الشرادي يقدم قراءة استراتيجية في تجديد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء    وفد من مجلس المستشارين يتباحث مع الرئيسة الجديدة للبرلمان الأنديني في أول لقاء رسمي لها    مندوبية التخطيط: البطالة تنخفض عند الرجال وترتفع لدى النساء والشباب لتبلغ 12,8% في الفصل الثاني من 2025    الدخول المكثف للجالية يدفع الدرهم المغربي للارتفاع أمام الأورو    سوق الشغل بالمغرب.. بطالة مرتفعة في الشرق والجنوب ونشاط متمركز في الدار البيضاء والرباط    مفتي القدس: المساعدة الإنسانية والطبية العاجلة لساكنة غزة بتعليمات ملكية تعبر عن دعم ميداني ملموس من شأنه التخفيف من معاناة ساكنة القطاع    أوروبا تشدد الرقابة.. نظام إلكتروني جديد يرصد تحركات المسافرين المغاربة بدقة    مسؤولون أمنيون إسرائيليون سابقون يطلبون مساعدة ترامب لوقف الحرب في غزة    ريال مدريد يحصن نجمه المغربي إبراهيم دياز بعقد جديد    وليد الركراكي يحضر لمفاجآت جديدة في معسكر شتنبر بضم لاعبين من أوتريخت وروما    الزروري يتعاقد مع"باناثينايكوس" اليوناني على سبيل الإعارة    قافلة "التعمير والإسكان" تجوب 10 مدن مغربية لخدمة مغاربة العالم    ارتفاع في أعداد المهاجرين غير النظاميين الوافدين إلى سبتة ومليلية المحتلتين خلال 2025    نشرة إنذارية.. موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بالبرَد وبهبات رياح مرتقبة من الإثنين إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    شاطئ ميامي ببني انصار.. إنقاذ طفل من الغرق بعد ساعات من مأساة شاب جزائري    شقيق مروان المقدم يدخل في إضراب مفتوح عن الطعام أمام عمالة الحسيمة للمطالبة بكشف مصير شقيقه المختفي    المغرب مرشح قوي تترقبه أعين كل المنافسين على لقب كأس أمم إفريقيا للاعبين للمحليين 2024    انخفاض أسعار النفط بعد اتفاق أوبك على خفض الإنتاج    عاكف تتوج ببطولة "فريستايل إفريقيا"    "بوكينغ" أمام دعوى من آلاف الفنادق بأوروبا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين        أستراليا تتهم مواطنة صينية بالتجسس            ترتيب شباك التذاكر في سينما أميركا الشمالية    جماهري يكتب: من أجل قواعد نهائية في تدبير الانتخابات        توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    فرنسا ترحل طالبة فلسطينية إلى قطر بعد اتهامها بكتابة منشورات "معادية للسامية"    حماس تقول إنها لن تسمح للصليب الأحمر بالوصول إلى الرهائن إلا إذا تم فتح ممرات إنسانية    حين يغيب تكافؤ الفرص… تضيع شفافية الانتخابات    بطولة انجلترا: تشلسي يتعاقد مع الظهير الأيسر الهولندي هاتو    وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    حادثة مأساوية بطنجة.. مصرع سيدة وسقوط سيارة في مجرى واد بعد اصطدام عنيف    المغرب.. أقدم أصدقاء أمريكا وركيزة في مسار العلاقات التاريخية    رواج الموانئ المغربية يسجل ارتفاعا ب11,6% خلال النصف الأول من 2025    إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لفجيج..بن حمزة يوضح    شخصيات مقدسية تشيد بمبادرة الملك محمد السادس إرسال مساعدة إنسانية وطبية عاجلة لسكان قطاع غزة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية النيجر بمناسبة العيد الوطني لبلاده    لفتيت يقدم خطة الدولة من 7 أهداف لتعزير المسار الديمقراطي والأحزاب ملزمة بتقديم ردها قبل نهاية غشت    نازهي يسائل وزير الثقافة حول اختلالات مسرح محمد عفيفي بمدينة الجديدة    جمعية أنزا الهجرة والتنمية تنظم الدورة الرابعة لمهرجان المهاجر    النجمة أصالة تغني شارة "القيصر" دراما جريئة من قلب المعتقلات    المركز السوسيوثقافي أبي القناديل يحتظن حفلا مميزا تخايدا لذكرى 26 لعيد العرش المجيد    السياسة وصناعتُها البئيسة !    "عرش المحبة حين يغني المغرب في قلب تونس"    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذهب زمن الإيركاط.. وجاء عهد الكات كات
نشر في المساء يوم 17 - 09 - 2008

قبل أيام من حلول شهر رمضان، تسوّق الناس حتى الثمالة ولم تفرغ الأسواق والمحلات التجارية إلا ساعات متأخرة من الليل. وقبل يوم واحد من رمضان، كانت الأسواق مرة أخرى مكتظة عن آخرها بالمتسوقين، وكأن الناس فاجأهم رمضان. ولو لم يظهر الهلال مساء الاثنين لذهب الناس مرة أخرى إلى الأسواق مساء الثلاثاء ليتزاحموا على البضائع. ولو طال انتظار رمضان أسبوعا آخر لما فرغت الأسواق من جحافل البشر.
ما يحدث قبل رمضان يحدث خلال العيد أيضا. ففي آخر يوم من رمضان تفيض الأسواق بالبشر، وعندما يتأخر العيد يوما واحدا، فإن الناس يعودون للازدحام في الأسواق.
هذه ظاهرة غريبة في بلد فقير ابتلي الناس فيه بالتسوق، وهم مع ذلك لا يتوقفون عن الشكوى من الغلاء والارتفاع الصاروخي للأسعار.
المغاربة يشتكون من كل شيء، من الغلاء والدخول المدرسي ومصاريف عطلة الصيف، لكنهم يتزاحمون أكثر من أي وقت مضى على الأسواق والمراكز التجارية الكبرى، وأصبحت عاداتهم الاستهلاكية مثيرة للحيرة.
حمى الشراء في رمضان وغير رمضان ظاهرة مغربية مثيرة، وكثير من الناس الفقراء أصبحوا يفعلون مثلما يفعل الأغنياء، ويمارسون بدورهم هواية الشوبينغ (التسوق). هكذا أصبح من المعتاد رؤية أناس يسكنون مدن الصفيح والأحياء العشوائية وهم يدفعون عربات كبيرة في الأسواق الممتازة والسلع تفيض منها.
هناك تناقضات كثيرة أخرى تطبع الواقع المغربي. وبينما يرتفع معدل الفقر بين الناس، تزداد أعداد سيارات الكات كات في الشوارع، ومن يسافر عبر الأوطوروت يندهش من أعداد هذه السيارات، وأحيانا يبدو وكأنه لم تعد توجد سيارات قديمة في البلاد. ومن الغريب أن النساء اللواتي يقدن الكات كات يرتفع عددهن كل يوم، والناس لا يعرفون من أين يأتين بالمال، لكن الكثيرين يعتقدون أنه باستثناء المال الحرام وسرقة المال العام، فإن نساء كثيرات من صاحبات الكات كات نساء مخدوعات ويشتري لهن أزواجهن تلك السيارات الفارهة لإرضائهن لأنهم يخونونهن مع عشيقات أخريات، هكذا أصبح منظر امرأة تقود الكات كات مثيرا للشفقة عوض أن يكون مثيرا للانبهار. المرأة تتصاحب مع الكات كات، ويتصاحب زوجها مع نساء أخريات.
عندما ظهرت أولى سيارات الكات كات في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن أصحابها كانوا من أصحاب الضيعات الفلاحية أو من سكان المناطق الوعرة التي تحتاج إلى سيارات خاصة، أو من الذين يسافرون باستمرار عبر مسافات طويلة ويحتاجون إلى سيارات من نوع خاص، وعندما ظهرت أولى سيارات الكات كات في المغرب، كان أصحابها من لصوص المال العام أو تجار المخدرات، ثم تحولت هذه السيارات إلى موضة، وأصحابها يسكنون في قلب المدينة، والمسافة بين سكناهم ومقر عملهم بضعة كيلومترات يمكن أن يقطعوها مشيا في ربع ساعة، لكنهم يصرون على ركوب الكات كات كل صباح لأنها وسيلتهم الوحيدة من أجل إثبات وجودهم.
المغاربة كانوا منسجمين أكثر مع أنفسهم ومع واقعهم حين كانت سيارات الإيركاط الجميلة تملأ شوارع المدن المغربية. تلك السيارة الأسطورية تحتاج اليوم إلى تكريم خاص من جانب المغاربة لأنها وقفت إلى جانبهم في ظروف حالكة، يوم كان التوفر على سيارة يشبه التوفر على صاروخ.
المتناقضات المغربية لا تقتصر على السيارات، فالمطاعم والمقاهي الفارهة جزء آخر من مظاهر التناقض في الواقع المغربي. اليوم يبدو غريبا كيف أن الناس يتزاحمون من أجل احتلال مقاعدهم في مطاعم أنيقة وغالية، أو في مقاه تقدم المثلجات ويحتاج الجلوس فيها إلى انتظار نصف ساعة أو أكثر.
الازدحام من أجل الحصول على السكن وجه آخر من وجوه التناقض. أحيانا يشتري شخص واحد خمس شقق يسكن في واحدة ويستثمر في الباقي. هناك من يشتري أكثر من مائة شقة ويتركها فارغة، واليوم لم يعد تجار المخدرات ولصوص المال العام يبيّضون أموالهم مباشرة عبر بناء عمارات، لأن المهمة يقوم بها المنعشون العقاريون الجشعون، وأصحاب الأموال القذرة يكتفون بالشراء من دون أن يسألهم أحد من أين جاؤوا بأموالهم.
يحدث كل هذا في بلد سبعة ملايين من سكانه يعيشون في الفقر المطلق، وأزيد من نصف سكانه أميون، ورتبته العالمية أسفل سافلين، ومستوى التعليم فيه أسوأ من غزة والعراق.. وهما معا تحت الاحتلال. شيء محيّر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.