ركبت سيارة أجرة سائقها رجل بدأت تظهر عليه علامات التقدم في السن من خلال تجاعيد يده التي يمسك بها المقود، ومن أخاديد وجهه التي رأيت بعضها مع التفاتة سريعة… بدا مشغول الذهن، يحدث نفسه، يتمتم بكلمات غير مفهومة، حتى كاد يصطدم بإحدى السيارات أمامه، لحظة خرج عن طوره، علا صوته واحمرت وجنتاه، وبدأ بالدعاء على أحدهم *اللهم عليك بفلان الذي ظلمني وشغل بالي حتى صرت كالمجنون، اللهم أطل عمري ولا تقبض روحي حتى أرى نهايته، اللهم أرني فيه عجائب قدرتك، اللهم…* ثم تابع دعاءه بعد أن لمست الدمع في عينيه من حشرجة صوته: *في كل ليلة أصحو مع أذان الفجر، أصلي ركعتين وأدعو عليه في سجودي، أنا واثق كما تجلس بجانبي، أن الله سيستجيب لدعائي، فهو يستجيب لدعوة المظلوم وليس عليها حجاب* لم أسمع مكسوراً يدعو بمثل هذه الطريقة من قبل، رفض الرجل الإفصاح أكثر، فهمت من كلامه أن غريمه أحد الجبابرة، لم أعرف طبيعة الظلم الذي تعرض له، أوصيته بالصبر… قلت في نفسي، لو يسمع ظالم هذا الرجل دعاءه عليه ويلمس لوعة قلبه، لربما يصحو ضميره ويدق بابه، طالباً العفو والسماح… تذكرت قول الله تعالى:"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً" ينام الظالم وعين الله لم تنمِ.