العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    وفد قضائي وطني رفيع يزور جماعة الطاح بطرفاية تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء واستحضاراً للموقع التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    هنا المغرب    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    السمارة: توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التسويق الترابي والتعاون الاقتصادي الإفريقي    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضيحة بناء مرآب فوق »مزار» بدوار انعايم قيادة الغنادرة بسيدي بنور
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 21 - 02 - 2013

باشرت الضابطة القضائية بمركز الدرك الملكي بالزمامرة منذ أيام التحقيق في شكاية لأحد المواطنين مفادها طمس معالم مزارة الولية الصالحة « للا أم زهرة « المتواجدة بدوار انعايم جماعة أولاد سبيطة قيادة الغنادرة فقد قدمت مجموعة من الساكنة شكاية في الموضوع تطالب من كل الغيورين على المآثر التاريخية التدخل لأجل حمايتها. جريدة الاتحاد الاشتراكي انتقلت إلى عين المكان قصد معرفة حقيقة الأمر
و تعد الشكاية في موضوع « الإضرار بالمقدسات و طمس معالم الضريح « المسجلة تحت عدد 184 ش 13 بتاريخ 17 يناير 2013 لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بسيدي بنور الأولى من نوعها على الصعيد الجهوي و الفريدة بالإقليم ، و التي قد تكشف عن معطيات جديدة في الموضوع ، و حسب الشكاية التي استمعت الضابطة القضائية بمركز الدرك الملكي بالزمامرة إلى مجموعة من الشهود في شأنها يؤكد من خلالها المشتكي كون المشتكى بهما ضربا عرض الحائط تاريخ هذه الولية الصالحة و قاما بالترامي على الضريح و شيدا على أرضه مرآبا و أحدثا بالضريح خسائر فادحة ، ونظرا لما يكتسيه الموضوع من أهمية و خطورة في نفس الوقت فقد أعطى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسيدي بنور تعليماته قصد البحث في الموضوع مع تقديم المتهمين لتقول العدالة كلمتها في النازلة ، الأمر الذي حصل بالفعل حيث تقرر بعد الاطلاع على شهادة الشهود و وثائق الملف بمتابعة المتهمين بما نسب اليهما و احالة الملف على رئاسة المحكمة لجلسة يوم 21 فبراير 2013 .
بداية الحكاية كانت شكاية
صباح يوم الثلاثاء الماضي توصلت الجريدة بشكاية مفادها طمس معالم ضريح الصالحة للا أم زهراء التي كانت ترقد بدوار النعايم أولاد اسبيطة قيادة الغنادرة ، وتضيف الشكاية كون أحد أبناء الدوار بمعية امه قاما ببناء مرآبا على أرضها خصصه لمعداته الفلاحية ، ضاربا كل الأعراف و القوانين عرض الحائط ، و يرجع تاريخ هذه الصالحة إلى ثلاثة قرون حسب رواية الأجداد ، وقد طالبت الشكاية من كل من لهم غيرة على المآثر التاريخية و المقدسات بما فيها الأضرحة أن يعيدوا الاعتبار لهذه الصالحة .
الموضوع مثير حقا يحتاج لأكثر من وقفة تأمل ، لذلك ضربت موعدا للذهاب إلى عين المكان مع زميلي ، حيث شددنا الرحال في نفس اليوم الى مدينة سيدي بنور بعدما جمعت عدتي و العديد من الأسئلة تشغل بالي .
كانت الساعة تشير تقريبا إلى العاشرة صباحا ، حين غادرنا المدينة في اتجاه سيدي بنور و منه الى دوار انعايم بجماعة أولاد اسبيطة قيادة الغنادرة عبر الطريق الوطنية المؤدية إلى مدينة خميس الزمامرة ، هذه الأخيرة قطعنا مسافة 26 كلم لنصلها كمرحلة ما قبل الأخيرة في مدة زمنية تقدر ب 20 دقيقة ، شاهدنا خلالها المزارع و الحقول التي أصبحت في وضعية حرجة نظرا لتأخر قطرات الرحمة كون العديد من الأراضي الزراعية بالمنطقة بورية ، تغير لون النباتات من الخضرة إلى الاصفرار و أخرى أصبح لونها بنيا ، يقول سعيد أن ذلك راجع إلى غياب الأمطار و موجة الصقيع التي تعرفها البلاد هذه الأيام ، أوضاع تؤكد بالملموس مدى معاناة فلاح منطقة دكالة الذي يئن في صمت تحت قهر الديون و غلاء البدور و المعيشة .
مدخل مدينة الزمامرة يتميز بطريق تآكلت جنباتها و انتشرت الحفر المختلفة المساحة على امتداد طولها حد ملتقى الطرق ، بالرغم من الأشغال التي تبدو لك هنا و هناك ، فالمدينة لازالت تنعم تحت غطاء البداوة نتيجة سوء التسيير و التدبير لشؤونها من طرف من يتحملون مسؤولية تسييرها ، الأزبال في أكوام متراكمة في العديد من الأماكن ، العربات المجرورة و المدفوعة تملأ الشوارع ، وعلى مستوى الطريق المؤدية إلى جماعة اثنين الغربية يلمس الزائر مدى الإهمال و التهميش الذي تعاني منهما الساكنة في انتظار من ينقدها من وضعها المزري إن على المستوى الثقافي أو الاجتماعي أو غيرهما .
دوار انعايم يبعد عن مدينة خميس الزمامرة عبر الطريق المؤدية إلى جماعة اثنين الغربية بحوالي 18 كلم منها ما يقارب 5 كلومترات متربة و تكثر بها الحفر حيث يصعب المرور بواسطة السيارة عبرها ، يقول زميلي كون أغلب ساكنة الدوار انتقلت لتستقر بمدينة الدار البيضاء نتيجة عدة عوامل ، تتعاطى ساكنته إلى الفلاحة و تربية الماشية و إنتاج مادة الحليب ، وهي المجالات التي يضمن بواسطتها السكان معيشتهم على مدار السنة .
تبدو الجماعة القروية أولاد اسبيطة منكمشة وسط امتداد حقول تعطي الانطباع بتدفق الخير على الأهالي ، وسرعان ما يخبو هذا الانطباع في صورة الشحوب الذي يعلو قسمات سكانها و تتضاعف حالات التشكي من الخصاص و من قهر الزمان و قهر العباد لنكشف عمقا بئيسا يتدفق عب حكايات الأهالي مع « الظلم و القهر « و تواطؤ السلطات المحلية و تقاعسها في التصدي للتسيب الذي طال البناء العشوائي في أكثر من دوار ، بل تجاوز الحد ذلك لتغمض العين عن فضيحة طالت هدم مكان « للا أم زهرة « التي كانت ساكنة دوار النعايم تتبرك منها و يتم الترامي عليه ليتم بناء مرآب مكانها في تحد سافر لمشاعر الساكنة و طمس لتاريخ المنطقة و تجاهل لما يرمز له ذاك « الحوش « للولية الصالحة للا أم زهرة لأبناء الدوار و أجدادهم منذ ما يزيد عن ثلاثة قرون .
لم يعد هناك وجود « للا أم زهرة «
وسط الدوار وبمجرد وصولنا انقطعت فيه الحركة حيث التحق الكل بمسكنه في إشارة واضحة مفادها الابتعاد عن صداع الرأس ، غير بعيد عن مكان تواجدنا أشار لنا أحد المارة إلى المكان الذي كان يتواجد به « الحوش « المسمى للا أم زهرة و قد تغيرت معالمه تماما حيث بني مكانه مرآب على مساحة تقارب 8 متر مربع ، اقتربنا منه ، و التقطنا صورا للبناية الجديدة التي تظهر من خلال الاسمنت و الصباغة أنها حديثة العهد ، قمنا بجولة حول المبنى تبين لنا من خلالها الطمس التام لكل المعالم التي تشير ل « الحوش « ، لم أصدق الأمر بالرغم من وقوفي أمام المبنى ، وتناسلت العديد من الأسئلة على ذهني ، لم أحاول أن أجد لها مبررا لدي بقدر ما كنت أبحث لها عن أجوبة لدى الساكنة التي تظل العنصر الأساس في تفسير ما وقع ، و التي قد تأكد أو تنفي الخبر ، لذلك كنا نبحث عمن نحاوره هناك .
دكان غير بعيد عنا به رجل يطل برأسه من خلال ما يشبه نافذة جد صغيرة ، اقتربنا منه و طالبناه في بداية الأمر أن يبتاعنا قلم حبر جاف ، حيث سلمه لنا و سلمناه بدورنا ثمنه ، هذه العملية جعلتنا نتأكد أنه يمارس البقالة ، اقتربت منه و سألته عن سبب اختفاء مكان « الصالحة للا أم زهراء ، وماذا يعني له ذلك ؟ فأجاب و بتلقائية كون « للا أم زهرة « حسب تعبيره تم البناء فوقها خلال الأيام القليلة الماضية ، و هو اجراء يعد تجاوزا لمشاعر الساكنة التي كانت تتبرك من ذلك المكان خصوصا النساء ، و عن سؤال أجاب الرجل الذي رفض ذكر اسمه أنه مند سنين و النساء يقمن بزيارة الصالحة التي بني عليها ما يسمى « حوش « و هو عبارة عن سور من الأحجار تلجه النساء و توقدن بداخله الشموع ، كما تطلين به الحناء ، و الصالحة للا أم زهراء يحكي لنا عنها الأجداد مند زمان ، الشيء الذي لا أعرفه يقول الرجل هو سبب هدمه و البناء فوقه انه عمل لا يرضي الله و لا العباد .
بعد مرور حوالي 10 دقائق عن تواجدنا بالدوار و بالقرب من الدكان التحق بنا شاب يسمى حميد يبلغ من العمر حوالي 42 سنة ، أخبرناه عن سبب تواجدنا بالدوار ، فكان جوابه صادما لنا ، حيث اعتبر ما تم فعله جريمة خطيرة ، يقول حميد كون « الحوش « المتواجدة به الصالحة للا أم زهراء يعد قبلة لكل بنات و أبناء القبيلة ، فهناك من الساكنة من كان لا يتوجه إلى السوق أو أي مكان آخر دون أن يقوم بزيارتها و التبرك منها ، أمر غريب جدا ما وقع يضيف الشاب حميد علما أن هناك معتقدات كون مثل هذه الأماكن تدفن فيها كنوز أو ما شابه ذلك ، و عن السبب في عدم إبلاغ السلطات المحلية أو الدرك الملكي بالأمر رد قائلا « الشيخ كيشوف و المقدم كيشوف ، وعلاش مبلغوش و لم يخبروا القائد ؟ «
أمر محير فعلا ، و شجاعة كبيرة تلك التي يتحلى بها الشخص الذي قام ببناء مرآب بدون أية رخصة تذكر فوق مكان له قدسيته و رمزيته لدى الساكنة سواء الدينية أو الثقافية أو التاريخية أو غيرهم ، كيف أغمض أعوان السلطة عيونهم عن هكذا فعل مخالف للأعراف و القوانين ، وما دورها إذن إن لم تقم بالتبليغ خصوصا في مثل هذه الحالة التي تمس مشاعر العديد من الساكنة التي و إن لم تجهر بذلك فهي تتألم في صمت نتيجة عدة عوامل أبرزها الخوف من المصير المجهول إن هي تكلمت .
و نحن نخطو خطوات عائدين نحو المبنى المشيد مؤخرا و الذي يعتقد الكثير أن ضريح الصالحة للا أم زهراء يتواجد تحته ، حاولنا الاتصال باحدى السيدات التي تقطن بنفس الدوار لعلنا نجد تفسيرا لما حدث ، تقدمت نحونا تجر الخطى و علامات المرض بادية على ملامحها ، بسبب قساوة المعيشة غزت التجاعيد وجهها تقاوم بشجاعة ظروف العيش و قساوة البرد و أعباء شؤون البيت التي غيرت من لون بشرتها ، تبلغ من العمر حوالي 68 سنة أرملة ، بمجرد أن استفسرناها عن « الحوش « ردت بإيجاز و الخوف من المشاكل و الخوض فيها بدا طاغيا على ملامحها « إنكم ترون كل شيء بأعينكم ، الله يرحم الوالدين راني مريضة و لست قادرة على الصداع ...» حاولنا أن نلتقط منها شيئا يفيدنا في مهمتنا غير أنها التزمت الصمت لذلك ونظرا لحالتها التي يغلب عليها العياء و الخوف تركناها لحالها عملا بالمثل القائل « وكم من حاجة قضيناها بتركها «،
في طريق عودتنا التقينا بالسيد مبارك أحد ساكنة الدوار الذي أخبرنا كون الموضوع عند « المخزن « في اشارة الى المحكمة و أن مكان الصالحة للا أم زهرة الذي كان عبارة عن « حوش « كانت تنصب بجواره خيام الرمى و عيساوة الذين كانوا يأتون إلى الدوار مرة في السنة مضيفا نقلا عن الأجداد كون مكانة الصالحة للا أم زهراء كانت كبيرة لديهم و أنهم كانوا يتبركون منها خصوصا النساء ، و هو مكان يعد في ملك الجميع و ليس لشخص دون آخر ، نفس الأمر أكده لنا السيد عبد العزيز و علال الذي يبلغ من العمر حوالي 80 سنة ، بحيث لم يعد لنا أدنى شك في كون المكان الذي بني فوقه مرآب بصورة عشوائية و بتواطؤ مع السلطة المحلية كان في الأصل « حوش « تتم فيه طقوس زيارة الصالحة للا أم زهرة ، لذلك طلبت من مرافقي أن نتوجه نحو قيادة الغنادرة التي ينتمي إليها دوار انعايم ترابيا قصد التحقق من الأمر.
دوار انعايم السلطة المحلية
كثرت الأخبار بدوار انعايم حول المغزى من بناء مرآب فوق مزار « للا أم زهرة « و تعددت و انتشرت القضايا به ، و أصبحنا و أمسينا نشاهد التجاوزات في مجال التعمير و الترامي على أراضي الغير و انتهاك الحرمات و الاعتداء على المآثر التاريخية لدرجة تحجرت فيها مشاعرنا و تبلدت أحاسيسنا فأصبحت جملة « أمر عادي ، يقع مثل هذا كثيرا « شعارنا .
فالحفر عن الدفائن أمر عادي و البناء بدون ترخيص أمر عادي ، و انتهاك الحرمات أصبحت كذلك أمر عادي وقس على ذلك باقي المخالفات و الجنح التي يدخلها البعض ممن يتحملون المسؤولية في قاموس « أمر عادي « .
على بعد حوالي أربعة كيلومترات من مدينة الزمامرة في اتجاه الجماعة القروية لزاوية سيدي إسماعيل يوجد مقر قيادة الغنادرة بارزا بالقرب من الطريق و بجانبه الأيمن مقر الجماعة القروية ، الساعة كانت تشير إلى منتصف النهار تقريبا حين وطأت أقدامنا مقر القيادة الذي كان خاليا إلا من بعض الموظفين ، الصمت يخيم على المكان ، تقدمنا نحو شخص كان منشغلا في الحديث عبر هاتفه الخلوي ، علمنا فيما بعد أنه خليفة السيد القائد حيث أخبرنا كون هذا الأخير غير موجود ، ولن يتواجد يومها لأسباب وصفها بالهامة و المهمة قد تغيبه عن رؤية حتى أبناءه ، ونحن نستمع لتلك العبارات التي تحمل في طياتها مبررات لغياب القائد رغم أننا لم نستفسره في الأمر جعلتنا نعي محتوى رسالته لنا بطبيعة الحال بعدما عرفناه بأنفسنا و الغاية من زيارتنا . لم يكن حضور أو غياب هذا المسؤول أو ذاك هو هاجسنا ما دامت القيادة خالية من أي مواطن في حاجة إلى وثيقة أو غيرها من الخدمات ، بقدر ما كنا نحمل هما ثقيلا و لغزا محيرا إلى ممثل السلطة المحلية لعله يتقاسمه معنا وتهتز مشاعره حيال ماوقع بدوار انعايم كما اهتزت مشاعر هؤلاء المشتكون غيرة على موروث ثقافي و تاريخي تركه لهم الأجداد و عبثت به أياد جائرة فحولته من واقع إلى خيال .
انتظرنا بما يكفي لعل السلطة المحلية ممثلة في شخص السيد قائد قيادة الغنادرة يقوم بما يلزم اتجاه الواقعة و لو من باب التصدي لبناء عشوائي دون ترخيص يذكر ، و أن يوضح للجميع إن كانت العملية تتعلق ببناء عشوائي أو طمس معالم آثارية كما جاء في الشكاية أو شيء آخر ، غير أنها التزمت الصمت و ظل الكل يتخبط في دوامة لم يعد يعرف لها مستقر تتأرجح بين صمت السلطات المحلية و شكاية الساكنة ونفي الطرف الآخر ي انتظار ما ستقوله العدالة في النازلة .
على سبيل التذكير و الختم
لقد أفزعني جدا ما قرأته على الشكاية ، و آلمني كثيرا ما سمعته من شهادات على لسان بعض الساكنة ، و أثار استغرابي حقا إجراءا ت السلطة المحلية التي قابلت الموضوع ببرودة شديدة و إهمال كبير ، و صمت مريب ، فلا هي اهتمت بما قدم لها من معطيات حول الاعتداء على مكان « للا أم زهرة « كمزارة و تاريخ يجب المحافظة عليه و حمايته من الاندثار ، و لا هي كلفت نفسها البحث و التحقيق في الأمر إن كان فعلا يتعلق بعملية الحفر عن الدفائن و لا هي شغلتها البناية الجديدة التي شيدت مؤخرا بدون ترخيص يذكر علما أن هذا يدخل ضمن المخالفات الخطيرة التي أشارت إليها المادة 80 من القانون 90 ? 12 المتعلق بالتعمير و تتعلق أساسا بتشييد أو إقامة بناء فوق ملك من الأملاك العامة .و نظرا لخطورة هذه المخالفة و جسامتها فإن المشرع أعطى للسلطات المحلية الحق في أن تقوم تلقائيا و بدون اللجوء إلى المسطرة القضائية، بهدم البناء المخالف، رغم وجود القواعد الإجرائية المقرر في الباب الرابع من القانون 90 ? 12 المتعلق بالتعمير. فالتدخل الفوري و المباشر للسلطات المحلية لهدم البناء المخالف ، و إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ، يجب تبريره إذن في جسامة المخالفة و خطورتها ، فالسلطة المحلية عند ارتكاب المخالفة تقوم تلقائيا و بدون مراعاة الضوابط القانونية بهدم البناء المقام فوق ملك من أملاك الدولة العامة .أما إذا كان الأمر يتعلق بشيء غير مخالفة البناء فان المشرع قد وضع فصولا للمتابعة في القانون الجنائي لكل حالة من الحالات.
تبقى الكلمة الفصل في الموضوع للعدالة التي أحيل عليها ملف النازلة بعدما قرر السيد وكيل الملك بمتابعة المتهمين بجنحة الاعتداء على حرمة المقابر بناء على شكاية تتوفر الجريدة على نسخة منها و مما جاء فيها : « يعتبر ضريح الصالحة للا أم زهراء التي ترقد بدوار انعايم أولاد سبيطة قيادة الزمامرة من بين الأضرحة التي تعتز بها المنطقة المعروفة لديهم و بالتالي من الأضرحة للأولياء الصالحين استمر و لازال لمدة ثلاثة قرون و هذا الضريح هو مقام لعدة طقوس كالحضرة و تلاوة القرآن غير أن المشتكى بهم عمدوا إلى الترامي في الضريح و شيدوا على أرضه مرآبا و أحدثوا بالضريح خسائر فادحة لهذا الغرض و من أجله سيدي و غيرة على الأولياء الصالحين و مكانتهم و تاريخهم و ما تعرفه الأضرحة من احترام ... «
فمن خلال ما ستعرفه جلسات المحكمة من مناقشة و استماع للشهود و مرافعات في النازلة قد يتبين بالفعل ان كان للولية « للا أم زهرة « وجود و مزارة بالدوار أم العكس ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.