يواصل الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، مساعيه لتقريب وجهات النظر بين مكونات اليسار المغربي، في مبادرة سياسية جديدة تروم جمع القوى التقدمية في جبهة موحدة قادرة على تقديم بديل ديمقراطي قوي.
وأكدت مصادر مطلعة أن هذه "المشاورات الأولية"، التي شملت لقاءات فردية جمعته بكل من جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، وعبد السلام العزيز، الأمين العام لفيدرالية اليسار الديمقراطي، تمهد لعقد "اجتماع ثلاثي حاسم"، يهدف إلى إطلاق حوار وطني يساري – يساري. وأضافت المصادر أن الغاية هي التوصل إلى حد أدنى من التوافق، ووضع تصور بديل قبيل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
ووفق نفس المصادر، فإن هذه اللقاءات بعثت تباشير إيجابية لكنها ذات طبيعة تمهيدية لا تلزم الأطراف بخلاصات نهائية في الوقت الراهن، إذ سيتم عرض مخرجاتها على المكاتب السياسية لكل حزب على حدة. غير أن التفكير في تحالفات قبلية بين أحزاب تتقاسم المرجعية نفسها، اعتبر خطوة مهمة من أجل تموقع أفضل للفكر الاجتماعي الديمقراطي داخل السياسات العمومية.
مصادر حزبية أشارت إلى أن النقاشات تطرقت إلى إمكانية الترشح المشترك في بعض الدوائر الانتخابية، لكن دون التسرع في الحسم، حيث ركزت المشاورات أساسا على كيفيات التنسيق النضالي في قضايا متعددة، من بينها الاستحقاقات المقبلة، في ظل الحاجة إلى قوة يسارية اقتراحية قادرة على مواجهة "التراجعات الخطيرة التي تعرفها البلاد على مستويات عدة.
أما بخصوص غياب حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن هذه الجولة من التنسيق، فقد شددت مصادر حزبية على أن المبادرة ما زالت مفتوحة أمام حزب "الوردة" للالتحاق بهذا المسار، بما من شأنه توسيع خريطة التوافق وتقليص الهوامش الخلافية بين مكونات العائلة اليسارية.
الاهتمام بهذه المبادرة تَعزز، بحسب مراقبين، بتأثر النقاش المغربي بتجربة "الجبهة الشعبية الجديدة" في فرنسا، التي تمكنت في انتخابات يوليوز 2024 من تحقيق اختراق لافت بحصولها على 182 مقعدا في الجمعية الوطنية الفرنسية.
ويعتبر محللون أن "السياق المغربي الحالي، وما يعرفه من هيمنة المال السياسي والفساد الانتخابي، يحتاج إلى تصور جديد قائم على التحالفات التقدمية، مشيرين إلى أن التشرذم اليساري ساهم في إضعاف حضوره داخل المؤسسات المنتخبة وتقليص تأثيره في صناعة القرار العمومي.
وبذلك، تبدو مبادرة بنعبد الله محاولة لإحياء حلم "الوحدة اليسارية" الذي رافق الحياة السياسية المغربية منذ عقود، في أفق تشكيل جبهة قادرة على إعادة الاعتبار للفكر التقدمي وإحداث التوازن داخل المشهد الحزبي.