلمون تضم الأمين العام و الأخ حمدي ولد الرشيد و الأخ محمد السوسي، فإنني و تأكيدا لنيتي الصادقة وحرصي الشديد على مشاركة الحزب في الحكومة المقبلة، سأعتذر عن المشاركة فيها -إمعانا في تيسير الأمور على الوطن والحزب- وأنتدب الأخ بوعمر تغوان، عضو اللجنة التنفيذية للحزب، للانضمام لهذه اللجينة.
إنني اليوم لا أقدم تنازلات لأي أحد، لكنني أشعر بثقل المسؤولية و أعي جيدا مهامي كقائد للحزب و أعي جيدا المرحلة التي نجتازها، كما أن مشاركتنا في الحكومة المقبلة يجب أن تعكس الروح التي يتميز بها الحزب، بمناضلات و مناضلين محط احترام وتقدير جميع الاستقلاليات و الاستقلاليين، ممن يساهمون يوميا في صيانة مبادئ الحزب و استقلالية قراره السياسي.
إن المؤتمر الوطني المقبل، سيكون فرصة للتأكيد على أن اختيار الديمقراطية الداخلية سيستمر وسيتواصل، وإلى حين انعقاد المؤتمر الوطني للحزب، فإنني سأفوض لجينة من اللجنة التنفيذية للحزب للقيام بمهام التسيير اليومي لشؤونه في الجوانب السياسية والتنظيمية، و أطلب منكم الموافقة على ذلك، على أن يكون المؤتمر الوطني لحظة للحقيقة و المكاشفة.
إخواني، اخواتي
إن معنويات الاستقلاليات و الاستقلاليين مرتفعة، ويتملكهم شعور كبير بالاعتزاز وسيظلون كذلك ما حيت هذه الأمة وهذا الوطن الذي قدم لنا كل شيء ويستحق منا أن نبادله العطاء بالصدق و النبل اللازمين..
أيتها الأخوات و الإخوة
على هذه الأرض..ما يستحق الحياة...
"إن يعلم الله في قلوبكم خيرا، يوتيكم خيرا" صدق الله العظيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.