كشف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، تفاصيل الحصيلة الدبلوماسية للمغرب داخل مجلس الأمن الدولي بشأن قضية الصحراء، مؤكدا أن المملكة نجحت في تأمين 11 صوتا مؤيدا لمبادرة الحكم الذاتي بفضل تدخلات مباشرة قام بها الملك محمد السادس خلال الأيام الأخيرة التي سبقت التصويت. وأوضح بوريطة، خلال حلوله ضيفا على برنامج خاص بالقناة الثانية مساء اليوم السبت، أن الملك تدخل في ما وصفه ب"المائة متر الأخيرة"، عبر اتصالات مباشرة مع قادة دول أعضاء في المجلس، ما مكن من رفع عدد الأصوات المؤيدة من ستة إلى تسعة، وهو الحد الأدنى اللازم لاعتماد القرار دون استخدام حق النقض "فيتو"، قبل أن يمتد الدعم لاحقا ليصل إلى أحد عشر صوتا. وأشار الوزير إلى أن المغرب تمكن من تجاوز واحدة من أصعب تشكيلات مجلس الأمن لهذا الملف منذ سنوات، خصوصا مع وجود الجزائر كعضو بالمجلس، وهو ما يعد حدثا نادرا يحدث مرة كل عقدين تقريبا، ما زاد من تعقيد المفاوضات وحساسية النقاش. كما أبرز أن بعض الدول الداعمة سابقا، مثل الإمارات، غادرت المجلس، لتحل محلها دول جديدة ذات مواقف غير واضحة، مثل باكستان وغيانا والصومال وسلوفينيا والدنمارك. ورغم هذه التحديات، أكد بوريطة أن المغرب حافظ على دعم القوى الكبرى الثلاث: الولاياتالمتحدة، فرنسا وبريطانيا، بفضل التنسيق المستمر والتوجيهات المباشرة للملك، الذي اعتبر هذه الدول ركائز أساسية في صناعة القرار الأممي. أما بخصوص الدول التي امتنعت عن التصويت، فقال الوزير إن روسيا والصين وباكستان لم تعارض القرار، بل أبدت تحفظات تقنية وسياسية تتعلق بما يعرف ب"حامل القلم" أي الدولة التي أعدت مشروع القرار، وهي في هذه الحالة الولاياتالمتحدة. وأوضح أن هذه التحفظات لا تستهدف المغرب، بل ترتبط بتوازنات القوى والجغرافيا السياسية داخل المجلس. كما أشار بوريطة إلى أن روسيا حافظت على موقف متوازن تجاه القضية بفضل علاقاتها الاستراتيجية الطويلة مع المغرب، منذ زيارة الملك محمد السادس لموسكو سنة 2016، والتي أسفرت عن توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية عميقة، الأمر الذي عزز مكانة المغرب لدى موسكو كشريك موثوق وحيادي في القضايا الدولية، بما فيها الأزمة الأوكرانية. وأضاف الوزير أن باكستان لم تكن معادية للقرار، بل اتسم موقفها بالحذر نتيجة حسابات إقليمية داخلية، وهو نمط سلوك معتاد من هذا البلد في النزاعات الإقليمية. واختتم بوريطة تصريحاته بالتأكيد على أن أهمية القرار الأممي الأخير تكمن ليس فقط في دعمه لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع، بل أيضا في غياب أي معارضة داخل مجلس الأمن، حيث أسفر التصويت عن 11 صوتا مؤيدا و3 امتناعات ودون أي اعتراض، ما يجعل هذا الحدث الدبلوماسي غير مسبوق في مسار قضية الصحراء المغربية.