إن الوقائع الأخيرة بمستشفيات إقليمالناظور أوضحت بالملموس العيوب الخطيرة التي تتضمنها القوانين المنظمة للحراسة والإلزامية، حيث يلاحظ الكل من خلال معايشة ميدانية لما تتعرض له حياة المواطنين من خطر خصوصا الحالات المستعجلة التي لا يضمن لها النظام الحالي شروط السلامة الصحية المتعارف عليها دوليا، ويتم التكفل بها داخل بعض المؤسسات الصحية دون توفير مبدأ استمرارية العلاج و أيضا حق المريض في تدخل عاجل ذو جودة عالية حسب نوعية الحالة المستعجلة و نوعية التخصص المطلوب. الكل بإقليمالناظور أصبح يطالب بتوفير الحد الأدنى من الشروط الطبية والعلمية المتعارف عليها دوليا، كما تعالت المطالب أيضا بمراجعة القوانين والمراسيم المنظمة للحراسة والإلزامية، وهو ما وقفت عليه الوزارة حيث طُرحت أمامها جميع المعطيات الحقيقية وما يشكله نظام الإلزامية من خطر على حياة المريض في الحالات الاستعجالية، لكن وكما عادتها تعاملت الوزارة مع هاته الإشكالية بمنطق الوعود التي لا ترى النور رغم خطورة الوضع وحساسيته. إن عيوب نظام الحراسة والإلزامية الحالي واضحة للمتتبع العادي للشأن الصحي خصوصا خارج أوقات العمل وفي الحالات المستعجلة والتي تتطلب الحضور الفعلي في عين المكان وتستدعي التدخل العاجل لتخصصات من قبيل الإنعاش والتخدير، طب النساء والولادة، الجراحة العامة… فهل يعقل فرض الإلزامية ابتداء من طبيب واحد تفرض عليه الوزارة التكفل بالفحوصات العادية خلال أوقات العمل الرسمية وفي نفس الوقت التكفل بالحالات المستعجلة خارج أوقات العمل مما يجعله في حالة عمل 24 ساعة في اليوم. وينبني نظام الإلزامية في التخصصات المستعجلة على استدعاء الطبيب من بيته وهو ما يضيع على المريض ذي الحالة المستعجلة 30 دقيقة على الأقل تكون كفيلة بإنقاذ حياته لكنها تضيع بسبب هذا النظام، ورغم أنه طبيا تتناقص فرصة إسعاف المريض بسبب قصور وعدم نجاعة هذا النظام لأن كل ثانية أو دقيقة قد تكون فاصلة في فرص نجاة المريض أو وفاته. إن حالات خطيرة ومستعجلة من قبيل نزيف الحوامل أو الحالات التي تتطلب تدخل طبيب الإنعاش تقتضي وجود الطبيب المختص في عين المكان وتقديم العلاج بأقصى سرعة كما أنه الوحيد القادر طبيا على تقييم الحالة وتشخيصها لكن نظام الإلزامية يفرض على الممرضين والأطباء العامين رغم ا أنهم لا يتوفرون على التخصص المطلوب القيام بالتشخيص والتقييم الأولي قبل استدعاء الطبيب المختص وهو ما يعرض الكثير من الحالات لخطر التشخيص الخاطئ ويجعل الجميع تحت طائلة المتابعات القضائية حيث يقدمون ككبش فداء لنظام معيب و متجاوز علميا لا يستجيب للحد الأدنى من شروط التكفل بالحالات الاستعجالية. إن عدم التخطيط القبلي للحاجيات وعدم وجود إرادة حقيقية لإصلاح نظامنا الصحي أدى إلى الوضع الكارثي الحالي وإحدى تجلياته هو النقص الحاد في الأطباء لكن وزارة الصحة بدل أن تبادر إلى إنقاذ الوضع فضلت استغلال ما تبقى من الأطباء بفرض هاته الشروط المجحفة بالاشتغال فوق طاقتهم رغم ظاهرة الإرهاق الوظيفي والأخطاء الطبية التي تنجم عنها.