هكذا أعلنت بنما دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل واقعي وحيد لقضية الصحراء        نسبة النجاح في الدورة العادية للباكلوريا بلغت 66 .8 في المئة    بلاغ هام من وزارة الأوقاف للراغبين في أداء مناسك الحج    بنما: مبادرة الحكم الذاتي تمثل الحل الواقعي الوحيد لقضية الصحراء    العصبة الاحترافية تعلن عن مواعيد مباريات نصف نهائي كأس العرش    قميص الوداد يحصد وصافة الأفضل عالميا    أسبوع الفرس .. تنظيم الدورة الأربعين من 5 إلى 13 يوليوز المقبل بالرباط    حزب الكتاب يعبر عن إدانته القوية ورفضه القاطع لما يتعرض له الشعب الإيراني من عدوان صهيوني غاشم    اسبانيا.. إحباط محاولة تهريب 13 سيارة فارهة مسروقة نحو المغرب    سبتة المحتلة تسجّل دخول 87 مهاجرا سريّا في غضون 15 يوما    غزة.. الدفاع المدني يعلن مقتل 20 فلسطينيا على الأقل بنيران إسرائيلية قرب مركز لتوزيع المساعدات    مقاييس التساقطات المطرية خلال ال 24 ساعة الماضية    موسم حج 1447ه.. عملية إجراء القرعة من 23 يونيو الجاري إلى 04 يوليوز المقبل    في أول لقاء مع جمهوره المغربي.. ديستانكت يكشف ألبومه العالمي وسط تفاعل صاخب        "أرواح غيوانية" يُكرّم رموز المجموعات الغيوانية ويُعيد أمجاد الأغنية الملتزمة    الذهب يقترب من أعلى مستوياته في شهرين    اعتداء وعنف بفاس.. توقيف شخص والتحقيق جارٍ لتوقيف شقيقه    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الأسبوع بأداء سلبي    طفلة مغربية تفارق الحياة بسبب صعقة كهربائية في مهرجان إسباني    الخطوط الملكية المغربية تضيف 700 ألف مقعد لخدمة الجالية.. الناظور من المدن المستفيدة    الهند تعلن العثور على الصندوق الأسود الثاني للطائرة المنكوبة    رسميا.. لا مباراة لبرشلونة في المغرب هذا الصيف لهذا السبب    امطار رعدية ورياح عاصفية مرتقبة بمنطقة الريف    تحت الرعاية الملكية.. بن جرير تحتضن الدورة الخامسة للمناظرة الوطنية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني    وفاة والدة الصحافية والإعلامية قائمة بلعوشي    نقابة للتعليم العالي تعلن عن الإضراب وتحتج أمام الوزارة    بناصر رفيق: المرأة التجمعية شريك أساسي في بناء مغرب الديمقراطية والتنمية    تطوان: تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    هومي: جعلنا من قضايا الغابات أولوية استراتيجية لأهميتها في المحافظة على التوازنات البيئية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    موسم حج 1447ه : عملية إجراء القرعة من 23 يونيو الجاري إلى 04 يوليوز المقبل (وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية)    وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تحدد تاريخ إجراء قرعة الحج لموسم 1447 هجرية    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد    تضامنا مع غزة… وقفات احتجاجية تطالب بكسر الحصار ووقف الإبادة    النفط يرتفع في ظل تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    إيران تعلن إعدام "جاسوس" عمل لصالح الموساد الإسرائيلي    الاتحاد الدولي لكرة القدم يرد على المشككين في "الموندياليتو"        الرجاء يؤجل انطلاق تداريب الفريق الأول استعدادا للموسم المقبل    لليوم الرابع.. تصعيد حاد بين إسرائيل وإيران يرفع من وتيرة النزاع ويثير قلق المجتمع الدولي        8 قتلى في إسرائيل وإصابة 287 آخرين ووسائل إعلام عبرية تتحدث عن دمار هائل في تل أبيب الكبرى    "نقاش الأحرار" يحط الرحال بسوس    ألكسندر دوغين: إسرائيل قد تلجأ إلى "خيار شمشون" وتستخدم السلاح النووي    حملات تضليل رقمية تستهدف حموشي.. وتُراهن على النصاب هشام جيراندو    توتنهام الإنجليزي يضم المهاجم الفرنسي ماتيس تيل بشكل نهائي    المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة يحتفي بشخصيات بارزة من عالم الفن السابع    حب الملوك بصفرو : 101 سنة من الاحتفاء بالكرز والتراث المغربي الأصيل    بعد غيابه لقرن من الزمان.. كزناية تحتضن مهرجان التبوريدة    ريدوان وبيتبول يبدعان في أغنية مونديال الأندية    فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    فرينش مونتانا يشعل حفل افتتاح مونديال الأندية بأمريكا بإطلالة بقميص المنتخب المغربي بخريطة المغرب كاملة    إيران تقصف معهد وايزمان الإسرائيلي للعلوم    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«صرخة شامة» بمسرح محمد الخامس: الإبحار من قارة المأساة إلى ضفاف الملهاة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 25 - 04 - 2013

هذا الخميس ليلا، يستضيف المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط عمل «مسرح الكاف» للموسم الجاري، مسرحية «صرخة شامة» التي كتبها «المبدع» حسن نرايس مستلهما عدة قضايا اجتماعية بؤرتها الإرهاب وآثاره، وأخرجها، في مقاربة تمزج صرامة الدراما بسلاسة السخرية مع إدارة متميزة للممثلين، عبد الإله عاجل، ويشخصها إلى جانب هذا الأخير كل من عبد الخالق فهيد، نجوم الزهرة، عبد الله شيشا، ربيعة رفيع ومجيد لكروم.
بصمات أخرى تتدخل في العمل المسرحي هذا لتكون رافعة إضافية له في تحديه الساعي إلى مخاطبة صنفين من الجمهور يبدوان متباعدين لدرجة عدم حضور نفس الأعمال: فتاح النگادي (الموسيقى)، سعيد شراقة (السينوغرافيا)، عصام عاجل (الإنارة والصوت)، السعدية صالح (تصميم الملابس)، حسن واعراب (المحافظة العامة) وحميد جنان (العلاقات العامة).
وبقدر ما كسب «مسرح الكاف» رهانه وتحديه هذا، مبحرا بالمتفرج من قارة المأساة إلى ضفاف الملهاة، ومنتقلا به، دون أن يشعر بأدنى قطيعة بين الأدراج، من درج يعكس الموقف مما حدث ويحدث هنا والآن إلى آخر ملؤه الفرجة الساخرة التي لا تزيغ عامة عن حدها ولا تنقلب إلى ضدها (أي المجانية المستسهلة للأداء والمضمون الفكاهيين)، بقدر ما كسبت الفرقة رهانها وتحديها، بقدر ما نستطيع الجزم، بدون مغالاة زائدة، أن عملها هذا حلقة إضافية، ضمن أعمال أخرى لفرق أخرى، حققت في عروضها السابقة (ومنها عرض مسرح عفيفي بالجديدة) وستحقق في عروضها اللاحقة مصالحة بين المسرح المغربي وجمهوره، هؤلاء المتلقين المفترضين الذين بدأوا يهجرون قاعات العرض النادرة رغم تراكم كمي ملحوظ في الإنتاج.
منذ البدء، والانطلاقة غير المنتظرة للعرض، يشغلك السؤال: هل توظيف الفكاهة محتمل في المقاربات المسرحية للمآسي المتولدة عن العمليات الإرهابية؟
تنطلق الحبكة المسرحية من وقائع أصبحت تبدو للواحد منا عادية في رحم مجتمع مركب لم يحسم بعد انتقاله من التقليد المفرط في الذكورية والأبيسية إلى الحداثة، ليظل في المنزلة بين المنزلتين، أو بالأحرى محكوما بحداثة معوقة، وترسم الحكايات الممسحة على الركح دوائر محورها شامة الغاضبة لأن قبر زوجها المتوفى لم ينل بعد حقه من البناء في تلك المقبرة المهجورة، مثله مثل حقوق جماعية وفردية أخرى على رأسها الحق في الحياة، قبل أن تتحول المرأة إلى مكون من ضمن مكونات أخرى كلها معرضة لخطر الإلغاء من خارطة الوطن لأن الوطن المتسامح نفسه معرض لذات الغول.
وعن طريق تقنية الفلاش باك، نكتشف حكايات شامة الأمس واليوم المتجاورة والمتقاطعة مع مصائر الزوج وحفار القبور وحارس المقبرة والفقيهين/ الراويين... مع أداء بعض الممثلين لأدوار مزدوجة واستعمال ذكي، وغبر مفرط، لعروض الفيديو التي شكل أحدها أقوى لحظات المسرحية (الانفجار الإرهابي في الحانة حيث يعمل الزوج موسيقيا). في هذا المشهد المفصلي في العمل، المتقن بكل المقاييس والأكثر تأثيرا على الجمهور، يظهر الزوج في شريط فيديو معروض على وهو يمارس مهنته في ملهى ليلي ما. دوي انفجار مرعب... وشامة الشابة تخترق الستار لتصيح تنديدا باغتيال زوجها الذي كانت جريمته الوحيدة هي التواجد في الوقت الخطأ في مكان قرر بعض الغيلان أنه وكر للكفر والكافرين وأعداء الله وملته. مشهد يجعل مسار العمل ينقلب رأسا على عقب، ويرحل بالمتفرج من قارة رحيمة رغم ضيق العيش فيها ومراراته القابلة للذوبان في ضحك هو زاد المقاومة، إلى رنات النواقيس المنذرة بالخطر والمنددة به، رحيل يدعمه لجوء النص، انطلاقا من تلك اللحظة، إلى اللغة العربية الفصحى، لغة المقدس (كالوطن) المحيلة على الجدية، مثلما يدعمه الإخراج الذي سيصبح أكثر اقتصادا وأقل توظيفا للفرجة، ومعه أداء الممثلين الذين سيتحركون على الخشبة بوصفهم ومواطنين وليس مجرد متقمصين لأدوار معينة في معمار مسرحي معين.
رغم بعض الروتين الذي تسلل إلى الركح خلال حوارين بين الأم وبنتها وبين هذه الأخيرة وزوجها، وهما حواران لا شك أن الإخراج سيقلص من مدتهما الزمنية لاحقا (لأن عاجل يجيد الإنصات لملاحظات الجمهور حول أعماله)، فالمسرحية ذات إيقاع يجذب المتفرج إلى مختلف مشاهدها المتعاقبة.
ورغم بعض النفحات الأخلاقية المتسربة أحيانا إلى الحوار والتي يبدو أن العمل سيتخلص منها في عروضه الآتية، حسب مهندسيه، فالفكاهة في العمل، حوارا وأداء وإدارة للممثلين، تظل مغربية بامتياز وغير زائغة عن رسالة المسرحية الرئيسة، وقد أضفى عليها المؤلف استعارات من السخرية الفرنسية (كوليش مثلا) استنبتها في دارجة البيضاء المشتركة بين كل جهات المغرب. كما أن المشاهد الساخرة تدفع المشاهد إلى الرد بالإيجاب على علامة الاستفهام المسطرة أعلاه: أجل، توظيف الفكاهة محتمل في المقاربات المسرحية للمآسي المتولدة عن العمليات الإرهابية. شرط الاحتراز بالطبع، احتراز من الصنف الذي تسلح به عبد الإله عاجل ومن معه: نجوم الزهرة، إحدى سيدات المسرح المغربي بامتياز واستحقاق، عبد الخالق فهيد، محترف الإمتاع والمؤانسة الذي تشكو الخشبة من اليتم حين يهجرها والذي يحلق عاليا بزملائه على الركح، عبد الله شيشا، البارع الذي «يلبس» الشخصية مثل قناع خفي ليصبحها دون أن يعي المتفرج أنه هو هو، وربيعة رفيع ومجيد لكروم، القادمان إلى مسرح مغرب الغد بدون منازعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.