بعد منشور "طنجة نيوز".. تدخل عاجل للسلطات بمالاباطا واحتواء مأساة أطفال الشوارع    أوجار من العيون: إنجازات حكومة أخنوش واضحة رغم أن عددا من الأصوات تسعى للتشويش على عملها    المهرجان الدولي "ماطا" للفروسية يعود في دورة استثنائية احتفاءً بربع قرن من حكم الملك محمد السادس    أوزين يأسف لمصير ملتمس الرقابة ويطالب لشكر بتوضيح "الاختلاس"    ضمنها مطار الناظور.. المغرب وإسبانيا يستعدان لإنشاء 10 فنادق بمطارات المملكة    السلطات السورية تعلن تشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية وللمفقودين"    شذرات في المسألة الدمقراطية    ألمانيا تعبر عن قلقها إزاء الهجوم البري الإسرائيلي على غزة    نهضة بركان يهزم سيمبا بثنائية في ذهاب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    "الأشبال" يستعدون ل"بافانا بافانا"    بنهاشم يدرب فريق الوداد لموسمين    التعاون الدولي يطرق "أبواب الأمن"    سوريا تعتزم فتح سفارة في الرباط    افتتاح فضاء بيع السمك بميناء الحسيمة ب60 مليونا    طنجة تستعد لاحتضان الدورة السابعة للمؤتمر الدولي للأنظمة الذكية للتنمية المستدامة تحت الرعاية الملكية    بعد رفع أول حلقة من سقف ملعب طنجة.. الوالي التازي يُكرم 1200 عامل بغداء جماعي    طنجة.. العثور على جثة موظف بنكي قرب بحيرة مجمع القواسم في ظروف مأساوية    تطوان.. توقيف شقيقين متورطين في سطو "هوليودي" على 550 مليون سنتيم    سوريا تشكر جلالة الملك على قرار فتح سفارة المغرب بدمشق    طنجة.. ندوة وطنية تدعو لتعزيز الحماية الاجتماعية بالمغرب وتمكين النساء والفئات الهشة    انتخاب نور الدين شبي كاتبا لنقابة الصيد البحري التقليدي والطحالب البحرية بالجديدة .    بيع الماستر والدكتوراه.. تطورات مثيرة وتورط شخصيات وازنة    في طنجة حلول ذكية للكلاب الضالة.. وفي الناظور الفوضى تنبح في كل مكان    عزيز أخنوش من العيون: انتصارات دبلوماسية وتنمية شاملة تترجم رؤية جلالة الملك    الخارجية المغربية تتابع أوضاع الجالية المغربية في ليبيا في ظل اضطراب الأوضاع وتضع خطوطا للاتصال    الأمن الوطني وتحوّل العلاقة مع المواطن: من عين عليه إلى عين له    المغرب يتصدر السياحة الإفريقية في 2024: قصة نجاح مستمرة وجذب عالمي متزايد    اعتقال مقاتل "داعشي" مطلوب للمغرب في اسبانيا    سيدات الجيش يتوجن بكأس العرش على حساب الوداد    تنسيق إسباني مغربي يطيح ب"داعشي"    الهاكا تضرب بيد القانون.. القناة الأولى تتلقى إنذارا بسبب ترويج تجاري مقنع    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    طنجة تحتضن أول ملتقى وطني للهيئات المهنية لدعم المقاولات الصغرى بالمغرب    جلالة الملك يدعو إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية بالضفة الغربية وقطاع غزة والعودة إلى طاولة المفاوضات    شركة "نيسان" تعتزم غلق مصانع بالمكسيك واليابان    "استئنافية طنجة" تؤيد إدانة رئيس جماعة تازروت في قضية اقتحام وتوقيف شعيرة دينية    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    مجموعة مدارس إحسان بالجديدة تنظم مهرجانا ثقافيا تحت شعار: ''تراث الأجداد بيد الأحفاد'    ريال مدريد يضم المدافع الإسباني هاوسن مقابل 50 مليون جنيه    فيلم بين الجرأة والاعتبارات الأخلاقية يعرض بمشرع بلقصيري    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    الأميرة للا حسناء تترأس حفل افتتاح الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة    إفران تعتمد على الذكاء الاصطناعي للوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها    الفيفا تكشف توقعاتها لمداخيل كأس العالم 2030.. إيرادات غير مسبوقة    مغرب الحضارة: أولائك لعنهم الله لأنهم سرطان خبيث الدولة تبني وهم يخربون.. ويخونون    "السينتينليون".. قبيلة معزولة تواجه خطر الانقراض بسبب تطفل الغرباء    ورشة تكوينية حول التحول الرقمي والتوقيع الإلكتروني بكلية العرائش    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي عند الدخول الجامعي 2025-2026    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    الزيارة لكنوز العرب زائرة 2من3    سميرة فرجي تنثر أزهار شعرها في رحاب جامعة محمد الأول بوجدة    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    









متابعات : ساحة الهديم بمكناس.. معلمة تاريخية تقاوم الانقراض
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 12 - 09 - 2014


( صحفية متدربة)
يلتف بجلابيته الحمراء المطرزة، وقد برز بملامح وجهه التعب والحكمة مختلطين في عالم لم يعد يميز فيه بين الواقع والخيال، بين قصص ربيت عليها أجيال منذ القدم.
ففي كل يوم ، يقف في ساحة الهديم بمكناس، وبين برودة الطقس شتاء ولفحات الحرارة صيفاً يبقى هو العامل الثابت في مشهد المدينة الذي لا يمكنه الفرار من وجه التغيير
يقف في موقعه، لابساً قبعة تقليدية على رأسه «الأقرع»، أطراف أصابعه يعلوها السواد ، ووجهه كقطعة من الجلد لم ترحمها ظروف الطقس المتغيرة.
يصفق بيديه ليشد انتباه جمهوره، عندها تبدأ الحكاية كان يا ما كان في قديم الزمان كان هنالك تاجر «، يسرد من قصص «ألف ليلة وليلة»، ويكمل: «كان عنده أربع بنات...
وخلال لحظة نشأت الحلقة من حوله، دائرة «مقدسة» من الأرواح المتلهفة والفضولية لسماع التتمة، ، فينخرطون في أحداثها ووقائعها بكل كيانهم وجوارحهم إلى حدود التماهي وأجسادهم ثابتة لا تتحرك كمومياءات فرعونية محنطة.
بالنسبة إليهم يشكل الحكواتي مجموعة من الأشخاص المجتمعين بهيئة واحدة، فهو المرفه والحكيم والساحر، إذ لا يمكن للناس مقاومة الاستماع للحكواتي خاصة مع صوت رواية الحكاية بالهمس التي تجذب أقل الناس فضولاً، وسرده البطيء للقصص، كمن يوزع الحلويات على من حوله ببطء ليشعروا بلذتها الحقيقية.
تعد ساحة الهديم مكانا سياحيا بامتياز «يضاهي» ساحة جامع الفنا بمراكش.
لساحة الهديم بمكناس طابعها الساحر، الذي تدخل فيه إلى عالم لا تفرق به بين الخيال والواقع، ومع بلوغ الحرارة حدها الأقصى خلال فترة الظهيرة، يخرج سحرة الثعابين من ملاجئهم الباردة، ليعزفوا على آلة «النفار» التي تعتبر مزماراً ليأخذوا ثعابينهم في رحلة تنويم مغناطيسي فتبدأ الزواحف بالرقص على أنغام المزمار.
ومع اختفاء حرارة النهار وغروب الشمس يمكنك أن ترى شكلا آخر في الساحة ، ترى من خلاله أعضاء من مجموعة «كناوة» وهي أخوية قديمة، تضرب طبولاً وتعزف أنغاما تتحف سامعها عندما يمتزج وقع الطبول مع دقات « القراقيب « مصحوبا بأذكار روحانية فتمتزج أصوات الكناويين بأصوات الطبول القوية لتملأ الفضاء الرحب رهبة ما تفتأ تخاطب جمهورا يمتلك المكان فيصير جزءا من عالم روحاني ملؤه السكينة.
ولا يمكن للمار وسط الساحة أو حتى بمحاذاتها، راكبا كان أو راجلا، ألا ينجذب لسماع أغان من «ربيرتوار» مجموعة «ناس الغيوان» الشعبية، لدرجة يمكن القول معها إن ساحة الهديم فضاء نجح إلى حد كبير في استنساخ أصوات هذه المجموعة، إذ أن «غيوان» الساحة يجيدون ويبرعون ، بل ويتفننون في أداء رائعة «الصينية» وأخواتها بشكل احترافي وأخاذ لا يشعر معه المتحلقون،إلا وألسنتهم تردد بشكل تلقائي مقاطع من روائع « ناس الغيوان « .
ولا يقتصر دور أعضاء هذه الفرقة على ترديد روائع من الفن الغيواني، بل يتجاوزه إلى النبش في» ألبومات» مجموعات أخرى كجيل جلالة والمشاهب ....
كل له زبائنه وأنت قد تنتقل من حلقة الى أخرى باحثا عن فرجة،ترحل مع فكرة أو نغمة، تسجل انغراسها في الذاكرة وتسافر معك إلى أي قطر أنت أتيت منه راجعا له.
ساحة الهديم ذاكرة جماعية إنسانية بالعبارة والصورة واللحن،ترسم حضارة وتنشر ثقافة.
ساحة الهديم، محور تستسلم فيه الحداثة للاعتراف بعبق التاريخ وجمال الحضارة تودع فيها الحذاء الإيطالي الصنع، وتتبنى ارتداء الجلباب أو» الدراعية» مع بلغة ،ونقش حناء وبخور ند أو شبة و حرمل ،تسترخي لكل دخان فتنشرح الأذهان ويذهب ضغط الزمان.... هو محور الأصالة المتزاوجة مع المعاصرة، دونما حاجة إلى أغلفة سياسية.
هناك بساطة زئبقية مفقودة بين فضاءات ساحة الهديم، بأسوارها وأقواسها ودروبها المؤدية منها وإليها ، كلنا نبحث عن هذه البساطة في لعبة كبرى.كلنا يأخذ حظه منها ليحمله معه كمتاع،يحل بحلة لغات البشرية... لباس البساطة إكسير سعادة مطلوبة في كل حين ...ليستمر الحكي عن ساحة الهديم ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.