بوريطة يتباحث ببانجول مع وزير الشؤون الخارجية الجيبوتي    منظمة دولية: المغرب يتقدم في مؤشر حرية الصحافة والجزائر تواصل قمعها للصحافيين    حموشي يستقبل السفير السعودي بالمغرب    أزيد من مائة مظاهرة داعمة لغزة بالمغرب.. والمتظاهرون يشيدون بطلاب أمريكا (صور)    صفعة جديدة لنظام العسكر.. ال"طاس" ترفض الطلب الاستعجالي لل"فاف" بخصوص مباراة بركان واتحاد العاصمة    فتح بحث قضائي لتوقيف المتورطين في محاولة تهريب أزيد من خمسة أطنان من الحشيش بالحسيمة    حجز قضية التازي للمداولة .. والعائلة والدفاع يترقبان قرار المحكمة (صور وفيديو)    "ماركا" الإسبانية: "أيوب الكعبي لا ينوي التوقف عند هذا الحد.. إنه يريد المزيد"    العصبة الوطنية تعلن عن برنامج مباريات ربع نهائي كأس العرش    "مفرد بصيغة الجمع".. شهادات ترسم مسارات الراحل عبد العزيز النويضي    كمية مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي بميناء الفنيدق بلغت 41 طنا خلال الربع الأول من العام الجاري    السجن يستقبل مستشار وزير العدل السابق    مكناس.. إطلاق خدمات 14 مركزا صحيا حديثا    باكستان تطلق أول قمر اصطناعي لاستكشاف سطح القمر    "التلغراف" البريطانية تكشف تفاصيل النفق السككي بين المغرب واسبانيا    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    تكلف 20 مليارا.. هل توقف "زيادات" الاتفاق الاجتماعي نزيف تدهور القدرة الشرائية    باستعراضات فنية وحضور عازفين موهوبين.. الصويرة تحتضن الدورة ال25 لمهرجان كناوة    بطولة ألمانيا لكرة القدم.. رويس يغادر صفوف دورتموند بعد 12 عاما    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    عكس برنامج حكومة أخنوش.. مندوبية التخطيط تكشف عن ارتفاع معدل البطالة في المغرب    العرض ما قبل الأول لفيلم "الثلث الخالي" للمخرج فوزي بنسعيدي بالدار البيضاء    إسبانيا تستقبل أزيد من 16 مليون سائح خلال الربع الأول من العام 2024، ما يعد رقما قياسيا    الملك محمد السادس يهنئ رئيس بولندا    بدعم من هولندا.. برامج رياضية غادي تبدا فلحبسات لإعادة إدماج النزلاء بعد الإفراج عليهم    أغراف ندونيت إيخصات أغاراس.. تنظيم بحال مونديال 2030 خاصو المعقول والجدية اللي دوا عليها سيدنا    ملاحظة الانتخابات امتداد طبيعي للرصد المنتظم لحقوق الإنسان    حكومة فرنسا تفرق داعمي غزة بالقوة    ريم فكري تكشف عن معاناتها مع اغتيال زوجها والخلاف مع والديه    كوت ديفوار تكتشف أكبر منجم للذهب    "فاو": ارتفاع أسعار الغذاء عالميا    المغرب يفكك خلية كانت تحضر لتنفيذ اعمال إرهابية    بعدما أوهموهم بفرص عمل.. احتجاز شباب مغاربة في تايلاند ومطالب بتدخل عاجل لإنقاذهم    بعد إلغاء موريتانيا الزيادة في رسومها الجمركية.. أسعار الخضر والفواكه مرشحة للارتفاع    سعر الذهب يواصل الانخفاض للأسبوع الثاني على التوالي    المضيق تحتضن الدورة الثالثة لترياثلون تامودا باي بمشاركة مختلف الجنسيات    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الاسلامي يعلن ترشح رئيسه للانتخابات الرئاسية في موريتانيا    مراسلون بلا حدود عن 2024.. ضغوط سياسية على الاعلام والشرق الأوسط "الأخطر"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    بركة يعلن عن خارطة طريق للبنيات التحتية استعدادًا لكأس العالم 2030    جدول مواعيد مباريات المنتخب المغربي في أولمبياد باريس 2024    تركيا توقف التبادل التجاري مع إسرائيل بسبب "المأساة الإنسانية" في غزة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    اختتام الدورة الثانية لملتقى المعتمد الدولي للشعر    عدلي يشيد بتألق "ليفركوزن" في روما    شمس الضحى أطاع الله الفني والإنساني في مسارها التشكيلي    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة في عالم أم السعد العرافة الجامعية
زبائنها سياسيون ورياضيون وفنانون
نشر في المساء يوم 07 - 09 - 2009

أم السعد، عراقية في الخمسين من العمر، أكملت دراستها الجامعية ولم تعمل بها، تدعي أن نورا ثاقبا اخترقها في أرض بابل، في يوم استخرجت موعده ومكانه من ورقة كتاب قديمة أهدتها إياها الرياح عندما التصقت في مقدمة سيارتها، في المكان والزمان ذهبت إلى مدينة بابل الأثرية، أما الضوء فما هو إلا علوم الملكين هاروت وماروت بحسب مزاعمها، «المساء» تخترق إعلاميا عالم العرافة أم السعد للمرة الأولى.
تعيش أم السعد في بابل واسم بابل يعني (بوابة الإله)، وهي مدينة عراقية كانت عاصمة البابليين أيام حكم حمورابي، حيث كان البابليون يحكمون أقاليم ما بين النهرين وحكمت سلالة البابليين الأولى تحت حكم حمورابي (1792-1750) قبل الميلاد في معظم مقاطعات ما بين النهرين، وأصبحت بابل العاصمة التي تقع علي نهر الفرات. ذاع صيت أم السعد كعرافة ليصل إلى أنحاء متفرقة من العراق وبعد سجال وحوار وافقت على إجراء حوار صحفي معنا:
> بداية هل اسمك فعلا أم السعد؟
أم السعد هو اللقب الذي أطلقه علي أهل المدينة الذين يستبشرون خيرا بقراءاتي لمستقبلهم، كما أنني بشرت الكثيرين من أبناء المدينة في قضايا مصيرية كانت تؤرقهم ومع مرور الوقت أصبح هذا الاسم هو الذي يروقني فأنا أم السعد باختيار الناس.
> لماذا اخترت طريقة قراءة الطالع على عظام الحيوانات ؟
- أولا أنا أعتبر هذه الطريقة هي الأفضل في إعطاء رموز يمكن من خلالها رؤية المستقبل، وسابقا كان شرطا على قارئ الطالع أن يكون كثير الترحال لمقابلة وجوه جديدة تلهمه رموزا جديدة في القراءة، أما الآن فيمكن أن أستقبل زبائني من أماكن مختلفة من العراق فيتحقق الشرط، وعظام الحيوانات المذبوحة والمبتاعة بنقود من يقصدني تتحكم فيها عوامل كثيرة تعطي رموزا ودلالات تساهم في معرفتي لما يدور في المستقبل.
> من هم زبائنك؟
زبائني من كل الطبقات الاجتماعية ومن الجنسين، ومن كل الفئات المجتمعية، سياسيون ورياضيون وفنانون من خارج وداخل العراق يقصدون بيتي في بابل لمعرفة ما يؤرقهم ويقلق منامهم ويخرجون من عندي وقد نالوا ما يبتغوه.
> طريقتك في الإجابة تعكس مستوى تعليميا عاليا هل لديك أي تحصيل علمي ؟
تضحك وتقول ربما خدعتك طريقة ارتدائي للملابس، أنا حاصلة على شهادة جامعية في علم النفس من جامعة بغداد.
> إجابتك الأخيرة ولدت في رأسي أسئلة إضافية، ولكن سنؤجلها مؤقتا ولننتقل إلى خصوصيات القراءة على العظام؟
بداية هي موهبة، أنا أستطيع أن أعرف الطالع من خلال قراءة بعض التفاصيل في المستقبل، وأنا بشهادة الكثيرين أتميز بالذكاء، وهذا يجعلني قادرة على قراءة ما بالعيون وهذا ما جعل تعليمي سهلا.
> لنعد إلى خصوصيات هذا النوع من القراءة؟
لا تختلف قراءة الطالع على عظام الحيوانات كثيرا عن القراءة على الورق إلا في بعض التفاصيل الصغيرة.
> و ماهي تلك التفاصيل؟
تنظر باستغراب وتجيب هذا سر مهنتي. > نعرف هذه الأجوبة التقليدية عن أسرار المهنة، لذا هل يمكن أن تتكلمي لنا عن واحده من تلك الأسرار ؟
سأخبرك بسر القراءة على عظام خروف العيد الكبير، فالخروف هو امتداد للذبح العظيم الذي افتدى نبي الله إسماعيل عليه السلام ومن هنا تأتي الحكمة، حيث إن خطوط سلخ اللحم عن العظم تترك آثارا تتشكل إلى رموز تعطي خطوطا عن مستقبل الشخص الذي يجلب العظم معه أو الخروف.
> يعني أن زبائنك يجب أن يجلبوا خرفانهم معهم ؟
ليس بالضرورة، يمكن أن يجلبوا بعض العظام فقط شرط أن يكون خروف العيد قد اشترته العائلة من مالها الخاص, كما أن بعض العائلات التي ترتاد بيتي تحتفظ كل عام بالعظام ويجلبونها كلها لقراءة مستقبلهم، وهناك من يصر على إهدائي الخروف قبل يوم من زيارتي يوم العيد وأتكفل أنا باستخراج العظم لأنهم يستبشرون بي.
> أنت إنسانة جامعية ألا تعتقدين أن حوارنا أصبح مثل أفلام الخيال العلمي التي نتابعها بشغف ولا نصدق أحداثها؟
هذه أجوبتي ولديك كل الحرية في تصنيفها كما تشاء، ولكن عليك أن تسأل الناس عني في مدينتي.
> هل تعلمين أن التنجيم محرم؟
نعم لكني كما ذكرت لا أدعي قراءة المستقبل أنا فقط أربط التفاصيل ببعضها وأمنح بعض الطمأنينة والأمل لمن يطلبهما.
> يعني تمارسين اختصاصك الأكاديمي ولكن تلبسيه ثوب الفلكلور ؟
أبدا أنا أقرأ الطالع قبل أن أكمل دراستي في الجامعة، وكانت غرفتي في السكن الجامعي تغص بالفتيات اللواتي يسألن عن المستقبل مع الحبيب أو الدراسة.
> إلى أي مدى ساهمت دراستك لعلم النفس في براعتك في قراءة الطالع؟
لم تساهم في قراءة الطالع بل ساهمت في معرفة صدق وجدية الآخرين في طرح تساؤلاتهم.
> كم سنة وأنت تمارسين هذه المهنة؟
منذ كان عمري 20 عاما.
> و كم عمرك الآن؟
يفوق الخمسين بقليل.
> قضيت عمرا كاملا في قراءة الطالع ما كان هدفك؟
في البداية كانت متعة أن أعرف أنني قادرة على معرفة تفاصيل تريح من يأتي إلي وأمنحه فسحة من الأمل، ثم تحولت إلى الحرفة التي توفر لي مصدر رزقي والآن هي مصدر شهرة، فكل العراقيين يعرفونني وهناك من يعرفني من الخارج.
> ما رأي عائلتك في كل هذا؟
أولا أنا زوجي تزوجني بعد أن قرأت له طالعه وأخبرته أنه سيصبح في مستقبل قريب تاجرا معروفا وهو ما حدث، ولي منه ثلاثة أولاد كلهم متعلمون وهم الآن يساعدون أباهم في تجارته، وبالتالي أنا سعيدة جدا بأسرتي وأعتقد أنها لا تعارض عملي هذا، بل ربما هو مصدر فخر لهم.
> يقال إن لديك تنبؤات تخص السياسيين العراقيين ؟
لدي تنبؤات نشرتها وسائل الإعلام العراقية كموت الطلباني في ظروف غامضة ومقتل المالكي على يد أبناء مذهبه وابتعاد المنتخب العراقي عن منصات التتويج.
> ألم تتسبب هذا التنبؤات في مشاكل؟
تضحك ربما العكس فمن يجرؤ على التنبؤ للكبار واثق من نفسه واعتذرت هنا لضيق الوقت.
و نحن نهم بالخروج دخلت إحدى زبوناتها وهي شابة في العشرينيات قصدت أم السعد لتطلب المشورة وتستفسر عما يخبئه المستقبل لها، وبعد كثير من الأخذ والرد ومحاولات الإقناع استطعنا أن نحصل على موافقة الاثنتين لحضور الجلسة مع وعد بعدم إظهار وجهيهما في الصور ولا الحوار الذي دار حول الحب والعاطفة.
جلست الفتاة بعد أن وضعت قدرا من المال أمام أم السعد وهو بمثابة ثمن الكشف الذي يقدمه زبائن أم السعد لها .
هكذا سمعنا كل ما قالته أم السعد ولاحظنا أن الفتاة تهز رأسها إيجابا موافقة تارة ومبتسمة تارة أخرى، وبعدها قبلت الزبونة رأس أم السعد وأخبرتها أنها جلبت بعض الهدايا معها في السيارة لأنها والعهدة على الزبونة قد أخبرتها بأمور كثيرة تحققت، هكذا وضعنا نقطة النهاية في حوارنا مع العرافة أم السعد التي يجمع زبناؤها على أنها تمنحهم الطمأنينة والسلام النفسي بفضل قراءاتها المتفائلة لطوالعهم. لكن تبقى القاعدة الربانية تجزم أن المنجمين كاذبين وإن صدقوا.
اللجوء إلى العرافين للبحث عن المخطوفين في العراق
يقوم العراف أو «أبو الخيرة» كما يسميه بعض العراقيين بتنويم طفل صغير (12 سنة) مغناطيسيا، ويبدأ في سؤاله عن المكان الذي يحتجز فيه الخاطفون هذا الشخص أو ذاك ويبدأ الطفل في الوصف من خلال النظر في مرآة بيت في أحد أحياء العاصمة بغداد، قبل أن يقول هنا يحتجز الرجل، وبعد انتهاء الجلسة يحصل العراف على 300 دولار أمريكي، هذا المشهد يتكرر في العراق كثيرا حيث أدى التدهور الأمني المتزايد منذ الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003 إلى تزايد عمليات اختطاف الأشخاص ومساومة أهاليهم عليهم مقابل دفع فدية، وهو ما دفع الكثير من العراقيين إلى اللجوء إلى العرافين لمساعدتهم في الوصول إلى أماكن ضالتهم بعدما يئسوا من قدرة الأجهزة الأمنية الضعيفة على مساعدتهم، ولا يقتصر لجوء العراقيين ل«أبو الخيرة» على البحث عن أشخاص مفقودين أو مختطفين فحسب، وإنما يشمل كذلك البحث عن أشياء مفقودة أو مسروقة، وأرجعت «أميمة الجبوري» الناشطة الحقوقية العراقية السبب الرئيسي في انتشار ظاهرة اللجوء إلى العرافين بين العراقيين إلى «غياب السلطة الفعلية لمؤسسات الدولة وخصوصا الأمنية منها» حيث تؤكد أن «تزايد معدلات الجريمة وولادة ظاهرة الاختطاف التي لم نعرفها قبل الاحتلال ساهمت في زيادة إقبال الناس على هؤلاء الدجالين الذين يستغلون ظروف الناس من أجل الكسب والاحتيال» وتابعت «أميمة» أن ظاهرة اللجوء إلى الدجالين «موجودة منذ زمن النظام السابق، ويلجأ إليها الكثيرون من أصحاب البدع والإيمان الضعيف بالله «، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن «الضغط الذي تولده حالات الاختطاف خاصة الأطفال يعد قوة لا تعادلها قوة في دفع الكثيرين للجوء إلى وسائل عدة من بينها هذه الأساليب الرخيصة»
ماهية العرافة
العرافة هي الزعم بمعرفة ما سوف يحدث في المستقبل بطرق غير شرعية ولا منطقية وغير علمية، والأشخاص الذين يزعمون القدرة على التنبؤ بالمستقبل هم العرافون، ويدعي بعض العرافين أن لديهم نوعًا من الاستبصار يجعلهم على علم بالأحداث قبل وقوعها، والاستبصار هو معرفة الحوادث والأشياء، دون استخدام أي من الحواس المعروفة وبدلاً من ذلك يستخدمون أنظمة خاصة للتنبؤ، بعض هذه الأنظمة معقد وغالبًا ما يقول العرافون إنها طرق علمية ومنطقية، غير أن معظم العلماء يعتبرون مثل هذه الأنظمة علومًا مزيَّفة، وقد كان للعرافة شهرة خاصة خلال فترات معينة من التاريخ الإنساني، فعلى سبيل المثال، كان قدماء الإغريق والرومان يعتقدون بأن الآلهة تتكلم عن طريق رسل يُسَمَّون وسطاء الوحي (كهنة هياكل الوحي)، وكثيرًا ما ذهب الناس إلى وسطاء الوحي للتنبؤ بشأن المستقبل وهناك نوع قديم من العرافة يسمى علم التنجيم اشتهر في أوربا بشكل كبير خلال عصر النهضة، وهي الفترة الممتدة بين عامي 1300 - 1600م
طرق العرافة
للعرافة أشكال متعددة ووسائل تختلف باختلاف البيئات والثقافات كالتحديق في كرة من البلّور،أو الاعتماد على أساس الترتيب الذي يأكل به الدِيك الحبوب المصفوفة فوق أحرف كتبت على الأرض، كما كانت بعض التنبؤات تُطلق على أساس الشكل الذي تأخذه بقعة الزيت الطافية على وجه الماء، أو على مقاطع مكتوبة تؤخذ من كتاب بشكل عشوائي، غير أن العرافين يدعون أن ما يجعل تنبؤاتهم ممكنة هو الأسباب والعلاقات الغامضة أو الخفية، وليست الصدفة،حيث إن علم التنجيم، في زعمهم، يقوم على أساس الاعتقاد بأن الشمس والقمر والكواكب والنجوم تتحكم في أرواح الناس ولذلك يُفترض أن حركة وسكون هذه الأجسام السماوية يمكن استخدامها للتنبؤ بالمستقبل، ومن الطرق الأخرى للعرافة ما يقوم على الحساب أو دراسة معاني الأعداد السحرية والتنجيمية وقراءة الكف، ففي الحساب يُطلق العراف التنبؤات بناء على الأرقام الموجودة في اسم الإنسان وتاريخ ميلاده، وفي قراءة الكف يحاول العراف أن يتنبأ بمستقبل الشخص من خلال قراءة خطوطه، وإشاراته، وشكله، وحجم يده، وقد يتظاهر بعض العرافين بأنهم يعتمدون على طرق خاصة، حيث يقوم البعض ببعض التحريات عن جزء من الخلفية التاريخية والمعيشية للمتردد عليه، فيتوهم الزبون صدق كلام العراف وتنبؤاته، وذلك بربطه الأحداث من هذه الخلفية، كما قد يعتمد العراف على طبيعة الإنسان بشكل عام، فهو يعرف ما يحلو للناس سماعه وهكذا يطلق بعض العبارات التي تنطبق على كل الناس تقريبًا، وبعد ذلك يبدأ العراف بملاحظة ردود فعل زبونه على تلك العبارات، وبناءً عليها يقوم بإعطاء تنبؤات تبدو أكثر تفصيلاً ودقة.
معتقدات سائدة
تقوم معظم أنواع العرافة على فكرة أن ثمة قوى خفية، وغامضة، تتحكم في حياة الإنسان، ولذلك فإن الاعتقاد بالعرافة قد يسلب الناس ثقتهم بمقدرتهم الذاتية في طرق معيشتهم ومستقبل حياتهم كما يخسر بعض الناس مبالغ كبيرة من المال مع بعض العرافين المخادعين، ويجادل بعض الناس بأن بعض العرافين الشرفاء قد يعطي نصيحة غير مؤذية أو حتى نافعة لبعض الناس الذين يعانون من مشاكل نفسية، وليست لديهم النقود، للذهاب إلى طبيب نفسي، إلا أن هناك حالات تهدمت فيها مشاريع وبيوت زوجية لأن الشخص تصرف بناء على مشورة سيئة من عراف أو عرافة.
العرافة في الدين الإسلامي
العرافة والكهانة مخالفة تماماً لما قرره الإسلام من أن الكون يسير وفقا لسنن محددة، وقوانين ثابتة لا تتبدل ولا تتحول إلا بإذن الله.
«فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا» فاطر: 43.
وكل الأمور في الإسلام مرتبطة ببعضها البعض ارتباطا سببيا، وعلى المسلم مراعاة هذه السنن الكونية في تصرفاته وتعامله مع الأشياء، وعليه أن يطلب المسببات من أسبابها التي ربطها الله بها، ولذا فلا مجال لمزاعم الدجالين والعرافين الذين يدّعون معرفة الغيوب الماضية أو المستقبلية.
« قل لا يعلم مَن في السموات والأرض الغيب إلا الله» النمل: 65.
كما توعد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من يأتي العرافين ويصدقهم في الحديث الشريف: «من أتى عرافاً فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة».
هاروت وماروت
قال الله تعالى في سورة البقرة :«وما كفَرَ سليمانُ ولكنَّ الشياطينَ كفروا يُعلّمون الناسَ السحرَ وما أُنزِل على الملكينِ ببابلَ هاروتَ وماروتَ وما يُعلّمانِ من أحدٍ حتَّى يقولا إنما نحنُ فتنةٌ فلا تكفُرْ فيتعلَّمونَ منهما ما يُفرّقونَ بهِ بينَ المرءِ وزوجِه وما هُم بضارّينَ بهِ من أحدٍ إلاَّ بإذن اللهِ ويتعلَّمونَ ما يضرُّهم ولا ينفعُهم (102)».
لما كثُر السحرةُ الذين تتلمذوا على أيدي الشياطين في عهد سيدنا سليمان عليه السلامُ وادَّعوا النبوةَ وتحدّوا الناس بالسحر، أنزل الله ملَكين من ملائكته الكرام هما هاروت وماروت، ليعلما الناس ما هو السحر، فيتمكنوا من تمييز السحر من المعجزة، ويتبين كذب السحرة في دعواهم النبوة، ولكي لا يلتبس على بعض الناس حالهم، فإن السحر يعارض بسحر أقوى منه، فقد يبطل السحرَ ساحرٌ آخر، وفيه التمويه والتخييل على الناس، ومن جهة أخرى هو نوع من خدمة الشياطين للسحرة لأن الشياطين أجسام لطيفة لا يراها الناس، ويكون السحر أحيانًا بوضع تركيبة من مواد معينة تجمع وتحرق ويتخذ منها رماد وحبر ويقرأ عليها كلمات وأسماء، ثم تستعمل في ما يحتاج إليها من السحر، وأما المعجزة فهي أمر خارق للعادة لا يعارض بالمثْل، يظهر على يد مدعي النبوة وقد يكون مقرونا بالتحدي، نزل الملكان هاروت وماروت ليظهرا للناس الفرق بين السحر المطلوب تجنبه، وبين المعجزة التي هي دليل نبوة الأنبياء عليهم السلام، فكانا يعلمان تعليم إنذار لا تعليم تشجيع له، كأنهما يقولان: لا تفعل كذا، كما لو سأل سائل عن صفة الزنا أو القتل فأُخبر بصفته ليجتنبه، أو يقولان: فلا تكفر، أي فلا تتعلم السحر معتقدا أنه حق فتكفر وكانا لا يعلمان أحدا حتى ينصحاه بأنهما جعلا ابتلاء واختبارا، وبين اللهُ في القرآن أن الملكين أقصى ما يعلمانه هو كيف يفرق بين الرجل وزوجته، وأن ضرر ذلك لا يكون إلا بمشيئة الله، لأن الله تعالى هو الذي يخلق النفع والضرر، ثم أثبت تعالى أن من يتعلم السحر ويرتكبه فهو ضرر عليه ويعود عليه بالوبال، وهاروت وماروت ملكان كريمان من ملائكة الله الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فلا صحة أبدا للقصة التي تقول إن هاروت وماروت ملكان التقيا بامرأة جميلة ففعلا معها الفاحشة، فهذا الكلام كفر فيه تكذيب للقرآن الكريم، فليحذر من مثل هذه القصص المكذوبة والمفتراة على دين الله وأنبيائه وملائكته، لذا فإن أم السعد وباقي عرافي العراق الذين يدعون أنهم تعلموا علوم هاروت وماروت هم من الكذابين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.