بركة وبن يحيى يستقبلان ائتلاف تنظيمات نسائية حزبية ويؤكدان سعيهما تعزيز تمثيلية المرأة في البرلمان            ثغرات خطيرة بأجهزة "آبل" في المغرب    عملية "مرحبا 2025" .. تسجيل عبور "قياسي" يزيد عن 4 ملايين من مغاربة العالم    بعد اكادير .. زيارة مفاجئة لوزير الصحة تربك مستشفى الحسني بالناظور    عضو بالكونغرس: المغرب حليف تاريخي وشريك موثوق للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    "غزة تحترق".. إسرائيل تطلق عملية برية ضخمة في مدينة غزة    البطولة: الكوكب المراكشي ينهزم في ثاني مبارياته أمام نهضة بركان    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تكشف "فضائح وعيوب" مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني الصحافة        قروض السكن والاستهلاك.. بنك المغرب يكشف: قروض الأفراد ترتفع ولكن بشروط أصعب    رئيس النيابة العامة يدعو إلى التقيد بالضوابط القانونية التي تؤطر معالجة برقيات البحث إصدارا وإلغاء    40 مليار درهم صرفت في الدعم الاجتماعي المباشر منذ انطلاقه (أخنوش)    اليورو يسجل أعلى مستوى له مقابل الدولار منذ اربع سنوات    عمور: المغرب يعزز مكانته كوجهة سياحية مخطَّط لها مسبقا وتراجع رحلات المغاربة للخارج ب25%    مغربية تتولى رئاسة "المجلس النووي"    280 مهاجرا سريا تمكنوا من التسلل إلى مدينة مليلية المحتلة    رسملة البورصة عند 1.036 مليار درهم    المغاربة يواصلون تصدر الجاليات الطلابية الأجنبية في فرنسا    الكان، الشان، ودوري الأبطال: الكاف يرفع الجوائز المالية ويشعل المنافسة القارية    خوان ماتا يتعاقد مع ملبورن فيكتوري الأسترالي    أسطول الصمود المغاربي: سيرنا 9 سفن لغزة ونجهز 6 للإبحار اليوم    نور فيلالي تطل على جمهورها بأول كليب «يكذب، يهرب»    أوزود تحتضن سينما الجبل برئاسة محمد الأشعري وتكريم علي حسن و لطيفة أحرار وعبداللطيف شوقي    مسابقة لاختيار شبيهة للممثلة ميريل ستريب    أكدت دعمها لدور لجنة القدس برئاسة جلالة الملك محمد السادس ..القمة العربية الإسلامية الطارئة تجدد التضامن مع الدوحة وإدانة الاعتداء الإسرائيلي على سيادة قطر    أبو المعاطي: مكتب الفوسفاط في الريادة .. وتطوير الأسمدة ضرورة إستراتيجية    الممثل الهوليوودي روبرت ريدفورد يفارق الحياة    الفترة الانتقالية بين الصيف والخريف تتسبب في ارتفاع الحرارة بالمغرب        ضوابط صارمة.. منع "التروتنيت" في المحطات والقطارات وغرامات تصل 300 درهم    مايسة سلامة الناجي تلتحق بحزب التقدم والاشتراكية استعدادا للاستحقاقات المقبلة    المغرب يتقدم في مؤشر الابتكار العالمي        حفل الإعلان عن الفائزين بجائزة علال الفاسي لسنة 2024    الأرصاد الجوية تحذر من زخات ورياح    "التغذية المدرسية" تؤرق أولياء أمور التلاميذ    عصبة الأبطال الأوربية.. أرسنال يحرم من خدمات ساكا و أوديغارد في مواجهة بلباو    كلاسيكو الرجاء والجيش يلهب الجولة الثانية من البطولة الإحترافية    أدب الخيول يتوج فؤاد العروي بجائزة بيغاس        فيدرالية اليسار الديمقراطي تشارك في حفل الإنسانية بباريس        ترامب يقاضي صحيفة نيويورك تايمز بتهمة التشهير ويطالب ب15 مليار دولار تعويضًا    مهرجان "موغا" يكشف برنامج "موغا أوف" بالصويرة    غزة تتعرض لقصف إسرائيلي عنيف وروبيو يعطي "مهلة قصيرة" لحماس لقبول اتفاق    أمرابط: رفضت عروضا من السعودية    دراسة: الأرق المزمن يعجل بشيخوخة الدماغ    صحافة النظام الجزائري.. هجوم على الصحفيين بدل مواجهة الحقائق        افتتاح الدورة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي الدولي بمشاركة مغربية    بوصوف يكتب.. رسالة ملكية لإحياء خمسة عشر قرنًا من الهدي    الملك محمد السادس يدعو لإحياء ذكرى 15 قرناً على ميلاد الرسول بأنشطة علمية وروحية    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«يوميات مصطاف» لحسن أوريد ورجع الأندلس
نشر في المساء يوم 14 - 04 - 2013


رشيد نجيب
صدرت مؤخرا عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر بالرباط باقة شعرية تحمل عنوان: «يوميات مصطاف» للأديب والشاعر حسن أوريد، متضمنة ليوميات شعرية كتبت خلال يوليوز وغشت من سنة 2010.
تقع هذه الأضمومة في حوالي 80 صفحة في كتيب من الحجم الصغير يحتوي غلافه الأول على صورة فوتوغرافية لمشهد غروب الشمس.
في طيات هذه الأضمومة الشعرية الجديدة، تناول الشاعر حسن أوريد قضايا كثيرة بنفس شعري عميق، وفي الوقت ذاته خلد عدة أشخاص واحتفى بأمكنة خاصة تبقى لها رمزيتها ومكانتها في مسار كما في ذهنية الشاعر، إذ توزعت الأعلام الجغرافية الخاصة بالمدن ومعالمها، والتي اتخذها الشاعر مصطافا له على عدد من الأمصار: المغرب، الجزائر، مصر، تركيا، إسبانيا. بالمغرب حظيت المدن الشمالية أساسا باهتمام الشاعر، خاصة القصر الكبير التي تحتضن ضريح أبي غالب كذكرى للجرح الأندلسي، ثم وجدة كمدينة حدودية تشكل معبرا لاستكشاف التراث الصوفي ورواده بشمال إفريقيا، لاسيما القطب الغوث أبي مدين المدفون بأرباض تلمسان، ثم أصيلة بقصبتها البرتغالية الشهيرة ومطاعمها الكثيرة، والقصر الصغير أو «قصر المجاز» بتعبير الشاعر بأطلاله البرتغالية وجعجعة الحياة فيه، علاوة على مدينة تطوان بزاويتها المعروفة بالحراق وسانية الطريس وسمير وذكرياتها الكثيفة كذكرى سيدي علي المنظري الذي أسسها ذات يوم. وتنضاف إلى هذه الجغرافية مدينة شفشاون (الشاون) أو الحرة على لسان الشاعر بحرفها التقليدية ومئذنتها التاريخية المشهورة بأضلاعها الثمانية المسماة محليا (لوطا الحمام). أما بتركيا، فقد حضرت مدينتها الشهيرة إسطمبول بمقوماتها العثمانية الخالدة: خليج البوسفور، تحف السلاطين، أخبار الصدر الأعظم، الحرملك، حفلات الصنجق. ومن الأندلس حضر قصر الحمراء الذي اشتهرت به غرناطة وألحانها وباحة الإسكوريال المعروف بنواحي مدريد. كما حضرت عدة قضايا و»شظايا حقد في محطة قطار ينفجر» في إحالة إلى حادث تفجير قطار بإحدى المحطات المدريدية. هذا التنوع الجغرافي الممتد واللامتناهي كما يعكسه الحقل الدلالي المستعمل قد يوحي للوهلة الأولى بنوع من اللاتجانس وأحيانا بشكل من التشتت والفرقة، إلا أن مضامين الديوان تنحو في اتجاه جعل القيم الإنسانية النبيلة من تعايش وتسامح هي القاسم المشترك الجامع بين المغربي والتركي والجزائري والمصري والأندلسي وغيرهم...
من جهة أخرى، احتفت النصوص الشعرية المبثوثة بين ثنايا «يوميات مصطاف» بمجموعة من الأسماء، التي طبعت وبصمت المسار الإنساني لصاحبها. من هذه الأسماء أعلام عايشها المؤلف عن قرب كصديقه الإسباني «خوان» وزوجته مرية، والذي يرى فيه الشاعر إصرارا على الوجود في تحد لمحاكم التفتيش البغيضة التي شهدتها إسبانيا ذات زمان: « يبني (خوان) سفينة على مهل/ ليجوز بها ثبج المضيق / كما نوح في العهد القديم...(خوان) نسل تأبى على محاكم التفتيش / انسل من شباكها خلسة / ليحرس الحمراء وروحها»، أو العلامة والأديب الراحل فريد الأنصاري – السجلماسي سليل تافيلالت، التي ينحدر منها الشاعر بدوره وصاحب كتاب الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب – والذي يقول عنه: « كانت روح شيخي فريد / تطوف في مرابع القصر الكبير / خدران للضاد / ما تحول عن مغناهما الأدب والكبرياء / تافيلالت والقصر الكبير». كما حضرت أسماء لأعلام فكرية وسياسية وأدبية التقى بها الشاعر من خلال أعمالها وإسهاماتها في مجال الفكر والأدب من قبيل: جان جاك روسو بعقده الاجتماعي، فولتير بالصديق والقدر، ديدرو وقريبه رامبو، ماني وديانته المانيشية، ناظم حكمت ودواوينه المترجمة، مصطفى كمال أتاتورك، أحمد عبد السلام البقالي، خليل جبران وكتابه النبي، بورخيس، درويش وذكرياته، ابن رشد، ابن عربي، لوركا، إيكاسي، دالي ولوحاته، أبو العلاء المعري. بل حضر حتى أبطال بعض الأعمال الروائية التي قرأها الشاعر يوما ما مثل «روبنسون كروزو» ورفيقه «جمعة». إن عملية استحضار كل هذا الكم البشري المتعدد على مستوى الجنسيات والمعتقدات واللغات والإسهامات، يرسل عبرها الشاعر رسالة قوية مفادها أن الحضارة الإنسانية حضارة واحدة أسست وبنيت على مشاركات كل فرد على حدة، بالتالي لا مناص من العيش في إخاء وتسامح وسلام بين الجميع لكي تستمر هذه الحضارة وتستمر رسالتها الإنسانية السامية وتصل إلى كل الأجيال.
ويحفل هذا الديوان الجديد بمجموعة من التيمات المركزية، من أبرزها - كتيمة أولى- تيمة التاريخ التي تحضر بقوة في شكل سرد شعري لعدد من الأحداث التاريخية، ومنها حدث «سقوط الأندلس» الذي ظل الشغل الشاغل والجرح الذي يأبى الاندمال بالنسبة للشاعر على امتداد عدة مقاطع. كما يحضر التاريخ كمتهم تنبغي محاكمته لأنه ببساطة «لا يسفر عن سره / ويبعثر في كل حين ناموسه»، أو لأنه لا يخلد إلا الرموز دون غيرهم من جنود الظل: «ورحلوا / بعد عراك / مات الملوك / ثلاثتهم يذكرون / موتى الوقعة لا يذكرون». (في إشارة إلى معركة الملوك الثلاثة أو معركة وادي المخازن). بنفس القدر الذي حضر فيه التاريخ، حضر ما يشبه استشرافا لكثير من الوقائع والأحداث التي نعيشها اليوم، لاسيما الأحداث ذات الصلة بالربيع الديمقراطي وموجة صعود جزء هام من الحركة الإسلامية إلى الحكم بعدة بلدان. وكتيمة ثانية، تحضر الهوية كسؤال وكإرادة على البقاء والوجود دون الذوبان في الهويات الأخرى، سؤال طالما أرق بال الشاعر حتى في كثير من أعماله الفكرية والأدبية السابقة: «أنا نسل طارق / بيد أني لا أريد أن أعبر البحر / أنا نسله أحلم بفجر وليد / ها هنا». إضافة لذلك، هناك الحس الإنساني الذي لا تكاد تخطئه عين القارئ كانشغال عميق بكل القضايا الإنسانية وقضايا كل البؤساء والمقهورين: «أبكي الذين نزحوا / وينزحون / دموع الموريسكي / من يكفكفها؟ / وجراح الفلسطيني / من يضمدها؟ ولي إخوة في الجبال جائعون / وآخرون / في الصحاري والقفار / يموتون بلسع السغب».
على المستوى اللغوي، وظف الشاعر كعادته جملا قصيرة مكثفة جعلت نصوصه الشعرية أقرب ما تكون إلى الشذرات. توظيف تقنية «الانزياح» بجعل الدلالة تنتقل من مستوى إلى آخر لافتة للانتباه في أكثر من مقطع. إضافة إلى توظيف تقنية الاقتباس إن بشكل مباشر من قبيل: «ومشكاة / تنير ولو لم يمسسها نار»، أو بشكل غير مباشر كما في: « متى يتنفس الصباح؟».
كاتب وباحث من المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.