فرحات مهني: الحديث عن القبائل بات جريمة إرهابية في الجزائر    القضاء ينتصر للوزير.. المهداوي يدان بسنة ونصف وغرامة ثقيلة    تراجع أسعار الذهب إلى أدنى مستوى في شهر    تراجع طفيف في أسعار الإنتاج بقطاع الصناعات التحويلية    موجة حر مع الشركي من الاثنين إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    بعد ضغوط مقاطعة منتدى الرباط.. الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تُعلق عضوية الإسرائيليين    وزير خارجية إسرائيل: نرغب بالتطبيع مع سوريا ولبنان لكننا لن نتنازل عن الجولان    لشكر: 7 أكتوبر كانت "مؤامرة" لتصفية القضية الفلسطينية ورسم خريطة جديدة للشرق الأوسط    منتخب مواليد 2000 فما فوق يدخل تجمعا إعداديا بسلا    تراجع معدل الادخار الوطني إلى 26.8% من الناتج المحلي    سِنْتْرا: حانَةُ المَغرب المُغترب    الجامعة تهنئ أولمبيك آسفي عقب تتويجه بكأس العرش للمرة الأولى في تاريخه    اختتام فعاليات رالي "Entre Elles" الأول بدرعة تافيلالت    أخنوش يمثل جلالة الملك في مؤتمر الأمم المتحدة حول تمويل التنمية    كنون ل"رسالة 24″ تصنيف "البوليساريو" كتنظيم إرهابي بات وشيكا والجزائر في مأزق        جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بالعيد الوطني لبلاده    بنسعيد: الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية جريمة تمس الذاكرة الجماعية وتُغذي الإرهاب والجريمة المنظمة    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    حي جوهرة بمدينة الجديدة : اعمى بريقه شاحنات الديباناج وسيارات الخردة.    بووانو يرفض تصنيف البوليساريو "منظمة إرهابية"    رحلات جوية مباشرة تعزز التقارب الصيني السعودي: بوابة جديدة بين هايكو وجدة تفتح آفاق التعاون الثقافي والاقتصادي    حسين الجسمي: علاقتي بالمغرب علاقة عمر ومشاعر صادقة    المغرب يتصدر قائمة الدول الإفريقية المستوردة من تركيا    كيف أصبحت صناعة التضليل في زمن أباطرة الإعلام المُسيّس منْجما ذهبيا للاغتناء الفاحش    بايرن ميونيخ يتجاوز فلامنغو ويضرب موعداً مع سان جيرمان في ربع نهائي المونديال    الكاف يكشف عن المجسم الجديد لكأس أمم إفريقيا للسيدات الأربعاء المقبل    الانخفاض يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    التامني تحذر من تكرار فضيحة "كوب 28"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    قيوح ‬يجري ‬العديد ‬من ‬اللقاءات ‬والأنشطة ‬الوزارية ‬الهامة ‬في ‬إطار ‬منتدى ‬الربط ‬العالمي ‬للنقل ‬بإسطنبول    مقتل شخصين في إطلاق نار بشمال ولاية أيداهو الأمريكية    ميسي يقرر الاستمرار مع إنتر ميامي رغم اهتمام فرق الدوري السعودي    فاس.. الأمير مولاي رشيد يترأس نهائي كأس العرش بين نهضة بركان وأولمبيك آسفي    الجزائر.. الحكم على صحافي فرنسي بالسجن 7 سنوات بتهمة تمجيد الإرهاب    شيرين تشعل جدلا في موازين 2025.. "بلاي باك" يغضب الجمهور ونجوم الفن يتضامنون    ماذا يجري في وزارة النقل؟.. محامٍ يُبتّ في ملفات النقل خارج الوزارة والسماسرة يُرهقون المهنيين    أمن طنجة يتدخل بساحة أمراح لردع الوقوف العشوائي وتحرير مخالفات في حق المخالفين    حريق مهول بمنطقة خضراء بحي الشرف شمال طنجة تسبب في اختناق سيدتين    عبد اللطيف حموشي يطلع على الترتيبات الأمنية لمباراة نهائي كأس العرش بفاس    الأمير مولاي رشيد يترأس نهائي كأس العرش بين نهضة بركان وأولمبيك آسفي بفاس    بدر صبري يشعل منصة سلا في ختام موازين وسط حضور جماهيري    تنصت أمريكي على اتصالات إيرانية بعد ضربات واشنطن يكشف أن البرنامج النووي لم يدمر بالكامل    اشتداد موجة الحر في جنوب أوروبا والحل حمامات باردة وملاجىء مكيفة    محكمة إسرائيلية تؤجل جلسة نتنياهو    حفل شيرين يربك ختام "موازين"    "ميتا" تضيف خاصية ملخصات الذكاء الاصطناعي إلى "واتساب"    القفز بالرأس في الماء قد يسبب ضرراً للحبل الشوكي    طبيب يحذر من المضاعفات الخطيرة لموجة الحرعلى صحة الإنسان    خريبكة.. الفيلم الصومالي "قرية قرب الجنة" يحصد الجائزة الكبرى    موازين 2025 .. مسرح محمد الخامس يهتز طرباً على نغمات صابر الرباعي    تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد حياة ملايين الأشخاص وفقا لدراسة حديثة    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    ضجة الاستدلال على الاستبدال    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفطرة والعلم

تتعدد وظائف القلب وتعظم حسب مركزه الرئيسي في النفس الإنسانية، حيث يشرف على العمليات الأساسية، التي يتوقف عليها صلاح الذات واستقامتها وسعادتها في الدنيا والآخرة، وأهم هذه الوظائف:
والفطرة هي الحال التي تخلق عليها الروح وتظل ملازمة لها مدى الحياة وتأسيسا على هذه الحقيقة فإن القلب الذي هو مركز النفس، سيكون مصدرا للفطرة، يستمد منها العلم الضروري بالحق والباطل ويستدل بها على الصواب عندما تقصر وسائل اكتشافه أو تتعتم صورته. وهي التي تطبع السلوك البشري بطابعه الخاص المتميز عن الحيوان بميزات الحرية والمسئولية والعقل، والإيمان بالله والتجمل المادي والمعنوي، والحرص على الفضيلة والجنوح عن الرذيلة، والنفور منها والإعراض عنها، والتوبة إلى الله والخوف من عذابه، واستشعار السعادة والاطمئنان في معرفة الحق والالتزام به، ورفض الباطل ومحاربته. ومن الفطرة أيضا حب الجنس الآخر والوالدين والأولاد والأقارب والعيش في جماعة، وحب التملك والسعي إلى جلب الملذات وتجنب الآلام والميل مع المنافع ودرء المفاسد...
فهذا السلوك القويم هو الذي جاءت الشرائع السماوية داعمة ومميزة له وحاضة عليه، بحيث إن الإسلام والفطرة السليمة يلتحمان ويتساندان، قال الإمام ابن تيمية: "والله خلق عباده على الفطرة التي فطرهم عليها وبعث إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه. فصلاح العباد وأقوامهم بالفطرة المكملة بالشرعة المنزلة" [1] #_edn1 .
ويثار سؤال بصدد موضوع الفطرة: هل من مقتضياتها إلى جانب الحث على الصلاح والاستقامة والفضيلة، وكل ما ذكر سلفا وما لم يذكر مما ينتظم في سلكه، أن تميل أحيانا إلى بعض الدنايا والنقائص. أم أن ذلك حاصل دون دخل منها؟
يرى الراغب الأصفهاني أن الإنسان مفطور في أصل الخلقة على أن يصلح أفعاله وأخلاقه وتمييزه وعلى أن يفسدها، وأنه ميسر له إتباع طريق الخير والشر وإن كان منهم من هو بالجملة إلى أحدهما أميل، وعلى تمكنه من السبيلين دل الله بقوله: "إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا"، وقوله تعالى: "وهديناه النجدين": أي عرفناه الطريقين.
وكما أنه مفطور على اكتساب الأمرين في ابتدائه، مفطور على أنه إذا تعاطى أحدهما إن خيرا وإن شرا ألفه، فإذا ألفه تعوده، وإذا تعوده تطبع به، وإذا تطبع به صار له طبعا وملكة، فيصير فيه بحيث لو أراد أن يتركه لم يمكنه [2] #_edn2 .
فصلاح الفطرة الأصلي، قابل للتغير إلى الفساد، بمؤثر ذاتي أو خارجي. والمقصود بالمؤثر الذاتي هو اختيار القلب للزيغ والإعراض عن المقتضى الغالب للفطرة ونهج الشريعة. ودليل هذا من القرآن الكريم: "فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين" [سورة الصف/الآية: 5] وفي السنة عن أنس أن النبي قال: "يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ويخرج من النار من قال: "لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير" [3] #_edn3 .
ففي هذا الحديث إشارة إلى أن موضع استقرار الخير والشر، الإيمان والكفر في الذات الإنسانية هو القلب، ويؤكد ذلك ما ورد في دعاء الرسول –صلى الله عليه وسلم- : "اللهم اغسل قلبي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس" [4] #_edn4 .
فالخطايا كالحسنات تعلق بالقلب وتصدر عنه عندما يتقبلها ويرضى بها، وكأنها نابعة منه أصلا. والخطايا على اختلاف درجاتها إذا أسرف فيها القلب أتت على رصيده من الفطرة السليمة حتى ما يبقى فيه إلا مقدار ذرة كما ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؛ فالقلب لا يفتأ يوجه الذات إلى مقتضى الفطرة باعتبارها صفة ملازمة له، ويلوم هذه الذات على ما كان منها من انحراف وخروج عن هدي الشرع الإلهي، حتى إذا استماتت في الغي والإعراض عن الحق، تراجع لومه وضعفت مراقبته للنفس، واستحالت إلى نفس أمارة بالسوء، ممعنة في العصيان والغواية، فيتقلص دور الفطرة في القلب ويخفت نداؤها بحسب غلبة اتجاه الشر عليها وتمكنه في توجيه النفس.
وهذا الحال هو ما قد يحصل للإنسان منذ الصبا داخل البيئة الاجتماعية التي تدين بما يخالف فطرة الله النقية السوية، من أديان ومذاهب قاصرة، فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ" #_edn5 #_edn5 [5] #_edn5 #_edn5 .
إن وظيفة العلم التي هي من اختصاص القلب، تتعدد مظاهرها وتختلف أسماؤها في القرآن خاصة، حيث يلاحظ أن آيات أسندت وظيفة العلم إجمالا إلى القلب وأخرى فصلت هذه الوظيفة بذكر العمليات النفسية التي يكون بها تحصيل العلم مثل التذكر والفقه والتدبر والعقل.
وشواهد ذلك: قوله تعالى: (إنما السبيل على الذين يستاذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون) [سورة التوبة/ الآية: 94] (وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيومنوا به فتخبت [6] #_edn6 له قلوبهم) سورة الحج/ الآية: 52].
أما الآيات الدالة على العمليات المذكورة آنفا:
(اِن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب اََو اَلقى السمع وهو شهيد) [سورة ق/ الآية: 37].(ذلك بأنهم ءامنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) [سورة المنافقون/ الآية: 3].(أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوب اَقفالها)[سورة محمد/ الآية: 25] .(اَ فلم يسيروا في الاَرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها) [سورة الحج/ الآية:44].
فالقلب مصدر لثلاثة أنواع من المعرفة:
- المعرفة الفطرية أو العلم الضروري [7] #_edn7 .
- المعرفة المكتسبة عن طريق إعمال الفكر والحواس.
- المعرفة الخاصة التي يهبها الله لبعض عباده مثل: (الرؤيا الفراسة الكشف).
ونظرا للأهمية البارزة لوظيفة العقل وما يثار حولها من اختلاف وجدال، فسأتوسع قليلا في تناولها في الحلقات الموالية.
----------
1. #__edn1 جودت سعيد، طريق الوصول إلى العلم المأمول، ص: 61، نقلا عن كتاب (حتى يغيروا ما بأنفسهم) ، طبعة 3- 1977 مطبعة الحسين الجديدة مصر، ص: 55.
2. #__edn2 الراغب الأصفهاني، أنظر تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين، تقديم وحواشي الدكتور أسعد السحمراني، دار النفائس ط 1.( 1408- 1988) ص: 153.
3. #__edn3 صحيح البخاري.
4. #__edn4 البخاري ومسلم.
5. #__edn5 البخاري.
6. #__edn6 فتخبت: فتطمئن وتسكن.
7. #__edn7 والعلم الضروري هو الذي يلزم نفس المخلوق لزوما لا يمكنه الانفكاك عنه أو دفعه عن نفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.