الأميرة للا أسماء تدشن مركزا جديدا للأطفال الصم وضعاف السمع بمكناس    لقجع: 12.6 مليون مغربي استفادوا من الدعم المباشر بفضل منظومة تنقيط تعتمد الدقة والتحيين المستمر للمعطيات    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    زلزال قوي يضرب اليابان وتحذير من تسونامي    مهرجان الفدان للمسرح يسدل بتطوان ستار الدورة ال 12 على إيقاع الاحتفاء والفرجة    بنعلي: قطاع المعادن بالمغرب يوفر أكثر من 40 ألف فرصة شغل مباشرة    أخنوش في حوار مع "لاراثون": المغرب اعتمد موقفا حازما وعادلا بشأن قضية الصحراء    "الكاف" ولجنة التنظيم المحلية يكشفان عن "أسد" التميمة الرسمية لكأس أمم إفريقيا (المغرب 2025)    لقجع يختار وهبي مدربا للأولمبي    التجربة المغربية في كرة القدم نموذج يكرس الدور الاستراتيجي للمنظومة الرياضية في التنمية السوسيو-اقتصادية (لقجع)    مسن يُنهي حياة شقيقه بسبب قطعة أرض بضواحي تطوان    ناصر الزفزافي يعلن دخوله في إضراب عن الطعام داخل سجن طنجة    زعفران تالوين .. الذهب الأحمر ذو المنافع المتعددة        مجلس المنافسة يداهم مقرات خمس شركات للأعلاف والمرصد المغربي لحماية المستهلك يثمّن الخطوة    بإذن من أمير المؤمنين.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته الخريفية العادية    مطالب بالتحقيق العاجل حول أجهزة "FreeStyle Libre 3" بعد تقارير دولية عن عيوب مصنعية    مندوبية التخطيط : ارتفاع ملحوظ للناتج الداخلي الإجمالي وتوزيع الدخل في المملكة    سليلة تارجيست سهام حبان تنال الدكتوراه في القانون بميزة "مشرف جدا" مع توصية بالنشر    الاتحاد الأوروبي يصادق على إجراءات تهدف إلى تشديد سياسة الهجرة    كان 2025 .. الموزمبيق تكشف عن قائمة لاعبيها ال 25    الدار البيضاء… افتتاح معرض الفنون التشكيلية ضمن فعاليات مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير    رسميًا.. الشروع في اعتماد البطاقة الوطنية لتبليغ المتقاضين بالإجراءات القضائية    المنتخب الوطني الرديف على المحك أمام السعودية في الجولة الأخيرة لكأس العرب    أسطول جديد لكسر حصار غزة يبدأ الإبحار في أبريل 2026    الفائض التجاري للصين تجاوز تريليون دولار في العام 2025    مخالفة "أغنية فيروز" بتازة تشعل الجدل... مرصد المستهلك يندد والمكتب المغربي لحقوق المؤلف يوضح    منظمة التعاون الإسلامي تراهن على "الوعي الثقافي" لتحقيق التنمية البشرية        المغرب لن يكون كما نحب    مولودية وجدة يحسم الديربي لصالحه ويعزز موقعه في الصدارة    مغربيان ضمن المتوجين في النسخة العاشرة من مسابقة (أقرأ)    غضب وانقسام داخل ريال مدريد بعد الهزيمة... وتصريح يكشف تفاصيل صادمة من غرفة الملابس    ضمنها المغرب.. تقرير يكشف تعرض شمال إفريقيا لاحترار غير مسبوق    عزوف الشباب عن العمل يدفع لندن لإلغاء إعانات البطالة    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    علاج تجريبي يزفّ بشرى لمرضى سرطان الدم        النفط يصل إلى أعلى مستوى في أسبوعين مدعوما بتوقعات خفض الفائدة الأمريكية    الاتحاد المغربي للشغل يخلّد الذكرى ال73 لانتفاضة 8 دجنبر 1952    ساركوزي يكشف: الملك محمد السادس أول من اتصل بي بعد الحكم علي بالسجن.. كان متأثّراً وصوته يرتجف من الصدمة    اغتيال "شاهد" بجنوب إفريقيا يحيي السجال حول مسألة حماية المبلغين    كاتبة إيطالية تعرّض لحادثٍ مروّع أثناء زيارتها إلى مراكش تنشر شهادتها عن تجربة إنسانية غير متوقعة    كيوسك الاثنين | الاجتماع المغربي – الإسباني يؤكد انتعاشا اقتصاديا    "إيكواس" تشر قوات احتياطية في بنين    لفتيت يستبق انتخابات 2026 بحركة تنقيلات واسعة لضبط الإدارة الترابية            اجتماع ثلاثي بين الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر في نيويورك    المغرب ضد السعودية.. نهائي قبل الأوان في سباق الصدارة    ثورة في عالم الطب .. علاج جديد يقضي على سرطان الدم تمامًا    التكنولوجيا وتحولات الفعل السياسي في المغرب: نحو إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع    إعلان الحرب ضد التفاهة لتصحيح صورتنا الاجتماعية    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة الفكرية في عصر المرابطين.. (3)

ومن رواد الفكر في هذا العصر الإمام ابن أيوب الفهري رواية الحديث المسلسل في الأخذ باليد[1] يأخذه عنه جمٌّ غفير من الناس فينافسهم في ذلك الأمير سير بن علي بن يوسف، والرئيس المنصور بن محمد ابن الحاج اللمتوني. وكان المنصور هذا من رجال العلم والفضل، سمع بمرسية من أبي علي الصدفي، وله سماع كثير من شيوخ جلة، وفي بلاد شتى كأبي محمد بن عتَّاب، وأبي بحر الأسدي بقرطبة، وطارق بن يعيش ببلنسية وغيرهم. وكان ملوكي الأدوات سامي الهمة نزيه النفس راغباً في العلم منافساً في الدواوين العتيقة والأصول النفيسة. جمع من ذلك ما أعجز أهل زمانه. قالوا: فخرٌ لصنهاجة ليس لهم مثله ممن دخل الأندلس. ومثله زاوي بن مناد المعروف بابن تقسوط في كثرة السماع والأخذ عن أبي علي الصدفي وغيره، وكان ديناً فاضلاً معنياً بالعلم وكتب بخطه على دقته علماً كثيراً، وكذلك الأمير إبراهيم بن يوسف بن تاشفين المعروف بابن تعيَّشت[2] والي مُرسية سمع من أبي علي الصدفي، وكان له منه دولةٌ[3] خاصة في منزله، وله أيادٍ جمة في رعاية العلم والأدب فضلا عن نجدته وشجاعته "وبالجملة فهو من بيت جهاد واجتهاد" كما قال إبن الأبَّار في معجم أصحاب أبي علي ثم زاد قائلاً: "وفي دولة أخيه عليّ نفقت العلوم والآداب وكثر النبهاء وخصوصا الكتاب".
وحكى أبو بكر بن الصيرفي في تاريخه أن عليَّا ًهذا استجاز أبا عبد الله أحمد بن محمد الخولاني جميع رواياته لعلو إسناده فأجاز له وأبوه أبو يعقوب مع نشأته في الصحراء كان لا يُمضي أمراً إلا بمشورة الفقهاء، وفي هذا النص مِصداقٌ لما قدمناه عن المراكشي من نشاط الحياة الفكرية في هذا العصر، زيادة على ما تضمنه من كون أمير المسلمين نفسه كان يهتم بالحديث والرواية حتى إنه ليَستجيز العلماء ذوي السَّنَد العالي، وكان الأمير ميمون ابن ياسين أيضاً ممن عُنيَ بالرواية وسماع العلم، وله رحلة حج فيها وسمعَ بمكة من أبي عبد الله الطبري صحيح مسلم سنة 497، وسمع بها أيضا من أبي مكتوم بن أبي ذر الهروي صحيح البخاري في أصل أبيه أبي ذَرّ وابتاعه منه بمال جزيل فأوصله إلى المغرب.
ولما ذكر الحافظ (..) أبا مكتوم هذا في كتابه الوجيز قال: "كان ميمون بن ياسين من أمراء المرابطين رَغِبَ في السماع منه بمكة واستقدمه من سراة بني شَبابة، وبها كان سكناه وسُكنى أبيه أبي ذَرّ من قبله. فاشترى منه صحيح البخاري أصل أبيه الذي سمع فيه على أبي إسحاق المُستملي وغيره بجملة كبيرة وسمعه عليه في عدة أشهر قبل وصول الحجيج" ثم قفَل ميمونٌ هذا وحدَّث بالأندلس فسمع الناس منه باشبيلية وغيرها. وممن حدث عنه أبو إسحق بن حبيش، وأبوا القاسم بن بشكوال، وأبوا إسحاق بن فرقد، وأبو بكر بن خير وغيرهم. فهل بعد هذا غايةٌ في التعلُّق بالعلم وتشجيعه من رجال الدولة المرابطية؟
واشتهر بالآداب وقول الشعر منهم الأمير أبو بكر بن إبراهيم المَسوفي الصنهاجي المعروف بابن تافلويت صهر علي بن يوسف، وكان والياً على تلمسان وعلى سَرقُسطة، ويأتي بعض شعره في قسم المنتخبات.
ولم يقتصر هذا الولوع بالعلم والنُّبوغ في الأدب على الرجال منهم بل إن النساء شاركن أيضا بنصيبهن في ذلك. وممن احتفظ التاريخ بأسمائهن من نوابغ المرابطيَّات الأميرة تميمة بنت يوسف بن تاشفين أخت علي وتكنى أمَّ طلحة سكنت فاساً، وكانت كاملة الحسن راجحة العقل مشهورةً بالآداب والكرم، وحكايتُها مع كاتبها تأتي في الجزء الثاني. ومنهن زينب بنت إبراهيم بن تافلويت أخت أبي بكر المذكور آنفا، كانت زوجا للأمير أبي الطاهر تميم بن يوسف بن تاشفين، وكانت من أهل الخير والتصاون، والنوافل، والصدقات وأعمال البر، تحفظ جملة وافرة من الشعر ومدَحها الشعراء وأثنوا عليها كثيراً، ومثلها أختُها حوَّاء..
-----------------------------------
1. هو حديث رواه المذكور في حالة أخذ رجال سنده كل منهم بيد الآخر قائلا: أخذ بيدي فلان وقال: حتى يصل إلى الصحابي الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو البرّاء بن عازب رضي الله عنه قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحَّب بي، وأخذ بيدي ثم قال لي يا براء: أتدري لأي شيء أخذت بيدك؟ قال: قلت خيرا يا نبي الله قال: لا يلقى مسلم مسلما فيبش به ويرحب به ويأخذ بيده إلا تناثرت الذنوب بينها كما يتناثر ورق الشجر اليابس".
2. هو اسم أمه عرف به.
3. يعني درسا خاصا.
النبوغ المغربي في الأدب العربي، عبد الله كنون، دار الثقافة، ج: الأول، ص: 73-75.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.