تشهد الجزائر حالة استنفار أمني غير مسبوق بعد نجاح الجنرال عبد القادر حداد، المعروف ب"ناصر الجن"، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الداخلية، في الفرار سرا عبر قارب سريع نحو السواحل الإسبانية. هذا المسؤول الأمني الخطير، الذي وضع تحت الإقامة الإجبارية منذ ماي 2025 بعد إقالته من منصبه، تمكن بفضل نفوذه وشبكته الواسعة داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية من تنفيذ عملية هروب أشبه بالفضيحة السياسية والأمنية. السلطات الجزائرية التي تدعي السيطرة على الوضع وجدت نفسها عاجزة أمام اختراق بهذا الحجم، مما يكشف هشاشة مؤسساتها الأمنية وفشلها في ضبط واحد من أخطر رجالات النظام. فرار ناصر الجن ليس مجرد حادث عرضي، بل دليل دامغ على حجم الصراعات المشتعلة بين أجنحة الجيش وتفكك منظومة الحكم التي تعيش على وقع الخوف والشكوك. هذا التطور الخطير دفع المجلس الأعلى للأمن إلى عقد اجتماع طارئ لتدارس تداعيات الحادث، وسط تعزيزات مشددة في العاصمة الجزائر ومحيطها، وتشديد الرقابة على الحدود والمطارات. ويعتبر الصندوق الأسود بمثابة المخزن السري لأسرار النظام الجزائري، حيث لعب دورا بارزا خلال العشرية السوداء التي شهدت اختطافات واغتيالات لمعارضين، كما يمتلك معلومات حساسة قد تهدد استقرار النظام إذا قرر الكشف عنها. إن ما حدث يكشف أن النظام الجزائري يعيش اليوم حالة ضعف غير مسبوقة، وأن شعارات السيطرة والقوة ليست سوى غطاء هش يخفي عمق الأزمة. ففرار ناصر الجن لم يعد مجرد حدث أمني، بل تحول إلى مرآة تعكس التصدع الكبير داخل السلطة، وتطرح تساؤلات جدية حول مستقبل الجزائر واستقرارها في ظل نظام يترنح أمام أول اختبار حقيقي.