"عمر المختار" تنضم لأسطول الصمود    شرط كيم جونغ أون للحوار مع أمريكا    غوتيريش: إفريقيا بحاجة إلى شراكات    الدفاع الجديدي يوضح حادثة القميص    هزة ارضية جديدة بسواحل إقليم الحسيمة    تسجيل هزة ارضية بإقليم الحسيمة    نقابيو "سامير": الإرادة السياسية المتماهية مع مصالح لوبيات المحروقات هي السبب في خسائر الشركة    كندا وأستراليا وبريطانيا تعلن اعترافها بدولة فلسطين    "جبهة دعم فلسطين" تدين قمع احتجاجها بالدار البيضاء تضامنا مع غزة    بورتريه: أمينة بنخضرة.. سيدة الوعود المٌؤجَّلة    أخنوش يترأس الوفد المغربي في الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة    اعتقال ثلاثة نشطاء في تيزنيت على خلفية "حراك المستشفيات"    المغرب: زخات رعدية ورياح قوية يوم الأحد بعدة مناطق والحرارة مرتفعة نسبيا الإثنين    "حراك المستشفيات".. وزارة الداخلية تلجأ لقرارات المنع في مواجهة دعوات الاحتجاج المتزايدة    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    انقلاب سيارة يخلف وفاة وإصابات    إنتاجات سينمائية عالمية تطرق أبواب القاعات المغربية في الموسم الجديد    "حين يزهر الخريف".. الكاتبة آسية بن الحسن تستعد لإصدار أول أعمالها الأدبية    تعادل مثير بين ا.تواركة وأ.الدشيرة    تواصل البحث عن القارب "ياسين 9" المختفي منذ 7 شتنبر وسط ظروف مناخية مفاجئة    البرتغال تعلن الاعتراف بدولة فلسطين    أخنوش: الإجراءات التي اتخذتها الحكومة شملت جميع الفئات    توضيحات بخصوص اعتماد المغرب مسطرة طلب ترخيص إلكتروني للدخول إلى التراب الوطني خلال كأس إفريقيا    الدولي المغربي صيباري يهز شباك أياكس في قمة الدوري الهولندي    موهوب يسجل في مرمى "أورينبورغ"    "كوباك" تعرض منتجات في "كريماي"    في بيان المؤتمر الإقليمي للاتحاد بالعيون .. المبادرة الأطلسية من شأنها أن تجعل من أقاليمنا الصحراوية صلة وصل اقتصادي وحضاري    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية مالطا بمناسبة عيد استقلال بلادها    الدوري الدولي لكرة القدم داخل القاعة بالأرجنتين..المنتخب المغربي يتفوق على نظيره للشيلي (5-3)    ميناء طنجة المتوسط يطلق مشروع توسعة بقيمة 5 مليارات درهم    الرجاء ينهي ارتباطه بالشابي وفادلو على بعد خطوة من قيادة الفريق    مصرع شابين في حادثة سير مميتة بإقليم شفشاون    المغرب يترقب وصول دفعة قياسية من الأبقار المستوردة الموجهة للذبح    الناظور.. اعتقال شرطي اسباني وبحوزته 30 كيلوغرامًا من الحشيش        خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد الرؤية الملكية الاستراتيجية من أجل إفريقيا أكثر اندماجا (أمينة بنخضرة)        دور الفرانكفونية تجدد الثقة بالكراوي        بنخضرة: خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي يجسد رؤية الملك للاندماج الإفريقي    مطارات أوروبية لازالت تعاني صعوبات في برمجة رحلات الأحد بعد هجوم سيبراني    عملية بئر لحلو.. إنزال عسكري مغربي مباغت يربك "البوليساريو" ويفضح تورطها مع شبكات التهريب    "اقطيب الخيزران" تدشن موسمها الفني بمسرح المنصور بالرباط    الأردن يعيد فتح معبر "الملك حسين" بعد 3 أيام من إغلاقه    استخدام الهواتف الذكية يهدد الأطفال بالإدمان    اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية ينهي المرحلة الثانية بانتصار ثمين ويحافظ على صدارة الترتيب    "الغد كان هنا" منجية شقرون تقيم معرضا شاعريا بين الذاكرة والضوء    الشرادي يتغنى بالصحراء المغربية في قلب موريتانيا    الانبعاثات الكربونية في أوربا تبلغ أعلى مستوى منذ 23 عاما (كوبرنيكوس)    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    انفصال مفاجئ لابنة نجاة عتابو بعد 24 ساعة من الزواج    الرسالة الملكية في المولد النبوي    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفعتان لأمريكا
نشر في المساء يوم 21 - 09 - 2012

صفعتان قويتان تلقتهما الإدارة الأمريكية في غضون عشرة أيام، الأولى تمثلت في اقتحام السفارة الأمريكية في بنغازي وقتل السفير وثلاثة من الدبلوماسيين، والثانية قرار حلف الناتو تجميد جميع عملياته المشتركة ضد حركة طالبان مع قوات الأمن الأفغانية التابعة نظريا للرئيس الأفغاني حميد كرزاي.
القاسم المشترك بين القضيتين يتلخص في أن الإدارة الأمريكية، السابقة واللاحقة، تدخلت عسكريا في البلدين من أجل «تحريرهما» من «ديكتاتور فاسد»، مثلما هو الحال في ليبيا، ومن نظام حكم «إرهابي» و«متخلف» يؤوي تنظيم «القاعدة»، مثلما هو الحال في أفغانستان.
السيدة هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية، أصابتها الصفعة الأولى بحالة من الصدمة والذهول، حتى إنها لم تتردد لحظة في التعبير عن ذلك متسائلة: «كيف يحدث هذا في دولة ساعدنا في تحريرها»، «وفي مدينة (بنغازي) ساهمنا في إنقاذها من الدمار»؟
ومن المفارقة أن الشرارة التي أدت إلى إشعال فتيل الاحتجاجات الصاخبة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي انطلقت من الولايات المتحدة، ومن خلال إنتاج شريط بذيء مقزز، وبطريقة استفزازية متعمدة لإهانة مليار ونصف المليار مسلم، ينتشرون في مختلف أنحاء المعمورة.
فإذا كان ليبيون غاضبون اقتحموا القنصلية الأمريكية في بنغازي وقتلوا السفير الذي لجأ إليها باعتبارها أكثر أمنا من السفارة في طرابلس، الخاضعة لسلطة الميليشيات المسلحة، فإن أقرانهم في أفغانستان لم يجدوا سفارة لكي يقتحموها، وإنما قوات أمريكية يعملون كجنود تحت إمرتها، فوجهوا بنادقهم إلى صدور هذه القوات، فقتلوا ستة جنود، أربعة منهم أمريكيون واثنان بريطانيان.
السيدة كلينتون لا يمكن أن تستوعب مشاعر الغضب هذه، ناهيك عن أن تفهم دوافعها، وهذا الجهل المطبق الناجم عن سيطرة يهود موالين لإسرائيل على مختلف معاهد أبحاث الشرق الأوسط في الولايات المتحدة، يلخص الإخفاقات المتتالية للإدارات الأمريكية في هذه المنطقة التي تشكل المركز الأهم لمصالح بلادها في العالم تقريبا.
بعد أحد عشر عاما، يقرر حلف الناتو تغيير استراتيجيته في أفغانستان، لأنه لم يعد يثق بأكثر من ربع مليون جندي ورجل أمن أنفق على تدريبهم وتسليحهم حوالي ستة مليارات دولار، بعد أن اكتشف أن ربع الهجمات التي تستهدف قواته يأتي من قبل هؤلاء.
إنها انتكاسة كبيرة لحلف الناتو، فمن المفترض أن يسلّم جميع المهام الأمنية إلى القوات الأفغانية بعد انسحابه بالكامل عام 2014، مما يعني عمليا أنه لن يجد قوات يسلّم هذه المهام إليها، ولن يجد رئيسا يخلف الرئيس كرزاي في الحكم بعد قراره عدم ترشيح نفسه في أي انتخابات رئاسية قادمة.
حركة طالبان تستطيع إعلان انتصار مبكر على حلف الناتو وقواته أنجزته بمقاومة شرسة وقدرات غير عادية في تنسيق الهجمات وتجنيد المقاتلين، واختراق القوات الأفغانية وزرع خلايا مقاتلة في أوساطها.
أمريكا وحلفاؤها اعتمدوا على جيش من المساطيل مدمني المخدرات في معظمه، فجاءت النتائج كارثية بكل المقاييس، فالإحصاءات الرسمية تفيد بأن أكثر من ثلثي هذا الجيش يتعاطى المخدرات، والأخطر من ذلك أن هذه الآفة انتقلت إلى أعداد كبيرة من عناصر وحدات الناتو، فجاءت الخسائر مزدوجة.
ولا أعرف كيف غاب عن ذهن الأمريكيين أن قوات الجيش الأفغاني لن تدين بالولاء لهم، خاصة بعد أن أكد الرئيس باراك أوباما أن جميع قوات الناتو ستنسحب في الموعد المحدد، أي عام 2014. فلماذا يقاتل هؤلاء الطالبان الذين تشكل قبيلة البشتون التي ينتمون إليها نصف الشعب الأفغاني تقريبا، وتجمع كل التوقعات على أنهم سيكونون حكام المستقبل؟
فعندما يتبوّل الجنود الأمريكان على جثامين مقاتلي طالبان، ويمزق آخرون القرآن الكريم، ويقتحم جندي مسطول قرية ويقتل 18 من أبنائها، معظمهم نساء وأطفال، على طريقة أفلام رامبو، ثم يجمع جثامينهم ويصبّ عليها البنزين ويشعل فيها النار ثم يستلّ سيجارة ويشعلها وهو يراقب المشهد، عندما يحدث كل هذا وما هو أكثر منه، كيف سيكون هناك أي ولاء أو تعاطف مع هؤلاء؟
حلف الناتو ذهب بقواته وطائراته إلى أفغانستان من أجل القضاء على القاعدة، ونظام حليفها الملاّ عمر، وها هي القاعدة تصبح «قاعدات» والطالبان تستعد لاستلام الحكم في كابول، فمن هو العبقري الذي نجح بخبراته وخططه في إقناعهم بالدخول إلى هذا المستنقع الدموي الذي لم تدخله قوة غربية أو شرقية طوال الألف عام الماضية إلا وخرجت مهزومة ومثخنة الجراح؟ إنها مراكز أبحاث المحافظين الجدد، ومعظمهم من أنصار إسرائيل.
المؤشرات تؤكد أن أمريكا بصدد إرسال قوات وطائرات إلى ليبيا، وتخطط للانتقام لمقتل سفيرها ودبلوماسييها الثلاثة.
الجماعات الجهادية تنتظر مثل هذا الخبر الذي سيثلج صدرها حتما، فالانتقام من القاعدة بسبب أحداث الحادي عشر من شتنبر كلّف حوالي 500 مليار دولار في أفغانستان وضعف هذا الرقم في العراق، والعداد مستمر في العدّ صعودا.
أمريكا حصدت كراهية العرب والمسلمين قبل الربيع العربي بدعمها أنظمة ديكتاتورية، ورؤية المنطقة من المنظار الإسرائيلي، وها هي تصعّد من هذه الكراهية أثناء وبعد الربيع العربي، وللأسباب نفسها.
السيدة كلينتون ومعها بقايا المحافظين الجدد الذين يصوغون لها الدراسات التي تخدم مصالح إسرائيل، بحاجة إلى دروس في تاريخ وجغرافيا الشرق الأوسط حتى لا تتفاجأ وتصدم من أحداث جديدة، على غرار ما حدث في بنغازي الليبية، ونعدها بأننا سنجد لها من هو قادر على إعطائها هذه الدروس بإخلاص وموضوعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.