حزب الله يشن أعمق هجوم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر.. والاحتلال يستعد لاجتياح رفح    أبو عبيدة: العدو عالق في رمال غزة.. وهجوم إيران أربك حسابات الاحتلال    إقبال كبير من الجالية والنساء.. هذا عدد المغاربة المستفيدين من دعم السكن وتمكنوا من اقتناء سكنهم    محلل رياضي مشهور: أمرابط بمانشستر ليس اللاعب المتألق الذي رأيناه مع المنتخب المغربي في قطر    طقس الأربعاء.. أمطار ورياح مع تناثر غبار بهذه المناطق    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    "الأحرار" يحسم الاقتراع الجزئي بفاس    سيراليون دعمات الوحدة الترابية للمملكة.. هو الحل الوحيد لي عندو مصداقية    رحيمي والعين قصاو بونو والهلال وتأهلو لفينال شومبيونزليگ    موقف بركان قوي واتحاد العاصمة ضعيف وها الأحكام اللي يقدر يصدرها الكاف فقضية الغاء الماتش بسبب حماق الكابرانات    الحوار الاجتماعي.. الحكومة والنقابات داخلين فمفاوضات مكثفة على قبل الحق في الإضراب وحرية العمل    تلاميذ متميزون يستكشفون آفاق الدراسة في كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة    رد قوي من طرابلس على التكتل مجهول الهوية لي بغات تخلقو الجزائر.. ليبيا شكرات سيدنا على دعمه الثابت لقضيتها وأكدات أهمية تعزيز اتحاد المغرب العربي    لومبارت كوساك : الفلاحة .. العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي "غنية جدا"    المنتخب الجزائري لكرة اليد شبان ينسحب من مواجهة المغرب بسبب خريطة المملكة    بطولة إيطاليا لكرة القدم.. تأجيل احتفالات فريق إنتر باللقب ومباراته ضد تورينو إلى الأحد المقبل    إليك أبرز أمراض فصل الربيع وكيفية الوقاية منها    وزير فلسطيني: المغرب الأكثر اهتماما وعناية بشؤون القدس    ميارة يستقبل فيرا كوفاروفا نائبة رئيسة مجلس النواب التشيكي    الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    الأمثال العامية بتطوان... (580)    يهم البذور والأغنام والحليب.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما الفلاحي    الأديب عبد الرفيع جواهري ضيفا على برنامج "مدارات"    وزير الخارجية الإسباني يؤكد افتتاح الجمارك بباب سبتة    تفتيش شابة على متن حافلة ببني ملال يسفر عن مفاجأة    تداولات البورصة تغلق على "أداء سلبي"    وزارة إسبانية: "سيام" من أكثر المعارض الفلاحية الواعرة فشمال إفريقيا    عاجل. حكم قاصح بزاف. الاستيناف طلع العقوبة الحبسية للطاوجني ل4 سنين بسباب شكاية دارها بيه وزير العدل    وهبي لوزيرة العدل ديال الساو تومي فاجتماع دولي: تكلمي السيدة الوزيرة أنت كإمراة عندك الحق تتكلمي عشرين مرة    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    فرنسا معولة على مخابرات المغرب فتأمين أولمبياد باريس وها شنو گال جيرالد دارمانان    آيت طالب: أمراض القلب والسكري والسرطان والجهاز التنفسي مزال كتشكل خطر فالمغرب..85 في المائة من الوفيات بسبابها    ضمن جولة إقليمية.. حموشي يقود وفدا أمنيا مغربيا إلى الدوحة ويتباحث مع مدير "أمن الدولة"    جائزتها 25 مليون.. "ديزي دروس" و"طوطو" يترأسان لجنة تحكيم مسابقة في فن "الراب"    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    الأمثال العامية بتطوان... (579)    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخصوم في متاهات الحرب على أرض الشام: هل تنجح التسوية ويحفظ ماء وجه القوى المتصارعة؟ بقلم // عمر نجيب
نشر في العلم يوم 04 - 08 - 2015

ستدخل الحرب الدائرة على أرض الشام مرحلة جديدة تأمل كثير من الأطراف العربية والدولية أن تشكل بداية لنهاية مواجهة بدأت في 26 فبراير 2011 يختلط فيها المحلي بالإقليمي والدولي. تطورات عسكرية وسياسية كثيرة أدخلت معطيات جديدة على الصراع الدامي وفرضت على الكثير من أطرافه إعادة تقييم الوضع واستكشاف مواقف الآخرين.
مساء يوم الأحد 2 أغسطس 2015 وصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى قطر في زيارة عمل سيلتقي خلالها مع كل من أمير الدولة تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني.
وحسب وزارة الخارجية الروسية يشمل برنامج الزيارة لقاءات لافروف مع نظيره القطري خالد بن محمد العطية، إلى جانب عقده لقاء ثلاثيا مع نظيريه السعودي عادل الجبير والأمريكي جون كيري، ويتوقع أن تتركز المحادثات على تسوية النزاع في سوريا.
وكالة "تاس" نقلت عن ممثل الوفد الروسي أنه من المخطط أن يجري سيرغي لافروف محادثات مع الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، إضافة إلى احتمال لقائه مع وزيري خارجية سلطنة عمان والكويت.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أفادت يوم السبت 1 أغسطس بأنه من المخطط أن يبحث الوزير الروسي من القيادة القطرية قضايا التسوية السلمية في سوريا واليمن وليبيا مع التركيز على مهمة توحيد جهود المجتمع الدولي لإيجاد حلول مقبولة من الجميع للأزمات الحادة المستمرة في البلدان المذكورة، بالإضافة إلى مسألة التصدي لخطر الإرهاب بشكل منسق وفعال، والذي تمثله تنظيمات مثل "داعش" و"القاعدة".
وفي حديث لوكالة "نوفوستي" ذكر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، أن لدى المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا "أفكارا حول كيفية تنظيم عمل سياسي سيسمح بمناقشة بل واتخاذ خطوات عملية لتشكيل جبهة واسعة لمواجهة الإرهاب، كتلك التي اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيلها".
وأضاف بوغدانوف أن محادثات لافروف مع كيري ستركز على هذا الموضوع بالذات، وقال "نحن نعول على أن يصبح التهديد الإرهابي الذي يواجه السوريين والمنطقة بأسرها، حافزا للجميع أن يجمعوا جهودهم في محاربة الإرهاب الدولي".
ولم يستبعد الدبلوماسي أن يبحث الرئيسان الروسي والأمريكي مستقبلا إجراء جولة دورية من المشاورات حول التسوية السورية في موسكو بمشاركة ممثلي روسيا والولايات المتحدة والمبعوث الدولي الخاص بشأن سوريا.
وأشار بوغدانوف إلى أن الجانب الروسي يجري حاليا اتصالات مكثفة مع المعارضتين "الداخلية" و"الخارجية" السوريتين ببناء "حوار جدي ومستقر". كما ذكر أن قائمة المشاركين في جولة المشاورات الجديدة تناقشه موسكو حاليا مع شركائها السوريين والأمريكيين.
كما سيعار اهتمام بالغ أثناء تبادل الآراء بين الجانبين الروسي والقطري لموضوع تعزيز الاستقرار في منطقة الخليج العربي. وقالت الخارجية الروسية في هذا السياق إن الجانب الروسي سيلفت اهتمام قطر إلى المبادرة الروسية لإنشاء منظومة الأمن الجماعي في هذه المنطقة الاستراتيجية، والتي تسعى موسكو لتفعيلها خلال السنوات الأخيرة.
وسيناقش كذلك بالتفصيل دور ومكانة إيران في الشؤون الإقليمية بعد التوصل إلى الاتفاق بشأن برنامج طهران النووي في فيينا بين الجمهورية الإيرانية والسداسية الدولية.
يذكر أنه في منتصف شهر مايو 2015، عقد الرئيس الأمريكي قمة مع دول مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد، طرح خلالها فكرة إقامة منظومة إقليمية للدفاع المضاد للصواريخ كما عرض ضمانات إضافية وشحنات جديدة من الأسلحة الأمريكية بمثابة "تعويض" لتلك الدول بعد رفع العقوبات المفروضة على طهران. وتقول مصادر رصد أنه بسبب عدم ثقة عدد من القيادات في منطقة الخليج العربي في السياسة الأمريكية وشكوكها بشأن منح واشنطن دور شرطي الخليج من جديد لطهران أصبح من الممكن لموسكو أن تدخل في معادلات تأمين الإستقرار في منطقة الخليج وبذلك تمنع واشنطن من الهيمنة علي التطورات المستقبلية.
معادلة لحفظ ماء الوجه
يعتبر العديد من الخبراء والمختصين الروس في شؤون الشرق الأوسط، أن محادثات كيري لافروف الجبير ستكون مفصلية، ويمكن أن تؤدي لإطلاق تسوية سلمية تضع حدا للحرب في سوريا والتدخلات الخارجية فيها بالمال والسلاح وتجنيد الأجانب وخاصة من طرف الولايات المتحدة وفرنسا وقطر وبعض دول الخليج العربي.
وكانت مصادر دبلوماسية روسية قد كشفت أن موسكو بعد مفاوضات أجرتها مع واشنطن والرياض، أعلنت عن مبادرة تشكيل التحالف الدولي الإقليمي، يضم نظام الرئيس الأسد ودول من المنطقة لمواجهة مخاطر تنظيم داعش وتنامي الإرهاب في الشرق الأوسط.
وأضافت أن هذه المبادرة التي تحظى بدعم من بعض دول الخليج العربي ومصر، حصلت على دعم سلطات دمشق، وهو ما يسهل وضع آليات لتنفيذها على أرض الواقع.
وأكدت هذه المصادر أن المشاورات التي جرت خلال الأسابيع الماضية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، تركزت حول ضرورة القبول ببقاء الحكومة السورية والرئيس الأسد على رأس نظامه خلال المرحلة الانتقالية، باعتبار أن سقوط الأسد سيفتح الباب أمام سيطرة الجماعات الإرهابية خاصة وأن لا وجود فعلي لما يسمى المعارضة المعتدلة.
وفي هذا السياق، لم يستبعد المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط، ونائب وزير الخارجية ميخائيل بغدانوف، أن تكون الجولة القادمة من مشاورات موسكو بشأن التسوية السورية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، أي قبل نهاية سبتمبر. ويقدر مراقبون أن موسكو ستقدم إقتراحات للتسوية تسمح بحفظ ماء وجه الحكومات التي تدخلت في الحرب الدائرة على أرض الشام حتى يظهر أنها لم تخرج خاسرة وضيعت ملايير الدولارات.
ويؤكد الخبراء الروس أن تحركات موسكو تأتي كذلك نتيجة سيطرة القلق على القيادة السياسية من عودة نشاط الجماعات المتشددة في شمال القوقاز وبعض الأقاليم الروسية، خاصة بعد أن وصلت أعداد المنضمين إلى داعش بحسب بيانات جهاز الأمن الفيدرالي الروسي إلى نحو 2000 مواطن روسي غادروا روسيا إلى سوريا والعراق ليصبحوا جنودا في ميليشيات تنظيم داعش.
وقد كشف الرئيس الشيشاني، رمضان قديروف، أن داعش أرسل خبراء لتدريب مقاتلي الجماعات المعارضة المتشددة في روسيا، وأنه يتم تحويل أموال وفيرة مصدر بعضها دول الخليج لتمويل الجماعات المسلحة في الشيشان ولضرب الجيش الروسي.
واعتبر قديروف أن مخاطر داعش لا تطال الحدود الجنوبية لروسيا فقط، وإنما تمس بشكل مباشر أمن أقاليم روسية، خاصة التي تقع في عمق البلاد الآسيوي.
داعش أداة أمريكية
يقول مراقبون أن الرئيس الروسي بوتين وقيادات كبيرة في جيشه بدأت تميل أكثر فأكثر إلى تصديق التقارير التي تفيد أن تنظيم داعش هو من صنع المخابرات المركزية الأمريكية تماما مثل تنظيم القاعدة، وأن الهدف الأول منه هو زعزعة استقرار كل دول منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك تلك المحسوبة كحليفة للولايات المتحدة وبالتالي يمكن لواشنطن تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد القاضي بتقسيم المنطقة إلى ما بين 54 و 56 دولة على أسس عرقية ودينية وقبلية ومناطقية. وتضيف التقارير سابقة الذكر أن البيت البيض يرى مهمة أوسع لداعش في وقت لاحق تمتد نحو المناطق الجنوبية من روسيا الإتحادية وأجزاء من الصين إضافة إلى ضرب حركة طالبان التي ألحقت هزيمة في طريقها للإكتمال على قوات حلف شمال الأطلسي.
يشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمح إلى المخطط الأمريكي، حيث أكد يوم 19 يونيو 2015 مجددا دعم بلاده للرئيس السوري بشار الأسد، وقال إنه يعارض أي استخدام خارجي للقوة لمحاولة إنهاء الأزمة السورية بالطريقة التي يريدها الغرب.
ولم يظهر بوتين أي مؤشر على التردد في سياسته التي تقوم على محاولة حماية حكومة دمشق من الضغوط التي تفرض عليها من الغرب في الصراع المستمر منذ 4 سنوات ونصف والذي قتل فيه أكثر من 200 ألف شخص وتسبب في نزوح أكثر من أربعة ملايين سوري من ديارهم. وقال بوتين ردا على أسئلة في منتدى اقتصادي سنوي في سان بطرسبرغ بروسيا "مخاوفنا هي أن تنزلق سوريا إلى نفس الوضع مثل ليبيا والعراق". وأضاف "نحن لا نريد ذلك في سوريا".
وذكر بوتين إن السياسة الأمريكية لمواجهة تنظيم داعش الذي يسيطر على مناطق كبيرة من العراق وسوريا كان لها حتى الآن تداعيات "مؤسفة" و"مأساوية". وأضاف: "الولايات المتحدة تدعم حكومة بغداد وتدعم جيشها علنا، ولكن من خلال ضربتين أو ثلاث ضربات استولى تنظيم داعش على كثير من الأسلحة الأمريكية وأصبح لديه تسليح أفضل من الجيش العراقي، وكل هذا يحدث بدعم الولايات المتحدة".
هل هو تصالح
يوم الجمعة 31 يوليو 2015 ذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية أن رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك زار الرياض والتقى ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بفضل وساطة روسية، الخبر أكدته صحيفة "الصنداي تايمز" البريطانية.
صحيفة " الأخبار" أضافت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التقى في 19 يونيو الماضي محمد بن سلمان، وتناول اللقاء ملفات عدة على رأسها سوريا والارهاب، وبعد أيام وصل وزير الخارجية السوري وليد المعلم ووفد برفقته إلى موسكو والتقى بوتين، الذي طرح فكرة إقامة تحالف رباعي ضد الإرهاب يضم سوريا والسعودية وتركيا والأردن.
ولفتت الصحيفة إلى ان بوتين كلف الاستخبارات الروسية بالتواصل مع مملوك لإنضاج الفكرة، وجرى اتصال ثان نقل فيه الروس شرط السعوديين بأن يكون اللقاء في الرياض، فلم تبد دمشق أي ممانعة. وفي غضون أسابيع قليلة، توجه مملوك على متن طائرة روسية خاصة ومعه مبعوث روسي، من مطار دمشق الدولي، إلى مكتب محمد بن سلمان في العاصمة السعودية، حيث عقد اللقاء في حضور رئيس الاستخبارات السعودية صالح الحميدان.
وتابعت "لأخبار" أن المسئول الروسي افتتح اللقاء بمطالعة حول وضع المنطقة والخطر الذي بات يشكله الارهاب على دولها، وضرورة تعاون الجميع لمواجهته.
بعد ذلك أعرب مملوك عن الأسف لأن "التواصل بين بلدين بات يحتاج إلى وساطة"، محملا السعودية "المسؤولية الكاملة عن كل ما جرى في سوريا من تدمير وتخريب ودعم للإرهاب وتمويله، وشراء ذمم بعض العشائر منذ وقت طويل وتشجيع الانشقاق في الجيش السوري".
ولفت المسئول السوري إلى أنه "رغم مسؤولية السعودية عن كل ما حصل في سوريا لم تتعرض سوريا للسعودية كدولة في تعاطيها السياسي والإعلامي.
وختم مملوك بالتأكيد أن وضع سوريا ميدانيا متين بحسب التقارير التي تصل عن تقدم الجيش السوري.
من جانبه، قال بن سلمان "في كثير من الأوقات كانت لديكم فرصة لإصلاح الأمور لكنكم لم تستمعوا إلى صوت شعبكم"، مشيرا إلى أن "مشكلتنا الأساسية معكم، منذ وقت طويل، أنكم رضيتم أن تكونوا جزءا من الحلف الإيراني الذي نرى أن له أطماعا في المنطقة تهدد كياناتنا".
واضاف بن سلمان "أنكم في لبنان مشيتم وراء حزب الله الذي يسير في ركاب إيران، والذي يريد السيطرة على لبنان وتحويله إلى محمية إيرانية"، وختم بن سلمان حديثه متمنيا لو يكون هذا اللقاء فاتحة "ليسمع بعضنا بعضا"، وتم الاتفاق على استمرار التواصل من دون تحديد أي موعد أو تسمية أي مندوبين عن الطرفين، بحسب الصحيفة.
وتؤكد السعودية مرارا دعمها للمعارضة "المعتدلة" و "محاربة الإرهاب"، وترى أن "النظام السوري هو الراعي الأول للإرهاب في سوريا"، مطالبا القوات الإيرانية وعناصر حزب الله "بالانسحاب من سوريا".
فيما تتهم دمشق السعودية بالإضافة لغيرها من بعض الدول العربية والغربية بدعم وتمويل إرهابيين ومتطرفين في سوريا، مطالبة مجلس الأمن باتخاذ إجراءات حاسمة تتضمن معاقبة مرتكبي الإرهاب والدول الداعمة للمسلحين، مبدية استعدادها للتعاون على المستوى الإقليمي والدولي في محاربة الإرهاب.
قراءة في الأحداث
كتب المحلل والصحفي عبد الباري عطوان يوم 2 أغسطس 2015:
عندما تؤكد صحيفة كبرى مثل "الصنداي تايمز" البريطانية وعلى لسان مندوبتها هالة جابر المسئولة عن ملف "الشرق الأوسط" فيها، وفي تقرير لها من قلب العاصمة السورية دمشق، نبا زيارة اللواء علي المملوك رئيس مكتب الأمن القومي السوري إلى الرياض على ظهر طائرة عسكرية روسية، ولقائه مع الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد والملك السعودي القادم، فان هذا يعني ان هناك طبخة روسية أمريكية بشأن الملف السوري، وربما المنطقة بأسرها على وشك النضوج، وقد يتم التفاهم حولها، أو إعلان بعض مؤشراتها في اللقاء الثلاثي بالدوحة.
من الواضح أن زيارة الأمير بن سلمان إلى موسكو ولقاءه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم 29 يونيو تشكل الأرضية الصلبة لصياغة جديدة لخريطة التحالفات في المنطقة، عنوانها الرئيسي بقاء الدولة السورية، والنظام الحاكم على رأسها، وربما بقاء الرئيس الأسد أيضا لفترة تطول أو تقصر، حسب توافق الأطراف الثلاثة.
مبادرة الرئيس بوتين بتشكيل تحالف رباعي تركي سعودي سوري أردني يتولى محاربة الإرهاب في المنطقة و"الدولة الإسلامية" على وجه الخصوص، جاءت بعد مباركة سعودية، وموافقة سورية، وعدم ممانعة تركية، وترحيب أردني "ساخن"، فقد بدأ الغزل السعودي الروسي يعطي ثماره بامتناع روسيا عن استخدام "الفيتو" ضد قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي وفر الغطاء الأممي للتدخل العسكري السعودي في اليمن، وفرض حظرا على توريد الأسلحة للحوثيين وفرض عقوبات على قادتهم، السعودية ردت على هذه "المكرمة" باستقبال اللواء المملوك.
صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من سوريا و"حزب الله" التي انفردت بنبأ زيارة اللواء المملوك للرياض، ونشرت مقتطفات من محضر اللقاء مع الأمير محمد بن سلمان، ألمحت بان اللواء المملوك كان على درجة كبيرة من "الدهاء" في حواره مع مضيفه السعودي، عندما بدأ اللقاء بإعادة التذكير بالمثلث المصري السوري السعودي الذي حكم المنطقة لأكثر من أربعين عاما، ووصف سياستهم بأنها "اتصفت دائما بالحكمة والعقلانية" بقوله "كيف تمشون وراء مشيخة قطر؟"، ولعل هذا العتاب، ومن قبله التذكير بالعلاقات القوية بين البلدين هو الذي دفع الأمير محمد بن سلمان إلى القيام بزيارة مفاجئة إلى القاهرة ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحدوث تحسن كبير في العلاقات المصرية السعودية على اثرها، حسب التقارير الأولية.
الأمير محمد بن سلمان رد على العتاب السوري بالقول "إن مشكلتنا معكم هي تحالفكم مع إيران التي تخوض معها صراعا كبيرا على مستوى المنطقة، ورضيتم أن تكونوا جزءا من الحلف الإيراني الذي نرى أن له أطماعا في المنطقة تهدد كيانات، ومشيتم في لبنان خلف حزب الله الذي يريد تحويل لبنان إلى محمية إيرانية".
سوريا لن تبتعد عن إيران، فقد تعرضت لكل ما تعرضت له من دمار بسبب تمسكها بالتحالف معها، إلى جانب أسباب أخرى، ولكنها اقل أهمية، فلو تجاوبت مع الإغراءات "الملياردية" لفك هذا التحالف ربما لما وجدت نفسها في هذا الوضع المأساوي، وإيران ومنظومتها تدرك هذه الحقيقة أيضا، ولا نعتقد أن العداء السعودي لإيران اكبر من العداء الأمريكي وإمكانية الحوار اكبر من احتمالات الصدام.
العتاب هو غسيل القلوب، مثلما يقول المثل العربي، والسياسات العربية تصاغ في معظم جوانبها على العواطف و"الكيمياء" الشخصية، سلبا أو إيجابا، وليس على المصالح، مثلما هو الحال في معظم أنحاء العالم، فالرئيس بشار الأسد يدفع ثمن وصفه لزعماء عرب "بأشباه الرجال"، والعقيد القذافي دفع حياته وحكمه وبعض أولاده ثمنا لمحاولة اغتيال فاشلة للعاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وملاسنة معه في قمة القاهرة، إلى جانب أسباب أخرى ليس هنا مقام ذكرها، أما العلاقات السعودية القطرية فوصلت إلى قاع التدهور لأسباب عديدة أيضا أبرزها شريط منسوب إلى أمير قطر السابق تحدث فيه عن انهيار قريب للسعودية في مكالمة مع القذافي سجلتها مخابرات الأخير، وجرى تسريب مضمونها للعاهل السعودي الراحل، ولا نريد أن ننكأ الجراح، فالقائمة طويلة جدا".
أسباب التقارب
ويضيف عطوان: لا نريد استباق الأمور لكننا نرجح ان زيارة اللواء المملوك الى الرياض، التي لم تنفيها الأخيرة حتى كتابة هذه السطور، ربما تفتح الأبواب السعودية السورية المغلقة ولو مواربة، وهناك عدة أسباب تدعم مثل هذا التكهن:
أولا: العقبة الأبرز التي كانت تقف خلف منع أي تقارب بين البلدين وتتمثل في الأميرين بندر بن سلطان وسعود الفيصل، الأكثر تشددا في السعودية ضد سوريا وإسقاط نظامها بالقوة اختفيا، الأول بقرار العاهل السعودي الراحل بإعفائه من منصبه كرئيس للمخابرات ومسئول عن الملف السوري في 29 ابريل 2014، والثاني أي الأمير الفيصل الذي وافته المنية.
ثانيا: فشل معظم الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية في سوريا إن لم يكن جميعها، فإقدام مقاتلي جبهة النصرة على خطف واسر، وربما قتل، 60 متطوعا في "الفرقة 30" دربتهم قيادات عسكرية أمريكية ليكونوا مقدمة لقوة من خمسة الآلاف آخرين تتولى قتال "الدولة الاسلامية" قبل بضعة أيام، هو آخر فصول هذا الفشل.
ثالثا: التورط السعودي في اليمن، ورغم بعض انجازاته الأخيرة في استعادة معظم عدن، فإنه مرشح لكي يطول لسنوات، وربما لعقود، والسعودية بحاجة إلى تهدئة مع سوريا، وتوثيق العلاقات مع موسكو للتوصل الى "تفاهم" مع طهران لاحقا، حول هذا الملف وملفات اخرى ساخنة في المنطقة.
رابعا: "الدولة الاسلامية" خرجت عن السيطرة، وباتت تهدد الرياض نفسها، ومعظم دول المنطقة، وحالة التعبئة العسكرية المكثفة هذه الأيام على الحدود السعودية الشمالية مع العراق تؤكد هذه الحقيقة.
خامسا: عودة الحوار الاستراتيجي المصري الأمريكي إلى سابق عهده بعد زيارة كيري إلى القاهرة، والقاهرة تمسك العصا من الوسط في الأزمة السورية وتتقارب بصمت ايجابي مع إيران.
سادسا: تراجع الدور التركي، وغرق السلطات التركية حليفة السعودية في حرب دموية مع الأكراد وحزب العمال الكردستاني، الأمر الذي قد تترتب عليه مراجعة جذرية للموقف التركي المطالب بشراسة بإسقاط النظام السوري.
معارضة
هناك معارضة قوية لتسوية في بلاد الشام لا تختتم بسقوط نظام دمشق وتقسيم سوريا سواء في دوائر إتخاذ القرار في واشنطن أو تل أبيب أو بعض الأطراف الأخرى المشاركة في الحرب.
يوم 2 أغسطس 2015 نشرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية مقالا لنائب وزير الخارجية الأمريكي، في عهد الرئيس كلينتون، جيمس روبن المعروف بعلاقاته الوثيقة مع تل أبيب، ينتقد فيه سياسة جون كيري، ويدعو إلى إسقاط الرئيس، بشار الأسد، قبل الشروع في بحث سبل السلام في سوريا.
ويقول جيمس روبن إن دبلوماسيين أمريكيين يتحدثون عن إمكانية تنظيم مؤتمر جنيف 3 لبحث المسألة السورية، والخطر أنهم يدعون إليه هذه المرة طرفا جديدا هو إيران.
ويرى روبن أن توقيت هذه الخطوة غير مناسب، لأن المعارضة المسلحة تحقق حاليا مكاسب على الأرض.
ويدعو واشنطن ولندن وحلفاءهما إلى اغتنام فرصة ضعف النظام في سوريا، لإسقاط الأسد بمساعدة المعارضة ثم توقيف القتال وتشكيل حكومة انتقالية.
إسرائيل من جانبها لا تضيع أي فرصة لإضعاف الجيش السوري، فيوم الأربعاء 29 يوليو ومرة أخرى، قتل 6 جنود سوريين، في غارة جوية إسرائيلية، على مركبة عسكرية كانت تقلهم شمالي محافظة "القنيطرة" جنوبي سوريا التي حررها الجيش السوري خلال حرب أكتوبر 1973، بحسب ما ذكرت مصادر تابعة للمعارضة، فيما اعترفت فضائية تابعة ل"حزب الله" اللبناني، بمقتل إثنين من عناصر الحزب خلال الغارة.
يذكر أن الطائرات الإسرائيلية، استهدفت خلال الشهور الماضية عدة مرات، مواقع عسكرية تابعة للجيش السوري في محافظة القنيطرة، كان أبرزها استهداف مواقع عسكرية قرب بلدة "مزرعة الأمل" في ريف القنيطرة قبل أشهر، ما أسفر عن مقتل 6 من مقاتلي "حزب الله" اللبناني، بينهم قياديين عسكريين اثنين، أحدهما نجل القائد العسكري للحزب "عماد مغنية"، الذي اغتالته المخابرات الإسرائيلية في دمشق عام 2008.
ويقاتل حزب الله اللبناني إلى جانب قوات الجيش السوري بشكل علني منذ مطلع عام 2013.
غموض الموقف التركي
هناك علامات إستفهام كثيرة حول موقف تركيا فبعد أن أعلنت أنقرة شن غارات على تنظيم داعش في سوريا، سجل أنها إنتقلت إلى ضرب المليشيات الكردية وتركت داعش.
وتشكك بعض المصادر في أهمية الخطوات الأخيرة التي اتخذتها تركيا. وقال مصدر غربي مطلع لوكالة فرانس برس إن "ليس هناك أي تغيير جوهري في السياسة. إن ما يحصل يبقى ظرفيا فقط".
وبحسب المصدر فإن المداهمات التركية الداخلية ضد التنظيمات الإرهابية "استهدفت فقط عناصر غير بارزة في تنظيم داعش والنصرة".
واعتبر ماكس ابراهامز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة نورث ايسترن والعضو في مركز "مجلس العلاقات الدولية" للأبحاث، أن الإجراءات التركية الأخيرة "مرحب بها ولكنها تبقى قليلة ومتأخرة جدا".
ويرى مراقبون أن تركيا تحاول صياغة خطاب سياسي جديد يتماشى مع أهدافها الخفية في حربها ضد سوريا وذلك بمحاولة ايهام الرأي العام الدولي بان أنقرة ستتمكن من قلب الموازين في المنطقة، في حين أنها ظلت طيلة أربع سنوات من الحياد الرسمي المعلن تمارس المناورة السياسية بعيدا عن أي إرادة حقيقية لبسط الأمن في المنطقة حيث سلحت ومولت داعش وسمحت لآلاف المتطوعين بعبور حدودها.
وأكد هؤلاء أن التوازن الذي تبحث عنه تركيا هو خدمة مصالحها لا غير خاصة في سوريا فعندما شعرت بخطورة المكاسب الميدانية للأكراد بدأت الجبهة السورية تثير اهتمامات القيادة التركية المتهمة بدعم الجهاديين وتسهيل مرورهم إلى سوريا.
وتتهم قوات كردية سورية تشكل رأس الحربة في المعركة ضد الجهاديين على الأراضي السورية وتتعاون في كثير من الأحيان مع الجيش السوري، الدبابات التركية مؤخرا بقصف قريتين في محافظة حلب، شمال سوريا يسيطر عليهما مقاتلوها، ما أسفر عن إصابة أربعة منهم.
ونددت وحدات حماية الشعب الكردية في بيان بالقصف مؤكدة انه "بدلا من مهاجمة المواقع التي يحتلها الإرهابيون من تنظيم الدولة الإسلامية، تهاجم القوات التركية مواقع دفاعاتنا وليس ذلك للمرة الأولى". وأضافت "ندعو الجيش التركي إلى وقف إطلاق النار على مقاتلينا ومواقعهم".
تكرار مأساة العراق
كتب محلل عربي فلسطيني: الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية والعربية المنضوية تحت خيمة تحالفها في المنطقة، تتبع في الملف السوري الحرب نفسها التي اتبعتها للتمهيد لاحتلال العراق، ومن ثم تغيير النظام في بغداد، من حيث إقامة مناطق عازلة، وتشديد الحصار الخانق، بما يؤدي إلى خلق فجوة بين النظام والشعب أولا، وبين النظام وجيشه ثانيا، وانهيار منظومة القيم التي تدعو للصمود والمقاومة، واستبدالها بقيم وأخلاق أنانية بحته تبحث عن الخلاص بأي طريقة ممكنة بغض النظر عن الكيفية وهوية الجهة المخلصة.
هناك تطوران رئيسيان في المشهد السوري ربما يؤديان إلى خلط الأوراق والتحالفات، بما يمكن أن يخفف الضغط على النظام السوري ولو بشكل مؤقت:
الاول: الصدام المتصاعد بين النظام التركي وحزب العمال الكردستاني، وانهيار هدنة عام 2013 بين الجانبين، وما يعنيه هذا من احتمال حدوث تصدع في الخريطة الطائفية والعرقية التركية.
الثاني: الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي وما بات يتكشف من ملاحق سرية له تتحدث عن تفاهمات إقليمية بين الطرفين حول الوضع في كل من سوريا والعراق، الأمر الذي أثار ويثير دولا مثل السعودية وتركيا.
اذا بدأنا بالتطور الأول يمكن القول بان الحرب الكردية التركية قد تجعل الأكراد في تركيا وسوريا والعراق يتوحدون بشكل أقوى من أي وقت مضى ضد حكومة أنقرة، ويلتفون في الوقت نفسه حول النظام في دمشق، او يخففون، والأكراد السوريون خاصة، من عدائهم له، والتخلي ولو بطريقة براغماتية مؤقتة عن طموحاتهم بالاستقلال أو إقامة مناطق حكم ذاتي خاصة بهم على غرار كردستان العراق.
مسألة اخرى تستحق التوقف عندها، وهي أن الذهاب إلى انتخابات تركية مبكرة قد تعطي نتائج غير التي يريدها حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب اردوغان، اي الحصول على الأغلبية البرلمانية مجددا، لأن الأكراد قد يتحالفون مع أنصار السوريين في جبهة متشددة تعزز أحزاب المعارضة وهؤلاء يمثلون مجتمعين، بالإضافة إلى أقليات أخرى، أكثر من نصف الشعب التركي.
اما إذا انتقلنا إلى النقطة الثانية وهي الاتفاق النووي الأمريكي، فانه نقل المنظومة الإيرانية، ومن ضمنها سوريا، من خانة الأعداء إلى خانة عدم الأعداء، ولا نقول الحلفاء، وألا نعتقد أن النظام السوري الذي يواجه هذا التحالف الجبار ضده بسبب انحيازه لإيران لن يخرج من جمل الاتفاق بأقل من كبده.
الأكراد هم الهدف
كتب المحلل كمال خلف بداية شهر أغسطس 2015 قررت أنقرة التدخل عسكريا في شمال العراق ضد حزب العمال الكردستاني، وشمال سوريا ضد تنظيم "داعش"، التي طالما اتهمت انقره برعايته وعض العين عن تحركاته العسكرية على حدودها، وتسهيل عبور مقاتليه من اصقاع الارض الى سوريا. وها قد مضى اسبوع على هذا التحرك التركي الذي اعتبره البعض انقلابا في سياسية أنقرة المتردده، استندت فيه انقرة الى الهجمات الارهابية التي تعرضت لها داخل اراضيها، فانبرت الى عقد مشاورات مع الولايات المتحدة اعطت بنتيجتها الحق للطائرات الامريكية في استخدام قاعدة انجرليك للاغارة على مواقع تواجد عناصر تنظيم الدولة داخل سوريا، مقابل ما قالت تركيا انها موافقة امريكية على فكرة انقرة اقامة مناطق آمنة داخل سوريا ومنطقة حظر طيران في عمق 90 كيلومتر داخل الأراضي السورية. وهو مطلب كررت واشنطن رفضه طوال السنوات الماضية من عمر الحرب الدائرة هناك حتى لا تصطدم مع موسكو.
في نظرة فاحصة لأداء التدخل التركي خلال أسبوع، نكتشف ان الاهتمام التركي انصب على ضرب حزب العمال الكردستاني. حصيلة الغارات المتواصلة حتى الآن، بلغت 260 قتيل من حزب العمال و400 جريح بينهم نور الدين ديمرطاش شقيق رئيس حزب الشعوب الديمقراطية الذي فاز مؤخرا في الانتخابات التشريعية التركية، مقابل عدد محدود جدا من الغارات اقتصرت على اليوم الأول فقط على مواقع لتنظيم الدولة في سوريا. وهذا يعطي انطباعا بان إعلان تركيا الحرب على التنظيم ليس إلا غطاء للهدف الحقيقي وهو الانقضاض على حزب العمال الكردستاني.
هذا الهدف الذي بات واضحا وملموسا لاي مراقب للتدخل العسكري التركي ينطوي على الكثير من التداعيات، التي سوف تدفع انقرة الجزء الاكبر من اثمانها.
اعلان تركيا أنها حصلت على الضوء الأخضر الأمريكي لتنفيذ مطلبها القديم إقامة منطقة عازلة في سوريا يحتاج إلى التدقيق أيضا، من وجهة نظرنا تنفيذ هذا المشروع الحلم لتركيا ليس ممكنا على الإطلاق للأسباب التالية:
أولا من سيملأ الفراغ في هذه المنطقة ومن هي الجهة العسكرية المؤهلة لإدارة تلك المناطق؟. هل الستين عنصر الذين تدربهم الولايات المتحدة أم جبهة لنصرة المصنفة إرهابية في قائمة واشنطن والعالم والمتحالفة مع داعش في بعض الأحيان.
ثانيا: أي تدخل عسكري تركي مباشر وخاصة التدخل البري سوف يكون في ميزان موسكو تمددا للناتو وهذا يستلزم رد فعل روسي تتجنبه واشنطن وحلف الناتو معا.
ثالثا: أي محاولة من أنقرة للدخول مباشرة وفرض إرادتها في الشمال السوري سوف يستدعي بالضرورة ردا إيرانيا، من سيمنع إيران من التدخل المباشر إذا اختلت المعادلة، وهذا أيضا لا تريده واشنطن التي تقنع الآن الكونغرس باتفاقها النووي مع طهران.
رابعا والاهم: لم يتم حتى الآن داخل تركيا الاتفاق على تشكيل حكومة توافقية والأرجح أن البلاد ستذهب إلى انتخابات مبكرة وهذا يمنع الحكومة الحالية من اتخاذ خطوات مصيرية لمستقبل البلاد.
لا أريد أن اغفل رسالة واشنطن عبر المبعوث العراقي إلى دمشق والتي قيل فيها كلاما عن الموقف الأمريكي من خطط تركيا في الشمال وهذا متروك للمستقبل القريب الذي سوف يكشف الكثير من الاتصالات خارج الضوء. لهذه الأسباب وغيرها تكون المنطقة العازلة شمال سوريا لا زالت في إطار الحلم التركي الذي لن يتحقق في المدى القريب.
وفي محصلة استنتاجاتنا نشير إلى أن حكومة العدالة والتنمية تراكم خطأ جديدا لسلسة من الأخطاء طوال أربع سنوات ونيف سوف ترتد عليها قريبا وسوف يدفع الحزب ثمنا لها. وسيدفعه في داخل تركيا حتما.
ومن البديهي أن تكون إسرائيل المستفيد الأكبر من هذا الوضع الطارئ الذي قد يطول أمده، سواء في تثبيت دور لها في ما يتجاوز فلسطين إلى دول عربية نازفة وقد ضاع فيها مركز القرار، أو في تقديم نفسها في صورة الصديق المنقذ لبعض الأنظمة العربية.
إن العرب جميعا في مأزق، وهم يدفعون الثمن من حاضرهم ومن مستقبلهم، وفلسطين موجودة فيهما معا.
عمر نجيب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.