على خلفية احتدام المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، جراء الهجوم العدواني الذي شنته إسرائيل ضد منشآت نووية وعسكرية إيرانية، واغتيالها أبرز القادة العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين، يتساءل متتبعون عن تداعيات هذه المواجهة على حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وعلى منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة؟ وفي 13 يونيو الجاري، أطلقت إسرائيل "عملية عسكرية كبيرة ومنسّقة" ضد إيران تحت اسم "الأسد الناهض" شاركت فيها أكثر من 200 طائرة حربية، وهو ما ردّت عليه طهران بإطلاق عملية "الوعد الصادق 3″، عبر إطلاق مئات الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة في اتجاه إسرائيل تمكّن العديد منها من تجاوز المنظومات الدفاعية الإسرائيلية والأميركية.
وفي قراءته لخلفيات وتداعيات هذه المواجهة العسكرية، قال أستاذ العلاقات الدولية، خالد الشيات، إن "هذه الحرب قامت على أساس محاولة الربط بين الهجوم العسكري المكثف من الخارج والتنسيق الداخلي من طرف عملاء إسرائيل داخل إيران".
وأضاف الشيات، في تصريح ل"الأيام 24″، أن الهجوم الإسرائيلي على إيران بداية حرب شاملة تتجاوز هدفها المعلن المتمثل في ضرب القوة النووية الإيرانية، إلى محاولة إسقاط النظام الإيراني محورها رأس النظام السياسي الذي هو المرشد الإيراني علي خامنئي، مسجلا أنه "سيكون من المؤلم جدا لإيران أن يغيب عنها رئيسها الروحي".
واعتبر الشيات، أن عامل الوقت أصبح يصب لصالح إيران، خاصة بعد الضربة الصاروخية المفاجئة التي تعرضت لها بداية، مبينا أن طهران استطاعت امتصاص الصدمة الأولى مما مكنّها من إعادة ترتيب أوراقها الداخلية خاصة في ظل ما حققه هجومها على إسرائيل من الناحية الإستراتيجية والعسكرية من نجاحات، مما قد يتيح إعادة التوازن على المستوى العسكري وإعادة قراءة الحرب من جديد.
وسجل أن العامل المحوري في هذه الحرب هو إمكانية التدخل الأمريكي الذي يمكن أن يستغل "حالة الوهن الكبيرة" التي تعيشها إيران مناسبة لضرب برنامجها النووي بشكل مكثف حتى يتم تحييده بصفة نهائية خاصة في منطقة "فورتو"، مع العلم أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي التي تمتلك الأدوات العسكرية والتقنية لضرب هذه المنشآت.
وتابع أنه بدون وجود أي حماية إستراتيجية لإيران من قبل قوى دولية خاصة الصين وروسيا أو أي دولة نووية أخرى في العالم وبدون وجود غطاء إقليمي، فإنه يمكن أن تلجأ الولاياتالمتحدةالأمريكية وفق قراءتها ومصلحتها، لضرب إيران والدخول في هذه الحرب بطريقة مباشرة.
ويمكن من ناحية أخرى، يضيف الشيات، أن تقرأ الولاياتالمتحدةالأمريكية، التوازن الذي تحققه إيران على المستوى الإستراتيجي في هجومها على إسرائيل، مما قد يدفعها لاختيار الجانب السياسي والدبلوماسي والاتجاه نحو توقيع اتفاق نووي مع إيران وبالتالي إيقاف الحرب.
وبخصوص تأثيرات هذه المواجهة العسكرية على قطاع غزة، أعرب الشيات، عن مخاوفه من أن تكون فرصة كبيرة لإسرائيل لوضع واقع أخر في غزة، موضحا أنه "مع توقف الصواريخ الإيرانية بكثافة على إسرائيل يمكن أن تكون لهذه الأخيرة خطة لتحييد الفلسطينيين من غزة وفرض واقع أخر، وهو ما تسعى إليه بطريقة ثنائية بالتوازي مع حربها على إيران".
وعلى مستوى التأثير على منطقة الشرق الأوسط، أكد الشيات، أن الإستراتيجية الإسرائيلية تصاعدية حيث لا يريد نتنياهو إنهاء الحرب الإسرائيلية مع أي طرف تعزيزا لدور اليمين المتطرف الإسرائيلي الأمر الذي يُعيد إسرائيل إلى نقطة البداية كدولة صهيونية يهودية، ويقطع الطريق على أي تحولات داخلية في إسرائيل، وبالتالي السعي إلى مزيد من الهيمنة على الصعيد الإقليمي.
وختم الشيات، تحليله بالتساؤل: هل ستتوقف الإستراتيجية الإسرائيلية عند غزةوإيران أم أنها ستمتد إلى دول أخرى في إطار تصوراتها لما يهدد وجود الدولة العبرية؟، مردفا أن هذا يتوقف على طبيعة التعامل مع حكومة نتنياهو واليمين المتطرف الذي هو في قمة توافقه مع أمريكا التي تتبنى بدورها منهجا يمينيا وتصورات تتوافق مع وجود إسرائيل واستمرارها تثبيتا لرؤى ذات طبيعة عقائدية وتصورية بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية.