أعود مرة أخرى للحديث عن موضوع «المحضر الإنذاري» الذي جاءني به المفوض القضائي إلى مقر مكتبي داخل الجريدة، فبعد إبداء وجهة نظري السياسية في السابق، لابد لي أن أتحدث عن الجانب القانوني الذي قد يكون دفاع المسشار المحترم بن شماش لم ينتبه إليه أو قد يكون تعمد خرقه! فالأستاذ عبد الفتاح زهراش محامي بن شماش يعلم علم اليقين أن قانون الصحافة الصادر في 15 نوفمبر 1958 والمعدل آخر مرة سنة 2002 لايتحدث بصفة نهائية ومطلقة عن أي إجراء إسمه المحضر الإنذاري، بل إنه يحصر الأمر في نشر بيان «الحقيقة» أي ما يسميه القانون «حق الجواب» و «الاستدراكات»، كما أن هذا القانون لايتطرق سواء بشكل مباشر أو غير مباشر إلى أية إمكانية لإنذار الصحافي أو تهديده أو ترهيبه، ولاندري من أين جاء المستشار المحترم بن شماش بهذا الإجراء الغريب جدا.. جدا، الذي حاول من خلاله ضرب عصفورين بحجر واحد، أولا: تجنب التوجه بملف القضية الى القضاء لأنه يدرك تماما أن في ذلك «شوهة» لشخصه ولحزبه، وثانيا: ترهيبي حتى لا أعود الى مناقشته سياسيا. لكن المثير حقا أن يجاري العون القضائي باستنافية الرباط رغبة هذا الشخص خارج دائرة القانون، وأملي أن لايكون هذا العون الذي اقترف خطأ قانونيا خطيرا جدا قد خضع لتأثير بن شماش وحزبه، وهذا سيكون فعلا مصدر قلقنا ليس على أنفسنا بل على استقلالية قضائنا. من الناحية القانونية لايملك المستشار المحترم إلا خيارين لاثالث لهما، أولا أن يبعث ببيان حق الجواب المنصوص عليه في الفصلين 25 و 26 من قانون الصحافة أو الالتجاء إلى القضاء، ونزيده أنه بإمكانه أن يقدم على الخيارين معا. أما أن يقوم بالإنذار والترهيب والتخويف فإن ذلك غير ممكن في الواقع، وأن مجرد الانتماء لحزب (الباملطجية) ياسيدي لايمكن أن يكون كافيا للدوس على القوانين. وأن إطلاق العنان لمنظومة طويلة جدا من الشعارات الجوفاء التي يملأ بها حزب «الباملطجية» الدنيا حول حرية الصحافة والتعبير بيد أن صدر هذا الحزب لايتسع لكلمة واحدة في ممارسة هذه الحرية، فإن في ذلك دليلا آخر لمن لايزال في حاجة إلى دليل بأنهم يكذبون.