برقية تهنئة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية بولندا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    جنازة الحقوقي عبد العزيز النويضي عصر اليوم في مقبرة بجماعة واد الشراط    معدل البطالة يلامس 14 بالمائة ومناصب الشغل تواصل انحدارها بالعالم القروي    أسعار الذهب تتجه للانخفاض للأسبوع الثاني تواليا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    "فاو": ارتفاع أسعار الغذاء عالميا للشهر الثاني على التوالي    حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الاسلامي يعلن ترشح رئيسه للانتخابات الرئاسية في موريتانيا    تركيا توقف التبادل التجاري مع إسرائيل بسبب "المأساة الإنسانية" في غزة    مراسلون بلا حدود عن 2024.. ضغوط سياسية على الاعلام والشرق الأوسط "الأخطر"    بركة يعلن عن خارطة طريق للبنيات التحتية استعدادًا لكأس العالم 2030    جدول مواعيد مباريات المنتخب المغربي في أولمبياد باريس 2024    لقجع يعلن انطلاق مشاريع مونديال 2030    ملف "اليملاحي".. "جرائم الأموال" بالرباط تقضي بعدم الاختصاص وتعيده إلى ابتدائية تطوان    بنموسى : إصلاح المنظومة التربوية الوطنية ورش استراتيجي يتطلب تعاون جماعي    انطلاق خدمات 14 مركزا للرعاية الصحية الأولية بجهة فاس مكناس    رسميا.. النادي القنيطري يتعاقد مع عبد الرحيم شكيليط خلفا للمدرب الساخي    المغرب يتقدم للمركز 129 في مؤشر حرية الصحافة و"مراسلون بلا حدود" تؤكد استمرار التضييق على الصحافيين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    في الذكرى 42 لتأسيسها.. الإيسيسكو تواصل النهوض برسالتها الحضارية وتلبية تطلعات دولها الأعضاء بمجالات اختصاصها    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    موزمبيق.. انسحاب قوات مجموعة تنمية افريقيا الجنوبية يفتح الطريق أمام حالة من عدم اليقين    توقف أشغال طريق بين مكناس وبودربالة يثير غضب السكان بالمنطقة    النفط يتجه لتسجيل أكبر انخفاض أسبوعي في 3 أشهر    احتجاجات أمام القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء تضامنا مع طلاب الجامعات الداعمين لغزة    المكتب المركزي للأبحاث القضائية يعلن تفكيك خلية إرهابية من 5 عناصر    عدلي يشيد بتألق "ليفركوزن" في روما    اختتام الدورة الثانية لملتقى المعتمد الدولي للشعر    الكعبي يسجل "هاتريك" ويقود أولمبياكوس للفوز أمام أستون فيلا في دوري المؤتمر الأوروبي    حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة    غامبيا.. بوريطة يتباحث مع نظيره الغابوني    شمس الضحى أطاع الله الفني والإنساني في مسارها التشكيلي    إيقاعات الجاز تصدح بطنجة بحضور مشاهير العازفين من العالم    بنك المغرب…66 في المائة من أرباب المقاولات الصناعية المغاربة يعتبرون الولوج إلى التمويل "عاديا"    أوريد: العالم لن يعود كما كان قبل "طوفان الأقصى"    الفرقة الجهوية دالجندارم طيحات ريزو ديال الفراقشية فمدينة سطات    ريم فكري تفاجئ الجمهور بأغنية "تنتقد" عائلة زوجها "المغدور"    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    "تقدم إيجابي" فمفاوضات الهدنة.. محادثات غزة غتستمر وحماس راجعة للقاهرة    انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا    الدوري الأوربي: ليفركوزن يعود بالفوز من ميدان روما وتعادل مرسيليا واتالانتا    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    بلاغ هام من وزارة الداخلية بخصوص الشباب المدعوين للخدمة العسكرية    رسالة هامة من وليد الركراكي ل"أسود" الدوريات الخليجية    مناهل العتيبي: ما تفاصيل الحكم على الناشطة الحقوقية السعودية بالسجن 11 عاماً؟    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    تطوان: إحالة "أبو المهالك" عل سجن الصومال    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين عدستيّ العين والكاميرا

لم يكن مخرج الأفلام التسجيلية السوفياتي الأصل تزيغا فيرتوف مبالغا عندما فضل، في عشرينات القرن المنصرم، العين السينمائية، وهي عدسة الكاميرا، على العين البشرية، لأنها حسب فيرتوف تمتلك ميزة تسجيل تفاصيل مهمة من الواقع اليومي لحياتنا بعد أن تفصلها من الواقع وتضعها في إطار فاصل (إطار الصورة) لتصبح بعد ذلك تحت مجهر وعينا كي نتأملها و ندرسها بعناية، تماما كما يفحص عالم الأحياء تحت مجهره عينات مختبرية فصلها من الطبيعة. أن فيرتوف فهم «العين السينمائية» عى أنها ما لا تراه العين وهي ميكروسكوب وتلسكوب الزمن وهي إمكانية الرؤية بدون حدود وأبعاد.
في ذلك التاريخ كان فيرتوف منبهرا بالماكنة التي أخذت تحرك حياة البشر بسرعة فائقة. فهو تصور أنها، وهو لم يكن مخطأ في ذلك، ستنقل الأنسان من عالم العبودية إلى عالم يكون فيه البشر مرفهين وأحرار. هذا الأندفاع «الثوري» دفع بصانع الأفلام التسجيلية إلى القيام في تلك الحقبة من بدايات الفن السابع بتجارب كبيرة على الكاميرا.
أراد فيرتوف أن يثبت في بحوثه السينمائية الجديدة أن عين الكاميرة تتفوق على العين البشرية، فأخذ يبحث في مختبره على تلك الآلة الخارقة التي ستسجل ومن ثم تعيد تنظيم المرئي على شريط السيلوليد... إنها وبإختصار الكاميرا السينمائية!
من كل هذا العرض نرى أن فيرتوف أراد أن يقول شيئا مهما، وهذا ما إستوقفني في هذا المقال، مفاده أن هنالك تعارض بين «الحياة كما هي» من زاوية العين البشرية الناقصة و»الحياة كما هي» من وجهة نظر الكاميرا. هذا التفوق «الفيرتوفي» (نسبة إلى فيرتوف) فيه شيء من النبوءة خاصة عندما نرى في أيامنا هذه هوس البشر الكبير بالصورة التي كثيرا ما نجري خلفها بعدسات هواتفنا النقالة، وهو هوس أن نصور أي شيء يقع تحت أعيننا مهما كبر أو قل شأنه: طفل يجري في حديقة عامة، طاولة مأكولات بيتنا، نافذة مفتوحة على الفضاء، سماء زرقاء أو قطة تعبر شارع عام... أو أن نصور وبكل بساطة أنفسنا (سيلفي) في كل الحالات والإحتمالات، الأمر الذي لم يتوقف على النساء وحدهن وإنما نافسهن الرجال أيضا في حب الظهور أمام عدسة الكاميرا! ولا أدل على ذلك ما يحدث اليوم لملايين السياح عبر القارات اللذين لا يرون المشهد الذي أمامهم إلا بعين الكاميرا خاصة وقد أصبحت اليوم كاميرا في كل جيب مع أجهزة التلفونات الحديثة.
أليس في هذا إذن إنتصار لفيرتوف عندما تنبأ بسلطة وتفوق «عين الكاميرا» على العين البشرية، أليس فيرتوف محقا عندما قال بإنتصار «الحياة كما هي» من وجهة نظر عين الكاميرا وليس من زاوية عين الإنسان؟ وأخيرا أليس في كل هذا إنتصار حقيقي للسينما في شكلها التسجيلي (الوثائقي) الصافي، وهو بداية مبشرة بالخير لسينما «الحقيقة أو الواقع»، هذا المصطلع الذي أعاد الآن للسينما التسجيلية الحياة من جديد والذي سجل براءة إختراعه صانع الأفلام الكبير تزيغا فيرتوف منذ بدايات القرن المنصرم.
*مخرج سينمائي وأكاديمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.