دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    الوالي التازي: المشاريع يجب أن تكون ذات أثر حقيقي وليست جبرا للخواطر    47735 شكاية وصلت مجلس السلطة القضائية والأخير: دليل على اتساع الوعي بالحقوق    مقترح عفو عام عن معتقلي حراك "جيل Z"    الحموشي يتقلَّد أرفع وسام أمني للشخصيات الأجنبية بإسبانيا    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    تحيين مقترح الحكم الذاتي: ضرورة استراتيجية في ضوء المتغيرات الدستورية والسياسية    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    هجوم انتحاري خارج محكمة في إسلام آباد يودي بحياة 12 شخصاً ويصيب 27 آخرين    ماكرون يؤكد رفض الضم والاستيطان وعباس يتعهد بإصلاحات وانتخابات قريبة    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    "أسود الأطلس" يبدؤون استعداداتهم لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    مونديال أقل من 17 سنة.. المغرب يتعرف على منافسه في الدور المقبل    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة ويرسل شخصا إلى المستعجلات    مديرية الأرصاد الجوية: أمطار وثلوج ورياح قوية بهذه المناطق المغربية    الرشيدي: إدماج 5 آلاف طفل في وضعية إعاقة في المدارس العمومية خلال 2025    إطلاق طلب عروض دولي لإعداد مخطط تهيئة جديد في 17 جماعة ترابية بساحل إقليم تطوان وعمالة المضيق-الفنيدق    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    استئنافية الحسيمة تؤيد أحكاما صادرة في حق متهمين على خلفية أحداث إمزورن    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    والآن سؤال الكيفية والتنفيذ .. بعد التسليم بالحكم الذاتي كحل وحيد    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    تعاون اليونسكو ومؤسسة "المغرب 2030"    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البوركيني والإسلاموفوبيا والمتغيرات الأوروبية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 05 - 09 - 2016

عندما كلفتني اللجنة العلمية في مهرجان الجنادرية (2014 ,2015) بالكتابة عن «الرؤية الألمانية للعرب والإسلام» في ذروة تظاهرات «بيغيدا» ضد الهجرة الإسلامية، وقبل الموجة السورية الأخيرة، غرقْتُ بعض الشيء في التاريخ، بسبب معرفتي الجيدة بالاستشراق الألماني. لكنْ عندما وصلْتُ للفقرة الأخيرة في المحاضرة، وتعرضْتُ لتظاهُرات حركة «بيغيدا» اليمينية (مع بعض اليسار المتطرف!) ذكرتُ أنّ الأوروبيين تغيروا كما تغير العرب والمسلمون وربما أكثر. إذ لا ينبغي أن ننسى أنّ الفرنسيين اشترعوا قانوناً ضد النقاب في التسعينيات، ثم ضد الحجاب في مطالع القرن الجاري، وكلُّ ذلك في عهد شيراك الذي كانت علاقاته العربية والإسلامية ممتازة. وعندما كانت أحداث الاحتجاج تتفاقم في أحياء الهوامش بباريس في السبعينيات والثمانينيات، كان اليسار لا يزال مسيطراً في أوساط الشبان ذوي الأصول المغاربية. لذلك أذكر أنّ الرئيس جيسكار ديستان قال مرةً إنّ الشيوعيين واليساريين هم الذين يثيرون الشبان المغاربة ضد الحكومة! وعندما بدأ الحديث عن «الخطر الأخضر» أواخر الثمانينيات مع انهيار الاتحاد السوفييتي، باعتباره البديل المنتظر للتوتاليتارية الشيوعية، كان ذلك يعني (مع بعض المبالغة) تغيراً في اتجاهات الشبان المسلمين باتجاه «عودة الدين». بيد أنّ «عودة الدين» كانت قد صارت وقتها ظاهرةً عالميةً تناولت كل الأديان الكبرى.
على أنّ التلوين الديني لموجات العولمة وما بعد الحداثة إنما حدث لدى الإنجيليات الأميركية، أما في أوروبا فإنّ المتغيرات في الساحتين الاجتماعية والسياسية كانت ذات صبغة يمينية لا تهتم كثيراً للدين، بل لقضايا الهوية والهجرة، ويأتي الدين كعامل ثانوي. والطريف أنّ كثيراً من مفكري اليمين الجديد (في أوروبا وأميركا!) كانوا من أصول ماركسية راديكالية أو ما صار يُعرفُ في الستينيات والسبعينيات باليسار الجديد، والذين سُمُّوا فيما بعد في أميركا بالذات بالمحافظين الجدد، والذين أثروا كثيراً في السياسات الأميركية أيام ريجن وبوش الابن. لكنّ الأهمَّ أنهم أثّروا في المزاج الشعبي العام. وهؤلاء اليمينيون الجدد والقُدامى لا يثقون بالدولة الليبرالية المتضخمة، ولا بسياساتها في الرفاه وتقديم اعتبارات الملفّ الاجتماعي، والسياسات الضريبية والتقليدية التي اعتبروها قاسيةً على الطبقات الوسطى. ومن تلك السياسات الإنفاق الاجتماعي الواسع وتعويضات البطالة، والضمان الصحي العام، وإلزامية التعليم المجاني. والبارز للعيان في كل تلك الملفات السياسات الليبرالية للهجرة وقبول المهاجرين ومزاحمتهم للمواطنين الأصليين على فُرَص العمل، وسرعة اكتسابهم للجنسية.
إنّ ضغوط اليمين الجديد، والذي اكتسب شعبيةً لدى الطبقات الوسطى الصغيرة الخائفة على وظائفها، سرعان ما اتخذت طابعاً ثقافياً. فجرى الحديث عن الهوية العامة للمجتمع والدولة، ومن ذلك أنّ المسلمين «مختلفون» ويأبون الاندماج. وكان هناك من قال: نحن الأوروبيين تركْنا مسيحيتنا، لكنْ ليس لنستبدلَ بها ديناً آخر، يبدو أتباعه في المظهر العام، كأنما هم آتون من العصور الوسطى! ويذكر الأستاذ الأميركي Heppard في كتابه عن «الدول الديمقراطية والسياسات الدينية» (2007)، أنه ولأسباب انتخابية، فإنّ الأحزاب الكبرى في أميركا وأوروبا والهند (حتى العلماني منها) حاولت منذ السبعينيات والثمانينيات) أن تنافس الحركات الدينية واليمينية على الدين اكتساباً لأصوات المتدينين.
وهكذا فإنّ التغيير الكبير الذي لاحظه العالم في الإسلام والمسلمين عندما هجمت «القاعدة» على الولايات المتحدة عام 2001، كان يجري مثله وإنما باتجاهاتٍ معاكسةٍ في أميركا وأوروبا، وفي أوروبا أكثر من أميركا.
إنّ الحديث الكثير عن التعددية الثقافية ما نفع، لأنّ هناك موجة شعبية زاخرةً ما عادت تأبه لليبراليات وللديمقرطة الراديكالية، وللسياسات الديمقراطية الموروثة والمنفتحة. ولذا فبعد منع النقاب والحجاب (بفرنسا)، والمآذن (بسويسرا)، انطلقت موجات الإسلاموفوبيا في مواجهة «الإرهاب الإسلامي» الذي ضرب أوروبا. وقد استغلّ اليمين تلك الموجة، ليجتذب الجمهور الخائف والساخط، وما تزال المزايدات رائجةً. لكنّ أوروبا ونظامها بعد الحرب الثانية يتصدعان، ومن مظاهر هذا التصدع أنهم ضاقوا ذرعاً حتى ب«البوركيني»، وأن سائر الأحزاب خضعت لضغوط الشارع، وما عادت تأبه للعلمانية وحقوق المواطنة. كما تتصدع الدول العربية والإسلامية تحت وطأة الانشقاقات في الدين والاجتماع!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.