ثلاث مؤسسات تسيطر على القطاع البنكي بنسبة تفوق 60%    ترامب يرفض تحديد ما إذا كان يؤيد أو يعارض سيطرة إسرائيل على غزة    المغرب يجدد التزامه بدعم الدول غير الساحلية.. قيوح يبرز التجربة المغربية والمبادرة الملكية لربط إفريقيا بالمحيط الأطلسي (صورة وفيديو)    الفنيدق: وضع خيمة تقليدية بكورنيش الفنيدق يثير زوبعة من الإنتقادات الحاطة والمسيئة لتقاليدنا العريقة من طنجة إلى الكويرة    مصرع شخصين في حادث اصطدام مروع بين سيارتين على الطريق الساحلية بين تطوان والحسيمة    أنظمة التقاعد الأساسية واصلت تسجيل اختلالات هيكلية سنة 2024    سقوط "قايد" و"مقدم" متلبسين بتلقي رشوة من صاحب مقهى    وفاة المدافع الدولي البرتغالي السابق جورجي كوستا عن سن 53 عاما    الأوقاف ترد على الجدل حول إعفاء رئيس المجلس العلمي لفيكيك: "بعض المنتقدين مغرضون وآخرون متسرعون"    الشرطة القضائية بإمزورن توقف مروجاً للمخدرات وتضبط بحوزته كوكايين و"شيرا"    ترامب يهدد بزيادة الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي إذ لم يستثمر 600 مليار دولار في الولايات المتحدة            اليد الممدودة والمغرب الكبير وقضية الحدود!        مستشار الرئيس الأمريكي يؤكد للجزائر عبر حوار مع صحيفة جزائرية .. الصحراء مغربية والحل الوحيد هو الحكم الذاتي    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع أداء إيجابي    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من رئيس جمهورية السلفادور بمناسبة عيد العرش                في تطور جديد بنما تؤكد بوضوح مغربية الصحراء    كونية الرؤية في ديوان «أجراس متوسطية» للشاعر عاطف معاوية    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    تركمنستان.. انتخاب المغرب نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للبلدان النامية غير الساحلية    احتياجات الخزينة ستتجاوز 12 مليار درهم خلال غشت    "مستوطنة على أرض أمازيغية مغربية".. كتاب يصور مليلية مثالا لاستمرار الاستعمار وتأثيره العميق على الناظور    نظام تأشيرات جديد: 15 مليون للحصول على ڤيزا أمريكا    لطيفة رأفت تعلن تأجيل حفلها بأكادير وتعد بلقاء قريب    سائقو الطاكسي الصغير يحتجون بطنجة ضد التسعيرة وأوضاع النقل بمطار ابن بطوطة    زيادة إنتاج نفط "أوبك+" تنعش آمال المغرب في تخفيف فاتورة الطاقة    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    أمريكا تسلح أوكرانيا بمال اسكندينافيا    الإفراج بكفالة مشروطة عن توماس بارتي لاعب أرسنال السابق    "ألكسو" تحتفي بتراث القدس وفاس    الدورة السادسة عشرة من معرض الفرس للجدیدة سلسلة من الندوات حول العنایة بالخیل والتراث الفروسي    "منتخب U20" يستعد لكأس العالم    رضا سليم يعود للجيش الملكى على سبيل الإعارة    دراسة: الحر يؤثر على الصحة العقلية للإنسان    المغرب ‬يسير ‬نحو ‬جيل ‬جديد ‬من ‬برامج ‬التنمية ‬المجالية.. ‬نهاية ‬زمن ‬الفوارق ‬وتفاوت ‬السرعات    خواطر تسر الخاطر    الموهبة الكبيرة وزان يوقع عقدًا جديدًا مع أياكس بعد رفض ريال مدريد التعاقد معه    "سورف إكسبو" لركوب الأمواج في دورته الرابعة أكتوبر المقبل    22 شهرا من الإبادة.. الجيش الإسرائيلي يقتل 20 فلسطينيا في غزة فجر الثلاثاء    تارودانت… 14 مليون درهم لتأهيل المواقع السياحية بأسكاون وتيسليت    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    وَانْ تُو تْرِي دِيرِي عَقْلك يَا لاَنجِيرِي!    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلام أوسلو.. الحلم الضائع

بعد 20 سنة من توقيع الاتفاق بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، لا يعلق الطرفان آمالا كبيرة على المفاوضات التي استأنفت خلال الاسابيع الاخيرة تحت إشراف كاتب الدولة الامريكي جون كيري.
يقطب عبد الرحمان زايد وهو جالس على كرسي بلاستيك أمام متجر العائلة. وهو يفتش في الذاكرة وكأنه يبحث عن زمن بعيد من تلك المصافحة المتبادلة بين ياسر عرفات واسحاق، رابين بحديقة البيت الابيض يوم 13 شتنبر 1993 .يقول بصوت خافت «كانت مرحلة أخرى، تقريبا حياة اخرى... حينما كنا فرحين حد الجنون. بدأنا نعتقد ان كل هذه الحكاية قد انتهت ونبدأ نأمل في سلام عادل مع اليهود. كنت سأغادر هذا المكان وأعود الى قرية العائلة الواقعة على الحدود مع اسرائيل وتربية ابنائي في كرامة.. ثم بعد بضعة أشهر، توقف كل شيء.
20 سنة بعد توقيع اتفاقيات اوسلو التي تم بموجبها الاعتراف المتبادل بين دولة اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، والتزامهما بإيجاد حل تفاوض للصراع، تبخرت احلام عبد الرحمان زايد، في سن 74 سنة. فقد الرجل كل أمل في مغادرة مخيم قلندية بضواحي رام الله الذي وصل إليه رفقة والديه ذات يوم من سنة 1949 ومثل آلاف الفلسطينيين والاسرائيليين عاش تقلبات سلام مستحيل.
في سنة 1989 أولا عندما قتل أحد إخوته بالرصاص خلال الانتفاضة الاولى ثم يوم 26 غشت الماضي عندما حضرت الشرطة الاسرائيلية لاعتقال مشتبه به في قلندية، وبدأت تطلق النار على الفلسطينيين الغاضبين.. يومها أصيب ثلاثة فلسطينيين برصاص قاتل من ضمنهم ابنه روبين الذي كان متوجها الى عمله. تسلسل محزن وعادي للاحداث يكشف عن التوتر السائد حتى اليوم بين القوات الاسرائيلية والسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.
الامال الكبيرة التي ولدتها اتفاقيات اوسلو وقتها، تفككت تدريجيا مع توالي 20 سنة التي تميزت على التوالي باغتيال اسحاق رابين، وتزايد العمليات في اسرائيل ووفاة ياسر عرفات وبناء الجدار العازل وانسحاب اسرائيل من غزة وتسارع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية. وإعلان النوايا الذي تم التفاوض حوله في سرية تامة في اوسلو. نص على مسلسل من مرحلتين. اتفاق انتقالي تتخلى في نهايته منظمة التحرير الفلسطينية عن العنف بينما تقبل اسرائيل عودة ياسر عرفات، والعديد من المنفيين الى الضفة الغربية. هذا الإعلان كان من المفروض أن يؤطر إنشاء سلطة فلسطينية ويحدد اطار انسحاب تدريجي للجيش الاسرائيلي الذي كان من المفترض ان يبدأ في غزة وأريحا، أما المواضيع الحساسة الاخرى رسم الحدود، وحى عودة اللاجئين ومصير المستوطنات والوضع النهائي للقدس) فقد تم إرجاؤها للنقاش حول الوضع النهائي والتي كان من المفترض ان يتم سنة 1996 وعلى أقصى تقدير. والذي لم ينطلق لحد الآن.
يقول نبيل شعت المسؤول الكبير في منظمة التحرير «على الورق، هذا الترتيب على مرحلتين كان مبدعا. لأن من شأنه أن يخلق تدريجيا الثقة بين الطرفين. وخلال الاشهر التي تلت التوقيع، قمنا بتأسيس مؤسساتنا، وضعنا قوانين جديدة ووقعنا اتفاقا اقتصاديا مع اسرائيل بل تم تنظيم تبادل للزيارات بين اطفال المستوطنات الذين كانوا يأتون لقضاء أسبوع في غزة، وأطفال فلسطين الذين كانوا يستقبلون في اسرائيل. للأسف هذا المسلسل كان رهينا بالانخراط الشخصي لياسر عرفات واسحاق رابين.. اللذين أثبت التاريخ أنهما ليسا أبديين». يوسي بيلين نائب وزير الخارجية السابق وبهذه الصفة أحد مهندس الاتفاق يقول نفس الشيء بطريقة أخرى «مأساة أوسلو أن كل طرف استصغر، إصرار من كانوا داخل جناحه يريدون نسف المسلسل، وبمبالغة في الحذر، تركنا لحماس، وكذلك لليمين المتطرف الاسرائيلي الوقت لتنفيذ هجوم مضاد. بدل ذلك، كان علينا استغلال الدعم الذي يقدمه لنا رأينا العام للقيام بنوع من الحرب الخاطفة والتعامل مع قضية المستوطنات، وفرض اتفاق نهائي دون تأخير.
في الجانب الاسرائيلي لم يدخر المستوطنون، الذين يعرفون جيدا المخاطر المحدقة بمستوطناتهم، أي جهد من أجل انحراف المسلسل.
ويؤكد داني ديان الممثل السابق للمستوطنين في الضفة الغربية قائلا: »قاومنا بكل قوانا ضد هذا الاتفاق الذي كان يتضمن في نظرنا عيبا أصليا: هو أنه وقع مع منظمة إرهابية (يعني منظمة التحرير الفلسطينية) التي كانت هدفها المعلن هو استعمال حق عودة اللاجئين من أجل تدمير دولة اسرائيل».» والمعارضة الغاضبة من إسحاق رابين، تطرفت أكثر وأججت توترا بلغ ذروته مع المجزرة التي ذهب ضحيتها 29 فلسطينيا في الخليل في فبراير 1994. تم اغتيال اسحاق رابين يوم 4 نونبر 1995. وبالموازاة مع ذلك نفذت عدة عمليات نسبت لحماس، مما نسف كليا علاقة الثقة الهشة التي بنيت أسسها في أوسلو، إلى درجة أن الانتخابات التشريعية في ماي 1996 حملت إلى السلطة في اسرائيل بنيامين نتنياهو أحد أشرس المعارضين لمسلسل أوسلو.
من جانبه يحذر مصطفى البرغوتي، أحد المعارضين منذ البداية للاتفاق والمرشح السابق لرئاسة السلطة الفلسطينية قائلا: »لا يجب اختزال انهيار أوسلو في قضية أشخاص، الاتفاق الذي أشرف على التفاوض عليه رجال قانون فلسطينيون ضعفاء، كان يحمل في ثناياه بوادر فشله، بما أنه لم ينص على أية آلية للتحكيم تسمح بإلزام الأطراف باحترام بنوده، وبالتالي حافظ على ميزان القوى لصالح اسرائيل التي استفادت منه بشكل كبير اقتصاديا ودبلوماسيا مع مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية بأعلى وتيرة ممكنة، حيث انتقلنا من 165 ألف مستوطن قبل 20 سنة إلى حوالي 600 ألف اليوم، وحل الدولتين الذي قبلته منظمة التحرير الفلسطينية في النهاية سنة 1988، لن يعد قابلا للتطبيق«.
وأمام زمرة المنتقدين واللامبالين سواء لدى الإسرائيليين أو الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والذين لا يرون أدنى سبب للاحتفال بالذكرى 20 لاتفاق أوسلو، يمكن ذكر بعض المكتسبات الموضوعية. خلال 20 سنة أسس الفلسطينيون نواة دولة وطوروا اقتصادهم وضاعفوا حشد الدعم لقضيتهم على المستوى الدولي. حيث سجلت محاربة الفساد، حسب العديد من المراقبين نتائج ملموسة، على المستوى الأمني انخرطت السلطة الفلسطينية في تعاون نشيط مع الاسرائيليين سمحت ببلوغ مستويات ملموسة من التحسين، وهو ما يفسر أن جزءا من الليكود بدأ اليوم ينظر نظرة أفضل للاتفاق الذي كان يرفضه بقوة في السابق. ويؤكد زالمان شوفال سفير اسرائيل السابق في الولايات المتحدة أنه »رغم نقائص هذه الاتفاقيات، فإنها أجبرت الفلسطينيين على اتخاذ مواقف أقل راديكالية، لقد تخلوا عن المطالبة بتدمير اسرائيل. وألاحظ أنه رغم وصول نتنياهو أو شارون الى السلطة، لم يعملا على التخلي جديا عن مسلسل أوسلو«.
لكن في شوارع قلندية المنهوكة، لا يرى العديد من اللاجئين أية نتائج ايجابية لهذه الاتفاقات. وتمزيق الضفة الغربية الى فسيفساء من المناطق ذات الأوصاف القانونية المختلفة التي تفرض عدة نقط تفتيش مختلفة للانتقال من منطقة إلى أخرى، تعقد بشكل ملموس التنقل. وبناء الحاجز الأمني الذي تقرر سنة 2002 قسم العائلات والممتلكات بل وقسم بعض القرى الى جزأين. ويتذكر إبراهيم خليفة، عامل في البناء قائلا: »قبل اتفاقيات أوسلو كنت أكسب عيشي بشكل أفضل لأنني لم أكن أجد صعوبة في الحصول على ترخيص للذهاب للعمل في القدس«.
ويؤكد العديد من المسؤولين الفلسطينيين أن الوضع لم يتحسن بل تدهور أكثر منذ 1993، وبالتالي يعترفون بأن المفاوضات التي استأنفت في الأسابيع الأخيرة بمبادرة من كاتب الدولة الأمريكي جون كيري لا تحمل أية آمال، فتطور الاستيطان في القدس الشرقية يهدد على المدى المتوسط وجود الدولة الفلسطينية. وبدأ بعض الفلسطينيين، بشكل مستفز، يوصون السكان العرب في الضفة الغربية بالتخلي نهائيا عن »حلم» الدولة الفلسطينية وأن يضعوا أنفسهم تحت السيادة الإسرائيلية والمطالبة بحقوقها، ويريد آخرون مضاعفة الضغوط من أجل عزل اسرائيل على الساحة الدولية وإعادة توازن القوى على المدى البعيد، بينما لا يستبعد آخرون أن يؤدي الانحسار الحالي الى اندلاع انتفاضة جديدة.
أما عبد الرحمان زايد فإنه يستخف بكل هذه المخططات الوهمية، ويؤكد أنه »منذ 20 سنة ونحن نسمع عن مفاوضات لا تنتهي.. قررت أن لا أسمع شيئا.
« ومثل العديد من اللاجئين، مازال عبد الرحمان يحتفظ بقطعة حديد صدئة كانت قبل 65 سنة تستعمل كمفتاح لباب منزله الحقيقي« لكنها مجرد ذكرى. يقول ابنه عيسى إنه يعرف منذ زمان أنه وصل إلى نهاية الطريق«.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.