الخطوط المغربية تدشن خطا جويا جديدا مباشرا بين الدار البيضاء ونجامينا    المغرب يقتحم سوق الهيدروجين الأخضر ويعزز موقعه كمركز عالمي للطاقة النظيفة    المغرب يحتضن المؤتمر العالمي السادس للتربة والمياه بمشاركة 500 خبير دولي    قتيلان في إطلاق نار عند معبر اللنبي بين الضفة الغربية والأردن    المغرب يقترب من نادي العشرة الكبار في تصنيف فيفا العالمي    توقيف حكم مباراة اتحاد طنجة وحسنية أكادير بسبب الأخطاء التحكيمية    البحرين تواجه "أسود الأطلس" بالرباط    تأهل المغربية رزيقي إلى نصف نهائي 800 م ببطولة العالم لألعاب القوى    الأرصاد الجوية توصي بزيادة الحذر    ترويج الكوكايين والأقراص المهلوسة بالعرائش يطيح بشخصين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    رغم حضور لطيفة رأفت .. محاكمة "إسكوبار الصحراء" تتأجل إلى أكتوبر    القوات المسلحة الملكية تكرم ثلة من متقاعديها بالمنطقة الجنوبية    طنجة تستعد لاحتضان اللقاء الجهوي الثاني حول حقوق الأشخاص المسنين    أكثر من 8.2 مليون تلميذ التحقوا بمقاعد الدراسة ومجموع الأساتذة فاق 299 ألفا    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    غميمط: المدرسة العمومية تُفترس ومدارس الريادة تقتل الإبداع    عقدة الحكومة من اليسار    "مجلس حقوق الإنسان" يطالب بحرية التعبير الرقمي وحماية المواطنين من دعاوى التشهير الحكومية    الكشف عن لوحة جديدة لبيكاسو في باريس    النقابات الفرنسية في إضراب ضد التقشف للضغط على ماكرون        350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    رئيس شبكة الدفاع عن الحق في الصحة: معدلات وفيات الأطفال والمواليد الجدد في المغرب ما تزال مرتفعة    العباس يطمئن رؤساء أندية الشمال: التصويت سري لاختيار رئيس شاب جديد أو التجديد لمعمِّر قديم    البوسرغيني‮:‬ ‬نعي ‬بصورة، ‬نعي ‬بحرف‮!‬ -1-    ابتكارات وتقنيات جديدة تتصدر فعاليات مؤتمر الأمن العام في الصين.    اجتماع ‬اللجنة ‬الوزارية ‬لقيادة ‬إصلاح ‬منظومة ‬الحماية ‬الاجتماعية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    دي ‬ميستورا ‬بالجزائر ‬قبل ‬التوجه ‬الى ‬باريس ‬بحثا ‬عن ‬مواقف ‬متقاطعة ‬    لماذا ‬رحبت ‬قمة ‬الدوحة ‬بقرار :‬    الولايات المتحدة.. ترامب يعلن تصنيف حركة "أنتيفا" اليسارية المتطرفة منظمة إرهابية    بوسليم يقود مواجهة الوداد واتحاد يعقوب المنصور    زلزال بقوة 5.4 درجات يضرب شمال جزيرة "سولاويزي" الإندونيسية    النفط يتراجع وسط مخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي وتخمة المعروض    العزيز: إقصاء فيدرالية اليسار من مشاورات الانتخابات يهدد نزاهة الاستحقاقات    تقرير: الفقر المطلق يتضاعف في المدن رغم احتفاظ القرى بثلث فقراء المغرب        ارتفاع نفقات سيارات الدولة يثير تساؤلات حول أولويات الإنفاق العمومي    مصادر: ميسي يمدد العقد مع ميامي    أكثر من 200 مليون دراجة هوائية في الصين            عمدة بينالمدينا الإسبانية يكرم شخصية مغربية تقديراً لنجاح مبادرات ثقافية        الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    آلام الرقبة قد ترجع إلى اختلال وظيفي في المضغ    مهرجان الظاهرة الغيوانية في دورته الثالثة بالدار البيضاء    الموسيقى المغربية تتألق في حفل "أصوات من الديار" بواشنطن    "حين سقط القمر" رواية جديدة للكاتب والأديب المغربي محمد بوفتاس        قهيوة مسائية بطنجة رفقة الفنان فؤاد الزبادي    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحرير الإجهاض وتدمير الاقتصاد
نشر في الرأي المغربية يوم 19 - 03 - 2015

ليسمح لي الدكتور أحمد الريسوني أن استعير منه عبارته اللافتة التي استعملها للتعبير عن نوايا بعض التيارات بالمغرب من إثارة قضية محاربة الإجهاض السري عندما قال إنهم يرغبون في " تحرير الفروج وتعطيل الأرحام".
لن أخوض في الموضوع من جوانبه الدينية والطبية والقانونية فهذا أمر موكول لذوي الاختصاص وهم أهل لأن يفتوا ويقرروا ويتخذوا ما يرونه مناسبا.
لن أجتهد كثيرا كي أقنع من يقرأ هذه الكلمات بأن إثارة هذه القضية بهذا الزخم الكبير إنما تعكس في جزء منه إفلاسا في خطاب عدد من الحركات والجمعيات النسائية ومن يدعهما وعجزا عن طرح برامج للنفاذ إلى المشاكل الحقيقية التي تعيشها المرأة المغربية، والأسباب الدقيقة والعميقة التي تقف وراءها.
لكن سأركز – في سياق النقاش الذي فتح في المغرب – على جانب اعتبره مهما للغاية ويتعلق الأمر بتداعيات وأثار " تحرير الفروج" على مستقبل التنمية والاقتصاد بالمملكة .
* التهديد الديمغرافي
قبل أيام حضرت مؤتمرا للمعهد الدولي للتمويل بالعاصمة الدوحة، وما أثارني فيه حقيقة أن رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة "بي أن بي باريبا" ويليام دي في جلدر لفت إلى أن انخفاض النمو بالقارة الأوروبية في الوقت الحالي يعود لأسباب بنيوية على رأسها المعطى السكاني والتحول الديمغرافي العميق التي تشهد القارة، حيث أن ما سماها ب "نقطة التحول الديمغرافي" قد انتهت لينزلق المجتمع الأوروبي نحو ظاهرة الشيخوخة ، وبمقام ثاني تحدث عن تضاؤل فوائد العولمة بعدما أصبح معدل نمو التجارة العالمية يمثل نصف معدل نمو الاقتصاد الدولي، في وقت كان يمثل الضعف، وأخيرا نهاية "الآثار الإيجابية للثورة التكنولوجية" على النمو.
هناك بالفعل عدد من الدول الأوروبية ستشهد تراجعا لأعداد السكان بسبب ضعف نسب الزواج وتراجع الرغبة في الانجاب ونمو حالات الاجهاض( ألمانيا نموذجا سيتناقص سكانها من 81 مليون حاليا إلى 74 مليون في العام2050)، الأمر الذي بات ينذر بعجز حقيقي في تزويد أسواق العمل لديها بطاقات شابة جديدة قادرة على العطاء والمحافظة على مستويات الإنتاج، بالمقابل فإن هذه الوضعية ستزيد من الضغوط على ميزانية الدول لتوفير ما يلزم لإعالة كبار السن.
كل هذا يفسر حاجة هذه الأسواق إلى استيراد قوة عمل من الخارج لتعويض النقص، وهذا ما تشير إليه بعض الدراسات كون أوروبا ستكون مضطرة لاستقطاب نحو 160 مليون مهاجر بحلول العام 2025 لإعادة التوازن للهرم السكاني ومن ثم إنقاد صناديق التقاعد ومواجهة ارتفاع تكلفة التغطيات والخدمات الاجتماعية.
* طاقات معطلة
عندنا في المغرب كما في دول عربية كثيرة فإن الغالب في الوقت الحالي على الهرم السكاني هو الفئة الشابة النشيطة القادرة على الإنتاج لكنها إما معطلة أو مهجرة أو "مخدّرة". هذه الطفرة الديموغرافية المهمة- كما يؤكد ذلك صندوق الأمم المتحدة للسكان- إن لم يتم استثمارها على الوجه الأكمل فإن بلادنا قد تضيع عليها فرصة تحقيق نمو اقتصادي سريع وتنمية مستدامة، وحتما لن تتاح فرصة أخرى في المستقبل عندما ستغلب الشيخوخة على الهرم السكاني. ولعل من مؤشرات ذلك أن صناديق التقاعد على سبيل المثال أوشكت على الإفلاس لأن عدد المنخرطين الذي يدفعون الأقساط وهم على رأس عملهم سيصبحون قريبا أقل من عدد كبار السن الذين يستفيدون من خدمات هذه الصناديق.
إذا كان هذا حالنا ونحن نتوفر على قاعدة شبابية قوية لكنها غير مفعلة فكيف سيصبح عندما سيتم "تحرير الفروج وتعطيل الأرحام" بمبرر محاربة الإجهاض السري، حتما سيسوء وضعنا ويشيخ مجتمعنا، ولن يجد المغرب من أبنائه الشباب من يعيله لأن القوة الدافعة سيتم إجهاضها في الأرحام.
* إمكان تنموي
نعم في الوقت الذي تقدم فيه عدد من الدول الأوروبية والعالمية تحفيزات كبيرة لمواطنيها لتشجيعهم على الإنجاب ضمانا لتجديد الأجيال مثلما هو الأمر في ألمانيا، وفي وقت تخفف دول من القيود على الهجرة ليكون بوسعها توطين الأسر خاصة ذات الكفاءات العليا كما هو الحال في كندا، فإن أطرافا في المغرب تريد أن تحرم البلد من احتياطاته المستقبلية بسوق العمل وتضعف مخزوناته من الطاقات البشرية عبر التطبيع مع ما يسمى بحقوق الإجهاض، وفتح الباب أمام مزيد من عمليات الإفساد بغطاءات قانونية، في وقت ارتفعت فيه أصوات متعقلة في أوروبا لمواجهة هذه الظاهرة المتنامية لديهم.
إن كل عملية إجهاض غير مبررة هي في حقيقة الأمر تدمير ل" إمكان تنموي"، وحرمان لسوق العمل من قوة نشطة في المستقبل، ومساهمة سلبية في تقريب توقيت دخول المغرب ل" ظاهرة الشيخوخة"، وبالمجمل تهديد للاقتصاد. إنه من المؤسف جدا أن ننشغل بتحرير الأجساد على حساب تحرير العقول، ومن الرشد أن نعي بأن تحرير الاجهاض يدمر الاقتصاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.