عُقد نهاية الأسبوع المنصرم بمدينة بوزنيقة المؤتمر الوطني للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إحدى أبرز التنظيمات الحقوقية والمدنية في المغرب، وسط أجواء طبعها التفاوض المكثف والاصطفاف السياسي، توّج بتشكيل اللجنة الإدارية المكونة من 86 عضوا وعضوة، بينهم 32 امرأة بنسبة 42% و27 شاباً وشابة بنسبة 31%، في خطوة تمهيدية نحو انتخاب المكتب المركزي الجديد يوم 15 يوليوز المقبل. وحسب مصادر مطلعة لموقع "الأول"، فإن المفاوضات بين التيارات السياسية المختلفة داخل الجمعية استغرقت ساعات طويلة، قبل أن تثمر توافقاً بين المكونات الأساسية، يقوم على منح كل تيار تمثيلية تتناسب مع حجمه وتواجده داخل الجمعية، مع شرط أساسي تمسكت به الأطراف المتفاوضة، وهو ضرورة ضمان تمثيلية النساء والشباب في جميع الكوطات الممنوحة. التوافق جرى أساساً بين تيار النهج العمالي، وأعضاء من حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، والحزب الاشتراكي الموحد، بالإضافة إلى المستقلين غير المنتمين. لكن هذا التفاهم لم يشمل تمثيلية الحزب الاشتراكي الموحد داخل اللجنة الإدارية، بعدما فشل ممثلوه في الالتزام بشرط التمثيل المتوازن للنساء والشباب، ما أخرجهم من دائرة التمثيل داخل هذا الجهاز الحيوي، وبالتالي من المكتب المركزي المقبل أيضاً، تقول المصادر. وأثار هذا الأمر استياء داخل الحزب الاشتراكي الموحد، حيث عبّرت قيادته عن غضبها الشديد، واعتبرت أن ما وقع هو تهميش متعمد وإقصاء غير مبرر للحزب من التمثيلية داخل أجهزة الجمعية، معتبرة أن ذلك لا يعكس حجم الحزب ولا تاريخه في دعم القضايا التي تتبناها الجمعية. وعلى الرغم من الحضور القوي لأعضاء فيدرالية اليسار الذين تجاوز عددهم المئة، فإن موازين القوى داخل المؤتمر كانت لصالح النهج العمالي والمستقلين، الذين شكّلوا الكتلة الأكبر والأكثر تأثيراً في النقاشات والقرارات النهائية. هذا التوازن الجديد فتح المجال أمام توافقات غير معلنة لكنها حاسمة، لرسم ملامح القيادة الجديدة للجمعية. وفي انتظار محطة 15 يوليوز التي ستشهد انتخاب المكتب المركزي من طرف اللجنة الإدارية، تشير كل المؤشرات، وفق ذات المصادر، إلى أن الطريق أصبحت ممهدة أمام المحامية سعاد براهمة لتولي رئاسة الجمعية، بعدما حازت على دعم واسع من أطراف مؤثرة داخل المؤتمر، ما يجعلها المرشحة الأوفر حظاً لقيادة المرحلة المقبلة في ظل سياق سياسي واجتماعي دقيق، يتطلب حنكة وتجربة في التسيير والتفاوض. وحسب بلاغ توصل "الأول "بنسخة منه "جرى المؤتمر، المنعقد أيام 23 و24 و25 ماي تحت شعار "نضال وحدوي ضد الفساد والاستبداد والتطبيع، ومن أجل مغرب الديمقراطية وكافة حقوق الإنسان للجميع"، في أجواء من الحماس والنقاش الجاد، بحضور 458 مشاركاً ومشاركة، من بينهم 398 مؤتمراً ومؤتمرة، و60 من الملاحظين والملاحظات، إلى جانب نحو 20 صحفياً وضيفاً". وشملت أشغال المؤتمر عرض ومناقشة التقريرين الأدبي والمالي والمصادقة عليهما، وتشكيل لجنة رئاسة المؤتمر من سبعة أعضاء، وتقديم اللجنة الإدارية السابقة لاستقالتها، ثم المصادقة على الوثائق التنظيمية والبيان العام، وانتهت بالمصادقة على اللائحة النهائية للجنة الإدارية الجديدة المقترحة من طرف لجنة الترشيحات. وطبقاً للقانون الأساسي، فوض المؤتمر تدبير شؤون الجمعية مؤقتاً لرئاسة المؤتمر إلى حين انتخاب المكتب المركزي خلال أول اجتماع للجنة الإدارية الجديدة، المقرر يوم الأحد 15 يونيو 2025.