1. الرئيسية 2. تقارير السفيرة الصينية بالمغرب: الرباط وبيكين شريكان في صناعة سلام عالمي عادل.. والمملكة تُعد ثاني وجهة عالمية للاستثمارات الصينية في التقنيات الخضراء الصحيفة - خولة اجعيفري الثلاثاء 4 نونبر 2025 - 22:39 قالت السفيرة الصينية بالمغرب يو جينسونغ، إن الصين والمغرب شريكان طبيعيان في بناء سلام عالمي عادل وتنمية مستدامة وتربطهما صداقة تاريخية عميقة منذ القرن الرابع عشر، كما يسيران اليوم بخطى ثابتة نحو تعميق شراكتهما الاستراتيجية القائمة على الاحترام المتبادل والتعاون جنوب–جنوب. وشدّدت السفيرة الصينية في الرباط، على أن الخطط الخمسية تمثل ركيزة الاستمرارية والاستقرار في النموذج التنموي الصيني، وأن الخطة المقبلة (2026–2030) ستحمل رؤية شاملة تُعلي من قيم الابتكار والانفتاح والعدالة الاجتماعية، فيما التعاون المغربي–الصيني في مجالات الاقتصاد الأخضر والتحول الرقمي والطاقة والتنمية البشرية سيشهد طفرة نوعية، وأن الرباطوبكين "تسيران معا على درب واحد نحو بناء مجتمع بمستقبل مشترك للبشرية وإرساء سلام عالمي دائم وتنمية تعود بالنفع على الجميع." وألقت السفيرة الصينية لدى المملكة المغربية، يو جينسونغ، كلمة مطوّلة خلال الندوة الخاصة بالجّلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، حيث قدمت عرضا شاملا حول فلسفة التخطيط في الصين، والرؤية الاقتصادية والسياسية للخطة الخمسية الخامسة عشرة (2026–2030)، وآفاق العلاقات الثنائية بين الرباطوبكين، وقد شكلت هذه الكلمة مرجعا دبلوماسيا متكاملا يوضح معالم السياسة الصينية المستقبلية، ويؤكد في الوقت نفسه عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين القائمة على الاحترام المتبادل والتعاون جنوب–جنوب. الصين والمغرب.. صداقة متجذّرة وشراكة استراتيجية وخصصت يو جينسونغ مساحة واسعة للعلاقات الثنائية بين الصين والمغرب، واصفة إياها ب"العميقة والمتجذّرة". واستحضرت زيارة الرحالة المغربي ابن بطوطة إلى الصين في القرن الرابع عشر كرمز مبكر للتبادل الثقافي والحضاري بين الشعبين، مشيرة إلى أن المغرب كان من أوائل الدول العربية والإفريقية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية قبل أكثر من ستين عاما، ودعمت استعادة مقعدها الشرعي في الأممالمتحدة وأقرت مبدأ الصين الواحدة. وأضافت أن "الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والدعم الثابت بين البلدين أصبحت تقاليد راسخة تنتقل من جيل إلى جيل"، مؤكدة أن المغرب والصين سيواصلان دعم بعضهما البعض في القضايا ذات المصالح الجوهرية والانشغالات الكبرى، مهما تغيرت الظروف الدولية. وأبرزت يو أن توجهات الخطة الخمسية الخامسة عشرة تتقاطع تماما مع أولويات المغرب التنموية، مثل تنظيم كأس العالم 2030، واستراتيجية "المغرب الرقمي 2030"، والتحول الطاقي والتنمية الخضراء وخلق فرص الشغل. وكشفت أن الصين أصبحت ثالث شريك تجاري عالمي للمغرب وأول شريك آسيوي له، بينما أصبح المغرب ثاني وجهة عالمية للاستثمارات الصينية في التقنيات الخضراء. وأضافت أن "تنفيذ الخطة الجديدة سيفتح آفاقًا أوسع للتعاون العملي، ويوفر فرصًا جديدة، ويضخ دينامية قوية في العلاقات الاقتصادية"، موضحة أن "الاستثمارات الصينية عالية الجودة ستشهد توسعا كبيرا في المغرب، كما ستستفيد الصادرات المغربية من الإعفاء الجمركي الكامل الممنوح". وشددت على أن الصين والمغرب عضوان فاعلان في الجنوب العالمي، ويعملان معا من أجل السلام والتنمية في المنطقة والعالم، موضحة أن بكين تُقدّر عالياً دعم الرباط للمبادرات العالمية التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ، وأنها مستعدة لتوسيع التنسيق في المؤسسات الدولية وتعميق التعاون بين بلدان الجنوب. كما استحضرت ما قدمه الرئيس شي من أربع مقترحات لتسريع التنمية العالمية للمرأة خلال الاجتماع العالمي لقادة العالم في بكين، إلى جانب تبرع إضافي بقيمة 10 ملايين دولار لهيئة الأممالمتحدة للمرأة، ومخصصات ب100 مليون دولار لمشاريع التعاون، وإطلاق 1000 مشروع دعم. وأشادت السفيرة بالتقدم الكبير الذي حققه المغرب في مجال النهوض بحقوق النساء، كاشفة عن إطلاق مشروع تعاون مشترك بين السفارة والاتحاد الوطني لنساء المغرب، مؤكدة أن الصين "تتطلع إلى تعزيز هذا التعاون لبناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية جمعاء وصنع مستقبل أفضل للإنسان". وأشارت السفيرة الصينية بالمملكة المغربية، يو جينسونغ، إلى أن العلاقات الصينية-المغربية تحمل آمالا كبير في التطور والتعزيز مشيرة إلى أن سنة 2026 ستُصادف الذكرى العاشرة للزيارة التاريخية التي قام بها الملك محمد السادس إلى الصين، وكذلك الذكرى العاشرة لإقامة الشراكة الاستراتيجية الصينية-المغربية التي تشكل تجسيدا لمسار متين من التعاون والتفاهم والاحترام المتبادل بين "بلدين صديقين" جمعتهما الإرادة المشتركة في بناء علاقة نموذجية بين دول الجنوب منذ القدم. الدبلوماسية الصينية التي عينت حديثا، أوضحت في كلمتها التي ألقتها خلال الندوة التي نظمتها السفارة الصينيةبالرباط اليوم الثلاثاء، بشأن الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، أن السنوات العشر الماضية شهدت توسعا مطردا في مجالات التبادل والتعاون بين البلدين، إذ ازداد عدد المغاربة الذين زاروا الصين، كما ارتفع عدد الشباب المغاربة الذين يتعلمون اللغة الصينية في مختلف المعاهد والجامعات، مما يعكس عمق الروابط الثقافية والإنسانية التي تتطور بشكل مستمر. وفي المقابل، أوضحت أن عدد السياح الصينيين الذين يزورون المغرب يتزايد بدوره سنة بعد أخرى، إذ أصبح المغرب وجهة مفضلة للزوار الصينيين بفضل ما يتميز به من استقرار وأمن وغنى حضاري وثقافي، وقالت يو جينسونغ إن "اهتمام الشعب الصيني بالمغرب لا يتوقف عن النمو، وهو ما يعكس الاحترام الكبير الذي تحظى به المملكة المغربية لدى الصينيين". واستشهدت السفيرة بمثل صيني قديم يقول: "العلاقات بين الدول تقوم على الصداقة بين الشعوب" مؤكدة أن هذه الحكمة تلخص جوهر السياسة الخارجية الصينية التي تضع العلاقات الإنسانية في قلب التعاون الدولي، مضيفة: "كلما اقتربت قلوبنا، ازدادت الصداقة الصينية-المغربية ثراء بالأمل"، كما اعتبرت أن العلاقات بين البلدين ليست فقط سياسية واقتصادية، بل هي قبل كل شيء علاقة إنسانية عميقة ضاربة في التاريخ تقوم على الثقة والاحترام المتبادل. وتابعت يو جينسونغ قائلة إن الصين والمغرب يُعدان عضوين مهمين في الجنوب العالمي، وأن البلدين يعملان معا ليس فقط من أجل التنمية الخاصة والتعاون الثنائي، ولكن أيضا من أجل السلام والتنمية في منطقتنا وفي العالم وأوضحت أن "الصين تُقدّر عالياً دعم المغرب للمبادرات العالمية التي اقترحها الرئيس شي جين بينغ"، وفي مقدمتها مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، التي تهدف جميعها إلى بناء نظام دولي أكثر عدلا وتوازنا وإنصافا. وأكدت السفيرة أن الصين مستعدة للعمل مع المغرب لتنفيذ هذه المبادرات، وتعزيز التنسيق داخل المؤسسات متعددة الأطراف وفي الشؤون الدولية، وتعميق التضامن والتعاون بين بلدان الجنوب العالمي. وقالت إن "بلدينا يضطلعان بمسؤولية تاريخية مشتركة تتمثل في تقديم مساهمة صينية-مغربية متجددة للسلام والاستقرار والتقدم المشترك للبشرية." واختتمت السفيرة الصينية كلمتها بالتأكيد على أن "العلاقات الصينية-المغربية تستند إلى أسس راسخة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وإلى رؤية موحدة من أجل عالم أكثر سلاما وعدلا وتعاونا". وأضافت أن "الصداقة العميقة بين البلدين ستستمر في التوسع والتجذر، لتكون نموذجا يحتذى به في التعاون بين بلدان الجنوب العالمي، ونقطة انطلاق لمستقبل مشرق يربط بين الشعبين الصيني والمغربي في مسار من الأمل والتنمية والتقدم المشترك." الاستمرارية... ركيزة النجاح الصيني السفيرة يو جينسونغ أكدت أن الخطط الخمسية تمثل جوهر الاستمرارية في مسار التنمية بالصين، مشيرة إلى أن الرئيس شي جين بينغ يعتبر الإعداد العلمي وتنفيذ هذه الخطط ميزة سياسية كبرى للاشتراكية ذات الخصائص الصينية. وأضافت أن الصين، منذ إطلاق أول خطة خمسية سنة 1953، وضعت وأنجزت أربع عشرة خطة متتالية سمحت ببناء نظام صناعي واقتصادي وطني متكامل، والقضاء على الجوع، وتحسين رفاه المواطنين، وصولا إلى بناء مجتمع الرفاهية المتوسطة وتحقيق الهدف المئوي الأول. أما الهدف المئوي الثاني، فتؤكد السفيرة، فيتمثل في بناء دولة اشتراكية حديثة عظيمة بحلول عام 2050، عبر مرحلتين متتاليتين الأولى تحقيق التحديث الاشتراكي في أفق 2035، والثانية بناء أمة مزدهرة ومنسجمة وجميلة، وشددت يو على أن الخطط الخمسية تجسد استمرارية الاستراتيجية الوطنية واستقرار السياسات العامة، في عالمٍ تسوده التقلبات واللايقين. وانتقلت السفيرة إلى الحديث عن "الترسيخ" باعتباره أحد أعمدة التحول الصيني، موضحة أن بلادها تقف اليوم عند نهاية الخطة الرابعة عشرة، وقد تمكنت من تجاوز أزمات كبرى على رأسها جائحة "كوفيد–19". وكشفت أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع من 110 آلاف مليار إلى 130 ألف مليار يوان، ومن المتوقع أن يصل إلى 140 ألف مليار هذا العام، وهو ما يجعل الصين مسؤولة عن نحو 30% من النمو العالمي، كما أكدت أن البلاد تمتلك مقومات متينة للاستمرار: نظام سياسي فعال، سوق داخلية ضخمة، نسيج صناعي متكامل، وموارد بشرية غنية، وهي مؤهلات تمنحها القدرة والثقة على تحقيق أهداف الخطة المقبلة. أما بخصوص "التقارب"، فأوضحت يو أن إعداد الخطط الخمسية في الصين يتم عبر آلية تشاركية واسعة تمثل نموذجا حيا للديمقراطية الشعبية ذات العملية الشاملة فقد تم جمع أكثر من ثلاثة ملايين تعليق إلكتروني، أُدرج منها 1500 مقترح عملي في النص النهائي الذي خضع ل218 تعديلًا وضم 452 توصية صادرة عن مختلف الجهات، وتعتبر السفيرة أن هذا المسار يبرز قدرة النظام الصيني على تحويل سياسة الحزب إلى إجماع وطني فعال يوحد الجهود نحو تحقيق التنمية. الخطة الخمسية الخامسة عشرة.. رؤية شاملة للتنمية والابتكار في عرضها التفصيلي للخطة الخمسية الجديدة (2026–2030)، شددت يو جينسونغ على أنها ستضمن استمرارية السياسات السابقة، وستُعنى بتعزيز التنمية عالية الجودة، وتسريع الاستقلالية التكنولوجية، وتعميق التحول الأخضر، والانفتاح على العالم، وتحقيق الازدهار المشترك، مع الحفاظ على القيادة الراسخة للحزب الشيوعي الصيني. وأكدت أن الابتكار سيظل المحرك الأساسي للاقتصاد، مع تطوير الصناعات التصنيعية والرقمية والفضائية والنقل، وتعزيز التعليم والبحث العلمي، وبناء "صين رقمية" رائدة، كما أبرزت أن التحول الأخضر أصبح خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه، مشيرة إلى أن الصين تمتلك اليوم أكبر منظومة للطاقة المتجددة في العالم، وتسهم وحدها بربع المساحات الخضراء الجديدة على الكوكب، وتحتضن أكثر من نصف السيارات الكهربائية في العالم. وشددت على أن الصين ستواصل الوفاء بالتزاماتها المناخية في إطار اتفاق باريس، وستعمل على تقليص الانبعاثات وتوسيع الرقعة الخضراء، مؤكدة أن "بناء صين جميلة هو في الوقت نفسه بناء عالم أجمل". الانفتاح على العالم.. من إفريقيا إلى الحزام والطريق أفردت السفيرة الصينية جزءا مهما من كلمتها للحديث عن انفتاح بلادها على العالم، مؤكدة أن الصين ستواصل توسيع أسواقها ودعم النظام التجاري المتعدد الأطراف، مبرزة أن الرئيس شي جين بينغ أعلن في يونيو الماضي عن إعفاء جمركي بنسبة 100% لصالح 53 دولة إفريقية بينها المغرب، وهو ما اعتبرته "خطوة ملموسة لترسيخ الشراكة الصينية–الإفريقية في إطار منتدى التعاون الصيني الإفريقي (FOCAC)". وقالت يو إن الصين أصبحت الشريك التجاري الأول لأكثر من 150 دولة ومنطقة، وستواصل تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق" بجودة عالية لتعزيز روابطها الاستراتيجية مع شركائها، وفي مقدمتهم المغرب، مؤكدة أن "باب الصين سيظل مفتوحًا أكثر من أي وقت مضى". وتوقفت السفيرة عند محور العدالة الاجتماعية، مشيرة إلى أن الصين بنت خلال السنوات الخمس الماضية أكبر منظومة للتعليم والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي في العالم، وتمكنت من إخراج 100 مليون شخص من الفقر، كما أكدت أن "الحداثة الصينية ليست ترفًا لفئة محددة، بل مشروع ازدهار مشترك للجميع"، مشددة على أن التنمية المتوازنة بين المناطق والطبقات الاجتماعية تشكل أساسًا لاستقرار المجتمع الصيني. واعتبرت يو أن القيادة الثابتة للحزب الشيوعي هي "الضمان الجوهري لنجاح التجربة الصينية في التحديث"، مشيرة إلى أن "الحزب هو من قاد البلاد نحو الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وفتح عهداً جديداً في مسيرة الحضارة الإنسانية".