في هذا الكتاب القيم والعميق تحت عنوان: «تاريخ المغرب»، تنبش قيدومة الباحثين الإسبان، ماريا روسا دي ماداراياغا، في تاريخ المغرب ومنطقة الريف. الباحثة التي ألفت العديد من الكتب حول الريف، تقدم تحليلا عميقا حول التطورات السياسية والاجتماعية الثقافية التي شهدتها المملكة منذ الاستقلال، بالاعتماد على تجربة مثقفة عايشت نضال رفاقها المغاربة من أجل الحصول على الاستقلال مع الملك محمد الخامس، والحركات الاجتماعية والانقلابات العسكرية في عهد الملك الحسن الثاني، وفشل إدخال المغرب إلى مصاف الدول الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية مع الملك محمد السادس. بدأ اكتشاف المعادن في باطن أرض الصحراء سنة 1962 يقلق إسبانيا، لاسيما كيفية استغلالها. وبخصوص المغرب، أسهمت انتفاضة الدارالبيضاء سنة 1965، بقوة، في جعل الملك يفكر في الحاجة إلى تجنب انفجار ثان من الاحتجاجات الشعبية وإسكات المعارضة، من خلال تنصيب نفسه أعلى المدافعين عن الوحدة الترابية ووحدة الوطن. ظهرت العديد من الحركات التحريرية في سبعينات القرن الماضي في الصحراء، ما جعلها لا تكتسي أهمية كبيرة، فيما دعم المغرب تأسيس جبهة التحرير في الساقية الحمراء ووادي الذهب سنة 1966. بعدها، في السنة الموالية، أسست جبهة البوليساريو من قبل شباب صحراوي مثقف مكون في المغرب وإسبانيا. بدورها، لم تتأخر إسبانيا في الرد على تلك التطورات بتأسيس حزب الاتحاد الوطني الصحراوي سنة 1974، والذي سرعان من تبنى أطروحة الرباط. كما أن حركتين أخريين أسستا سنة 1975 تبنتا الأطروحة المغربية، وهما حركتان يقتصر تأثيرهما على المنطقة الشمالية التي تقطنها قبائل تكنة الصحراوية، التي عرفت بولائها الدائم للمملكة الشريفة. لم تكن هناك حركة تتوفر فيها شروط تمثيل كل سكان الصحراء. ونظرا إلى ضعف الحركات التحررية، كان من الطبيعي أن تنتبه إسبانيا إلى أن لديها كل الامتيازات للاستفادة من ذلك الوضع. لذلك، نصبت في المنطقة «الجماعة» شبه جمعية تأسيسية صحراوية، خاضعة كليا للقوة الاستعمارية، كما أن تلك الجمعية كان لديها ممثلون في البرلمان الفرنكاوي بغرفتيه. يمكن قول كل شيء عن تلك الجمعية التأسيسية إلا أنها ديمقراطية؛ كل أعضائها كانوا عبادا مخلصين للنظام الشمولي المهيمن في ذلك الإبان بإسبانيا. في الحقيقة، كان الأمر يتعلق بالرغبة في التدجين الثقافي للشباب الصحراوي من خلال منحهم منحا لمتابعة دراساتهم بإسبانيا، إلى جانب إعادة توطين والتوسيع الحضري للطبقات المتوسطة. في الوقت نفسه، كان واضحا التوجه إلى تشجيع الاستثمارات الأوروبية واستغلال الثروات المعدنية، كل هذا كان يجري في مناخ سياسي شكل فيه أعيان «الجماعة»، الذين يرتبط ولاؤهم للسلطات الإسبانية بالرشاوى التي كانوا يستفيدون منها، الإطار السياسي المناسب لضمان الخضوع للقوة الاستعمارية. كانت إسبانيا تتطلع إلى استقطاب سكان الصحراء وشرعنة حضورها في المنطقة عن طريق الأعيان. لو كان ممثلو الشعب الصحراوي يتمنون الانضمام إلى إسبانيا، كان سيكون من الصعب في تلك الظروف أن تجد الأممالمتحدة الحجج للدفاع عن استقلال الصحراء عن القوة الاستعمارية.