فجرعبد المغيث السليماني، الكاتب العام السابق لصندوق الضمان الاجتماعي ماعتبره البعض حقائق جديدة في تصريحاته أمام هيئة المحكمة، عندما أقر أن من كان يتحكم في تسيير الصفقات الخاصة بالصندوق، هم نقابيون من الاتحاد المغربي للشغل، بالنظر إلى أنهم كانوا يشكلون الأغلبية في المجلس الإداري. وأضاف أن النقابة العمالية كانت تتصرف كما تشاء في قرارات المجلس الإداري، نظرا لقوتها ومكانة المشرفين عليها لدى جهات نافذة. الكاتب العام للنقابة التي اتهمها السليماني بالوقوف وراء الاختلالات المالية العميقة التي يعرفها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، وفي خرجة إعلامية له صب جام غضبه على المقاربات المعتمدة في صرف واستثمار انخراطات العمال والمأجورين في صناديق التقاعد، منذ 1960 إلى اليوم، منبها أنه لو استثمرت هذه الأموال، في وقتها، لما كنا سنقع في هذا العجز الذي نرفض أن يتحمل المأجورون تبعاته أو أن يتم تداركه على حسابهم . مضيفا أنه عندما نتحدث عن صناديق التقاعد، نتحدث عن ملايير الدراهم صرفت في بناء منشآت لن تلجها الطبقة العاملة طيلة حياتها. اتهامات متبادلة لكن الحقيقة أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعيش وضعية جد متأزمة تنذر بأزمة اجتماعية كبيرة . هي إذن سنوات سوداء مرت من تاريخ الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، سنوات ضرب فيه التسيب رقما قياسيا بالمؤسسة المذكورة سنؤدي ثمنه غاليا، تسيب عنوانه الاختلالات المالية في حساباته والمصاريف الخيالية لمجموعة كبيرة من المسؤولين به، وتلاعبات مجموعة من المفتشين في لوائح المصرح بهم من طرف المشغلين واللائحة طويلة. الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو «صندوق سيدنا سليمان» والذي كان تحت إمرة «الأربعين حرامي» منذ السبعينيات إلى سنوات الثمانينيات والتسعينيات، كان لا يخضع لأية مراقبة من طرف الدوائر الرسمية، كان بمثابة البقرة الحلوب أو الاحتياطي المالي الذي لاينضب لأباطرة الفساد آنذاك، وكل واحد من مكونات هذه الامبراطورية ينهب «بمعرفته». منهم من كان متخصصا في الصفقات الكبرى للصندوق، ومنهم من لهف الملايين من الحسابات المالية وأطلق ساقيه للريح خارج الحدود قبل فوات الأوان، وهناك من استفاد من مصحات الصندوق والمشاريع المرتبطة بها، ومنهم من تواطأ مع الباطرونا لأكل عرق العمال مقابل رشوة تتضخم حسب حجم المقاولة، وآخرون جابوا العالم على حساب مالية الصندوق والبعض الآخر استفاد من المخيمات الصيفية التابعة له، وآخرون وآخرون واللائحة طويلة.. لايجب أن يؤخذ تصريح الكاتب العام الأسبق للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على أنه محاولة فقط لتبرئة الذمة ونفي التهم الموجهة إليه ، كما لايجب أخذ كلام الكاتب العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل على أنه مجرد دفاع عن الطبقة العاملة. يجب على القضاة أن يبحثوا عن الأسماء الحقيقية للمتورطين في مستنقع الضمان الاجتماعي عوض الاكتفاء بأكباش فداء. فالسيد عبد المغيث السليماني كان في هرم الإدارة بالصندوق ولابد أن كلامه بني على معطيات مضبوطة وبالتالي يستوجب أخذ تصريحاته مأخذ الجد. التسريبات الخاصة بالصندوق أصابت الرأي العام المغربي بالذهول، فحجم الأموال المختلسة المعلن عنها لايمكن لأحد أن يصدقها. لقد كان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خلال تلك الفترة وكرا من أوكار الفساد، ساهم فيه بعض أباطرة العمل النقابي بالاتحاد المغربي للشغل إن بصمتهم أو بتواطئهم، كان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بمثابة مجمع لتوظيف الأهل والأقارب والأصحاب والأحبة والمنعم عليهم، وضعية أغرقت الصندوق في مستنقع سنرى كيف سيتعامل معه القضاء...