تدخل أمني بمنطقة الروكسي بطنجة بعد بث فيديو يوثق التوقف العشوائي فوق الأرصفة    الأزمة بين الجزائر وفرنسا تتفاقم..        تدخل سريع يخمد حريقا اندلع بغابة "ازارن" بإقليم وزان والكنافي يكشف حيثياته    قرار المحكمة الدستورية بخصوص مشروع قانون المسطرة المدنية : تمرين دستوري يعيد بعض التوازن للسلط    لجنة عربية تطلق حملة ضد ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام    وزارة الخارجية تحتفل باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج    حماس تتهم نتنياهو بالتضحية بالرهائن    حكيمي يرشح لجائزة "الكرة الذهبية" مع 8 لاعبين من باريس سان جرمان    منتخب المحليين يستعد لمواجهة كينيا    الوداد يعقد الجمع العام في شتنبر    الارتفاع يسم تداولات بورصة البيضاء    فشل الجزائر في قضية الصحراء المغربية يفاقم التوتر الدبلوماسي مع فرنسا    بني بوعياش.. اطلاق الشطر الاول لمشروع التأهيل الحضري        أول نسخة من "الهوبيت" تجني 57 ألف دولار    وزير الإعلام الفلسطيني : المساعدة الإنسانية والطبية العاجلة سيكون لها أثر إيجابي ملموس على حياة ساكنة غزة    الملك كضامن للديمقراطية وتأمين نزاهة الانتخابات وتعزيز الثقة في المؤسسات    عمر هلال يبرز بتركمنستان دور المبادرة الملكية الأطلسية في تنمية دول الساحل    الماء أولا... لا تنمية تحت العطش    لسنا في حاجة إلى المزيد من هدر الزمن السياسي        تيمة الموت في قصص « الموتى لا يعودون » للبشير الأزمي    «دخان الملائكة».. تفكيك الهامش عبر سردية الطفولة    السرد و أنساقه السيميائية    المغرب.. من أرض فلاحية إلى قوة صناعية إقليمية خلال عقدين برؤية ملكية استشرافية    فرنسا تلغي إقامة مغربي أشعل سيجارة من "شعلة الجندي المجهول" في باريس (فيديو)    زيلينسكي يدعو بوتين مجددا إلى لقاء لإنهاء الحرب في أوكرانيا والرئيس الروسي يعتبر "الظروف غير متوفرة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الخميس إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية كوت ديفوار بمناسبة العيد الوطني لبلاده        البنية التحتية للرباط تتعزز بمرآب تحت أرضي جديد    يوليوز 2025 ثالث أكثر الشهور حرارة فى تاريخ كوكب الأرض    ارتفاع أسعار الذهب بفضل تراجع الدولار وسط آمال بخفض الفائدة الأمريكية    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 197 بينهم 96 طفلا    سون هيونغ مين ينضم للوس أنجليس الأمريكي    "أيميا باور" الإماراتية تستثمر 2.6 مليار درهم في محطة تحلية المياه بأكادير    وكالة: وضعية مخزون الدم بالمغرب "مطمئنة"    صيف شفشاون 2025.. المدينة الزرقاء تحتفي بزوارها ببرنامج ثقافي وفني متنوع    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟    الفتح الناظوري يضم أحمد جحوح إلى تشكيلته        رخص مزورة وتلاعب بنتائج المباريات.. عقوبات تأديبية تطال أندية ومسؤولين بسبب خروقات جسيمة    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    الداخلة.. ‬‮«‬جريمة ‬صيد‮»‬ ‬تكشف ‬ضغط ‬المراقبة ‬واختلال ‬الوعي ‬المهني ‬    الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي فرضها ترامب تدخل حيز التنفيذ    المغرب ‬يرسّخ ‬جاذبيته ‬السياحية ‬ويستقطب ‬‮«‬أونا‮»‬ ‬الإسبانية ‬في ‬توسع ‬يشمل ‬1561 ‬غرفة ‬فندقية ‬    قروض ‬المقاولات ‬غير ‬المالية ‬تسجل ‬ارتفاعا ‬بنسبة ‬3.‬1 ‬في ‬المائة ‬    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    حين يتحدث الانتماء.. رضا سليم يختار "الزعيم" ويرفض عروضا مغرية    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في أول عودة للمهاجرين المغاربة من أرض المهجر بعد أحداث 11 شتنبر:الإسلام مراقب بشدة في الغرب
نشر في التجديد يوم 29 - 07 - 2002

11 شتنبر 2001 أو الثلاثاء الأسود، يوم يعتبر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية والعالم أجمع، زلزالا فظيعا وهولا عظيما، ولم يكن من السهل على الجميع أن يستوعب في لمحة بصر انهيار أكبر برج للتجارة في العالم، ولا أن يتكهن بأن البانتغون، أكبر وزارة دفاع في العالم، سيكون محط هجوم محقق. وأصيب الأمريكيون بهلع شديد وهم يشاهدون الآلاف منهم يتساقطون صرعى في ثوان معدودة، لأنه لأول مرة في تاريخهم يتم الهجوم على ترابهم الداخلي بشكل خطير. كان هذا هو حجم الحدث وكانت أيضا آثاره بمستوى ذلك الحجم أو أكثر، فقد كان المسلم هو الضحية الأول والأخير بعد هذه الأحداث.
وكانت تهمة الإرهاب جاهزة ليوسم بها هذا المسلم، و مظنة لمتابعته دوليا. ولم تنتظر أمريكا انتهاء التحقيقات من أجل الكشف عن الجهة المدبرة للهجوم، فخاضت حربا شرسة ضد أفغانستان، البلد المسلم، وأسقطت حكومة الطالبان، وأباحت لنفسها ملاحقة كل مسلم في العالم مشتبه في انتمائه لقاعدة بن لادن، وبدأت سلسلة من الإجراءات لمطالبة بعض البلدان المسلمة، كالسعودية وباكستان بتغيير مناهجها التعليمية، وإطلاق العنان للكيان الصهيوني بإبادة الشعب الفلسطيني، ولم يسلم أيضا، لا المسلمون ولا المهاجرون ببلدان المهجر، من ويلات وآثار الثلاثاء الأسود. وبمناسبة عودة المهاجرين المغاربة إلى بلدهم الأصلي، كانت لنا فرصة للقاء مجموعة منهم، لنسألهم عن أحوالهم هنالك، وليحكوا لنا عن فصول معاناتهم وتجربتهم في العيش في مجتمعات مخالفة لبيئتهم الشرقية. ومدى تأثير أحداث 11 شتنبر على وضعيتهم ونظرة الغرب إليهم، كما أنها كانت مناسبة للأمريكية المسلمة " انتصار عبد الرب" لتنقل إلينا صورة حية عن التحولات التي يعرفها المحتمع الأمريكي.
أحداث 11 شتنبر وانتشار الإسلام:
يتزايد الذين يعتنقون الإسلام من الأجانب يوما بعد يوم، كما أن جزء كبيرا من المهاجرين العرب والمسلمين القاطنين بأراضي المهجر، تحسن مستوى تدينهم وتقوت أواصرهم بدينهم الإسلام، ومنهم من لم يتعرف على مبادئ وتعاليم دينه إلا بعد أن احتك بمادية الغرب وانحلاله الأخلاقي واطلاعه عن قرب بخبايا وتناقضات المجتمعات الغربية، ومنهم من أزيلت عن عينيه غشاوة التفاهة و العبث و الجهل بسبب ما رآه و ما سمع به من كيد و مؤامرة ضد بني عقيدته . ومن مظاهر انتشار الإسلام بفرنسا مثلا، وغيرها من البلدان، هو ما أصبح يلاحظ من اكتظاظ المساجد بالمصلين، والنشاط المكثف للجمعيات الإسلامية المختلفة في مجالات الدعوة وأعمال البر و الخير. ومن التجليات المعاينة لمظاهر الالتزام بالخارج، والتي أصبحت تثير اهتمام وانتباه الغربيين، هي اللحية والحجاب، فقد تحولتا إلى عنوانين بارزين لديانة اسمها الإسلام. يقول محمد مهاجر بفرنسا: «عرفت الإسلام بالغرب، ويمكن أن أؤكد لكم بأن هذا الدين ينتشر بشكل غريب بأوروبا، إلى درجة أن يوم الجمعة أصبح يوما مميزا، كما هو الحال في باقي البلدان الإسلامية، حيث يكتظ المسجد بالمصلين سواء ممن اعتنق الإسلام من
الأجانب، أو من الجالية العربية والإسلامية، كما أن عين الغرب بدأت تعتاد على رؤية الحجاب و اللحية. وبطبيعة الحال، فإن هذا المظهر بات يقلق بعض الجهات المعادية للإسلام بالغرب».
أما رفيقه عبد الخالق، فيؤكد نفس الفكرة، مع تقريره بوجود عائلات مغربية وجزائرية وغيرها مازالت بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام، بل منها من اندمجت كلية في نسيج المجتمع الفرنسي وآمنت بكل أفكاره ، و انساقت وراء ماديته و إباحيته.
أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فإن جريدة «usa today»، الصادرة في يوم 71 شتنبر 1002، تحدثت عن نفاذ الكتب المتعلقة بالإسلام وبالشرق الأوسط من مكتبات الولايات المتحدة، كما احتلت ترجمة معاني القرن الكريم إلى الغة الانجليزية قائمة الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة.
أما "نيويورك تايمز"، فقد نشرت مقالا بتاريخ 32 أكتوبر 1002، تقول فيه إن الأمريكيين تزايد اعتناقهم للإسلام بعد 11 شتنبر الدامي. هذا النزوح نحو التدين هو ما أكدته لنا أيضا " انتصار عبد الرب"، أمريكية مسلمة، بقولها: " إن أحداث 11 شتنبر شدت انتباه الأمريكيين إلى الإسلام، و أدت بهم إلى البحث عن معنى الجهاد، والتحقق من مفهوم الإرهاب هل له علاقة بالإسلام. و هناك عدد من الأمريكيين اكتشفوا حقيقة هذا الدين فأسلموا و لله الحمد. و أما بالنسبة للمسلمين، فقد كانت أحداث 11 شتنبر فرصة للتعلم و التعرف على الإسلام الحقيقي، و إدراك أهمية الاعتصام بحبل الله، ومناسبة أيضا لوضع أسئلة جوهرية مثل: لماذا وقعت أحداث 11 شتنبر؟ و ما هي أسباب ابتعادنا عن الإسلام؟ و كيف السبيل إلى إصلاح الإنسان؟". وهذا ما لاحظه أيضا، "لحسن"، مهاجر ببلجيكا، مهنته ميكانيكي ويتاجر في بيع السيارات، يقول هذا الأخير: «أصبح البلجيكيون والهولنديون يقبلون على دراسة الإسلام، وهناك عدد لا يستهان به منهم اعتنق الإسلام، وقد لاحظت حركة كبيرة للإقبال على القرآن الكريم وكتب الإسلام، وينبغي ألا ننسى أن منهم من لا يبحث إلا على الاطلاع على عورات
المسلمين..»، ويضيف هذا الشاب، أنه كان يمارس الدعوة إلى الله، في إطار ما يسمى ب"الخروج في سبيل الله" (أسلوب دعوي تواظب عليه جمعية الدعوة و التبليغ)، ويقول إنه تراجع عن القيام بهذا الدور، لاكتشافه ضرورة تطوير هذا الأسلوب في الدعوة، ويسترسل في الكلام موضحا فكرته قائلا: «بدل أن نقتحم عالم الآخرين (المدعوين إلى الإسلام) بشكل مباشر وندعوهم إلى الإسلام، علينا أن نربط علاقات طيبة معهم، ونعانق مشاكلهم ونبحث معهم على حلول لها، وحينما يحبنا هؤلاء، عنذاك سيسهل علينا أن نعرفهم بالإسلام، من خلال معاملتنا الطيبة معهم».
وفي بلد آخر كأمريكا، لوحظ بعد 11 شتنبر، إقبال الطلبة الراغبين في التسجيل لحضور دروس حول العالم العربي والإسلامي. فهل كانت أحداث يوم الثلاثاء الأسود بأمريكا صدمة للمسلمين في المجتمعات الغربية لمراجعة الذات، و البحث عن الهوية و إعادة التفكير في الإسلام و مبادئه؟
عيون الغرب لا تنام عن مراقبة الإسلام
أحداث 11 شتنبر سلطت الضوء كثيرا على الإسلام والمسلمين بالغرب، بل كثفت أجهزة الحكم في البلدان الغربية من مراقبة المسلمين وخاصة الناشطين منهم في الدعوة إلى الإسلام، واللاجئين الإسلاميين الفارين من جورالأنظمة الديكتاتورية ببلدانهم، والعائدين، لما يسمى ب" العرب الأفغان"، من الجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفياتي سابقا. فبالنسبة للمخابرات الأمريكية وبتعاون مع مخابرات الغرب وحتى مع الأجهزة الاستخباراتية العربية، يتم ملاحقة العناصر الإسلامية الناشطة و المعتنقة لفكرة الجهاد، وأصبح ارتياد المساجد بصفة منتظمة وإطلاق اللحية و لبس الحجاب يثير الشبهات، ويصبح المسلم على إثر ذلك محل مراقبة متواصلة من لدن الحكومات الغربية. يقول "بن عبد الجليل أحمد"، طالب بفرنسا: «بدأت بعد 11 شتنبر أشعر بأنه وقع تغير في التعامل معنا، فالذهاب إلى المسجد، أصبح يثير الانتباه ويبعث على الخوف والارتياب، وخصوصا الإنسان الذي يلتزم بدينه، لقد أصبحت المساجد مراقبة بشكل جيد»، أما طالب آخر يقطن بمدينة آخن بألمانيا فيقول: «في بعض الأحيان تكون بعض المضايقات في المساجد، خصوصا ما حصل في شهر رمضان المنصرم، فقد كان المسجد يبقى فاتحا
أبوابه لاستقبال المسلمين في أي وقت، إلا أنه بعد الأحداث المعروفة، فرض وقت محدد لفتح المسجد، فما زالت هناك مراقبة شديدة لحد الآن للمساجد بألمانيا، وأحيانا تتم اعتقالات لبعض المشتبه فيهم أو من يفترض فيه أن تكون له علاقة بتنظيم إرهابي»، وبالنسبة للشاب "لحسن" من بلجيكا فيؤكد نفس الأقوال السابقة ويضيف قائلا: «... مثلا خطب الجمعة أضحت هي كذلك مراقبة بشكل قوي، فقد سمعت مؤخرا باعتزام السلطات البلجيكية سن قوانين لمراقبة المساجد، وتسجيل الأئمة العاملين بها وغيرها من الإجراءات الرامية إلى ضبط عملية التدين ببلدان المهجر، وعملية المراقبة هذه تحتاج من هذه البلدان إلى سن قوانين جديدة حتى تتمكن من اعتقال المشتبه فيهم أو تسليم اللاجئين السياسيين إلى بلدانهم الأصلية"
و يمكن أن نعطي مثالا على ذلك بدولة بريطانيا التي تسعى حتيثا لسن قوانين للهجرة، حتى تستطيع أن تضبط وتتحكم في تحركات المسلمين داخل التراب الإنجليزي. يقول عامل بانجلترا: «دولة بريطانيا دولة عظيمة وعريقة في مجال حقوق الإنسان، فهي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخالف قوانينها، لكن الأحداث الأخيرة التي وقعت في أمريكا، وكذلك ما يقع في منطقة الشرق الأوسط، وتنامي ظاهرة الإرهاب الدولي، سيدفع كثيرا من البلدان الغربيةإلى تغيير قوانينها، أو إصدار قوانين جديدة من أجل الحد من تنامي الإسلام داخل بلدانها».
إن ظاهرة انتشار الإسلام بالغرب أصبحت تثير قلقا شديدا عند المسؤولين في تلك البلدان، وأصبح لا مانع لديها من خرق بعض الثوابت الديمقراطية من أجل ملاحقةالمسلمين بصورة غير قانونية، فأمريكا مثلا تدعي أنها من أكثر الدول ديمقراطية في العالم، و مع ذلك فقد اخترعت ما يسمى ب"قانون الأدلة السرية"، وهو قانون سن من أجل مواجهة المسلمين، وهو يسمح باعتقال أي مسلم، دون توجيه تهمة معينة له، ولا تمكينه من محام للدفاع عنه، وهو ما يعتبر مناقضا لقوانينها الجاري بها العمل منذ قرون، فقد تم مثلا اعتقال أبو مرزوق من حركة حماس وأنور هدام من جبهة الإنقاذ الإسلامية، دون محاكمتهما أو حتى معرفة التهم الموجهة إليهما.
وفي هذا الصدد تقول الأمريكية المسلمة " انتصار عبد الرب": " لقد صودق على قانون يسمى " patriot act" أي قانون المواطنة، وهو قانون يعتدي على بعض الحريات الدستورية المخولة للمواطنين الأمريكيين، كحق الملكية، حيث تتم مصادرة الموارد المالية و التأمينات لبعض الشركات و الجمعيات الإسلامية التي تدعم القضية الفلسطينية. وكذلك الاعتداء على حق " الخصوصية"، فأصبح بموجب القانون المذكور، يحق للحكومة الأمريكية و المخابرات المركزية، بأن تسمع مناقشاتنا على الهاتف و أن تسجل رسائلنا عبر البريد الإلكتروني، واقتحام البيوت و مقرات بعض المنظمات الإسلامية بغير إذن."
المسلمون قنابل موقوتة قابلة للانفجار:
هناك عدة أسباب جعلت الرجل الغربي ينظر إلى المسلم على أنه رجل إرهاب بامتياز، فهناك من جهة جهل ذلك الرجل بتاريخ الإسلام وحقيقته، وعدم اطلاعه على المصادر الموضوعية التي تتحدث عن الإسلام ، ومن جهة أخرى مساهمة وسائل الإعلام في تشويه صورة الإسلام لدى متتبعيها، وكذا الشأن بالنسبة للصناعة السينمائية، وخاصة الهوليودية التي تنتج أفلاما وبرامج تصور المسلم بأنه يعشق الدم ومستعد للقتل في أي لحظة ولأتفه الأسباب، بالإضافة إلى إذكاء نار هذه العداوة بين الغرب والمسلمين من طرف المؤسسات الصهيونية المتنفذة بهذه البلدان، وبالتالي أصبح الرجل الغربي العادي ضحية عملية تمويهية تجعله يكن الحقد للمسلمين، و هو ما جعل عملية التواصل بين الحضارة الغربية و الحضارة العربية و الإسلامية صعبة للغاية. وحول هذه الفكرة يقول الطالب بن عبد الجليل: «يوما بعد يوم تتزايد مظاهر العنصرية ضد الأجانب، فالعربي أصبح إسما مرادفا للإرهاب والقتل والدم، ويعتقد كثير من الفرنسيين بأن هذا العربي يسهل عنده قتل الآخرين بدم بارد»، وحول نظرة زملائه الطلبة إليه باعتباره مغربيا مسلما قال: «يوجد صنفان من الطلبة، صنف تتحلى معاملته للمسلمين والعرب
بالطيبوبة والمعاملة الممتازة، وصنف آخر عنصريون لأقصى درجة».
ويقول "أبوباسة عبد الله" من مدينة أونجي بفرنسا: «الغرب لا يفرق بين مغربي أو جزائري أو مشرقي، فالكل متهم بالإرهاب، فكل مرة تحدث فيها عملية إرهابية تشتعل الموجة العنصرية ضد المسلمين، ولكن سرعان ما تقل حدتها بمرور الزمن، وهو نفس ما حدث بالنسبة لأحداث 11 شتنبر بأمريكا.
وبالنسبة للشاب "لحسن" من بلجيكا يقول إن بعض البلجيكيين مثلا لهم أفكار خاطئة عن الإسلام، ولا يميزون بين المسلم كبشر يخطئ ويصيب وبين الإسلام كمبادئ مستوحاة من القرآن الكريم والصحيح من السنة، ويضيف "لحسن"، إن البعض منهم يرى أن المسلم قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة، ورغم كل ذلك، فهو يؤكد من جهة أخرى، بأن البعض الآخر منهم، لهم رؤية سليمة عن الإسلام ويحترمون المسلمين ويتعاملون معهم معاملة حسنة.
أما خالد بن شريف، طالب بألمانيا، فيكتب عن واقع الهجرة بألمانيا: «إن شعور الألمان بأن الأجانب أصبحوا يحتلون مناصب شغل عدة أدت إلى الرفع من نسبة البطالة بينهم، التي تبلغ نسبة 9.4%، فإن هذا كله أدى إلى تنامي شعور العداء والكره للأجانب ، إلى درجة استطيع من خلالها أن أجزم أن الألمان لو خيروا بين إبقاء الأجانب أو طردهم، لصوتت الأغلبية منهم بطردهم..»، أما بالنسبة لفاطمة الزهراء، مهاجرة بالدانمارك، فترى أن المسلمين بأوروبا يشكلون واقعا لا يمكن الاستغناء عنه، وشريحة اجتماعية تساهم في تنمية واقتصاد البلدان المستقبلة لليد العاملة المهاجرة.
أما الأمريكية " انتصار عبد الرب" فترى: " أن موجة العنصرية قد تزايدت أكثر من ذي قبل، بعد أحداث 11 شتنبر، وبدأ بعض المسلمين يشعرون بهذا التمييز العنصري كباقي الأقليات الدينية الأخرى، لماذا؟ لأنهم حملوا أوزار ماوقع، فصارت أمريكا بذلك تتعامل مع المسلمين على أساس أنهم إرهابيون. و ما أعلنه الرئيس بوش ووزير الدفاع " كولن بارل" بأن عدو أمريكا ليس الإسلام، فهو مجرد قول (ادعاء)، وعلى عكس من ذلك، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تحارب الإسلام و المسلمين عسكريا و فكريا و قانونيا.."
هل يساهم المسلمون في الإساءة إلى أنفسهم؟
بقول "لحسن" حول إساءة بعض المهاجرين لصورة الإسلام بالغرب: «إن بعض الجمعيات الإسلامية تخلط بين الدين والسياسة، ويقع التطاحن بينها، مما يسيء إلى صورة الإسلام لدى الغرب»، ويعدد هذا المهاجر بعض المخالفات التي يقدم عليها المهاجرون المغاربة ببلجيكا كشرب الخمر، وارتياد الحانات والسرقة، ويقول محمد: «إن أبناء بعض الأسر المغربية بفرنسا مثلا، يقومون بعملية سرقة السيارات وتناول المخدرات، وإن منهم من يتاجر فيها، وكل هذه الأعمال تزيد من نار العنصرية ضدنا...»، أما الحاجة خديجة، من الجيل الثاني المقيم بفرنسا، فهي تستغرب من كثرة الجماعات والاختلافات الكثيرة بينها، ولا تفهم هذه الأحداث التي تقع في هذا العالم.
وعبر مهاجرون مغاربة آخرون عن رأيهم بأن المسلمين يساهمون بدورهم في تشويه صورتهم لدى الغرب، أولا بمخالفتهم لمبادئ دينهم، وعدم فهم البعض الآخر لروح تلك المبادئ، وهو ما يسقطهم في تناقضات تدعو الآخر إلى عدم احترامهم و احتقارهم، و من جهة ثانية يرجع أحد المهاجرين أسباب ذلك إلى نوعية الشريحة الاجتماعية المهاجرة وطبيعة فكرها وعدم قدرتها على الاندماج الإيجابي في المجتمعات الغربية.
وبالنسبة لتساؤلنا حول وجود بعض الاعتداءات على المهاجرين بالخارج، فإن جل المستجوبين صرحوا بأنهم لم يتعرضوا لأي اعتداء من طرف الأجانب، إلا أن "لحسن" من بلجيكا يحكي أن زوجته تعرضت لمضايقة من طرف بلجيكي وهو يأمرها بنزع حجابها (سماه كاسكيط)، وأن تتساوى مع باقي المواطنين.
ويذكر في هذا المجال أن المسلمين بأمريكا كانوا أكثر عرضة للاعتداءات، بحكم أنها البلد الأكثر تضررا مما وقع على إثر هجوم 11 شتنبر.
ففي تقرير أولي لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، بعد أسبوعين من ذلك الهجوم، وقعت 625 حالة اعتداء، في حين أن مجمل الاعتداءات التي وقعت في أمريكا ما بين 89 و96 لم تتعد 604 حالة، وما بين 9991 و2000 سجلت 607 حالة فقط، وقد رصدت عدة اعتداءات ضد مساجد المسلمين أو بعض المراكز الإسلامية بأمريكا. ففي 62 مارس 2002 ، يصدم سائق شاحنة بمدينة "تلاهاسي"، مسجدا محاولا تدميره بدافع الكراهية للمسلمين. ومثل هذه الحوادث و غيرها أصبحت تتكرر بشكل ملموس في الولايات المتحدة الأمريكية.
نصيحة أمريكية مسلمة
تقول " انتصار عبد الرب"، وهي تتحدث عن آثار الثلاثاء الأسود بأمريكا : " على المسلمين بأمريكا أن يتعاملوا مع حكومة الولايات المتحدة، ويشاركوا في المناقشات السياسية و الاجتماعية و العلمية، وأن يزودوا وسائل الإعلام بالمعلومات الكافية عن الإسلام، ويعملوا على تفنيد الافتراءات المزعومة ضدهم، وتقديم صورة صحيحة عن الإسلام، الذي هو دين الحق و السلام و الأخلاق و الإصلاح. ولابد أن نستشف أسباب العنف ضد أمريكا، وهي أسباب ستوضح أن أمريكا ارتكبت أخطاء في تعاملها مع عديد من الدول، الشئ الذي جعلها تتعرض لحوادث انتقامية. فأمريكا بلدنا ونحرص على سلامتها و مستقبلها، وفي نفس الوقت نريد أن نحرص أكثر على ديننا.
من إنجاز عمر العمري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.