الجديدة.. انطلاق الدورة السادسة لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني    كومان : الأجهزة الأمنية المغربية نموذج ريادي في مواكبة التنمية وصون الأمن    الهاكا توجه إنذارا للقناة الأولى بسبب "تغليط الجمهور" بإشهار "اتصالات المغرب" ضمن سلسلة رمضانية    الوزير كريم زيدان في لقاء مفتوح مع مؤسسة الفقيه التطواني    حزب الاستقلال يستحضر منظومة القيم في فكر علال الفاسي بمناسبة الذكرى 51 لرحيله    اسبانيا تعلن توقيف عنصر موالي ل "داعش" بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    بمشاركة المغرب..انطلاق أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين ببغداد    وكالات روسية: بوتين يستضيف أول قمة روسية عربية في أكتوبر المقبل    الرئيس الكوري السابق يغادر حزبه قبيل انتخابات مبكرة    تعاون أمني مغربي-إسباني يفضي إلى توقيف عنصر إرهابي في غوادالاخارا    نهضة بركان أمام فرصة ذهبية للاقتراب من المجد القاري ضد سيمبا التنزاني    الوداد يواجه بورتو البرتغالي وديا في ثاني مبارياته التحضيرية لمونديال الأندية    موعد مع التاريخ.. "الأشبال" يطمحون للظفر بلقب أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة وتكرار إنجاز 1997    إفران تعتمد على الذكاء الاصطناعي للوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها    الأميرة للا حسناء تترأس حفل افتتاح الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    شرطة بني ملال تستعرض إنجازات    من العروي إلى وجدة.. مطاردة أمنية تنتهي باعتقال أخطر لص سيارات    الفيفا تكشف توقعاتها لمداخيل كأس العالم 2030.. إيرادات غير مسبوقة    محمد صلاح مهاجم ليفربول يحدد موعد اعتزاله    مغرب الحضارة: أولائك لعنهم الله لأنهم سرطان خبيث الدولة تبني وهم يخربون.. ويخونون    كيوسك السبت | انخفاض المساحات الغابوية المتضررة من الحرائق سنة 2024    "السينتينليون".. قبيلة معزولة تواجه خطر الانقراض بسبب تطفل الغرباء    عملية سرقة بمؤسسة "روض الأزهار" بالعرائش: الجاني انتحل صفة ولي أمر واستغل لحظة غفلة    احتفالية مهيبة بمناسبة تخليد الذكرى التاسعة والستين لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني بالعرائش    ورشة تكوينية حول التحول الرقمي والتوقيع الإلكتروني بكلية العرائش    الزيارة لكنوز العرب زائرة 2من3    تأييد الحكم الابتدائي في قضية رئيس جماعة تازروت القاضي بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    الاتحاد الأوروبي يجدد رفضه القاطع الاعتراف ب"كيان البوليساريو" الانفصالي    سميرة فرجي تنثر أزهار شعرها في رحاب جامعة محمد الأول بوجدة    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي عند الدخول الجامعي 2025-2026    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تترأس حفل افتتاح الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    أقصبي: استوردنا أسئلة لا تخصنا وفقدنا السيادة البحثية.. وتقديس الرياضيات في الاقتصاد قادنا إلى نتائج عبثية    ملتقى ينادي بتأهيل فلاحي الشمال    الدرهم يرتفع بنسبة 0,4 في الماي ة مقابل اليورو خلال الفترة من 08 إلى 14 ماي(بنك المغرب)    ‬الشعباني: نهضة بركان يحترم سيمبا    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    اليماني: تحرير أسعار المحروقات خدم مصالح الشركات.. وأرباحها تتجاوز 80 مليار درهم    للجمعة ال76.. آلاف المغاربة يشاركون في وقفات تضامنية مع غزة    موسم طانطان: شاهد حيّ على ثقافة الرحل    أبرز تعديلات النظام الأساسي ل"الباطرونا"    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    المغرب يواجه جنوب إفريقيا في المباراة النهائية لكأس أمم إفريقيا للشباب    ترامب: كثيرون يتضورون جوعا في غزة    تغازوت تحتضن مؤتمر شركات السفر الفرنسية لتعزيز التعاون السياحي المغربي الفرنسي    لازارو وزينب أسامة يعلنان عن عمل فني مشترك بعنوان "بينالتي"    متحف البطحاء بفاس يستقطب آلاف الزوار بعد ترميمه ويبرز غنى الحضارة المغربية    من طنجة إلى مراكش.. الصالون الوطني لوكالات كراء السيارات يتوسّع وطنياً    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    تزايد عدد المشردين يقلص الدخول إلى مطار مدريد    ابتلاع الطفل لأجسام غريبة .. أخطار وإسعافات أولية    دراسة: الاحترار المناخي يهدد أوروبا بانتشار وبائي لحمى الضنك وشيكونغونيا    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنازتان ومغربان...إرادة المصادرة على الوهابية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 31 - 03 - 2012

طنجة والمضيق لا يفصل بينهما سوى حوالي 70 كيلومترا، يجمعهما الانتماء إلى الوطن وإلى تاريخه المتعدد وحضارته المتنوعة. لكن، خلال الأسبوعين الأخيرين أريد لهما أن يعيشا على وقع «خلاف» يبعد عنهما آلاف الكيلومترات.
فطنجة فقدت أحد أبنائها المغاربة جراء عمل إرهابي فوق التراب البلجيكي، والمضيق رزئت، هي الأخرى، في أحد شبابها نتيجة عمل إرهابي، أيضا، فوق التراب الفرنسي. وخلال تشييع جنازة الفقيدين كان العلم المغربي حاضرا بقوة سواء في طنجة أو في المضيق، كانت الإشارة واضحة من طرف أهل الضحيتين، الانتماء لهذا الوطن لا تحول دونه مسألة التجنس بجنسية أخرى ولا الانتماء إلى مذهب.
لكن، بعد انتشار خبر مقتل وأثناء جنازة الإمام المغربي عبد الله الدهدوه بطنجة غابت الدولة وغابت الحكومة، بالمقابل حضرتا بقوة خلال مقتل وتشييع المضلي عماد بن زياتن وعلى أعلى مستوى. المشهد كان قاسيا، بل قاسيا جدا، أن تغيب الدولة والحكومة عن التنديد بمقتل مواطن مغربي مهاجر وتقاطع عزاءه وجنازته، بسبب أنه مغربي مسلم شيعي.
إنه لأمر محزن أن يصل المغرب إلى حد التمييز بين أبنائه على أساس اختياراتهم المذهبية، فهل بعد الذي وقع يمكن الحديث عن مغرب تسود فيه «قيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء»، كما نص على ذلك الدستور؟.
ما وقع يجعلنا نخشى من الغلو الذي وصل إليه التنميط المذهبي الإيديولوجي حتى أنسانا ذاكرتنا وعمق تاريخنا وحضارتنا. ما وقع يجعلنا نتساءل حول مدى الاختراق الوهابي السلفي وكيف يراد لنا أن نعيش معارك بالوكالة، معارك وخلافات ليست ولم تكن قط ضمن أولوياتنا، لأن رحاها يدور على خطوط تماس في المشرق العربي لاعتبارات جيوسياسية وإقليمية معروفة.
تاريخنا يقول إننا نحن البلد السني الذي عاشت وتلاقحت فيه عدة مكونات، أمازيغية وعربية وعبرية وإفريقية وأندلسية، شكلت مزيجا حضاريا استثنائيا. تاريخنا يقول إننا نحن البلد السني المتعدد عرفنا تشيعا رقيقا ورهيفا، على مر تاريخنا، يمكن أن نصفه بت «التشيع السني»، ولم يكن قط محط صراع أو صدام. تاريخنا يقول إن الدولة في المغرب بنت شرعيتها، مند الأدارسة مرورا بالسعديين وانتهاء بالعلويين، على الانتماء إلى آل البيت، وأن الشرفاء، وهم آل البيت، كانوا محط توقير واحترام إلى اليوم في الثقافة الشعبية. ويقول تاريخنا، أيضا، إننا البلد السني الوحيد الذي يحتفي بطقس عاشوراء دون أن يشكل ذلك أي تناقض أو صدام.
اليوم، يراد لنا أن نعيش نفس التوتر الذي تعرفه الحدود السعودية والإيرانية لتهريب الخصوصية التي طبعت المغرب، لذلك لم يكن مستغربا أن يتم التمهيد والتمكين للاختراق الوهابي السلفي عبر المغالاة في التحذير، بشكل لا يتوقف، من «الاختراق الشيعي والعلماني»، كما جاء في كتابات بعض المحسوبين على المؤسسة الدينية. طبعا هذا «التحذير» سيجد من يعلي من درجته، سواء في «حركة التوحيد والإصلاح» أو باقي التيارات الأصولية.
ما معنى هذا التحذير؟ أليس هدفه هو محاربة الخصوصية الدينية للمغاربة واستيراد إشكالات دينية من المشرق بدعوى «الاختراق الشيعي» والنفخ فيه بدون تدقيق، ومحاربة التيارات الحداثية والديمقراطية تحت مبرر «الاختراق العلماني»؟.
ما وقع مؤخرا يجعلنا نتساءل ونساءل الدولة عن خطورة الاختراق الوهابي والسلفي للنسيج الداخلي الوطني، وهل من مصلحتنا أن تنتقل حدودنا إلى انفعالات المشرق العربي. فالأصوات التي تحذر من مكون أصيل في تاريخ المغرب وتيار عقلاني تحديثي، تفعل ذلك للتمكين لاختراق سياسي تحت غطاء ديني يستلهم إشكالات مشرقية منفعلة ومتشددة.
مقاطعة الحكومة لجنازة الإمام عبد الله الدهدوه وعدم تنديدها بحادث مقتله، وهي التي اعتادت أن تواكب ما يتعرض له المهاجرون المغاربة من اعتداءات، لا يمكن قراءته سوى بكونه تصريف لنظرة مذهبية إقصائية مغالية في التشدد. ما وقع هو رد فعل إيديولوجي ديني لتيار معين لا يستقيم مع منطق الدولة الراعية للجميع، وهنا مكمن خطورته. أي خطورة أن تصبح الأصولية تمارس «ولاية الفقيه» علينا مجتمعا ودولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.