ذكرى استرجاع وادي الذهب.. المشاريع الملكية تحوّل الصحراء المغربية إلى قطب اقتصادي وتنموي متكامل    نائب يميني متطرف يستفز المغرب برفع العلم الإسباني على صخرة محتلة قبالة الحسيمة    الناظور.. الجمارك تحبط تسويق أطنان من مواد غذائية فاسدة في أزغنغان    المغرب يتجاوز فرنسا في تصدير الفواكه والخضروات إلى السوق الإسبانية    زلزال بقوة 5 درجات يضرب إقليم مالوكو في إندونيسيا    أول تعليق للقوات المسلحة الملكية بخصوص واقعة فيديو "تعنيف مهاجر" قرب سبتة    رحيل الأديب المتمرّد.. الروائي المصري صنع الله إبراهيم يغادر عن 88 عاماً    الصحافي الراحل أنس الشريف الذي قتله الجيش الإسرائيلي ترك وصية مؤثرة عن حياته وعائلته وغزة        السكتيوي يطمئن المنتقدين ويؤكد جاهزية "الأسود المحلية" لمواجهة زامبيا        وزراء خارجية 24 دولة يطالبون بتحرك عاجل لمواجهة "المجاعة" في غزة        توقيف مشتبه به في حريق غابة "كرانخا" بشفشاون    تيزنيت..."النجاحات" المعلّبة لمخطط المغرب الأخضر. 150 مليار في مهب الريح    وفاة الأديب المصري صنع االله إبراهيم    تفشي بكتيريا مرتبطة بالجبن في فرنسا يودي بحياة شخصين ويصيب 21 آخرين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    راشفورد ينتقد يونايتد: "يفتقر إلى الخطط"    هل ‬دخلنا ‬المرحلة ‬ما ‬قبل ‬الأخيرة ‬لتطبيق ‬مقترح ‬الحكم ‬الذاتي ‬؟ ‬    إطلاق الصاروخ الأوروبي أريان 6 إلى الفضاء    مؤسسة محمد السادس للعلوم والصحة تجري بنجاح أول عملية زراعة كلية مع عدم توافق فصائل الدم ABO على المستوى القاري    في ‬اللقاء ‬الذي ‬جمع ‬الوزير ‬برادة ‬وقيادات ‬النقابات ‬التعليمية :‬    مدريد ‬تتصدى ‬لقرار ‬يميني ‬يمنع ‬الشعائر ‬الدينية ‬ويستهدف ‬الجالية ‬المغربية ‬في ‬مورسيا    أسعار الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء تسجل تفاوتاً كبيراً بين المنتجات    تراجع الدولار مع ترقب خفض أسعار الفائدة الأمريكية في شتنبر    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء شبه مستقر    دول أوروبية تتوعد النظام الإيراني بإعادة تفعيل آلية العقوبات    رحيل الأديب المصري صنع الله إبراهيم    فرنسا.. توقيف مراقب جوي بعد قوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية    أربع مدن مغربية على رأس قائمة أكثر مناطق العالم حرارة        بوتين يشيد بالقوات الكورية الشمالية    اعتقال شخص بعد إطلاق نار داخل مطار سيدني    تسكت تتألق في أمسية "رابافريكا"    فوضى "الجيليات الصفراء" ببني ملال        دورة سينسيناتي لكرة المضرب: ألكاراس يتأهل لثمن النهاية    الجبهة المغربية لدعم فلسطين: سيون أسيدون وُجد فاقدا للوعي داخل منزله وعليه آثار إصابات على رأسه وكتفه "غير طبيعية"    غزة: صندوق الثروة السيادية النرويجي يسحب استثماراته من 11 شركة إسرائيلية    منير القادري يتخلى عن مشيخة الزاوية البودشيشية لفائدة أخيه معاذ القادري    أنفوغرافيك | 25.84 مليون درهم.. لتمويل 40 مهرجان وتظاهرة سينمائية    حملة أمنية بوزان تطيح بمروجي مخدرات وتوقف مطلوبين للعدالة    المحلي يواصل التحضيرات للقاء زامبيا    "الكاف" يوجّه إنذارا لكينيا بسبب خروقات أمنية في بطولة "الشان"    اطلاق فعاليات الأبواب المفتوحة لفائدة الجالية المغربية بالخارج    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعمار غزة كسلاح سياسي
نشر في المساء يوم 04 - 03 - 2009

لماذا يتم استثناء إسرائيل من دفع تكاليف ما خلفته آلتها العسكرية من دمار وضحايا في قطاع غزة؟
تبدأ اليوم (أول أمس الإثنين) في «منتجع شرم الشيخ» أعمال المؤتمر الدولي لإعمار قطاع غزة بمشاركة 75 وفداً، ليس من بينها وفد الدولة التي دمرت القطاع وقتلت 1350 من أبنائه (أي إسرائيل) ولا حركات المقاومة التي دافعت عنه وصمدت برجولة في مواجهة العدوان.
ومثلما جرى استخدام ورقة المعابر ولقمة الخبز لتركيع الفلسطينيين أبناء القطاع ودفعهم للثورة ضد حركات المقاومة هذه، من المرجح أن يتم استخدام ورقة إعادة الإعمار، والأموال التي سترصد لهذه المهمة (2.8 مليار دولار) من اجل تحقيق الغرض نفسه، أي القول لأبناء القطاع بشكل واضح لا لبس فيه أو غموض: إذا أردتم هذه الأموال وإعادة الإعمار فأنتم تعرفون جيداً المقابل المطلوب، والكرة الآن في ملعبكم.
الدول المانحة أكدت أنها لن تتعامل في مسائل الأعمار إلا مع السلطة في رام الله، وأن جميع الأموال والمشاريع المخصصة ستمر عبر قنواتها فقط، أي وضع ‘فيتو’ كبير على حركات المقاومة، وحركة ‘حماس’ على وجه التحديد.
تنفيذ هذا ‘الفيتو’ بدأ بمجرد صدور القرار الإسرائيلي بوقف إطلاق النار من جانب واحد. فجميع المسؤولين الغربيين والامميين الذين زاروا قطاع غزة لتفقد أوضاع الدمار فيه، ابتداء من بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة، ومروراً بخافيير سولانا، وانتهاء بتوني بلير، لم يلتقوا مطلقاً مع أي من المسؤولين في حكومة حركة «حماس»، حتى أن وفد الكونغرس الأمريكي الذي قيل إنه تسلم رسالة من الحركة إلى الرئيس الجديد باراك اوباما تركها في القدس المحتلة ولم يحملها معه في طريق العودة.
نستغرب هذه «المرونة» من قبل هذه الحكومة، مثلما نستغرب قبولها بمثل هذا التجاوز لها، وهي القوة المسيطرة التي تتكفل بإدارة شؤون القطاع، لعلها تريد عدم الوقوف في طريق العاصفة، أو تقديم مصلحة الناس المتضررين من جراء العدوان، وهم الأغلبية الساحقة، على مصلحة الحركة وكرامتها الشخصية (بالنسبة إلى قياداتها) والتنظيمية (بالنسبة إلى الحركة ككل).
لا نفهم استبعاد إسرائيل من حضور هذا المؤتمر، وإعفاءها بالتالي من تبعاتها المالية، فهي التي قصفت القطاع من البر والبحر والجو، واستخدمت قنابل الفوسفور الحارقة، ودمرت مقر وكالة الاونروا التابعة للأمم المتحدة، والعديد من مدارسها، ونسفت بيوتاً فوق رؤوس أصحابها، حيث تفيد الإحصاءات الدولية بتدمير بيت من بين كل ستة بيوت.
الحكومة العراقية الحالية، حليفة أمريكا ما زالت تدفع تعويضات للكويت عن الأضرار التي لحقت بها من جراء غزو الحكومة السابقة، وبلغ مجموع هذه التعويضات المدفوعة حتى الآن 13.5 مليار دولار. أما الحكومة الألمانية فبلغ حجم ما دفعته من تعويضات لضحايا المحرقة أكثر من 130 مليار دولار، ويمكن ضربها بعشرة لنتعرف على قيمتها بمعايير هذه الأيام.
فلماذا يتم استثناء إسرائيل، وهي التي قبضت مئات الملايين من الدولارات بسبب صواريخ العراق التي لم تقتل إلا بضعة مستوطنين؟ لماذا يتم استثناؤها، أو إعفاؤها بالأحرى من دفع تكاليف ما خلفته آلتها العسكرية من دمار وضحايا في قطاع غزة؟
الوفود العربية المشاركة في هذا المؤتمر، بما في ذلك وفد الدولة الراعية، أي مصر، يجب أن تثير هذه النقطة بكل وضوح، وتصر على حتمية تحميل إسرائيل مسؤولية هذا الدمار، حتى لا تقدم مرة أخرى على تدمير ما يتم إعماره، بأموال الدول المانحة، والعربية من بينها على وجه الخصوص.
إننا نخشى أن لا تُعفى إسرائيل من مسؤولية التعويض أو المساهمة مالياً في إعادة الإعمار فقط، وإنما أن تخرج المستفيد الأكبر من هذه العملية، من حيث الاستيلاء على أموال إعادة الإعمار بطرق غير مباشرة، مثل توريد الاسمنت والحديد ومستلزمات البناء من قبل شركاتها، فهي التي تتحكم بالمعابر كلياً، وهي صاحبة الكلمة النهائية حول من يدخل وما يدخل إلى قطاع غزة، بما في ذلك معبر رفح المصري.
نقل المخاوف والمطالب الفلسطينية هذه إلى المؤتمرين في شرم الشيخ، يحتاج إلى وفد فلسطيني قوي قادر على تحمل هذه المسؤولية نيابة عن شعبه، والارتقاء إلى مستوى شهدائه وجرحاه، ولكننا لسنا متفائلين في هذا الصدد، وهناك أكثر من مؤشر يؤكد تشاؤمنا.
فبعد يوم واحد من انتهاء جولات الحوار الفلسطيني بنجاح، حسب ما جاء في تصريحات المسؤولين المشاركين من مختلف التنظيمات، خرج علينا الرئيس محمود عباس بتصريحات في حضور خافيير سولانا المبعوث الأوروبي، أكد فيها أن أي حكومة توافق فلسطينية تنبثق عن هذا الحوار يجب أن تعترف بحل الدولتين وتعترف بإسرائيل وحقها في الوجود، والالتزام بجميع الاتفاقات السابقة التي وقعتها السلطة والمنظمة.
لا نعرف ما إذا كانت هذه التصريحات صدرت عن قناعة، أم انه جرى فرضها من قبل جهات خارجية لا تريد للحوار الفلسطيني أن ينجح ويعطي ثماره وفاقاً ومصالحة فلسطينيين يحققان طموحات جميع الفلسطينيين في الوطن والمهجر الذين سئموا من هذا التشرذم الفلسطيني.
فالرئيس عباس يعرف جيدا أن هناك ست لجان انبثقت عن الحوار، ستناقش مجمل القضايا الخلافية المطروحة، وبما يؤدي إلى إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، فلماذا توجيه مثل هذه الضربات الاستباقية لإجهاض عمل هذه اللجان حتى قبل ان تبدأ؟ أليس من الحكمة التريث، وإعطاء فرصة كاملة لهذه اللجان والمشاركين فيها لإنجاز التوافقات المأمولة؟
فإذا كان الرئيس عباس، والولايات المتحدة، واللجنة الرباعية وكل الداعمين للعملية السلمية، فشلوا في إجبار إسرائيل على الالتزام بحل الدولتين، وجاءت نتيجة أعوام من المفاوضات الثنائية على مستوى الوفود، أو الزعماء، المفتوحة منها والمغلقة، صفرا مكعبا، فلماذا يريد الرئيس عباس فرض ما عجز عن فرضه على حركات المقاومة التي ظلت قابضة على الجمر، وقاومت العدوان الإسرائيلي وصمدت في وجهه؟
منظمة التحرير اعترفت بإسرائيل على مرأى ومسمع العالم بأسره قبل 15 عاما، فماذا جنت من خلف هذا الاعتراف، وإسقاط سلاح المقاومة، وتعديل الميثاق؟ هل حصلت على الدولة المستقلة أم على أكثر من نصف مليون مستوطن في الضفة والقدس المحتلة، وإعادة احتلال مناطق الحكم الذاتي كاملة، وتجويع مليون ونصف مليون في القطاع، وبناء السور العازل و...و؟
والاهم من ذلك أن كل هذه المطالب الاستباقية التعجيزية تأتي ونحن على أبواب حكومة يمينية متشددة ترفض الاعتراف بحل الدولتين، وتتحدث فقط عن السلام الاقتصادي، أي تحويل الشعب الفلسطيني من متسول درجة عاشرة إلى متسول درجة ثامنة.
نطالب الدول العربية، التي دعمت الرئيس عباس، أن تقول له كفى، أنت تهيننا بمثل هذه التصريحات، وتعمل على نسف حوار استغرق الكثير من الوقت والجهد من أجل ترتيبه وإنجازه، وإذا كنت تتهم الآخرين باتباع أجندات غير عربية، فإن مثل هذه التصريحات تدفع بهم لاتهامك بالشيء نفسه أيضا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.