مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    هلال: ترامب مهد لقرار مجلس الأمن.. ونأمل زيارته إلى الصحراء المغربية    مغاربة فرنسا يحتفلون بذكرى المسيرة    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    نفاد تذاكر مباراة المغرب وموزمبيق الودية بطنجة قبل أيام من انطلاقها    بعد حكيمي.. إصابة أكرد تربك الركراكي وتضعف جدار الأسود قبل المونديال الإفريقي    الشرع يصل إلى أمريكا في زيارة رسمية    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    توقيف التجمعي يوسف مراد في المطار بشبهة التهريب الدولي للمخدرات    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    مقتل فلسطيني في قصف إسرائيلي    فلوريدا.. الجالية المغربية بالولايات المتحدة تخلد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    طقس الأحد: ضباب وسحب منخفضة بعدة مناطق بالمملكة    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    كوريا الشمالية تتوج ب"مونديال الناشئات"    مدرب مارسيليا: أكرد قد يغيب عن "الكان"    البطولة: النادي المكناسي يرتقي إلى المركز الخامس بانتصاره على اتحاد يعقوب المنصور    نبيل باها: "قادرون على تقديم أداء أفضل من المباراتين السابقتين"    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. البطلة المغربية سمية إيراوي تحرز الميدالية البرونزية في الجيدو وزن أقل من 52 كلغ    بحضور الوالي التازي والوزير زيدان.. حفل تسليم السلط بين المرزوقي والخلفاوي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    شبهة الابتزاز والرشوة توقف مفتش شرطة عن العمل بأولاد تايمة    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    تشريح أسيدون يرجح "فرضية السقوط"    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية تسلم رفات رهينة من غزة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    "صوت الرمل" يكرس مغربية الصحراء ويخلد "خمسينية المسيرة الخضراء"    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    عيد الوحدة والمسيرة الخضراء… حين نادت الصحراء فلبّينا النداء    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    أشرف حكيمي.. بين عين الحسد وضريبة النجاح    انطلاق فعاليات معرض الشارقة للكتاب    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع العربي: الأصل والفصل (3)
نشر في المساء يوم 28 - 12 - 2012

بعد أن رأينا كيف تحول «الربيع العربي» إلى «خريف إسلامي» بمباركة من واشنطن، التي باتت تفضل عدوا واضحا يملك وجها وعاصمة بدل محاربة الأشباح، نتوقف اليوم مع حكاية «الربيع» و«الخريف» في بلادنا، التي بدأت بتظاهرات ال20 فبراير 2011 وانتهت بحكومة عبد الإله بنكيران... قبل ذلك، لا يمكن الحديث عن علاقة الولايات المتحدة ب«الربيع العربي» دون استحضار الحلفاء الخليجيين الذين شكلوا ما يشبه «الراعي الرسمي» لهذه «الانتفاضات»، مع تنويه خاص جدا بقطر التي تستحق عن جدارة لقب «كوكاكولا الربيع العربي»... وبعيدا عن «السبونسورينغ»، يمكن أن نفهم انحياز ديمقراطية عريقة مثل الولايات المتحدة إلى الشارع العربي، لكن مساندة الخليجيين لهذه الانتفاضات تطرح أكثر من سؤال، لأن «فاقد الشيء لا يعطيه» أو بالعربية الفصحى: «شاط الخير على زعير»... كيف يمكن لدول تنتهك أبسط حقوق الإنسان أن تقف في طليعة المدافعين عن الحرية والديمقراطية؟ أي ديمقراطية يمكن أن ترعاها دولة حكمت على شاعر بالمؤبد لأنه كتب قصيدة «مسيئة إلى الذات الأميرية»؟ وأي حرية تأتي من بلد يمنع النساء من سياقة السيارات؟ واضح أن «الربيع» إياه لم يأت بالورود فحسب، بل رمانا بوابل من الأشواك !
في بدايات 2011، شكك كثيرون في إمكانية وصول رياح التغيير إلى المغرب، وشنت الصحف «المخزنية» هجوما لاذعا ضد من تجرأ على هدم «الأسطورة» التي كانت تسمى «الاستثناء المغربي»، وكان للأمير مولاي هشام والصحافي بوبكر الجامعي نصيب الأسد من الشتم والتشهير، لأنهما أدليا بتصريحات إلى مجلة «لونوفيل أوبسرفاتور» تتوقع وصول الحراك إلى الشارع المغربي. أما الشباب الذين أصدروا نداء «20 فبراير» فقد اتهموا بالشذوذ والإدمان والعمالة للبوليساريو وغيرها من التهم الجاهزة في المكاتب المعلومة، لكن الزلزال كان أكبر من توقعاتهم. هكذا دلف «الربيع العربي» إلى المغرب رسميا في العشرين من فبراير 2011، حين خرج مئات الآلاف في كل أنحاء البلاد يطالبون بالتغيير، وولدت حركة 20 فبراير التي تتكون من شباب لم يسبق لهم أن مارسوا السياسية وفصائل من المعارضة الجذرية، بدءا من «النهج» وصولا إلى «العدل والإحسان»، أقوى مكونات الحركة على مستوى الوزن والتنظيم. وبخلاف الصحف المأجورة، التقط الملك الرسالة وعدل الدستور وحل البرلمان وأقال الحكومة، وأجريت الانتخابات وفاز «العدالة والتنمية» بغالبية المقاعد، وفي ظرف قياسي صار عبد الإله بنكيران أول رئيس للحكومة في ظل دستور يمنحه صلاحيات غير مسبوقة... ثم ماذا بعد؟ ضعف زخم الاحتجاجات، وفجأة انسحبت «العدل والإحسان» وماتت 20 فبراير سريريا، ليبدأ موسم الانتقام، حيث دشنت السلطات حملة اعتقالات في صفوف مناضلي الحركة، ووزعتهم على السجون بتهم ملفقة...
هناك اليوم حقيقة لا بد أن نسلم بها: لقد تفادى المغرب أسوأ السيناريوهات بفضل وجود حزب إسلامي، يملك مصداقية في الشارع ويدافع باستماتة عن النظام والشرعية. بنكيران و«العدالة والتنمية» لعبا «دور الفيزيبل»، في المنعطف الخطير الذي عشناه في 2011، تماما كما صنع عبد الرحمان اليوسفي في نهاية حكم الحسن الثاني. وكما بدد «الاتحاد الاشتراكي» أربعين سنة من المصداقية في أربع سنوات من الحكم، هاهو «العدالة والتنمية» يشرب من نفس الكأس. المشكلة أن العالم مازال يهتز، والطبقات التكتونية التي تحركت في المنطقة لم تهدأ بعد، كما تدل على ذلك الانتفاضات المتواصلة في البحرين والكويت والأردن والسعودية... وسيتعين على من يصنعون الشمس والمطر في المملكة السعيدة أن يعثروا في المستقبل القريب على قرابين إضافية لتهدئة الشارع، لا بد من «فيزيبلات» جديدة كي لا يحترق الجهاز بأكمله. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن واشنطن يهمها أن يشارك الإسلاميون بمختلف تلاوينهم في السلطة، يمكننا أن نتوقع من الآن مشاركة «السلفيين» و»العدل والإحسان» في الحكم خلال السنوات القليلة المقبلة. لكن كيف وبأي ثمن؟ قبل يومين سمعنا عن اختفاء سلفيين خرجوا حديثا من السجن، مع أنباء عن هروب آخرين وتفكيك خلية ترسل جهاديين إلى القتال في شمال مالي... إذا أضفنا إلى ذلك أن «الشيوخ»، الذين لم يتوقفوا عن التعبئة والاستقطاب منذ أن غادروا السجن، باتوا يفكرون جديا في تأسيس حزب سياسي، فإن مشاركة «السفليين» في الشأن العام تصبح مسألة وقت ليس إلا، خصوصا أن هناك تجارب مجاورة في مصر وتونس وليبيا. أما «العدل والإحسان»، التي قضت عقودا وهي تبني آلة تنظيمية محكمة، فلا شك أنها تفكر جديا في المشاركة السياسية بعد وفاة مرشدها الشيخ عبد السلام ياسين، ولن يتم ذلك إلا عبر خيارين لا ثالث لهما: الإطاحة بالمخزن عن طريق الشارع أو انتزاع مزيد من التنازلات السياسية منه لقيادة حكومة أكثر راديكالية من حكومة «العدالة والتنمية»... في كل الأحوال، «الخريف الإسلامي» فصل طويل، واهم من يظن أنه سينتهي بعد خمس سنوات!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.