كوت ديفوار تعبر عن قلقها بشأن أوضاع حقوق الإنسان في تندوف وتطالب بإحصاء سكان المخيمات    لقجع يؤكد أن كأس أمم إفريقيا 2025 هدف غير قابل للنقاش.. والركراكي يدعو للثقة في المنتخب واللاعبين    بالصور من الناظور وسلوان: في عملية نوعية الأمن يفكك تفكيك شبكة إجرامية تنشط في الاتجار بالكوكايين والمخدرات الصلبة    توقيف مواطن نرويجي بالقنيطرة مبحوث عنه دوليا    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة    الكاف يكشف روزنامة النسخة الجديدة لدوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تخلد اليوم العالمي للاجئين (بيان)    التضخم يتراجع بالمغرب إلى 0,4% خلال شهر ماي    حجيرة: إطلاق منطقة التبادل الحر الإفريقية فرصة سانجة لتنشيط التجارة بين البلدان الافريقية (فيديو)    المغرب يجدد الدعم للحق في الصحة    طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء وزخات رعدية اليوم بعدد من مناطق المغرب    انتقادات تلاحق هدم السكن الجامعي لمعهد الزراعة والبيطرة ومخاوف من تشريد 1500 طالب    النفط يتراجع بعد تأجيل قرار أمريكي لكنه يحقق مكاسب أسبوعية بنسبة 4%    الاحتلال يواصل إبادة غزة… مقتل 41 فلسطينيا بينهم 23 من منتظري المساعدات    كارمن سليمان تفتتح مهرجان موازين بطرب أصيل ولمسة مغربية    باحثون إسبان يكتشفون علاجا واعدا للصلع قد يكون متاحا بحلول 2029        ألمانيا.. قمة حلف الأطلسي الأسبوع المقبل ستناقش على الأرجح ملف إيران    مرسوم جديد لتنظيم "التروتينبت" لتعزيز السلامة الطرقية في المغرب    نشرة إنذارية: طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء القادم وزخات رعدية اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    عملية أمنية نوعية تطيح بشبكة دولية لتهريب المخدرات بالناظور (صور)    إنريكي: "أشرف حكيمي من بين الأسماء المرشحة للفوز بالكرة الذهبية"    "فيفا" يخفي 10 مليون منشور مسيء عبر وسائل التواصل الاجتماعي    مهرجان كناوة وموسيقى العالم يفتتح ايقاعاته بالصويرة    محاكمة أرجنتينية جديدة في قضية وفاة اللاعب الأسطوري دييغو مارادونا    محمد حمي يوجه نداء من والماس لإعادة الاعتبار للفلاح الصغير    الرباط .. افتتاح مرآب "ساحة روسيا" تحت الأرضي بسعة 142 مكانا        تقرير: المغرب يجذب حوالي 15.8 مليار درهم من الاستثمارات الأجنبية بنمو 55% في 2024    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    كأس العالم للأندية.. ميسي ينقذ إنتر ميامي وسان جرمان يتعثر وأتلتيكو يرفض الاستسلام    المنتخب الوطني لكرة القدم النسوية يفوز وديا على نظيره المالاوي    طقس حار وزخات رعدية بعدد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    كيوسك الجمعة | حلقات إلكترونية في آذان الماشية لتتبع القطيع ومحاصرة التلاعب    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    رواندا تقبض على زعيمة المعارضة    برلماني يطالب بالإعفاء الكلي لديون صغار الفلاحين    الدبلوماسية الجزائرية في واشنطن على المحك: مأدبة بوقادوم الفارغة تكشف عمق العزلة    التكنولوجيا الصينية تفرض حضورها في معرض باريس للطيران: مقاتلات شبح وطائرات مسيّرة متطورة في واجهة المشهد    وزراء خارجية أوروبيون يعقدون لقاء مع إيران في جنيف    ندوة نقابية تسلط الضوء على قانون الإضراب وتدعو إلى مراجعته    النيابة العامة توجه دورية لحماية الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والتصدي للاعتداءات ضدهم    تتبع التحضيرات الخاصة ببطولة إفريقيا القارية لكرة الطائرة الشاطئية للكبار    التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    مؤسسة بالياريا تقدّم في طنجة مختارات شعرية نسائية مغربية-إسبانية بعنوان "ماتريا"    بيت الشعر في المغرب يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    معرض بكين للكتاب: اتفاقية لترجمة مؤلفات حول التراث المغربي اللامادي إلى اللغة الصينية    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعتنق ريشار الإسلام خلال رحلته الأولى إلى تركيا واتخذ اسما جديدا هو يعقوب
روبير ريشار.. حكاية سلفي فرنسي في المغرب
نشر في المساء يوم 27 - 08 - 2009

بعد ست سنوات من اعتقاله، على خلفية تفجيرات الدار البيضاء عام 2003، أعلن الفرنسي روبير ريشار أنطوان، المحكوم عليه بالسجن المؤبد، تراجعه عن الإسلام الذي اعتنقه عام 1992، ورجوعه إلى المسيحية، إثر الصدمة التي عاشها بسبب الاعتقال. ويعد روبير مثالا بارزا للمواطنين الغربيين الذين اعتنقوا الإسلام والتحقوا بصفوف التيارات الإسلامية المتطرفة، إذ يشكل حالة فريدة من نوعها في شبكات التطرف العالمية جديرة بالدراسة. كتاب «سلفي فرنسي في المغرب: رحلة روبير ريشار أنطوان من بيشاور إلى طنجة» يناقش مسار هذا الفرنسي وطريقة تحوله إلى الإسلام، ويحلل الوثيقة التي كتبها بخط يده ويعرض فيها توبته من السلفية الجهادية ويحاوره في أهم القضايا. الكتاب هو الثاني من نوعه في موضوع الفرنسيين الذين التحقوا بالفكر الجهادي، بعد كتاب الباحث إيراني الأصل فرنسي الجنسية فرخاد خوسروخافار «عندما تتكلم القاعدة: شهادات من وراء الأسوار».
بعد توقفه عن الدراسة لفترة قصيرة، التحق روبير بإحدى المدارس الخاصة وحصل على ديبلوم في شعبة المحاسبة، ثم اشتغل خلال عامي 1991 و1992 في معمل للقطن بمسقط رأسه، لتبدأ مرحلة جديدة كلية في حياته، سوف تقوده فيما بعد ليصبح أحد المقيمين الرئيسيين المرحب بهم في سجون المغرب. فقد تعرف على شخصين من جنسية تركية يعتنقان المذهب الحنفي، حسب قوله، وسرعان ما توطدت علاقته بهما، ليتمكنا في الأخير من إقناعه باعتناق الدين الإسلامي، فاعتنق الإسلام واختار اسما جديدا له هو يعقوب.
يعرف الكثير من الغربيين عن الإسلام مقدار ما يعرفه أي مشتغل بنجارة الخشب عن الكيمياء، أو مخرج تلفزيوني عن علم الأجنة، ولذلك فإن عمى الألوان يصبح واقعة مسلما بها وذات أساس منطقي. وعندما يتعرف أي مواطن غربي على شخص مسلم فإنه من الطبيعي أن يتكون لديه اعتقاد بأنه أمام نسخة مطابقة لجميع المسلمين الموزعين في الأرض، فالغربي يملك صورة جد نمطية عن الإسلام والمسلمين، تم نحتها طيلة مراحل زمنية طويلة بفعل الدراسات الاستشراقية والآلة الإعلامية، وقليلا جدا ما تتم الإشارة إلى التعدد والتعقد الذي يتميز به الحقل الديني في العالم العربي والإسلامي، والتمايزات المذهبية الموجودة بداخله، وإن كانت هذه الصورة بدأت تختفي تدريجيا عقب تفجيرات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن فقط لتترك مكانها لصورة نمطية أخرى، حيث بات التركيز على السلفية وتيارات العنف في الإسلام يحظى بالأسبقية.
من الواضح أن روبير ريشار كان متأثرا بالصورة النمطية الأولى، شأنه شأن العديد من الفرنسيين والغربيين عموما قبل تفجيرات 11 سبتمبر، لذلك كان من السهل أن يرى في الأشخاص الذين تعرف عليهم في مدينته نماذج للإسلام الواحد، النمطي، وأن يعتنق الإسلام على هذا الأساس، من غير أن يعرف أنه يعتنق واحدا من تيارات الغلو والتشدد الديني التي تعبر عن حالة الشذوذ في الحقل الإسلامي. إن هذا هو ما يفسر كيف أنه تقدم بالتماس لمقابلة قس الكنيسة الكاثوليكية في الرباط في مارس من عام 2007، إثر الأزمة النفسية التي ألمت به بعد ابتعاده عن سجناء السلفية الجهادية داخل سجن سلا، وعندما بدأ في تغيير قناعاته ومواقفه المتطرفة، والتخلي عن أداء بعض العبادات، كما يعترف هو شخصيا. ففي الحوار الذي أجريناه معه، يعترف بأنه بدأ يشكك في قناعاته الدينية نفسها، وبأنه ظل ثلاثة أشهر لا يصلي، وكان بحاجة إلى من ينصت له، فجاء طلبه لقاء قس الكنيسة الكاثوليكية. ووفق تصريحات محاميه، الفرنسي فانسان كرسيل لابروس، لوكالة «أ إف بي»، فإن روبير كان يود التكفير عن خطئه «لكونه لازم إسلاميين متطرفين في السابق»، وإن طلبه لقاء القس نابع «من إرادة حقيقية من لدنه».
وإذا كانت تلك الحالة النفسية محصلة طبيعية في أي انتماء شاذ، من شأنها أن تدفع المرء إلى الاتجاه المضاد لدى أي اختبار بسيط، فإنها تكشف بالتالي معطى هاما وجديرا بالملاحظة، وهو أن الانتماء إلى تيارات «السلفية الجهادية»، بشتى أنواعها، إنما هو تعبير عن الخلل في التدين الفردي والجماعي. لقد التصق الإسلام في لاوعي روبير بالتجند لفائدة «السلفية الجهادية»، فكان من الطبيعي أن يتناهى إلى تصوره أن الانفكاك عن التطرف هو انفكاك عن الإسلام نفسه في الوقت ذاته. وليس روبير ريشار حالة شاذة بل هو واحد من نماذج عدة حصلت وما زالت تحصل في الغرب. فكثيرون تعرفوا على الإسلام من خلال الطرق الصوفية، وظلوا يعيشون على وعي مغلوط بأن الطريقة التي اعتنقوها هي الإسلام، وأن الإسلام الذي لامس قلوبهم هو الطريقة. في الواقع يتعلق الأمر بمشكلة أساسية هي كيفية تقديم الإسلام إلى الآخر، وتعدد قنوات تصريف صورة الإسلام في الخارج في غياب سياسات حقيقية للدوائر الإسلامية في الغرب وما عداه.
لقد كان اعتناق روبير ريشار للإسلام تجنيدا في الوقت ذاته، فهو إذن لم ينتم إلى الإسلام بقدر ما انتمى إلى تيار سياسي معين باسم الإسلام نفسه. في الثامنة عشرة من العمر، السن التي أسلم فيها روبير، يصعب على الشاب التمييز ين الأشياء التي تقدم إليه، خصوصا إذا كانت من خارج ثقافته، أما إذا كان المرء في تلك السن ضائعا وفاقدا لنقطة ارتكاز ثابتة في حياته، كما كان روبير حقا، ويبحث عن معنى لوجوده، فإن الأمور تصبح أكثر تعقيدا. وإذا عرفنا أساليب التجنيد لدى السلفيين الجهاديين في صفوف الشباب المسلم، كما هو الحال في المغرب، وعرفنا كيف يتم غسل أدمغة هؤلاء الشباب بسهولة، أدركنا إلى أي حد تكون المهمة أسهل مع شخص أجنبي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.