انعقاد مجلس الحكومة بعد غد الخميس لتدارس مجموعة من مشاريع القوانين        قبل النطق بالحكم الاستئنافي.. النيابة الجزائرية تُصعّد وتلتمس 10 سنوات سجنًا في حق بوعلام صنصال    وزيرة الطاقة تكشف في البرلمان مشاريع الناظور لضمان الأمن الطاقي للمغرب    بركة يكشف للبرلمان: 7.9 مليار درهم لربط ميناء الناظور    المغرب وتركيا يتفقان على شراكة تجارية جديدة تعيد التوازن للميزان التجاري        قطر توجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الهجوم الإيراني ضد قاعدة العديد    مدرب المنتخب النسوي يكشف لائحة "لبؤات الأطلس" لنهائيات كأس أمم إفريقيا    أشرف حكيمي يتوج بجائزة أفضل لاعب في مباراة باريس سان جيرمان وسياتل ساوندرز الأمريكي    "مرحبا 2025" تنطلق من الحسيمة.. استقبال حافل لأولى رحلات الجالية من إسبانيا    إحباط تهريب دولي ضخم بالمغرب.. 3 أطنان من المخدرات كانت على وشك الإبحار    الناظور.. السجن والغرامة في حق المتهم الذي كذب بشأن مصير مروان المقدم        ترامب يطالب إسرائيل بعدم إلقاء المزيد من القنابل على إيران    نادر السيد يهاجم أشرف داري: "إنه أقل بكتير جدًا من مستوى نادي الأهلي"    زغنون: في غضون شهرين ستتحول قناة 2m إلى شركة تابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة    لفتيت مطلوب في البرلمان بسبب تصاعد ظاهرة "السياقة الاستعراضية" بالشواطئ المغربية    الرشيدي يجتمع بوفد من البنك الدولي ويستعرض المنجزات الاجتماعية وجهود النهوض بالأشخاص في وضعية إعاقة    الهولوغرام يعيد عبد الحليم حافظ إلى الحياة في مهرجان موازين 2025    في مهرجان موازين.. هكذا استخفت نانسي عجرم بقميص المنتخب!    الهولوغرام يُعيد أنغام عبد الحليم حافظ إلى الحياة في مهرجان موازين    العراق يعيد فتح مجاله الجوي بعد هدنة إيران وإسرائيل    الوداد يطمئن أنصاره عن الحالة الصحية لبنهاشم وهيفتي    بوغبا يترقب فرصة ثمينة في 2026    إسرائيل تعلن رصد إطلاق صواريخ إيرانية بعد إعلان وقف إطلاق النار وطهران تنفي    بلكوش: المنتدى العربي الإفريقي للمقاولة وحقوق الإنسان تعزيز لمواصلة الشراكة والتعاون بين المنطقة العربية وعمقها الإفريقي    مشروع ضخم لطاقة الرياح يرى النور في العيون بشراكة مغربية إماراتية    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    بورصة الدار البيضاء تفتتح تداولاتها على وقع الأخضر    كأس العالم للأندية .. الأهلي خارج المنافسة وإنتر ميامي يصطدم بباريس    وفد من مؤسسة دار الصانع في مهمة استكشافية إلى أستراليا لتعزيز صادرات الصناعة التقليدية المغربية على الصعيد الدولي    رغم الخسائر الثقيلة.. إيران استسلمت والتزمت بوقف إطلاق النار أولًا قبل إسرائيل    ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها    رمسيس بولعيون يكتب... البرلماني أبرشان... عاد إليكم من جديد.. تشاطاراا، برويطة، اسعادات الوزاااار    توقعات حالة الطقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    "بي واي دي" الصينية تسرّع خطواتها نحو الريادة العالمية في تصدير المركبات الكهربائية    الهلال السعودي يتواصل مع النصيري    بركة: انقطاعات مياه الشرب محدودة .. وعملية التحلية غير مضرة بالصحة    إيران ترد بقوة على اغتيال عالمها النووي    بين الآلي والإنساني .. "إيسيسكو" تناقش الجامعة في زمن الذكاء الاصطناعي    ترامب: إسرائيل وإيران وافقتا على "وقف تام لإطلاق النار"    الحسيمة تترقب زيارة ملكية خلال الأيام المقبلة    ياسين بونو يتوج بجائزة رجل المباراة أمام سالزبورج    مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تنظم المعرض الفوتوغرافي "أتيت من نظرة تَعْبُرُ" للفنان المصور مصطفى البصري    رأي اللّغة الصّامتة – إدوارد هارت    "تالويكاند" في دورته الرابعة.. تظاهرة فنيّة تحتفي بتراث أكادير وذاكرتها    هذه تدابير مفيدة لتبريد المنزل بفعالية في الصيف    موازين 2025.. الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تمتع جمهورها بسهرة متميزة على منصة النهضة    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعا عن الاختلاف
نشر في المساء يوم 03 - 10 - 2011

1 - المتتبع للشأن الحزبي والسياسي في المغرب لا بد له أن يسجل ملاحظة أساسية؛ فمند حصول المغرب على استقلاله سنة 1956 بدأت الحياة الحزبية في مغرب ما بعد الاستقلال
تعرف تعددية حزبية -حتى لا نقول تعددية سياسية- قائمة بالأساس على مبدأ الانشقاقات أو ما سماه جون واتربوري ب«التفريخ الحزبي». هذه الظاهرة، أي ظاهرة الانشقاقات، وجدت سندها الدستوري والقانوني في ترسيخ المغرب حينئذ لمبدأ التعددية وتحريم مبدأ الحزب الوحيد.
فأصبحت الأحزاب تتوالد يوما بعد يوم حتى خرج جلها من رحم ثلاثة أحزاب كانت قائمة آنذاك، هي حزب الاستقلال والحزب الشيوعي المغربي والحركة الوطنية الشعبية.
وظلت هذه الأحزاب تتوالد حتى وصلت اليوم إلى ما يفوق 30 حزبا قائما، فيها من يتوفر على قاعدة شعبية وفيها من لازال يبحث عن ذاته لأنه ولد ميتا منذ البداية، دون أن تستطيع هذه الأحزاب جميعها أن تضع حدا لهذه الانشقاقات والاختلافات التي تؤدي، بين عشية وضحاها، إلى ولادة تنظيم سياسي من رحم تنظيم سياسي آخر، قد لا يختلف عنه في الشكل ولا في المضمون ولكن قد يختلف عنه فقط من حيث النبش في الماضي المشترك بين الحزب الأم والحزب المنشق لإظهار مساوئ أصدقاء الأمس الذين أصبحوا خصوم اليوم ونشرها بين المواطنين لكسب الثقة المفقودة، مما أعطى المغرب خريطة سياسية غير واضحة استعصى على الباحثين والمختصين في العلوم الاجتماعية تفسيرها، كما استعصى على الأحزاب نفسها الانتظام داخلها بناء على تقارب إيديولوجي أو مصلحي أو سياسي كما هو الشأن في بعض الدول الديمقراطية التي استطاعت أحزابها أن تنتظم في شكل كتل سياسية سهلت على نفسها التناوب على السلطة والتداول على تسيير الشأن العام الوطني بدل تكريس المزيد من الانشقاق والتفرقة، خصوصا وأن الجميع يعيش في ظل ملكية حاكمة استطاعت أن تفرض ذاتها على جميع الفاعلين السياسيين في وقت تساقطت فيه الملكيات في جل الدول العربية والإسلامية كأوراق الخريف؛ فأثبتت الملكية في المغرب، بحنكتها السياسية وتجذرها التاريخي والديني، أنها صمام أمان بالنسبة إلى الجميع. وأصبح من المفروض على جميع الفرقاء السياسيين العمل على احترام ملكية حاكمة بعدما تبين ارتباط الشعب بها أكثر من ارتباطه بالأحزاب ذاتها.
2 - نستطيع القول، إذن، إن الأحزاب السياسية في مغرب ما بعد الاستقلال استطاعت أن تتكاثر وتنشط في غياب أدنى شروط الديمقراطية بينها؛ فقد وجدت ثلاثة أصناف من هذه الأحزاب آنذاك (حسب التصنيف المحلي: أحزاب محسوبة على الحركة الوطنية وأحزاب إدارية موالية للسلطة وأخرى لا هي من هذا الطرف ولا من ذاك، حيث ظلت تتخذ مواقف سياسية معادية لقواعد اللعبة السياسية ولمواقف أغلب الأحزاب السياسية الوطنية. وبالرغم من غياب الديمقراطية داخل هذه الأحزاب واختلافها، سواء من حيث النشأة أو من حيث المذهب السياسي، فقد ظلت تتعايش في ما بينها ولم يحتدم الصراع السياسي بينها بناء على اعتبارات النشأة أو الولادة كما هو الشأن اليوم بين بعضها (حزب العدالة والتنمية - حزب الاستقلال...) وبين حزب الأصالة والمعاصرة، فرغم أن الأحزاب الإدارية التي ولدت من رحم السلطة والإدارة ظلت محط انتقاد ونفور من قبل أحزاب الحركة الوطنية، وهذا شيء طبيعي، فإنه لم يتولد لديها موقف إقصائي وعدائي كما هو الشأن اليوم بالنسبة إلى بعضها مع حزب الأصالة والمعاصرة، رغم أن هذا الأخير لم يأت نتيجة انشقاق سياسي في حزب من هذه الأحزاب مجتمعة، إدارية كانت أو محسوبة على أحزاب الحركة الوطنية، بل ولد من رحم المجتمع وفي ظل قانون حزبي جديد ظلت الأحزاب السياسية المغربية مجتمعة تناضل من أجله منذ فجر الاستقلال.
لكن منذ أن ولد حزب الأصالة والمعاصرة وتم تأسيسه من قبل مجموعة من الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والمثقفين الذين انضموا إلى «حركة لكل الديمقراطيين» في بداية الأمر، ظل موضوع تنكيل من قبل بعض الصحف الحزبية وشبه الحزبية، ناهيك عن بعض الأقلام التي ظلت تحليلاتها غير قائمة على معايير علمية وموضوعية لممارسة النقد السياسي البناء، فأصبحنا نقرأ هنا وهناك تعليقات سياسية بل سياسوية يغيب فيها التحليل الأكاديمي الحر، وينطوي مضمونها على عبارات القذف، بل السب والشتم أحيانا، ونعت قيادة الحزب بأشد الألفاظ نبوا، معتبرة إياه تارة حزبا مشبوها وتارة أخرى حزبا للدولة يزرع الفتنة السياسية ويعرقل مسار الانفتاح والانتقال الديمقراطي، مع العلم بأن هذا النوع من الأوصاف -التي تسعى إلى النيل من الخصم بكل الطرق أكثر مما تؤدي إلى صناعة فكر سياسي يضمن الاختلاف والنقد البناء- أصبح متجاوزا اليوم في ظل مغرب ما بعد القرن الواحد والعشرين، ولاسيما أن الجميع يلعب في نفس الملعب وبنفس الكرة وأمام نفس الحكم، مما يعني أنه لا أحزاب الإدارة ولا أحزاب الحركة الوطنية ستكون في منأى عن المحاسبة والنقد من قبل المجتمع، خصوصا بعدما جربت أحزاب الحركة الوطنية دورها في تسيير الشأن العام الوطني في مرحلة ما بات يعرف في المغرب بالتناوب السياسي وما بعده، وبالتالي فقد أصبحت جميع الأحزاب في سلة واحدة لا فرق بين تقدمي الأمس ورجعي اليوم ولا بين الاشتراكي والليبرالي بعد انهيار المعسكر الشرقي وسيادة قانون الرأسمالية المتوحشة أو ما يعرف بقانون العولمة الجديد. الفرق والفيصل بين هذه الأحزاب جميعها هو مدى قدرة أي منها على تحقيق أحلام الشباب في الشغل والحياة الكريمة وتجنيب المجتمع حالات التوتر والصراع التي من شأنها أن تؤدي إلى الفتنة وعدم الاستقرار، بدل الارتكان إلى الخطب الجافة وتبادل التهم التي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع.
3 - أمام هذه الممارسة اللاديمقراطية التي نلاحظها اليوم قائمة بين بعض الأحزاب السياسية (خصوصا حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال...) وحزب الأصالة والمعاصرة يجوز لنا أن نتساءل:
- لماذا وصل الأمر ببعض الأحزاب السياسية، التي تنعت نفسها بكونها أحزاب الجماهير والأحزاب الديمقراطية، إلى التعامل مع حزب الأصالة والمعاصرة بنوع من الإقصاء السياسي ومحاولة نبذه ونعته بأقبح النعوت؟ هل لكونه حزب الدولة أو حزب صديق الملك كما تدعي هذه الأحزاب؟ أم لكونه حزبا غير مرغوب فيه اليوم بين هذه الأحزاب لكونه بات يشكل المنافس الوحيد لها بعدما اكتسح الساحة السياسية في ظرف وجيز استعصى على أحزاب كبيرة أن تصل إلى ما وصل إليه حزب الأصالة والمعاصرة رغم وجودها لمدة طويلة في الساحة السياسية؟ ولاسيما أنها لن تعد قادرة على الاستمرارية بعدما أخذت شرعيتها التاريخية تتآكل مثلما أصبحت شرعيتها الشعبية على المحك؟
- هل لازالت هذه الأحزاب وفية لخطها الإيديولوجي -إن كان لها أصلا- بعد انهيار الإيديولوجيات في زمن العولمة الذي أصبح ينعت بزمن موت الإيديولوجيات وزمن النهايات بامتياز (نهاية التاريخ لفوكوياما ونهاية الإيديولوجيا لدانييل بيل) حتى تتهم حزب الأصالة والمعاصرة بعديم الإيديولوجيا؟
ألم تعد الإيديولوجيا الحقيقية اليوم هي مدى توفر رجل السياسة على طريقة ومنهجية مثلى في تدبير شؤون المجتمع وتحقيق الحد الأدنى من المنفعة والمصالح للأفراد وتوفير الأمن الغذائي للمواطنين، عوض تجميع الشعوب حول خطابات سياسية لم تعد عقول الجماهير مستعدة لاستيعابها، في وقت سيطرت فيه أدوات التكنولوجيا الحديثة على عقول الأفراد وقصرت المسافة بين شعوب العالم ولم يعد للخطب أي تأثير على مستعملي الشبكة العنكبوتية؟
يتبع...
سالم الساهل - باحث في سلك الدكتوراه في العلوم السياسية بمراكش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.