نشرة جوية إنذارية: أمطار قوية وثلوج    بنسليمان.. انتخاب أحمد بلفاطمي كاتبا إقليميا لاتحاد المقاولات والمهن بإجماع المهنيين    مداخيل المغرب من صادرات الأفوكادو تتجاوز 300 مليون دولار خلال موسم واحد    أشرف حكيمي:نحن واعون بانتظارات الجمهور    مدرب زامبيا يتوعد المغرب    مدرب زامبيا: "جاهزون لمواجهة المغرب غدا.. ويجب أن نتحلى بالروح القتالية للفوز"    الناخب الوطني: دياز بلغ "النضج الذهني"    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    الأمن يوقف مروج أدوية مهرّبة بالعروي    تحسن نسبي مرتقب في الأحوال الجوية بالمغرب بعد أيام من الاضطراب الجوي        روسيا تعلن إسقاط 25 طائرة مُسيّرة    الحلم المغاربي حاضر في الرياضة غائب في السياسة    قرار حكومي يوسّع الاستفادة من منحة "مؤسسات الريادة" ويعدّل منظومة التحفيز    مدفوعة ب"كان 2025″ وانتعاش السوقين المحلية والأوروبية.. أكادير تقترب من استقبال 1.5 مليون سائح مع نهاية السنة    بعد خمس سنوات من التطبيع.. تقرير يكشف تغلغل إسرائيل في المغرب من الفلاحة إلى الأمن والتعليم والطاقة    الركراكي متحدّياً الانتقادات: أنا المدرب الذي سيقود الأسود لانتزاع كأس إفريقيا    عاصمة الرباط تنتظرها بطولات أكبر ..    حادث دهس يصيب شرطيا إسرائيليا    بورما تجري أول انتخابات عامة منذ الانقلاب العسكري عام 2021    وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما    شتاء غزة.. الأمطار تُغرق ما تبقى من خيام والبرد ينهش أجساد النازحين    مباريات قوية الأحد تحدد ملامح التأهل    غموض الموقف المغربي والإماراتي يلفّ رفضاً عربياً وإسلامياً واسعاً لاعتراف إسرائيل ب"أرض الصومال"        عواصف عنيفة تحصد أرواحًا في السويد وتغرق دول الشمال في الظلام    "جمعية هيئات المحامين بالمغرب" ترفض مشروع القانون المتعلق بتنظيم المهنة وتدعو إلى جمع عام استثنائي    طلبة جامعة ابن طفيل ينددون بقرارات رئاسة الجامعة ويواصلون الإضراب رفضاً لرسوم التسجيل ومشروع قانون التعليم العالي    الصين تفرض حد أقصى إلزامي لاستهلاك الطاقة للسيارات الكهربائية    الخدمة العسكرية .. الفوج ال40 يؤدي القسم بالمركز الثاني لتكوين المجندين بتادلة    كأس إفريقيا .. نيجيريا تفوز على تونس و تعبر إلى دور الثمن    كأس إفريقيا .. المنتخبان التنزاني والأوغندي يقتسمان نقاط المباراة    أزيد من 2600 مستفيد من قافلة طبية متعددة التخصصات بخنيفرة    مصرع عشريني في اصطدام مروّع بين دراجة نارية وسيارة بطنجة    زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية مرتقبة بعدد من مناطق المغرب حتى الاثنين    كُرةٌ تَدُورُ.. وقُلُوبٌ تلهثُ مَعَها    العرض الرقمي الأول لفيلم عباسي    علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام        "الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب" تطلب تدخّلًا أمميًا لحماية "استقلال المهنة وحصانة الدفاع"    ورزازات في الواجهة : العلامة الترابية "زوروا ورزازات" visit OUARZAZATE تتصدر مؤلَّفًا دوليًا مرجعيًا في إدارة العلامات التجارية بين الشركات    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    انطلاق فعاليات مهرجان نسائم التراث في نسخته الثانية بالحسيمة    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    نسبة الملء 83% بسد وادي المخازن    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    من جلد الحيوان إلى قميص الفريق: كرة القدم بوصفها طوطمية ناعمة    «كتابة المحو» عند محمد بنيس ميتافيزيقيا النص وتجربة المحو: من السؤال إلى الشظيّة    الشاعر «محمد عنيبة الحمري»: ظل وقبس    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    الحق في المعلومة حق في القدسية!    إلى ساكنة الحوز في هذا الصقيع القاسي .. إلى ذلك الربع المنسي المكلوم من مغربنا    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من دروس الأزمة المصرية
نشر في الرأي المغربية يوم 13 - 07 - 2013

تحفل الأزمات السياسية دائما بالعبر والدروس التي تعين كل ذي بصيرة و وعي سياسيين على فهم الأمور و استشراف المآلات و إدراك أوسع و أعمق للحقائق بعيدا عن حماسة اللحظة و عاطفة الإنتماء السياسي. كذلك هي الأزمة المصرية الحالية, أزمة الإنقلاب العسكري على الشرعية الديمقراطية و الدستورية, أزمة تجلي في نظري الحقائق التالية:
1. مسارعة الملكيات و الإمارات إلى مباركة انقلاب العسكر بتهنئتهم عدلي منصور بالرئاسة المؤقتة لمصر دليل فاضح على عدم استعدادهم المبدئي للتحرك قيد أنملة في أي مشروع لإرساء الديمقراطية في بلدانهم و الإستجابة لمطالب شعوبهم بالحرية و الكرامة التي لا مدخل لها إلا الإصلاح السياسي. دليل يفضح أيضا تواطؤها المادي أو المعنوي على الأقل مع مشروع إجهاض ثورات الربيع الديمقراطي و خاصة ثورة الشعب المصري. ثورة إن كللت بالنجاح و بدأت ثمارها بالنضج على المستوى السياسي والإقتصادي و الإجتماعي ستكون أنموذجا يحتذى و أثرا يقتفى لباقي شعوب المنطقة القابعة في درك الفساد و الإستبداد, إذ ما يبررهذه الثورة السلمية المجيدة من أسباب و دوافع توجد مثيلاتها في باقي الدول و إن بدرجات متفاوتة.
2. فضح العقلية الغربية المباركة للإنقلاب جهرا أو على استحياء بعبارات دبلوماسية بئيسة بغيظة, عقلية غير أخلاقية, لا تحكمها لا قيم ولا مبادئ إنسانية ولا تحكمها العواطف الجياشة أو الحماسة الزائدة, عقلية تتخذ من المصلحة عقيدة لها فتدبر بعمق و خبث و توأدة للحفاظ عليها. عقلية لا تسرها نجاح ثورة دولة عظيمة كمصر, دولة ذات ثقل استراتيجي و سياسي تمتلك كل المؤهلات الديمغرافية و الطبيعية و الإقتصادية لإحداث نهضة حضارية إن استتب الإستقرار و امتلك ساستها حس الوطنية و التزموا بالأخلاق السياسية و أيد الشعب بوعي الشرعية الديمقراطية و الدستورية.
3. التمييز بين الملتزمين بمبادئ الديمقراطية المدافعين عن الشرعية السياسية الدستورية و بين المتلبسين بشعارات الديمقراطية قولا, المنافحين عن قيم الإستبداد السياسي فعلا بوجوه تتدعي الحداثة و أسماء ترمز للشرعية الدينية.
تمييز أبرز الوجه القبيح لبعض المؤدلجين بقيم الإستئصال و الإقصاء من علمانيين و يسارييين و ليبراليين و حتى إسلاميين لطالما صدعوا رؤوسنا بالحديث عن الديمقراطية و بركاتها فلما آلت الأمور إلى خصومهم الإيديولوجيين سارعوا إلى الإنكار والرفض و الشجب و الصراخ و العويل و من ثم الإنقلاب و دعمه في تضحية خسيسة بمبادئ الديمقراطية التي اتضح أنهم لم يؤمنوا بها قط إلا مطية للوصول إلى كراسي الحكم و لم يتربوا على أنها أفضل نظام للتداول السلمي على السلطة بين مختلف مكونات المجتمع السياسية دون إقصاء, نظام- بكل إختصار- يضمن إستقرارالبلد إن تم احترام قواعده.
4. دولة الفساد العميقة ليست بالتنظير الفكري الطوباوي أو مجرد تبرير سياسي لإخفاق الإصلاحات أو تعثرها أو بطئها. بل هي دولة حقيقية تجمع كل من ألف الإمتيازات غير المشروعة و النفوذ السلطوي اللامضبوط بضوابط القانون و اتخذ من ثروات البلد مرتعا له و لأهله الأقربين قرابة النسب أو الإديولوجيا أو السياسة. دولة لها امتداد في كل المجالات من قضاء و إعلام و اقتصاد و كذا في كل الإدارات و المؤسسات العامة و الخاصة. دولة تجابه بكل الوسائل المتاحة, المشروعة و غير المشروعة, كل محاولة للمساس بمصالحها أو التضييق على حجم امتيازاتها, دولة تتخذ من بعض الوجوه السياسية ناطقا رسميا لها و من بعض المؤسسات الإعلامية داعما لها في معركة التجييش ضد الإصلاح و أهله عبر نشر الشائعات البغيضة و التهم و الأكاذيب الملفقة المجانية. هي دولة تنتفض بمجرد المساس بأحد رموزها لأن كل مكوناتها تعلم أن صمتها هو إيذان بدنو أجلها لذلك وجب على السياسي الإصلاحي الذكي مجابهتها بالتدرج مستعينا بالآليات القانونية مع تجنب الإستهداف المباشر المفضوح.
5. ضرورة حذر الحركات الإسلامية بمختلف أطيافها من الغلو في التعويل على الشعبية العددية لكسب الرهانات السياسية و التبخيس من قيمة الأقلية. فمنح الأقلية حقها في التعبير عن نفسها و فسح المجال لمعارضتها يعد قيمة ديمقراطية أولا قبل أن يكون تكتيكا سياسيا مرحليا فقط. ينضاف إلى ذلك أن الأقلية الممتلكة لأسباب القوة من مال و إعلام المسنودة برموز الدولة العميقة يجب التعامل معها بحذر شديد فهي تمتلك القدرة على الحشد من خلال المال بشراء الذمم و البلطجية الفكرية و البدنية و كذا من خلال الإعلام عبر تزييف الوعي الشعبي و الركوب على المآسي الإجتماعية و الإقتصادية لفئات عريضة من المجتمع و تصوير السلطة الحاكمة لفترة وجيزة جدا مسؤولة عنها.
6. ضرورة ترشيد الخطاب السياسي للأحزاب ذي المرجعية الإسلامية و ذلك بتخفيف الحمولة الدينية في خطابها, إذ من شأن ذلك توسيع دائرة المؤمنين بخيار التيار الإسلامي كتيار سياسي يتغيى إصلاح البلاد على أساس مشروع واضح المعالم يحمل في طياته أجوبة عن مشاكل المجتمع الإقتصادية و الإجتماعية, تيار يبتعد عن الميز بين أبناء الوطن الواحد على أساس ديني أو طائفي أو عرقي فهو تيار يخاطب المواطن أولا و أخيرا لا المسلم أو المسيحي أو السني أو الشيعي..., تيار لا يعتبر مخالفيه أو معارضيه من الكفرة الفسقة أو الملحدين الزنادقة و لا يجعل من التضييق عليه أو معارضته تضييقا على الإسلام و المسلمين و رفضا لهما. فبالإبتعاد عن هذه الزلات و الأعطاب في خطابه السياسي, يستطيع التيار الإسلامي أن يوسع دائرة المتعاطفين معه, المطمئنين إليه و إلى أجندته السياسية, الواثقين من تشبته حقيقة بالخيار الديمقراطي و إلى امتلاكه القدرة على أن يكون البديل الحقيقي عن التيارات السياسية المنافسة.
7. كشفت هذه الأزمة و غيرها عن حاجة مجتمعاتنا الملحة إلى ثورة ثقافية سابقة أو مواكبة على الأقل لمسار الثورة أو الإصلاح, تعيد بناء و تشكيل الوعي السياسي الجمعي المتشبع بقيم الديمقراطية و الكرامة و الحرية, المؤمن بالإختلاف و بوجوب تدبيره بالطرق السلمية الحبية فقط. ثورة ثقافية تقودها نخبة فكرية مرتبطة بالشعب و منحازة إلى مطالبه المشروعة, و تتبناها قوى المجتمع المدني الفاعلة, ثورة ستخلق دينامية فكرية و ثقافية في المجتمع تؤطر الفعل السياسي و ترشده .
كانت هذه سبعة دروس مستشفة من الأزمة المصرية الراهنة, أرى أن استيعابها ضروري لفهم الأمور و وضوح الرؤية, مع التأكيد على أن الدروس و العبر تتوالى بتوالي الأحداث والحاذق من وعاها و اعتبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.