ترانسبرانسي المغرب والهيئة الوطنية لمحاربة الرشوة يرفعان البطائق الحمراء من أجل مجتمع خال من الرشوة و الفساد، يستدعي الأمر فتح نقاش عام وصريح حول قضايا من الأهمية بمكان، لا يسمح بتجاوزها في ظروف يتوخى المغرب المرور بسرعة نحو التنمية والديموقراطية، ولأن عدم الوقوف عندهذه القضايا يعني الإبقاء على العراقيل الكبرى التي تحد من تنمية المجتمع اقتصاديا واجتماعيا، ومن هذه القضايا سن عدة قوانين مؤطرة، سواء تلك المتعلقة بتضارب المصالح بما في ذلك قانون تجريم الإثراء غير المشروع وقانون التصريح بالممتلكات ومراجعة قانون حماية المبلغين عن الفساد بالإضافة إلى إصلاح منظومة الضرائب.
وبمناسبة اليوم الوطني لمحاربة الرشوة قال أحمد البرنوصي الكاتب العام ل «ترانسبرانسي المغرب» إن المغرب تراجع إلى الرتبة 86 من أصل 180 دولة وتراجع إلى النقطة 40 على مائة في سلم مؤشر إدراك الرشوة العالمي سنة 2020 بالمقارنة مع 2019. وأضاف البرنوصي في حديث لجريدة «العلم»، إن هذا السياق المتسم باستشراء الفساد النسقي وتجميد الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة، استبشرت ترانسبرانسي المغرب بتصريح حكومة السيد اخنوش، حيث جاء في المحور التاسع من التزامات الحكومة « تكريس الحكامة الجيدة في التدبير العمومي، إذ قال إنه « ستوجه الحكومة مجهوداتها لتعزيز حكامة التدبير العمومي عبر تكريس شفافية الإدارة واعتماد المقاربة التشاركية حتى يساهم المواطنون في تدبير شؤونهم، مع تعزيز سبل محاربة الرشوة والمحسوبية والزبونية.»
أوضح الكاتب العام لترانسبرانسي المغرب أن هذه البشرى سرعان ما تبخرت، اذ عمدت الحكومة الي سحب مشروع القانون المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي من مجلس النواب والمُتضمّن لمقتضيات تجريم الإثراء غير المشروع. لقد أثار هذا السحب ردود فعل لدى الرأي العام حول دوافعه واعتبرته الجمعية محاولة من طرف الحكومة لإقصاء تجريم الإثراء غير المشروع من التعديلات المرتقبة في مشروع القانون الجنائي، إذ تؤكد تصريحات وزير العدل على الإذاعة الوطنية وفي البرلمان هذا المنحى، بالرغم من الغموض الذي طبع موقف الحكومة.
وأكد أن ترانسبرنسي المغرب تنتظر من الحكومة ربط التصريح بالأفعال في أقرب وقت وذلك بتقوية النظام الوطني للنزاهة بالإجراءات المستعجلة المتمثلة في منظومة قانونية ناجعة معززة بنظام قضائي يتمتع بمزيد من النزاهة والكفاءة والاستقلالية لتنفيذ هذه المنظومة. وذكر من أولويات هذه المنظومة :
سن قانون يعالج تضارب المصالح كما نص عليه البند 36 من دستور 2011. ولحد الآن لا يتوفر المغرب على قانون في هذا الصدد رغم مرور عشر سنوات على مقتضيات الدستور. إن تحرير أثمان المحروقات منذ 2015 دون آليات للمراقبة مثال صارخ في تضارب المصالح في المغرب، إذ لم تنفع نتائج اللجنة البرلمانية التي عالجت هذا الموضوع وأقرت بزيادات غير عادية على المواطنين بلغت حينها ما يناهز 17 مليار درهم. كما أكدت الدراسة الأخيرة للجبهة الوطنية لإنقاذ محطة «لاسمير» أن الأرباح غير الأخلاقية التي جنتها شركات التوزيع ناهزت 40 مليار درهم ما بين سنة 2016 و2020. كما لم ينجح مجلس المنافسة رغم إقراره بتواطؤ الشركات الكبرى في الأثمان في فرض دعيرة على الشركات المتواطئة. وتم تجميد المجلس لحد الآن في هذا الموضوع