المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    "الكاف" يكشف عن الكرة الرسمية لبطولة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    ابتداء من اليوم.. طرح تذاكر المباراة الودية بين المغرب وأوغندا إلكترونيا    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    القضاء الفرنسي يواقف على طلب الإفراج عن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    الوداد ينفرد بصدارة البطولة بعد انتهاء الجولة الثامنة    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    احتقان في الكلية متعددة التخصصات بالعرائش بسبب اختلالات مالية وإدارية    مصرع أربعيني في حادثة سير ضواحي تطوان    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    عمر هلال: نأمل في أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة إلى الصحراء المغربية    المغرب يتطلع إلى توقيع 645 اتفاقية وبروتوكولا ومعاهدة خلال سنة 2026.. نحو 42% منها اقتصادية    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    حقوقيون بتيفلت يندّدون بجريمة اغتصاب واختطاف طفلة ويطالبون بتحقيق قضائي عاجل    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    زايو على درب التنمية: لقاء تشاوري يضع أسس نموذج مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بمناسبة إحالة مشروع المدونة على البرلمان:الدكتور أحمد الخمليشي، عضو اللجنة الملكية الاستشارية في حوار مع التجديد:على الأحزاب أن تؤطر المواطن على التعايش الاجتماعي لإنجاح التطبيق الموضوعي لنصوص المدونة
نشر في التجديد يوم 03 - 01 - 2004

يلفت الدكتور أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية وعضو اللجنة الملكية الخاصة بمدونة الأسرة، في هذا الحوار الذي أجري معه بخصوص الأوراش الواجب على نواب الأمة مباشرتها للرفع من وضع الأسرة، إلى أن المطلوب الراهن هو التشريع للطفل باعتبارأن المرأة قد تمت الاستجابة لكل شكاويها أو بعضها.
ويشير الدكتور الخمليشي إلى أن تجاوز المعيقات التي تقف أمام التطبيق الموضوعي للمدونة، رهين بتأطير المواطن للتعايش الاجتماعي في مجتمع واحد، بدل حصره في التأطير السياسي. وفي الحوار استجلاء لبعض القضايا الأخرى ذات الصلة بشؤون الأسرة.
نرحب بالدكتور أحمد الخمليشي على صفحات التجديد، بداية اللجنة الملكية قدمت مشروع مدونة الأسرة، وجلالة الملك اعتبر الجانب الشرعي من اختصاصه، ما المطلوب من الأحزاب السياسية فعله لتطوير المشروع؟
بسم الله الرحمان الرحيم، أولا من الصعوبة بمكان توجيه نواب الأمة وتحديد مهمة البرلمان في ما يخص أداء عمله الذي أوكله إليه الدستور، فهو مؤسسة تمثل مختلف التيارات الفكرية في المجتمع، وهي أقدر على بلورة رؤية أكثر عمقا بخصوص قضية الأسرة، ومع ذلك تمكن الإشارة إلى أن هنالك مجالات يمكن للبرلمان بمجلسيه أن يقدم فيه ملاحظاته وبالأخص ما يتعلق بالشكليات المسطرية التي تساهم في التطبيق السليم للمضمون الموضوعي للمدونة، وبالنسبة للناحية الشرعية فالخطاب الملكي تكفل به، أما ما يخص الإجراءات المدنية فهي التي يمكن أن تطعم بآراء تفرزها قراءة النص بعد اكتمال تحريره، فهذه القراءة البعدية برؤية أخرى، لابد أن تظهر للقارئ ربما عدم انسجام بعض النصوص أو وجود تناقض أو نقص في الإجراءات فالكمال لله وحده.
ومن أمثلة ذلك: أن المشروع يحدد لإصدار الحكم بالتطليق مدة ستة أشهر ويجعلها غير قابلة للطعن، ولم يتعرض للفسخ، والمادة 396 اقتصرت بالقول بالآجال المنصوصة في المدونة بأنها آجال كاملة، وهذا لا يكفي، فلابد من النص على أنه: إذا ان اليوم الأخير من الأجل يوم عطلة فيمتد الأجل إلى يوم عمل، انسجاما مع مقتضيات المسطرة المدنية والجنائية.
وكذلك نص المشروع أن عقد الزواج يوقع بين المتعاقدين، فكيف ينسجم هذا مع وضعية التوثيق الحالية.
ماهي الأوراش التي يجب على نواب الأمة مباشرتها للرفع من وضع الأسرة عامة؟
لعل أحسن وسيلة لاستفادة المشروع من إحالته على البرلمان هي قراءته ودراسته بمساهمة أكبر عدد ممكن من النواب والمستشارين مع استحضار الواقع الاجتماعي الذي سيطبق عليه، وكلما كان عدد المساهمين أكبر كلما كان أقرب إلى إبراز الواقع الاجتماعي الذي يؤثر في تطبيق النصوص، فالمرجو ألا يقتصر الأمر على مجموعة صغيرة لا تنتمي إلى تخصصات مختلفة قد يحجب عنها الواقع رؤية المستقبل.
فعندما نتحدث عن الواقع الاجتماعي، فإننا نرغب في الوقت نفسه في السير إلى الأفضل في تطبيق النصوص القانونية.
أشرتم في لقاءات علمية أن هناك معيقات في تنزيل نصوص المشروع الخاص بمدونة الأسرة؟ ماهي مظاهر هذه المعيقات؟ وكيف السبيل لتجاوزها؟
المعيقات كثيرة، والسبيل للتجاوز لا يمكن الاكتفاء بالتعبير عنه نظريا، ولكن المعالجة الفعلية لتلك العوائق والتغلب عليها يتطلب الكثير من العمل والتفكير والعزيمة وطول النفس لتتميم الخطوات المؤدية للأفضل.
سهل جدا أن نذكر المعيقات، وهي كثيرة، الذي يصعب هو الوقوف عند هذه المعيقات وتحليلها وتعميق التفكير فيها للعمل على معالجتها ولو تطلب ذلك سنين أو أجيال.
وأهم المعيقات يرجع أولا إلى الثقافة السائدة في المجتمع، ولا أقول ثقافة واحدة، وإنما هي ثقافات متعددة المشارب، ونظرة كل من الرجل والمرأة للأسرة وإلى تحمل مسؤولياتها...وكل من هذه المعيقات لا تحل بقانون أو تشريع أو في فترة زمنية محدودة، ولكن يتطلب الأمر نظرة عميقة ومثابرة في المتابعة وتصميما للوصول نحو الأحسن، ويمكن أن أقول: إننا بمجموعنا لا نتحمس لهةا، ولكننا نتحمس للعمل السريع وللنتائج القريبة وللأعمال الموسمية.
،ما هي مظاهر هذه المعيقات؟
هي واضحة، بالنسبة للثقافة فهنالك قضية الأمية والموقف من الأحكام المنظمة لشؤون الأسرة، فهناك ثقافات متباينة قد نلتقي في بعض المقتضيات الواردة في مشروع المدونة، ولكننا نختلف اختلافا كثيرا في بعضها الآخر، مثلا من يرى أن هذا المقتضى مخالف لأحكام الشريعة، ومن يرى أن حكما آخر مخالف لحقوق الإنسان، وهذا موجود لا ينكره أحد، ومن كانت هذه ثقافته لا يمكن أن ينسجم مع مضمون النص وتطبيقه برحابة صدر أو اقتناع، وحتى إذا طبقه سيطبقه وفي نفسه شيء.
أما الجانب الاقتصادي، فأشير إلى قلة الإمكانيات، وما يلاحظ من عزوف عن الزواج، الذي من أسبابه الحقيقية: المشاكل الاقتصادية من سكن وتكاليف الحياة وما خلقته التقاليد والأعراف غير السليمة من تضخيم لتكاليف الزواج.
ومن الجوانب الاجتماعية المؤثرة سلبا على الأسرة تمكن الإشارة إلى البديل المتوفر للاستجابة للغرائز، وهذا يمكن أن نقوله صراحة، وهو من الأسباب الأساسية التي تساعد على التخلص أو الهروب من مسؤوليات الأسرة وتكاليفها.
ولا يمكن -كما قلت- أن تعالج هذه المشاكل في شهر، ولكن ينبغي التفكير العميق من الجميع والعمل على نشر الوعي بها، والبحث عن الوسائل للتغلب عنها.
هناك تركيز كبير على الحاجة إلى وجود قضاء أسري، هل القضاء المغربي مؤهل للقيام بهذه المهمة؟
القضاة سيكونون من القضاء القائم حاليا، ومسألة الكفاءة أمر نسبي، وليس من الضروري أن تتحقق الكفاءة المثلى، ولكن يجب أن يتوفر تصور لقضاء متخصص سواء بالنسبة للأسرة أو الإدارة أو القضاء التجاري، فكل قضاء يحتاج إلى تكوين متميز، وكفاءة القضاة تتحقق من تكوينهم قبل الالتحاق بوظيفتهم، ومن المتابعة وظروف العمل أثناء الممارسة، فماذا توفر لهم في كلا المرحلتين؟.
كيف تقرؤون شبه الإجماع السياسي حول المشروع الجديد للأسرة، هل هذا التصريح الإيجابي من المدونة كاف للنهوض بوضعية الأسرة؟
بالنسبة إلي، التصريح لا يكفي، الذي ينبغي هو أن نسعى جميعا وبالأخص بالنسبة للأحزاب السياسية إلى تحقيق انسجام بين الواقع الاجتماعي والنصوص التشريعية، أي نجعل المواطن يحس بأن النص القانوني يسير مع مصالحه ومع التعايش الاجتماعي السليم الذي يؤمن به، نعم مجرد الإجماع السياسي مهم، ولماذا كان مهما؟
مهم باعتبار أن نظام الأسرة فشل تطويره بأساليب اجتماعية وفكرية هادئة في كثير من الدول الإسلامية، إذا قورن بما يحدث في بعض المجتمعات في قانون الأسرة بصفة خاصة، نظرا لما له من حساسية، لذا ينبغي أن نعمل جميعا من أجل خلق مواطن يؤمن بمفهوم التعايش الاجتماعي ويؤمن بالاختلاف وإبداء الرأي، والاستماع إلى الرأي الآخر، ويؤمن كذلك أنه عندما يصل الأمر إلى التشريع ويصبح الحكم نصا تشريعيا يجب أن يخضع له ويؤمن بضرورة الامتثال له، لأنه وضع لمصلحة المجتمع. وهو مهم
والخطوة الموالية هو أن نقرب هذه القوانين والأحكام إلى عقل المواطن وإلى وعيه للوصول إلى إيمانه بها كوسائل للتنظيم السليم لمؤسسة الأسرة.
وماهي الطرق لبلوغ ذلك؟
هذا متعلق بالتنظيم الاجتماعي ككل، عندما ينص الدستور أن الأحزاب تساهم في تأطير المجتمع، فهذا التأطير بماذا يتم؟
لا أعتقد أن الأمر يقتصر على ما سمي بالتأطير السياسي، ولكنه يعني تزويد المواطن بالوعي بمسؤوليات والتزامات التعايش الاجتماعي، التي من بين تبعاتها الإدلاء الرأي والاستماع للرأي المخالف ومناقشته بالحكمة والحجة، والامتثال التلقائي للإجراءات التي نص عليها الدستور التي تقرر الأحكام الملزمة للسلوك والتنظيم الاجتماعي، أما التعصب للرأي والتمسك بخطابات ديماغوجية سطحية في تناول مشاكل المجتمع فضررهما أكبر كثيرا من تلك المشاكل ذاتها.
فحديثنا عن البطالة مثلا يقتصر على جوانبها الظاهرية وبأسلوب الكسب السياسي وإحراج الخصم، ولا نبحث عن أسبابها وماهي وسائل التغلب عليها، وعندما نتحدث عن ضعف المرافق الاجتماعية أو البنيات الأساسية، نتحدث عنها كذلك بأسلوب اختزالي، ولا نتناول تحليلها بالوسائل العلمية والمعرفية التي تجعلنا ندرك أسبابها ووسائل علاجها وإن على سنوات أو أجيال.
قلتم إن المرأة عبرت عن شكواها، وسمع لها، ولكن الأهم هو الطفل والتشريع له، ما المقصود بهذا القول؟
حسب رأيي الشخصي، أن المرأة استطاعت التعبير عن شكاويها واستجيب للكل أو للبعض، ولكن بالنسبة للطفل لم يزل مهضوم الحقوق، ولعل أبرز ظاهرة لتوضيح ذلك، عندما يولد طفل في علاقة غير شرعية، تعترف الأم ويعترف الأب، ثم يلقي بالطفل في بعض المستشفيات أو إحدى الملاجئ، ونعلم الظروف التي يعيش فيها ذلك الطفل، ونشرتم في التجديد ملخص التقرير الذي أعدته الوزارة المكلفة بالتوقعات الاقتصادية بمشاركة مؤسسات تابعة للأمم المتحدة حول الأطفال المتخلى عنهم بمدينة الدار البيضاء، حيث يقول التقرير إن 90% عرف أباهم (من طرف الأم طبعا) ولم يثبت قضائيا، وأن أكثر من 3% جاؤوا من الدعارة و6% من الاغتصاب، و يضيف التقرير أن 71% من الآباء أشعروا بالحمل وأن 62% بالوضع وأن 41% منهم اعترفوا بمسؤوليتهم بالحمل، مع هذا، الأب لا يسأل والأم يمكن أن تتخلى عن الولد، ولو سألنا الطفل عن هذا الوضع بماذا سنجيبه وأبوه وأمه يسيران في الشوارع، ويعترفان بجريمتهما؟
فهذا الطفل لو كان يشارك في وضع النص القانوني ماذا سيقول؟ ولو سألناه ماذا سنقول؟
بصرف النظر عن قضية النسب، ولو أنه حتى من الناحية الشرعية هناك خلاف فقهي في انتساب الطفل في الزنى لأبيه أو عدم انتسابه، وحتى لو تجاوزنا قضية النسب، ألا يمكن أن تكون هناك أحكام تلزم الأبوين على الأقل بتحمل تكاليف حياة الطفل وحضانته؟! إن هذا يحز في نفسي.
والفقه لم يعالج في السابق هذا الأمر، لأن هؤلاء كانوا قليلين جدا داخل المجتمع، وحتى إن كانوا فهم يختفون في الحياة الاجتماعية، ولكنهم اليوم أصبحوا بآلاف، وعندما تذهب إلى إحدى هذه المؤسسات تجد الأطفال في وضع يدمي القلوب، ولو سألنا الإبن وقال: الأب زان والأم زانية وقلتم أنه بالنسبة للأم يعتبر كالطفل الشرعي، أما بالنسبة للأب فلا يترتب على علاقته أي أثر، بماذا سنجيب عن هذا السؤال.
في نظركم ما واجب الأحزاب في هذا الإطار؟
بتحميل المسؤولية لمن يتحملها شرعا وقانونا، خاصة من الناحية المدنية.
ولاسيما وأننا في وقتنا الراهن حتى لو أنكر الأب هناك وسائل للتعرف عليه، في اعتقادي لو حمل المسؤولية المدنية فقط لكانت نسبة مهمة من هؤلاء الآباء المنحرفين اضطروا لإصلاح الوضعية قبل الوصول إلى المحاكم خاصة عندما يكون الحمل في فترة الوعد بالزواج، وكثيرا ما يقع هذا، فما معنى أن نترك هؤلاء يتحايلون عن الفتاة، وإن كنت لا أعفي الفتاة من المسؤولية في أي ظرف كان.
فهذا الأب يتحايل على الأم، ثم يعترف بالطفل، ثم نقول له أنت لا شيء عليك، واترك هذا الطفل لمصيره المؤلم ماديا ومعنويا وحتى الأم تتخلى عنه كحيوان لا يستطيع حماية نفسه، وفي نفس الوقت لا نتوفر على المؤسسات التي تحقق له الحد الأدنى من العيش، وهذا حيف كبير، على الأحزاب على الأقل أن تحاول إدراج أحكام في المشروع تحمل الأبوين المسؤولية عن أداء الحد الأدنى الضروري لحياة هذا الطفل، ويكون هذا أولى في حالة الاغتصاب.
هناك حديث عن صندوق عائلي للنفقة، هل يمكن التعجيل بإخراج كأول خطوة لإنصاف الطفل أو الحاضنة المتضررة؟
المشروع هيء منذ عدة سنوات وهو موجود لدى الجهات المعنية، ربما هنالك بعض الصعوبات العملية في إجراءات سيره وتمويله. وشخصيا، المشروع في حد ذاته قد يبدو إيجابيا، إنما هو علاج جزئي، فمن جانب التسيير يجب أن تكون الجهة المسيرة حاضرة في كل أنحاء الوطن، والتمويل يتطلب مبالغ مهمة وعدد الأطفال يصل سنويا إلى 5040 ألف.
وتونس رغم وضعها الاقتصادي، توقف فيها أخيرا الصندوق عن مواصلة عمله.
والمشكل لا يهم أطفال الطلاق لوحدهم، إذ هناك أطفال لأبوين حيين، ولكنهما غير قادرين على الإنفاق عن ولدهما، وكذلك أطفال مات أبواهما فالمشكل اجتماعيا هو أعمق، وهذا لا يعني أنه ليس هناك حاجة لهذا الصندوق، ولكني أشير إلى أنه ليس حلا مثاليا، ولكنه حل جزئي.
ولكن كيف يتم تجاوز وضعية النفقة حاليا؟
يتطلب الأمر توفير الإمكانيات، وإنجاز وسائل المحققة للتنمية الاقتصادية للمواطن والمجتمع، وبدون هذا لا يمكن تحقيق الحل الجذري، والواجب تناول المسألة بعمقها، لا أن نكتفي بعرضها عرضا مبسطا، وربما أقول بتجاوز عرضا مسرحيا لنقول إننا وجدنا الحل.
أنتم من واضعي مشروع المدونة، وفي المشروع وردت عبارة عند الاقتضاء فماهي دلالة هذه العبارة؟ مثلا الولي عند الاقتضاء؟
على كل حال، تلك العبارة جاءت في مجموعة من النصوص لأسباب خاصة ومرتبطة بمراحل صياغة المشروع وأعتقد أنها غير منسجمة مع الصياغة النهائية.
وماهي هذه الأسباب؟
قلت لأسباب خاصة، أي أنها وضعت لأسباب مقترنة بأحد الصيغ التي كان يتداول فيها، وفعلا هي الآن لا تؤدي معنى دقيقا بالمفهوم القانوني.
كيف يتم تجاوز سوء تأويلها؟
ليس لدي جواب، وإن شئت قلت، أنه لا يمكن أن تؤدي دورها كنص تشريعي فهي عبارة زائدة.
ألا يترتب عن حذفها شيء؟
هذا أمر راجع إلى المعروض عليهم المشروع.
يروج البعض أن هناك نفسا ييسر فك الرابطة الزوجية (طلاق اتفاقي، شقاقي...)في المشروع الجديد للمدونة، كيف تنظر إلى هذا الرأي؟
ليس الأمر كذلك فالرغبة في الحد من حالات الطلاق يؤكدها فرض مسطرة الصلح في جميع الحالات،
ثانيا: ليس طلاق الشقاق أو الطلاق الاتفاقي تشجيعا للناس على الفراق.
فالطلاق الاتفاقي، إجراء إيجابي، ولا يمكن لأحد أن ينكر أن هناك أسرا لا تريد، كما تقول الصحافة، نشر غسيلها في المرافعات القضائية، وترى أن تحل مشاكلها بنفسها.
وحل المشاكل الأسرية بطريق الاتفاق لا يؤزم العلاقات وبالأخص إزاء الأطفال، والتدخل القضائي كثيرا ما يترك آثارا سلبية على المتفارقين وخاصة الأطفال، أما الاتفاق حول نفقة الأطفال مثلا وكيف سيتابعون دراستهم، وأوقات الزيارة وكذلك النزاع الذي قد يكون بين الزوجين حول بعض الممتلكات فله آثار إيجابية واضحة، وهذا ليس تشجيعا على الفراق، وإنما هو تدبير أفضل لإنهاء العلاقة بين الطرفين عندما يتعين هذا الإنهاء.
وبالنسبة لحالة الشقاق هو أولا حكم فقهي معروف، وثانيا: أن وصول الخلاف بين الزوجين إلى حد لا يمكن معه حل نزاعاتهما الزوجية، ما الفائدة من وراء إرغامهما على الحياة الزوجية؟
بالنسبة للكاثوليكيين خلقوا متنفسا، وسموه بالفراق الجسدي، إذ لا يمكن لقانون أن يرغم شخصين على التعايش وإن لم يوجد سبب ظاهر للفراق. ولا أعتقد أن مشروع المدونة يشجع أو سيساعد على إنهاء الحياة الزوجية.
انفتحت المدونة على معاناة الجالية المغربية بالخارج باجتهادات مشجعة، لكن يحصل في بعض الحالات أن تأخذ المرأة الغربية ولدها من زوجها المغربي وتغادر به الوطن، كيف السبيل ليسترجع المواطن المغربي ولده؟
من الناحية القانونية فداخل المغرب يطبق القانون المغربي، والخروج عن الحدود تراقبه السلطة المغربية، ويحصل هذا المشكل المشار إليه في السؤال عندما لا يتخذ المعني بالأمر الاحتياطات القانونية لحقوقه، فقد جاء في المشروع أنه يمكن في قرار إسناد الحضانة أو في قرار لاحق النص على عدم السفر بالمحضون خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي أو قاضي المستعجلات عند امتناع النائب الشرعي عن الموافقة.
للنيابة العامة حيز واسع في التدخل القسري، ألا يؤثر هذا التدخل على طبيعة العلاقة الأسرية؟
أولا النيابة العامة لا تفرض تدخلها المباشر في شؤون الأسرة، باستثناء حالة إخراج أحد الزوجين من بيت الزوجية، وكل الإجراءات المؤقتة أو إثبات الضرر هي من اختصاص المحكمة، والنيابة العامة عندما تتدخل أمام المحكمة تتدخل كخصم وكطرف تقدم حججها والمحكمة هي التي تقدرها وتصدر الحكم في موضوع الدعوى.
هل من كلمة توجيهية بالنسبة للتعامل مع الملفات الأخرى المطروحة أمام الأحزاب والفرقاء الاجتماعيين مثل ما تم بالنسبة للمدونة؟
لا أخول لنفسي صلاحية تقديم توجيه ما لأي أحد، لكن يمكن أن أقدم رأيي كباقي الآراء، ولكل شخص الحق في التعبير عن آرائه، وما ينبغي أن نتعاون جميعا فيه هو الإدلاء بالرأي، ليناقش كل واحد رأي الآخر، لننتهي للمفيد والأحسن للتعايش الاجتماعي، أي أن نسعى جميعا لتفادى ما يعكر هذا التعايش، أو يؤدي إلى التفكير في ما يسمى بالإقصاء أو الإبعاد للآخر.
وفي رأيي، لا يمكن للمجتمع أن يحل كل مشاكله بالقانون، ولكن عندما يترسخ مفهوم التعايش الاجتماعي عند أغلبية أفراد المجتمع سيأتي سلوك أغلبهم دون مشاكل، ولا حاجة لتدخل القانون أو السلطة أو غير ذلك، أما عندما يكون الأفراد بصورة إجمالية لا يمتثلون لمفهوم التعايش الاجتماعي فلن يتوقع إطلاقا أن يحل القانون كل شيء.
والمؤسسات الساهرة على هذا التعايش محكوم عليها بأن تكون هي في مستوى السلوك العام لأفراد المجتمع، وكل تقدم لهؤلاء في الوعي بالتزامات التعايش الاجتماعي، ينعكس على هذه المؤسسات، والعكس صحيح: كلما تدنى مفهوم التعايش الاجتماعي لدى الأفراد كلما تدنى عند كل المؤسسات المساهمة في تنظيم المجتمع وحل مشاكله سواء كانت المؤسسة سياسية (الأحزاب) أو قضائية أو دستورية أو إعلامية أوثقافية أو غيرها.
ولهذا يجب أن نبدأ من هذا المنطلق في التفكير واقتراح الحلول لجميع مشاكلنا من الأسرة وغيرها بالسعي إلى تكوين المواطن على التمسك بأداء التزامات التعايش الاجتماعي في المدرسة إلى وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني بمختلف أشكالها واهتماماتها وبذلك تخف عنا المشاكل مستقبلا.
ومما يأسف أنك لو نظرت مثلا في العاصمة الرباط، ووقفت في أية زاوية من شارع ستدرك احترام الناس لقانون السير، وحق الأسبقية ونظام الأضواء والأوضاع المعرقلة للسير!
لو كانت في الرباط ترتكب مائة أو مائتا مخالفةمرور، ولا تضبطها كلها أو جلها شرطة السير، أمكن أن نعتبرها مقصرة، ، لكن عندما يكون حجم المخالفات اليومية -وربما في ساعة واحدة- بآلاف وفي كل شارع وزاوية، فهذا مرتبط بثقافة الناس وسلوكهم ويتجاوز إمكانية المصلحة الساهرة على تنظيم السير، فهذا مما يحتاج إلى تفكير واقعي وعميق.
حاوره:عبدلاوي لخلافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.