لن تتخيلوا من هو أفضل مدافع في الدوري الانجليزي … !    فيتينيا يرد بقوة على ليونيل ميسي بعد تتويج باريس سان جيرمان بدوري الأبطال … !    كم تتخيلون تنقيط حكيمي في لقاء نهاية دوري أبطال أوروبا    استشهاد الدكتور حمدي النجار ملتحقا بأطفاله الشهداء ال9 في خان يونس    جماهير "باريس سان جيرمان" تطالب بوقف "حرب الإبادة" في غزة خلال نهائي دوري الأبطال (فيديو)    طنجة تسجل أعلى حرارة في تاريخها خلال شهر ماي منذ بدء القياسات    عيد الأضحى.. عطلة استثنائية بإدارات الدولة والجماعات الترابية يوم الاثنين 9 يونيو 2025    مغاربة سبتة ينقسمون بين ذبح أضحية العيد والامتناع عنها    موسم الحج لسنة 1446 ه .. الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    حكيمي يتوج رفقة سان جيرمان بدوري الأبطال على حساب إنتر    مهرجان "أرواح غيوانية" يفتتح نسخته الثانية من سطات وسط حضور جماهيري استثنائي واحتفاء بالذاكرة الغيوانية    المغرب يعزز موقعه كقوة إقليمية فاعلة في إفريقيا عبر بوابة الأمن والدفاع    موسم الحج لسنة 1446 ه ... الوفد الرسمي للحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    نادي الدحيل القطري يعلن رحيل المغربي حكيم زياش    اختفاء أرصدة من تطبيق البنك الشعبي يثير حالة من الارتباك والتوتر لدى الزبناء (صور)    النصب على سائحتين يقود سائق سيارة الأجرة إلى قبضة الأمن    كتاب جديد يفضح دعم إيران للبوليساريو وتورطها في الإرهاب        حملة صارمة لمنع تسويق الأضاحي خارج الإطار القانوني في شمال المملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    الحسيمة.. 5 سنوات سجنًا لمضيف السائح الألماني في قضية بتر العضو التناسلي    الحسنية يضمن البقاء في البطولة    أنطونيو غوتيريش يكرم جنديا مغربيا    العلمي ينتقد "ارتباك المعارضة".. وأوجار يثمّن الدعم الكيني لمغربية الصحراء    العثور على "حشيش" في مكونات حلوى أطفال شهيرة في هولندا    انطلاق تصوير فيلم (L'Homme des Signes) لزهور الفاسي الفهري في 3 يونيو    بنسعيد: اللوبيات وأصحاب المصالح الخاصة يعرقلون بكل قوة مسيرة التنمية بالمغرب    حماس تقبل الإفراج عن رهائن وجثامين        "لجنة مشتركة" تؤجل زيارة رام الله    يوميات حاج (1): في الطريق إلى مكة المكرمة .. رجفة القلب تسبق التلبية    وفد من جهة فالنسيا في مهمة اقتصادية بالمغرب    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    بورصة الدار البيضاء تغلق أسبوعها على انخفاض ب0,75%    حادث مميت بالحسيمة.. انقلاب سيارة في منحدر يودي بحياة شاب ثلاثيني    تمارة.. حفل استقبال على شرف وفد الحجاج المكفوفين الذين سيقومون بأداء مناسك الحج لهذا الموسم        "البام" يعلن عودة هشام المهاجري إلى قيادة الحزب    صافي تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة يرتفع بنسبة 37,2 في المائة عند متم شهر أبريل    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية خلال عيد الأضحى لهذه السنة    ارتفاع بنسبة 12% في قطاع السياحة بأكادير خلال 4 أشهر.. والبريطانيون في المقدمة    طنجة تحتضن الدورة الثانية لمهرجان السينما والمدرسة    طائرات هيليكوبتر تربط مالقا بشمال المغرب.. وهذا سعر الخدمة    من ورزازات إيمان صابر تدعو إلى تقوية الربط وإقامة مشاريع هيكلية مع مواكبة المستثمرين الخواص    شاب يقتل والدته بوحشية في طنجة بعد أيام من خروجه من السجن    دبلوماسية الفن والتعايش تجمع الشعوب في مهرجان "ما بين الثقافتين"    كرنفال الطفولة يختتم فعاليات المنتدى الإقليمي للتنمية البشرية بميسور    ترامب لماكرون : "أبقِ باب الطائرة مغلقا"    "غوغل" تفعل ميزة تلخيص البريد الإلكتروني بالذكاء الاصطناعي تلقائيا في "جي ميل"    إسرائيل تمنع لقاء عباس بوزراء عرب    الصين: ارتفاع قيمة التجارة الدولية في السلع والخدمات بنسبة 6 في المائة في أبريل    رواية جديدة تعالج "طوفان الأقصى" .. الكنبوري "لن يعيش في تل أبيب"        الولايات المتحدة تلغي عقدا ب590 مليون دولار مع موديرنا لتطوير لقاح ضد إنفلونزا الطيور    ما لم يُذبح بعد    كابوس إسهال المسافرين .. الأسباب وسبل الوقاية    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    









الطوائف الدينية في المغرب 33
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 07 - 08 - 2014


(عن أطروحة خديجة النعموني حول ضريح بويا عمر.
المعهد العالي للدراسات في العلوم الاجتماعية.باريس)
بويا عمر وصلحاء تاسّاوت
تشير القرائن إلى أن بويا عمر، وهو حفيد الشيخ سيدي رحال، قد ولد أواخر القرن السادس عشر وتابع دروسه بالزاوية الناصرية بتمكروت أوائل القرن السابع عشر على يد الشيخ سيدي أحمد بن إبراهيم الناصري ثم على يد الشيخ سيدي امحمد بنّاصر الذي تسلّم أمور الزاوية الناصرية سنة 1644.
وتواصل الرواية الشفوية بأن هذا الشيخ الأخير قد أعطاه إجازة تشهد بتضلّعه في العلوم الدينية التي تلقّاها على يده، وأمره بإنشاء زاويته الخاصة على ضفاف نهر تاسّاوت وتعليم القرآن للإنس والجن مجتمعين وذلك لثقته في مقدار البركة التي يتوفر عليها، ومن هنا أطلق عليه الناس اسم "مطوّع الجن والجنيّة"..
أما عن مناقبه وكراماته فهي عديدة ومتنوعة ظهرت منذ أن كان ما يزال طالبا لدى سيدي أمحمد بناصر، فقد أوثر عن بويا عمر أنه كان يحوّل الرمل إلى قمح، كما أُشيع في أوساط الطائفة الرحالية بأن الحطب الذي كان يجلبه لتسخين الوضوء يشتعل تلقائيا..وهم يذكرون كذلك بأنه عندما أنهى تكوينه الصوفي في الزاوية الناصرية بتمكروت وكان على أهبة مغادرتها فاجأه شيخه سيدي محمد بن إبراهيم الناصري، الذي ورث عنه الدربالة، بتسليمه "مراية الهند" وهي عبارة عن مرآة سحرية تتوفر على قدرة خارقة لمعالجة التهاب السحايا والحمى الدماغية أي ما يُعرف لدى العوام بمرض "اللّقوة"..وأنه عندما برع في إشفاء هذا الداء أودع المرآة لدى تلميذه سيدي إدريس أكرّام الذي سيعرف ب"مول المري" وهو الذي سيورثها بدوره لأحد أنجب تلامذته...
لكن الرواية الأرجح هي أن بويا عمر قد حافظ على هذه المرآة السحرية إلى حين وفاته حيث أوصى أتباعه في المنام بدفنها في جدار ضريحه من الجهة الموالية للقبلة. وكانت من شأن هذه الحركة الحكيمة التي أوعز بها الشيخ هي التي جعلت بركة علاج المرضى والممسوسين لا تبارح ضريحه وتظل حكرا على أتباع طريقته دون سواهم..
وتمتد بركة الرحاليين جغرافيا على مدى ستين كيلومترا من أرض تاسّاوت ويحدّها من جهة الشمال ضريح سيدي عبد الرحمن مول القلعة، ومن الجنوب ضريح سيدي رحال بزمران، ومن الشرق أرض تاملالت المباركة، ومن الغرب ضريح سيدي امحمد مول الصهريج..وداخل هذه الحدود تحتل بركة بويا عمر مكانة رمزية لا نزاع حولها وذلك بالرغم من أن هؤلاء الصلحاء جميعا يعتبرون على قدم المساواة في الذاكرة المحلية:"كلّهم صبعان العسل". ولذلك كان من المفروض على الحجاج زيارتهم جميعهم من الشمال إلى الجنوب عبر خطّ مستقيم يقود رأسا إلى تاساوت حيث يرقد بويا عمر في ضريحه المعدّ لاستقبال المرضى ورعاية الممسوسين. وبصدد هذا الحج الجماعي، الذي له نظائر معروفة كالدّور الركراكي بالشياظمة وسبعة رجال بمراكش، تقول العامة في تاساوت: "اللّي زار بويا عمر بلا ما يزور بويا رحال ما دّا ما جاب".
وتوجد خلوة بويا عمر على مسافة قريبة من واد تاسّاوت تظلّلها نخلتان كان الشيخ قيد حياته يتخذها مكانا للصلاة والتجهد. وإلى جوار قبة بويا عمر يوجد مدفن يضم رفات ابنته لالة عائشة وقبة أخرى لحفيده سيدي الطيب بنعبو الذي يحتل مكانة رفيعة لدى الطائفة الرحالية، وعلى مقربة من تلك الخلوة تنبع عين ماء يقال بأنه يخرج منها خلال موسم الولي بعد صلاة العشاء جدول في بياض الحليب يتزاحم الزوار والحجاج للتبرك منه خاصة منهم الطلبة لاشتهاره بزيادة الذكاء والقدرة على التحصيل، والمرضي طلبا للشفاء الذي يتم بمجرد وضع الماء المبارك على العضو المصاب.
وفي المعتقد الشعبي المحلي أن بويا عمر هو خليفة الأنبياء الثلاثة في بلاد تاساوت، وأنه بهذه الصفة يرأس محكمة أسطورية تسمّى "المحكمة الربّانية الباطنية" التي تفصل في النزاعات التي تنشب بين الجن والإنس. وهكذا، واعتمادا على المبدأ القائل بأن "كرامات الأولياء من معجزات الأنبياء" فإن المخيلة الشعبية جعلت سيدي رحال يرث عن سيدنا إبراهيم الخليل القدرة على جعل النار والماء المغلّى بردا وسلاما، وبويا عمر يرث عن سيدنا سليمان القدرة على التحكم في الجن..
أولاد بويا رحال: مّالين النوبة
ضمن الطائفة الرحالية يتوزع مّالين النوبة (أي أصحاب الدور) إلى زمرتين: "مّالين الطابع" و"مّالين الإذن". وقد سُمي الأوائل بمّالين الطابع لاستفادتهم من رُخصة سيدي رحال في شرب الماء المغلّى (المقراج) ودخول الأفران الحامية (بيت النار) وافتراس الزواحف السامة (السمّ). أما مّالين الإذن فإن الولي وصلحاء تاساوت أذنوا لهم بممارسة طرد الأرواح الشريرة (الجن والأرياح).
غير أن هذه الطقوس الرحالية المعروفة لدى الجميع ليست متاحة لكل المنحدرين من شجرة سيدي رحال على الإطلاق، فكثير منهم لا يقربون هذه الممارسات بسبب أنهم غير مؤهلين للقيام بها. كما أن الرحاليين المعتمدين، أي مّالين النوبة، لا يقومون بهذه الأعمال أينما وحيثما اتفق، فطقس المقراج وطقس السمّ لا يتمّان سوى خلال الحضرة الرحالية حصرا، وذلك وفق قاعدة معينة، فلا يتمّ ارتشاف الماء المغلّى سوى مرتين في الحضرة الواحدة ومن طرف شخصين على التوالي، أما طقس السم فيجري بين الوقت والآخر خلال الحضرة في فترة الظهيرة تحديدا، بينما طقس الفرن ليس له من وقت أو مكان محدد.
وقد شهد إدمون دوتي طقس المقراج سنة 1902 في زاوية سيدي رحال بالذات واعترف في كتابه "بين القبائل" بأن "هذه المعجزة لا جدال فيها". ونفس الشيء أقرّ به إميل ديرمنغيم عندما وقف على هذا الطقس الذي مارسه أولاد بويا رحال في معرض باريس أواخر الأربعينات من القرن الماضي. أما طقس التهام الأفاعي فلم تشهده سوى الدكتورة لوجي سنة 1923 وروني برنيل (1955). بينما ليس لدينا شهود أجانب على طقس غشيان الفرن لأنه لا يقام إلا نادرا وخارج الحضرة الرحالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.