الصحراء المغربية.. هلال يرد "دون جدال أو عدائية" على تصريح وزير الخارجية الجزائري أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة    القوات العمومية تتدخل لمنع تجمهرات مجهولة المصدر دون تسجيل أي إصابات أو خسائر    جيل زد المغربي.. احتجاجات تعيد رسم المخيلة السياسية    الدبلوماسية ‬المغربية ‬تطوي ‬المرحلة ‬الأخيرة ‬بدينامية ‬فائقة ‬السرعة    تصعيد ‬عسكري ‬جزائري ‬ضد ‬المغرب    حين يسأل الملك... وتصمت الدولة    بوريطة يترأس في نيويورك مشاورات مع دول الساحل لتفعيل المبادرة الملكية نحو الأطلسي    احتجاجات "جيل زد": دينامية اجتماعية بلا سياق سياسي واضح!    مندوبية التخطيط: النمو الاقتصادي بالمغرب يرتفع إلى 5.5% في الفصل الثاني من 2025    اتفاق جديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي لتعزيز تسويق منتجات الأقاليم الجنوبية    وكالة "فيتش" تؤكد تصنيف المغرب عند "بي بي+" مع نظرة مستقبلية مستقرة    أسعار الذهب تسجل ذروة قياسية جديدة    رشاوى ‬واختلاسات ‬لمسؤولين ‬جزائريين ‬كبار ‬أمام ‬القضاء ‬الإسباني ‬    "جيل Z" الجزائري يهدد بإعادة الشارع إلى الواجهة... والنظام العسكري في حالة استنفار    المغرب والولايات المتحدة يختتمان مناورات "ماروك مانتليت 2025" لمواجهة الكوارث    ترامب يعلن خطة لإنهاء حرب غزة وسط تشكيك محللين في جدواها    مباراة المغرب والبحرين.. بيع أزيد من 42 ألف تذكرة إلى غاية السادسة مساء    شباب المحمدية يفصح عن نواياه مبكرا بثلاثية في مرمى أمل تزنيت    بلدية ميلانو تمنح الضوء الأخضر لبيع سان سيرو لميلان وإنتر    إيقاف شخص يحرض على الخروج للشارع من أجل الاحتجاج    طقس الثلاثاء ممطر في بعض مناطق المملكة    كيوسك الثلاثاء | المغرب الأول بشمال إفريقيا في الحد الأدنى للأجور    المجلس الجماعي للجديدة يعقد دورة أكتوبر في جلستين    فريال الزياري: العيون.. مدينة الكرم والجمال الصحراوي الأصيل    طنجة.. السلطة تُنهي جدل تسعيرة "الطاكسي الصغير" وتُحدد الحد الأدنى في 7 دراهم    المغرب يحذر "الإيكاو" من خطورة المناطيد الهوائية على سلامة الطائرات    تفاصيل خطة إنهاء الحرب في غزة.. ترامب يتحمس وبلير يعود إلى الواجهة                            الدار البيضاء: إيقاف شخص ينشر صور وفيديوهات للاحتجاجات ببعض الدول الأجنبية ويدمجها مع مظاهر للإحتجاج داخل التراب الوطني    مباراة المغرب والبحرين.. بيع أزيد من 42 ألف تذكرة إلى غاية السادسة مساء    صحافة الشيلي: فوز المغرب على إسبانيا يفجر أولى مفاجآت "مونديال U20"    أمطار رعدية قوية مرتقبة في المغرب    الركراكي يلتقي بالصحافيين في سلا    الصندوق المغربي للتقاعد يعلن صرف معاشات المتقاعدين الجدد التابعين لقطاع التربية والتعليم    القانون 272 يدفع المصابين بألأمراض المزمنة إلى الهشاشة الاجتماعية    علماء روس يبتكرون أدوية "ذكية" يتحول شكلها داخل الجسم    الخارجية الأمريكية تبرز مؤهلات المغرب ك'قطب استراتيجي' للأعمال والصناعة    برامج شيقة تمزج بين الإبداع والتجديد في الموسم التلفزي الجديد لقناة الأولى    نشرة إنذارية: زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بتساقط للبرد مرتقبة اليوم الاثنين بعدد من مناطق المملكة    وجدة تحتفي بالسينما المغاربية والدولية في الدورة 14 للمهرجان الدولي المغاربي للفيلم    المعهد المتخصص في الفندقة و السياحة بالحوزية ضمن المتوجين في الدورة 11 للمعرض الدولي ''كريماي'' للضيافة وفنون الطبخ    بنسعيد: الراحل سعيد الجديدي أغنى المكتبة الوطنية بإنتاجات أدبية وصحفية قيمة        "طريقة الكنغر" تعزز نمو أدمغة الأطفال المبتسرين    محمدي يجمع الرواية والسيرة والمخطوط في "رحلة الحج على خطى الجد"    عرض "نشرب إذن" ينافس في بغداد    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم            بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابتزاز إعلامي إسرائيلي يتوحش
نشر في المساء يوم 27 - 10 - 2009

الضغوط التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية على نظيرتها التركية لحذف مشاهد من مسلسل تلفزيوني تعرضه قناة مستقلة، يصور جنودا إسرائيليين يطلقون النار على أطفال فلسطينيين، لا تعكس تدخلا سافرا ووقحا في شؤون دولة مسلمة ذات سيادة فقط، وإنما أيضا محاولة فرض الرقابة الإسرائيلية على الدول الإسلامية، بعد أن نجحت في فرضها على معظم الدول العربية، للأسف الشديد.
المسلسل التركي «الانفصال»، موضوع الأزمة بين الحكومتين التركية والإسرائيلية، لم يكذب ولم يقدم أي معلومات مفبركة مثل تلك التي تبثها الدعايات الإسرائيلية التاريخية المضللة منذ اغتصاب فلسطين عام 1948، وإنما قال الحقيقة، وبشكل مخفف، وبناءً على وثائق مصورة.
نعم، الجنود الإسرائيليون قتلوا ويقتلون وسيقتلون الأطفال الفلسطينيين بدم بارد، دون إنسانية أو ذرة من الشفقة والرأفة. ولا نبالغ إذا قلنا إن بعضهم يتعمد قتل المدنيين، وقرأنا فتاوى صادرة عن حاخامات في الجيش الإسرائيلي تطالب بالقتل وتحرّض عليه أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
الصورة لا تكذب، والعالم بأسره شاهد جثامين أطفال رضع أحرقتها قنابل الفوسفور الإسرائيلية، مثلما شاهد الجنود الإسرائيليين يقتلون الطفل محمد الدرة، رغم توسلات والده. ولا ننسى أطفال شهيد حماس صلاح حجازي وأسرته، وأطفال الشهيد نزار رّيان الذين أبيدوا بالصواريخ الإسرائيلية، أو عائلة العثامنة في بيت حانون، وشهداء مجزرة شاطئ غزة من عائلة الطفلة هدى غالية، والقائمة تطول.
الإسرائيليون وأنصارهم شوهوا صورتنا كعرب على مدى الستين عاما الماضية، في عشرات الأفلام الهوليوودية، وهناك دراسات موثقة في هذا الخصوص. والغالبية الساحقة من هذه الأفلام بنيت على أكاذيب لتحقيق أهداف سياسية، ولم نستطع حذف مشهد واحد، بسبب سيف حرية التعبير الذي ظل مشهرا في وجوهنا.
حالة السعار الإسرائيلية الحالية، التي تحاول طمس الحقائق والاستمرار في عمليات تضليل الرأي العام العالمي، يجب أن نتصدى لها ونحشد كل المؤسسات الإنسانية والخيرية معنا في هذه المهمة السامية والمقدسة، فالعالم بات اليوم قرية صغيرة بسبب تقدم وسائل الاتصال الجماهيري وتفوق الإعلام الإلكتروني البديل على وسائل الإعلام التقليدية المسيطر عليها صهيونيا.
الحملة الإسرائيلية فشلت في إسكات صوت الصحافي السويدي بوستروم الذي فضح سرقة الإسرائيليين لأعضاء الشهداء الفلسطينيين وبيعها عالميا، رغم كل وسائل الإرهاب الإعلامي والرسمي التي مورست في هذا الصدد، لأن الحكومة السويدية رفضت الرضوخ للابتزاز الإسرائيلي، وكذلك الصحافي السويدي الشجاع الذي تصلّب في موقفه ورفض أن يتزحزح مليمترا واحدا عن مقالته المدعومة بالوثائق والحقائق المصورة.
الإسرائيليون مارسوا عمليات الابتزاز والترهيب بنجاح كبير في بعض الدول الأوربية وأمريكا الشمالية، معتمدين على لوبي يهودي فاعل ومؤثر، ومستغلين عقدة الذنب الغربية الناجمة عن «الهولوكوست»، فحاربوا كل ناشر أو كاتب أو مؤلف أو برنامج تلفزيوني أو فيلم وثائقي يفنّد ادعاءاتهم الكاذبة حول كيفية اغتصاب فلسطين (أرض بلا شعب) وإلصاق تهمة الإرهاب بالعرب. ولكن هذا الابتزاز بدأ يفقد مفعوله، ولو بشكل تدريجي، ليس لأن العالم بات أكثر وعيا، وإنما لأن المجازر الإسرائيلية تزايدت بشكل مرعب، وبصورة بات من الصعب إخفاؤها.
يستطيع الإسرائيليون فرض الرقابة العسكرية على برقيات الصحافيين الأجانب العاملين في الأراضي المحتلة وحذف كل ما يريدون حذفه منها، ويستطيعون أيضا منع هؤلاء من الدخول إلى قطاع غزة لتغطية العدوان الإسرائيلي الذي استهدفه وحصرهم في تلة تبعد كيلومترين عن ميدان المعارك، لمنع وصول صور وأخبار المجازر البشعة وأشلاء الأطفال بصواريخ الدبابات والطائرات، ولكنهم لا يستطيعون، ولا يجب أن يتمكنوا من منع وصول صور جثامين الأطفال وقد اخترقتها رصاصات الجنود الإسرائيليين في الصدر والقلب والرأس، ومن مكان قريب.
تقرير القاضي اليهودي ريتشارد غولدستون، المكون من خمسمائة صفحة ونيف، وثّق جميع هذه الجرائم، من خلال شهادات حيّة ومقابلات مباشرة ومئات الآلاف من الشرائط التلفزيونية المصورة.
السلطات التركية التي تصدت للمجازر الإسرائيلية في قطاع غزة في شخص السيد رجب طيب أردوغان، رئيس وزرائها، يجب ألا ترضخ لهذا الابتزاز الإسرائيلي البشع، وألا تتدخل في المسلسل التلفزيوني بحذف بعض المشاهد، لأنها تمثل دولة ديمقراطية، وحكومتها منتخبة من الشعب، والدستور يؤكد على حرية التعبير. ففي كل مرة كان العرب يعترضون فيها على بعض المقالات المسيئة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، كان الجواب التقليدي الدائم هو أن الحكومات لا تستطيع أن تتدخل، فهذه الصحف مستقلة والقانون يحترم حرية التعبير.
إسرائيل أرهبت صحيفة سعودية وأجبرتها على الاعتذار عن مقال حول كعكة عيد الفصح المصنوعة من دماء الأطفال، وأجبرت صحفا مصرية على سحب رسوم كارتونية «مسيئة» إلى إسرائيليين، وأوقفت مسلسلات تلفزيونية عربية للغرض نفسه، وتدخلت من خلال العصا الأمريكية الغليظة لتعديل مناهج دراسية، بل ومنع ترديد بعض الآيات القرآنية، والدعاء ضد الإسرائيليين في المساجد وخطب أيام الجمعة، وأغلقت مركز الشيخ زايد للدراسات والبحوث في أبوظبي وتدخلت لمنع ظهور شخصيات عربية في أجهزة إعلام غربية، وحاربت الراحل إدوارد سعيد في معظم المحافل الأكاديمية.
الزمن يتغير وإسرائيل باتت مكروهة، محتقرة، منبوذة، في مختلف أنحاء العالم، ولذلك يجب أن يخرج العرب، مسؤولين وإعلاميين، من حالة الخوف التي يعيشونها جراء سطوة الترهيب الإسرائيلية، والتصدي لهذا الهجوم الإسرائيلي الإعلامي المضاد وهذه السياسة بقوة الحجة والمنطق والمعلومة.
إسرائيل تحتل الآن المرتبة السادسة والتسعين على سلم الحريات التعبيرية، حسب منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية. وبات يتقدم عليها لبنان والكويت بأكثر من ثلاثين نقطة، والفضل في ذلك يعود إلى انتصار دماء أطفال غزة وشهدائها الأبرياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.