لهذا حرية ناصر الزفزافي... انتصار لوحدة المغرب وفشل لمناورات الخارج        المغرب.. جدل متصاعد حول التمويل العمومي للأحزاب مع اقتراب انتخابات 2026    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدين الملاحقات ضد مناضليها وتحذر من تقويض الديمقراطية عشية الانتخابات    متابعة رئيس جماعة سيدي قاسم بتهمة التزوير وإخفاء وثيقة    وفاة سائح مغربي وإصابة زوجته في حادث القطار المائل "غلوريا" بالعاصمة البرتغالية    أسعار المحروقات تتراجع دوليا وتباع بضعف قيمتها محليا    خط بحري جديد يربط المغرب ببريطانيا وشمال أوروبا    اليابان.. رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا يستقيل بعد انتكاسة انتخابية    العصبة الاحترافية تفرج عن برنامج الجولتين الأولى والثانية من البطولة الوطنية    منير الحدادي يفاجئ الجميع بتوقيعه لفريق إيراني    سلا: توقيف 3 أشخاص وحجز كمية كبيرة من الأقراص المهلوسة والكوكايين    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    البراهمة: "استمرار اعتقال نشطاء الريف ينص جرحا مفتوحا في مسار العدالة والحقوق بالمغرب"    أمن البيضاء يوقف متورطين في عملية سطو مسلح بفرنسا        مجدداً.. حرائق غابات في البرتغال وإسبانيا تؤججها رياح قوية    مهرجان البندقية.. فيلم "Calle Malaga" لمريم التوزاني يفوز بجائزة الجمهور    فيليز سارسفيلد يحرز لقب كأس السوبر الأرجنتيني بفوزه على سنترال كوردوبا    إصابة سيدتين في حادث سقوط سقف جبصي داخل منزل بطنجة    اعتقال شبكة متخصصة في سرقة الهواتف من فرنسا وبيعها في المغرب    المهرجان السينمائي الدولي للبندقية.. فيلم "Calle Malaga" لمريم التوزاني يفوز بجائزة الجمهور    أشرف داري يعود مصابا إلى القاهرة    مدينة 'ندولا': أسود الأطلس يصلون إلى ندولا استعدادا لمواجهة زامبيا    إشبيلية يدخل في مفاوضات مع حكيم زياش    موسم ذراع الزيتون بالرحامنة.. استحضار معركة سيدي بوعثمان وتلاحم القبائل في ذاكرة المقاومة    للمرة الثانية... "أسطول الصمود" يؤجل إبحاره من تونس في اتجاه غزة    فيلم "صوت هند رجب" عن غزة يفوز ب"الأسد الفضي" في مهرجان البندقية    إسرائيل تدمر أبراجا سكنية جديدة في غزة وتدعو لإخلاء المدينة    مؤشر "مازي" يرتفع ب0,17 % في بداية شتنبر الجاري    انخفاض المبيعات العقارية ب21% .. والأسعار ترفض النزول    نمو مطار الحسيمة.. أزيد من 92 ألف مسافر في 8 أشهر    تساؤلات برلمانية حول نجاعة الإنفاق العمومي بقطاع تربية الأحياء البحرية    مهرجان اللوز بآيت تكلا بأزيلال يكرس مكانته كرافعة للتنمية والتراث المحلي        مختبر المغرب و البلدان المتوسطية و مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي يوقعان اتفاقية شراكة    في رسالة مصورة: 'إنفانتينو' يصف تأهل المنتخب المغربي إلى نهائيات كأس العالم 2026 بالإنجاز الاستثنائي    رقم قياسي جديد في المبادلات التجارية بين المغرب والصين    انطلاق الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفن التشكيلي بتطوان    بادو الزاكي: الخسارة أمام المغرب "عادية".. فهو أفضل منتخب إفريقي    لجنة تؤطر النموذج الجديد للصيدليات    ترامب يوقع على قرار يغير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب رسميا    افتتاح الدورة ال13 للمهرجان الدولي "ملحونيات" بأزمور    عدد مستخدمي "شات جي بي تي" يتجاوز 20 مليونا في غشت    ألمانيا تدشن الحاسوب الفائق "جوبيتر" لتعزيز قدرتها في الذكاء الاصطناعي    ساكنة مدينة الجديدة تخرج لتجديد العهد على نصرة ف.ل.سطين    موهوزي كاينيروغابا .. جنرال أوغندي مثير للجدل يقود المعارك عبر "إكس"    نقد مقال الريسوني    الصحة العالمية تقرر رفع حالة الطوارئ بخصوص جدري القردة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    بعد سنوات من الرفض.. أوروبا وأمريكا تعتمدان علاج مبتكر ضد ألزهايمر    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا    سبتة تحتضن تقديم وتوقيع كتاب "محادثات سرية حول مدينة طنجة" لعبد الخالق النجمي    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    علماء يحددون البكتيريا المسؤولة عن أول جائحة في التاريخ البشري    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بول كروجمان وتعافي أوباما
نشر في المساء يوم 11 - 01 - 2015

على مدى سنوات طويلة، ولأكثر من مرة كل شهر غالبا، كان رجل الاقتصاد الحائز على جائزة نوبل والكاتب في صحيفة «نيويورك تايمز» والمدون بول كروجمان حريصا على بث رسالة رئيسية واحدة لقرائه المخلصين، مفادها أن أنصار خفض العجز من المتقشفين (كما يسمي دعاة التقشف المالي) مضلَّلين؛ فالتقشف المالي في ظل ضعف الطلب الخاص من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بشكل مزمن. والواقع أن خفض العجز يبدو تكرارا لما حدث في عام 1937 عندما خفض فرانكلين روزفلت حوافز الصفقة الجديدة قبل الأوان، وبالتالي ألقى بالولايات المتحدة إلى الركود من جديد.
حسنا، لقد لعب الكونجرس والبيت الأبيض في واقع الأمر ورقة التقشف منذ منتصف عام 2011 فصاعدا. وقد انخفض عجز الميزانية الفيدرالية من 8.4 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011 إلى 2.9 % من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2014 بأكمله. ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن العجز البنيوي (والذي يسمى أحيانا «عجز العمالة الكاملة»)، وهو مقياس للحوافز المالية، انخفض من 7.8 % من الناتج المحلي الإجمالي المحتمل إلى 4 % من الناتج المحلي الإجمالي المحتمل في الفترة من 2011 إلى 2014.
وقد احتج كروجمان بقوة بأن خفض العجز كان سببا في إطالة أمد بل وحتى زيادة حدة ما يسميه بشكل متكرر «الكساد» (أو في بعض الأحيان «الكساد منخفض الدرجة»). والحمقى فقط من أمثال قادة المملكة المتحدة (الذين يذكرونه بالأغبياء الثلاثة) قد يتصورون خلاف ذلك.
ومع هذا، فبدلا من حدوث ركود جديد، أو كساد مستمر، هبط معدل البطالة في الولايات المتحدة من 8.6 % في نونبر 2011 إلى 5.8 % في نونبر 2014. وكان النمو الاقتصادي الحقيقي في عام 2011 عند مستوى 1.6 %، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ 2.2 % في عام 2014 ككل. وفي الربع الثالث من عام 2014، سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا قويا بمعدل سنوي بلغ 5 %، وهو ما يشير إلى أن النمو الإجمالي في عام 2015 بأكمله سوف يكون أعلى من 3 %.
هذه هي، إذن، تنبؤات كروجمان. إنه لم يتنبأ في أي من تعليقاته في صحيفة «نيويورك تايمز» في النصف الأول من عام 2013، عندما كان خفض العجز «التقشفي» ساريا، بانخفاض كبير في معدلات البطالة أو تعافي النمو الاقتصادي بمعدلات سريعة؛ بل على العكس من ذلك، زعم كروجمان أن «التحول الكارثي نحو التقشف كان سببا في تدمير ملايين الوظائف والعديد من سبل العيش، مع تسبب الكونجرس الأمريكي في تعريض الأمريكيين لتهديد وشيك يتمثل في الضرر الاقتصادي الشديد الناتج عن خفض الإنفاق على المدى القصير. ونتيجة لهذا، فإن التعافي الكامل يظل يبدو بعيدا للغاية»؛ ثم حذر قائلا: «وقد بدأت أخشى من أنه لن يأتي أبدا».
وأنا أثير كل هذا لأن كروجمان أبدى مظاهر الاحتفال بالنصر في عمود نهاية 2014 الذي كتبه حول «تعافي أوباما»؛ فقد أتى التعافي، وفقا لكروجمان، ليس رغم التقشف الذي ثار ضده لسنوات، بل لأننا «في ما يبدو، توقفنا عن تشديد السياسة: فالإنفاق العام ليس في ارتفاع، ولكنه على الأقل توقف عن الهبوط. ونتيجة لهذا، كان أداء الاقتصاد أفضل كثيرا».
وهو ادعاء لا يُصَدَّق، فقد تم خفض عجز الميزانية بشكل حاد، وانحدر معدل البطالة. ورغم هذا، يقول كروجمان الآن إن كل شيء حدث كما تنبأ تماما.
الواقع أن كروجمان خلط بين فكرتين متميزتين وكأنهما من مكونات الفكر «التقدمي»، فهو من ناحية كان «الضمير الليبرالي»، الذي يركز عن حق على الكيفية التي قد تتمكن بها الحكومة من محاربة الفقر وسوء الصحة والتدهور البيئي واتساع فجوة التفاوت، وغير ذلك من العلل الاجتماعية. وأنا معجب بهذا الجانب من كتابات كروجمان، وكما ذكرت في كتابي «ثمن الحضارة»، أتفق معه.
ومن ناحية أخرى، ارتدى كروجمان، لسبب غير مفهوم، عباءة إدارة الطلب الكلي، فجعل الأمر يبدو وكأن تفضيل العجز الضخم في الميزانية في السنوات الأخيرة يشكل أيضا جزءا من الاقتصاد التقدمي. (في بعض الأحيان يطلق على موقف كروجمان وصف الكينزية، ولكن جون ماينارد كينز كان يعلم بشكل أفضل كثيرا من كروجمان بأنه لا ينبغي لنا أن نعتمد على «مضاعِفات الطلب» الآلية في تحديد معدل البطالة). ولم تكن الزيادة في العجز عام 2009 كافية للإفلات من البطالة المرتفعة، كما أصر، بل كانت في هبوط سريع إلى حد خطير بعد عام 2010.
ومن الواضح أن الاتجاهات الحالية -الانخفاض الكبير في معدل البطالة وارتفاع معدل النمو الاقتصادي وتسارعه بشكل معقول- تلقي بظلال من الشك على تشخيص كروجمان للاقتصاد الكلي (ولكن ليس على سياسته التقدمية). وكانت نفس الاتجاهات واضحة في المملكة المتحدة، حيث خفضت حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون عجز الميزانية البنيوي من 8.4 % من الناتج المحلي الإجمالي المحتمل في عام 2010 إلى 4.1 % في عام 2014، في حين هبط معدل البطالة من 7.9 % عندما تولى كاميرون المنصب إلى 6 %، وفقا لأحدث البيانات لخريف عام 2014.
ولكي أكون واضحا، فأنا أعتقد أننا نحتاج إلى المزيد من الإنفاق الحكومي، كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، على التعليم والبنية الأساسية والطاقة منخفضة الكربون والبحث والتطوير والاستحقاقات العائلية للأسر ذات الدخل المنخفض. ولكن ينبغي لنا أن نغطي هذه التكاليف من خلال زيادة الضرائب على الدخول وصافي الثروة المرتفع وضريبة الكربون والرسوم المستقبلية التي يتم تحصيلها على البنية الأساسية الجديدة. ونحن في احتياج إلى الضمير الليبرالي، ولكن بدون عجز مزمن في الميزانية.
إن عجز الميزانية الضخم وارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ليس من النزعة التقدمية في شيء، ذلك أن العجز الضخم لا يخلف أثرا يمكن الاعتماد عليه لخفض معدل البطالة، ومن الممكن أن يتسق خفض العجز مع انخفاض معدل البطالة.
إن كروجمان من عظماء المنظرين الاقتصاديين، وهو مجادل عظيم. ولكن ينبغي له أن يضع محل قبعته الجدلية قبعته الأخرى التحليلية وأن يتأمل بشكل أكثر عمقا في التجربة الأخيرة: خفض العجز المصحوب بالتعافي، وخلق الوظائف، وانخفاض معدل البطالة. ولا بد أن تكون هذه مناسبة تجعله يعيد التفكير في تميمة الاقتصاد الكلي التي تبناها لفترة طويلة، بدلا من ادعاء البراءة لأفكار تبدو الاتجاهات الأخيرة وكأنها
تناقضها.
ترجمة: إبراهيم محمد علي
عن «بروجيكت سنديكيت»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.